ملخص
إحجام سياسي لحزب عبير موسي بسبب سجنها
قالت القيادية بالحزب الدستوري الحر في تونس، سميرة السايحي، إن الحزب لن يعترف بالانتخابات المحلية المزمع إجراؤها بعد أسابيع قليلة، وذلك بعد اعتقال زعيمته عبير موسي على خلفية محاولتها إيداع طعن في أمر رئاسي يتعلق بدعوة الناخبين إلى الاستحقاق الانتخابي.
وتابعت السايحي وهي نائبة برلمانية سابقة أن إيداع موسي السجن لن يقود إلى انقسامات داخل الحزب الذي سعى خلال الفترة الماضية إلى موازنة موقعه بين مناهضة الإسلاميين ممثلين في حركة النهضة ومواجهة السلطة التي يقودها الرئيس التونسي قيس سعيد.
وتسلمت موسي قيادة الحزب الدستوري الحر في عام 2016، ولفتت إليها الأنظار منذ ذلك الحين بمعارضة التحالف بين حزب نداء تونس (ليبرالي) بقيادة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي وحركة النهضة، إلى أن نجحت في حصد 17 مقعداً برلمانيا في انتخابات 2019 النيابية، قبل أن تقود سلسلة من التحركات ضد رئيس المجلس راشد الغنوشي ما مهد إلى حل البرلمان من قبل الرئيس سعيد لاحقاً في خطوة شكلت زلزالاً سياسياً في بلد شهد انتقالاً ديمقراطياً متعثراً.
استهداف سياسي
ومع إيداع موسي السجن يكون معظم رموز المعارضة التونسية موقوفين بتهم مختلفة من بينها التآمر على أمن الدولة وغيرها، ويثير ذلك تساؤلات حول مستقبل المسار السياسي خصوصاً أن تونس ستشهد في العام المقبل انتخابات رئاسية يسعى فيها الرئيس سعيد إلى الفوز بولاية ثانية.
سميرة السايحي قالت إنه "لا يمكننا أن نتحدث عن اعتقال، بل هو احتجاز قسري، فبعد أن قرر الحزب الدستوري الحر الطعن في الأوامر الترتيبية الصادرة عن رئاسة الجمهورية، ولأن الإجراءات تقتضي وجوباً تقديم مطلب التظلم إلى الجهة الصادر عنها الأمر، أرسل الحزب طلبه إلى مكتب الضبط كإدارة لمؤسسة الرئاسة عبر أحد الأشخاص المكلف من رئيسة الحزب فتم رفض استلامه".
وأوضحت القيادية الحزبية أنه "أمام أهمية قضية الطعن وخطورة الأوامر المطعون فيها وضرورة تسليم مطلب التظلم اضطرت عبير موسي للذهاب بنفسها بصفتها الممثل القانوني للحزب فتم إلقاء القبض عليها بطريقة عنيفة، وضُربت بعرض الحائط كل الإجراءات القانونية"، مشددة على أن "الحزب يعتبر هذا الخرق للإجراءات ومواصلة احتجاز رئيسته استهدافاً مباشراً لها كونها مرشحة محتملة للانتخابات الرئاسية"، ولفتت السايحي إلى أنه "ربما يكون أيضاً من أسباب استهدافها تشتيت الانتباه بعيداً من خطورة الأوامر الترتيبية التي ستقسم البلاد بموجبها إلى أقاليم وسترسي مجالس محلية وجهوية تقوم على القرعة بالتداول كل ثلاثة أشهر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولم يعارض حزب الدستوري الحر إجراءات أقرها الرئيس سعيد في 25 يوليو (تموز) 2021، فيما اعتبرتها حركة النهضة وقوى المعارضة انقلاباً على الديمقراطية الناشئة، لكن الرجل برر هذا الخيار بضرورة حماية البلاد من الانهيار متعهداً بحماية الحريات والحقوق، إلا أنه مع تقدم المسار السياسي الذي قاده تفاقمت المخاوف من العودة إلى "مربع الديكتاتورية".
ولم تعلق السلطات على الفور على الاتهامات لها باستهداف موسي ومعارضين آخرين، لكن الرئيس سعيد يقول مراراً إن القضاء مستقل وإنه لا وجود لمعتقلين سياسيين في بلاده.
حزب موسي
ومع إيقاف موسي، التي كانت تنفرد بظهور قوي في وسائل الإعلام عن حزبها وكذلك في تحركاته، تزايدت التكهنات في شأن مستقبل الحزب خصوصاً وأنها مرشحته المحتملة للرئاسة.
وأكدت السايحي أن "الحزب عمره الآن 103 أعوام وهو عصي على الاستهداف، إذ حاولوا مرات عديدة، ولكن جوبهوا بوِحدة صماء تكسرت عليها كل محاولات بث الفتنة وترويج الإشاعات وتسريب المغالطات"، متابعة "الكيان السياسي برئيسته وقياداته يعمل في كنف احترام القوانين في تحركاته وعلى تنوير العقول وفضح عجزهم على تسيير الدولة".
وشددت سميرة على التمسك بعبير موسي رئيسة للحزب، وكذلك ترشيحها للانتخابات الرئاسية، لافتة إلى أن "الحزب له رؤية ويعمل حسب تخطيط استراتيجي ولا يترك شيئاً للصدفة والديوان السياسي في حالة انعقاد دائم لتنفيذ ما بُرمج له سلفاً"، مؤكدة أنهم "أكثر من أي وقت مضى سواء قيادة أوهياكل وقواعد ملتفون حول رئيسة الحزب ومعبرون لها عن وقوفنا إلى جانبها ومن حولها وعلى يمينها وشمالها ومطالبون بإلحاح بالإفراج عنها فوراً".
مقاطعة الانتخابات
ويأتي اعتقال موسي قبل أسابيع من انتخابات محلية ستفرز الغرفة الثانية للبرلمان (المجلس الوطني للجهات والأقاليم)، وهو استحقاق يعد المحطة الأخيرة في خريطة سياسية شاملة أطلقها الرئيس سعيد في عام 2021 بدأت باستشارة وطنية حول نظام الحكم ثم استفتاء على الدستور، فالانتخابات البرلمانية وأخيراً هذا الاستحقاق، ونوهت السايحي إلى عدم اعتراف الحزب بالانتخابات المحلية، لأنها "لا تحترم المعايير الدولية، وتم تحديدها بمراسيم تتنافى حتى مع القوانين التي تستند إليها"، وكذلك "عدم الاعتراف بانتخابات الغرفة الأولى للبرلمان التي نالت نسبة مشاركة 11 في المئة"، وأشارت إلى أن "هذه الغرفة قسمت لأجلها البلاد إلى أقاليم، والمعتمديات إلى دوائر انتخابية لتتلاءم مع نص المرسوم الذي حدد العدد الأدنى لمقاعد المجالس المحلية، وهي انتخابات يتم الذهاب إليها من أجل تكريس مشروع البناء القاعدي".
وسيكون الرئيس قيس سعيد أمام تحدي كسر العزوف الشعبي عن المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية التي نظمت منذ انفراده بالحكم في 25 يوليو 2021، لا سيما أن الانتخابات البرلمانية سجلت أدنى نسبة مشاركة في تاريخ الانتخابات التونسية.