قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن "حماس" نسقت مع النظام الإيراني في هجومها على إسرائيل، موضحة أن بعض مسؤولي الاستخبارات الغربية قالوا إن الحركة الفلسطينية تلقت أسلحة وتدريباً من طهران.
ويرى تقرير الصحيفة الأميركية الذي نشر أمس الإثنين أن "إيران التي تدعم الميليشيات الفلسطينية بصورة واسعة لعبت دوراً في الهجوم الأخير الذي شنته حركة ’حماس‘ على إسرائيل، وأنه خطط لهذا الهجوم قبل عام في الأقل بدعم رئيس من الحلفاء الإيرانيين، وخلال هذه الفترة قدمت طهران المساعدة اللوجيستية والتدريب العسكري وعشرات الملايين من الدولارات لتأمين الأسلحة لـ ’حماس‘".
ونبهت الصحيفة إلى أن بعض مسؤولي الاستخبارات قالوا إنه على رغم من أن دور طهران الدقيق في الهجوم الأخير على إسرائيل غير واضح بعد، إلا أنه يعكس طموح النظام الإيراني المستمر منذ سنوات لتطويق إسرائيل بجيش من المقاتلين شبه العسكريين والمجهزين بأنظمة وأسلحة متطورة وقدرتهم على الهجوم في عمق أراضيها.
ووفقاً لما ورد في التقرير فإن "حماس" حافظت على استقلاليتها عن طهران مقارنة بالجماعات المرتبطة بإيران مثل "حزب الله" اللبناني، ومع ذلك وخلال الأعوام الأخيرة، عدا عن التدريب العسكري والتكتيكات العسكرية، حصلت على كمية هائلة من الموارد المالية والمساعدات الفنية لصناعة الصواريخ والطائرات من دون طيار وأنظمة توجيه متقدمة.
وأشار تقرير "واشنطن بوست" نقلاً عن مسؤول استخباراتي غربي إلى أن التحليل الذي أجري عقب الهجوم يشير إلى أشهر عدة من استعدادات حركة "حماس" التي بدأت في الأقل منتصف عام 2022، كما أعرب أكثر من 12 محللاً استخباراتياً وخبيراً عسكرياً عن دهشتهم من سرية وتعقيد الهجوم، بما في ذلك الهجمات المنسقة عبر الحدود الإسرائيلية براً وبحراً وجواً.
ووفقاً لهؤلاء الخبراء الأمنيين والعسكريين، فإن هجوماً بحجم الهجوم الذي حصل السبت الماضي من دون مساعدة خارجية كبيرة يمثل تحدياً كبيراً للحركة.
وقال ضابط العمليات السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية مارك بوليمروبولوس، إن حجم التدريب العسكري واللوجستيات والاتصالات والأفراد والأسلحة المطلوبة وتعقيد الهجوم يشير إلى تورط إيران، وأنه يعتبر فشلاً استخباراتياً كبيراً لإسرائيل، مضيفاً أن استخدام الطائرات الشراعية يتطلب من دون أدنى شك تدريباً خارج قطاع غزة.
وذكر نائب مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جوناثان فاينر خلال مقابلة له مع شبكة "سي بي أس نيوز" إن "ما يمكنني قوله من دون أدنى شك أن إيران متواطئة على نطاق واسع في هذه الهجمات"، مضيفاً أنه "لقد كانت طهران الداعم الرئيس لحركة ’حماس‘ منذ عقود، ولقد قدموا للحركة الأسلحة والتدريب العسكري والدعم المالي، ولذلك فنحن متأكدون تماماً من دورها في هذا الهجوم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب التقرير فإن مسؤولي الاستخبارات الغربية أكدوا أن إيران قدمت مساعدات فنية لصناعة أكثر من 4 آلاف صاروخ وطائرة من دون طيار أطلقت على إسرائيل أول أيام الحرب، مشيرين إلى أن بعض مقاتلي "حماس" خضعوا للتدريب على التكتيكات العسكرية المتقدمة في المعسكرات اللبنانية التي يعمل بها مستشارون فنيون من الحرس الثوري الإيراني و"حزب الله".
وفي الوقت ذاته أوضح محللون أن حركة "حماس" مستقلة وقادرة على تنفيذ عمليات إرهابية معقدة من دون تعليمات وإشراف خارجي، وفي هذا الخصوص قال الخبير السابق في مكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بروس ريدل إن "الحرب بين ’حماس‘ وإسرائيل، لكن إيران تدعم الحركة الفلسطينية وإن كانت الأخيرة هي صاحبة القرار".
وتابع، "ليس هناك أي شك في أن ’حماس‘ تنسق مع إيران وأن الاستقلالية النسبية التي تتمتع بها الحركة جعلتها هدفاً أكثر صعوبة لوكالات الاستخبارات الإسرائيلية والغربية".
وجاء التقرير بعد أن زعمت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقريرها أن مسؤولي الحرس الثوري الإيراني كانوا سافروا إلى العاصمة اللبنانية بيروت خلال أغسطس (آب) الماضي، للتحضير لهجوم "حماس" على إسرائيل، وصدرت الأوامر بالهجوم على إسرائيل من طهران يوم الإثنين الأسبوع الماضي.
ووفقاً لهذه التقارير الإعلامية فقد التقى ممثلو هذه المجموعات مع قادة "فيلق القدس" في لبنان مرة واحدة في الأقل كل أسبوعين منذ أغسطس الماضي، لمناقشة هذا الهجوم، وما سيحدث في المستقبل. ويبدو من بين الحاضرين في بعض هذه الاجتماعات قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني والأمين العام "حزب الله" حسن نصرالله ورئيس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين زياد نخالة وقائد الجناح العسكري لحركة حماس صالح العاروري.
وعلى رغم هذه التقارير فقد نفت طهران أي دور مباشر لها في هذا الهجوم الذي حدث السبت الماضي، وأعلن ممثل النظام الإيراني في الأمم المتحدة في بيان أن بلاده لم تشارك في الهجوم الفلسطيني على إسرائيل.
وصحيح أن النظام الإيراني نفى أن يكون له أي دور في هجوم "حماس" على إسرائيل، إلا أنه أشاد بمقاتلي "حماس" لمهاجمتهم إسرائيل، واحتفل المسؤولون الإيرانيون علناً بهذا الهجوم، ومن بين هؤلاء المسؤولين رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي الذي خاطب "حماس" قائلاً "لقد أسعدتم الأمة الإسلامية بهذه العملية المبتكرة والمنتصرة".
ونفى المرشد الإيراني علي خامنئي اليوم الثلاثاء صحة ما تردد عن أن تكون طهران لعبت أي دور في الهجوم، قائلاً "نحن نقبّل جباه وسواعد المخططين ذوي الدراية والأذكياء والشباب الفلسطيني، لكن أولئك الذين يقولون إن الملحمة الأخيرة هي من عمل غير الفلسطينيين، فإنهم مخطئون في حساباتهم".
وأضاف خامنئي خلال الحفل المشترك لتخريج طلاب جامعات الضباط التابعة للقوات المسلحة الإيرانية أن "التضحية والعمل الشجاع الذي نفذه الفلسطينيون كان رداً على جرائم العدو الغاصب التي استمرت لأعوام عدة، واشتدت حدتها خلال الأشهر الأخيرة، والحكومة الحالية التي تحكم الكيان الصهيوني هي المسؤولة".
وفي هذا السياق قال المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي لشبكة MSNBC إنه على رغم من أن النظام الإيراني متواطئ كلياً في الهجوم الذي نفذته "حماس" على إسرائيل، إلا أن الولايات المتحدة ليس لديها دليل محدد حول هذا الهجوم.
وفي الوقت الذي كان مسؤولو النظام الإيراني يحتفلون في طهران خلال الليلة الأولى من الهجوم الذي نفذته "حماس" على إسرائيل، زعم جوم كيربي أنه لا توجد معلومات عن تورط طهران في التخطيط لهذه الهجمات.
وفي مقابلة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع شبكة CNN الأميركية أول من أمس الأحد، قال "لم نر بعد أي دليل على أن إيران هي من كانت وراء هذا الهجوم".
ومن ناحية أخرى زعم مسؤول في "حماس" أن "طهران لم تكن على علم بهذا الهجوم"، وقال علي بركة في مقابلة له مع شبكة NBC الأميركية إن هذا الهجوم كان مفاجأ للجميع، بما في ذلك طهران، ونحن من أبلغنا إيران عندما بدأ الهجوم".
وفي ظل هذه التقارير والنفي والتأكيد، أصدرت منظمة "التحالف ضد إيران النووية" بياناً أمس الإثنين، وطالبت بعمل عسكري حاسم ضد أهداف الحرس الثوري في إيران وجميع دول المنطقة، وتمسكت بأنه حان الوقت لكي يقوم المجتمع الدولي بدوره ومحاسبة النظام الإيراني.
وأشار البيان أيضاً إلى أن "جميع الأهداف العسكرية والحيوية الرئيسة التي جعلت الأحداث الفظيعة ممكنة في إسرائيل خلال الأيام الأخيرة موجودة في إيران، وإذا لم يتم إيقاف نظام طهران اليوم فإن خطره سيكون أكثر فتكاً في مقبل الأيام".