Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صحافيو الحروب "هدف مشترك" لأطراف النزاعات

أكثر من ألفين دفعوا حياتهم ثمناً لكشف الحقيقة منذ عام 2000

وقفة احتجاجية في تونس رفضا لتقييد حرية الصحافيين (مواقع التواصل)

ملخص

يعمل الصحافيون على كشف الحقيقة كما هي وهو أمر لا يعجب قادة الجيوش التي تعمل على تحقيق أهدافها بصرف النظر عن نتائج الحرب من خسائر بشرية في صفوف المدنيين والصحافيين

شرعت البشرية الحروب، ووضعت لها قواعد واتفاقيات مصادق عليها دولياً من أجل ضمان نوع من الحماية للمدنيين ولطواقم الإسعاف وللصحافيين. لكن الدول المتحاربة أو المجموعات المتنازعة تسعى إلى تغييب الحقيقة من خلال تحييد وسائل الإعلام والعمل على تضليل الرأي العام بتقديم معطيات خاطئة أو مجانبة للواقع من أجل تخفيف الضغط على العملية العسكرية أو النزاع الدائر ومن أجل الإفلات من العقاب أمام المحاكم الدولية بخاصة أن الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم.

ولا تسمح الدول المتنازعة بنقل الحقائق كما هي لأن حقيقة الحرب واحدة لا غبار عليها وهي الدمار والموت المنتشر في كل الزوايا والذي لا يفرق بين مدني وعسكري بين طفل وشيخ أو امرأة، الموت في حالات الحرب ينزل في صيغة الجمع ولا يستثني أحداً.

ولما كانت غاية الجيوش تحقيق الأهداف العسكرية من دون مراعاة الجوانب الإنسانية فهي ترتكب أحياناً كثيرة فظاعات في حق المدنيين، ويعمل الصحافي باعتباره عين الجمهور على نقل ما يحدث بدقة وبحياد وبموضوعية، ويصبح حينها مستهدفاً من الوحدات العسكرية، لأنه يفضح ممارساتهم البشعة في حق المدنيين والمسعفين وغيرهم.

وخلال الحرب يصبح الصحافي الناقل للأحداث مطلوباً من قبل جيوش الجهتين المتنازعتين، لأنه ينقل الحقيقة التي تعمل قيادات الجيوش على إنكارها أو التخفيف من حدتها.

ازدواجية المعايير

يقول الصحافي ورئيس "المنظمة التونسية لحماية الصحافيين" زياد الهاني، في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، إن "القوانين الدولية لا يتم احترامها خلال الحروب والنزاعات المسلحة، مستحضراً الوضع الراهن في قطاع غزة، أو الحرب الروسية - الأوكرانية، أو المواجهات المسلحة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، فالصحافيون يتعرضون إلى انتهاكات وتهديدات وصلت إلى القتل".

ويرى الهاني أنه "على رغم كل جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل والتي يعاقب عليها القانون الدولي إلا أنه لم تتم محاسبتها على أعمالها الإجرامية"، مضيفاً أن "الشكاية التي تقدمت بها فلسطين ضد القوات الإسرائيلية لارتكابها انتهاكات ضد الإنسانية ما زالت مجمدة".

ونبه رئيس منظمة حماية الصحافيين، إلى أن "حملات التضليل الإعلامي التي انتشرت في كل المنابر الإعلامية تريد إظهار المقاتلين الفلسطينيين في حركة حماس على أنهم متوحشون ولا قيمة ولا أخلاق لهم"، مشيراً إلى "ازدواجية المعايير بين التعاطي الإعلامي حول ما يقع في الحرب الروسية - الأوكرانية، والتعاطي الإعلامي في الحرب على غزة".

ويستحضر زياد الهاني "وضعية الصحافيين التونسيين الذين توجها إلى الأراضي الليبية من أجل إنجاز تحقيق حول تهريب النفط هناك، وهما سفيان الشورابي ونذير القطاري، وبقي مصيرهما مجهولاً منذ نحو عشر سنوات على رغم الجهود الرسمية والمدنية للعثور عليهما".

وأضاف الهاني أن "الصحافة هي عين الحقيقة، وطبيعي جداً أن أعداء الحقيقة سيسعون إلى طمس جرائمهم وسيعملون على محوها إما من طريق شراء الذمم، أو الترهيب الجسدي وصولاً إلى القتل".

استهداف طواقم الصحافيين

من جهته، قال نقيب الصحافيين التونسيين، زياد دبار، إن "الصحافي أثناء الحرب هو شخص مدني، ومن ثم تتوافر له حماية بموجب قانون حقوق الإنسان، وبموجب القانون الدولي الإنساني، ويمنع استهداف المدنيين والصحافيين".

ولفت دبار الانتباه إلى ظاهرة الإفلات من العقاب عند استهداف الصحافيين، قائلاً إن "95 في المئة من حالات استهداف الصحافيين بالقتل تتمتع بالحصانة، وتبقى من دون محاسبة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبر "استهداف الصحافيين نوعاً من جرائم الحرب، إلا أن ذلك يبقى نظرياً، إذ خسرت الساحة الإعلامية في العراق 450 صحافياً، وسقطت الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة ثم فاضل شناعة في غزة والذي استهدف بصاروخ".

وخلص دبار إلى أن "ظاهرة استهداف الصحافيين تفاقمت منذ عام 2000 إلى اليوم بفقدان أكثر من ألفين من صحافيين ومن أعضاء الطواقم الصحافية من تقنيين وسائقين"، موضحاً أن "من يسعى إلى تغييب الصحافيين على ساحة الحرب هو في الحقيقة يسعى إلى طمس تجاوزات الجيوش المتنازعة".

مقتل صحافيين في غزة

بدورها، نشرت منظمة "مراسلون بلا حدود" تقريراً سنوياً يوثق الانتهاكات المرتكبة ضد الصحافيين، وسجل رقماً قياسياً في الحصيلة السنوية للانتهاكات المرتكبة ضد الصحافيين في العالم، التي تنشرها المنظمة.

وبلغ عدد المحتجزين في أوساط الفاعلين الإعلاميين 533 محتجزاً، خلال عام 2022، بينما قتل 57 صحافياً في مختلف أنحاء العالم، على مدى الأشهر الإثني عشر الماضية، كما وثقت المنظمة ما لا يقل عن 65 رهينة و49 من الصحافيين الذين يعتبرون في عداد المفقودين.

وقال ممثل منظمة "مراسلون بلا حدود"، في شمال أفريقيا، خالد درارني، في تصريح خاص، إن "سبعة صحافيين قتلوا حتى الآن في قطاع غزة، أثناء تأديتهم لمهامهم في تغطية الحرب"، لافتاً إلى أن "القانون الدولي الإنساني يحمي المدنيين، إلا أن الحرب الدائرة الآن في القطاع تستهدف المدنيين مما خلف أكثر من ألف قتيل وإصابة الآلاف الآخرين". وأضاف أن "مقرات عمل الصحافيين في غزة تعرضت بدورها إلى القصف من قبل القوات الإسرائيلية".

كوارث أوكرانيا

وأدان بيان صادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود" الجرائم المرتكبة ضد المدنيين والصحافيين، داعياً إلى حمايتهم وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2222.

وفي أوكرانيا، حيث تدور الحرب الروسية - الأوكرانية يواجه الصحافيون بدورهم آلة القتل العسكرية، إذ قتل 11 مراسلاً صحافياً حتى الآن، خلال أدائهم لمهامهم في تغطية الحرب.

أما السودان، فأعلنت منظمة "مراسلون بلا حدود" مقتل 5 صحافيين سودانيين أثناء أدائهم لمهامهم الصحافية في تغطية الحرب المستعرة بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، والتي أدت أيضاً إلى توقف عدد كبير من المؤسسات الإعلامية، كما توقفت عشرون صحيفة ورقية عن الصدور.

في المقابل، بلغ متوسط الصحافيين القتلى في بعض البلدان التي تعيش حالة سلم أرقاماً مفزعة، وتعتبر القارة الأميركية أخطر منطقة في العالم على حياة الصحافيين خلال عام 2022، إذ شهدت المكسيك وحدها مقتل 11 صحافياً، و6 في هايتي، و3 في البرازيل.

المزيد من تقارير