Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نساء يكشفن بشجاعة خداع الرجال في تطبيقات المواعدة

تحولت حركة "هل نواعد الرجل نفسه؟" من مجموعة نساء أردن معرفة ما إذا كان شركاؤهن صادقين معهن إلى منظمة مترامية الأطراف تكشف المخادعين والمسيئين وما هو أسوأ من ذلك

أدى ظهور تطبيقات المواعدة عبر الإنترنت إلى تحويل العلاقات العاطفية إلى شيء تجاري (غيتي)

ملخص

هل أصبحت المواعدة في عصر التكنولوجيا خبرة مرعبة وشراً لا مفر منه؟

البحث عن الحب عبر تطبيقات المواعدة تجربة من الجحيم. إنها عملية تتطلب جهداً إدارياً مرهقاً وعائدها ضئيل جداً، ويبدو أنها توصلك إلى الفشل. من المؤكد أن بعض الأشخاص ينالون مرادهم من خلالها، سواء كان ذلك علاقة رومانسية طويلة الأمد أو معاشرة سريعة في مراحيض الحانات، أو شراكات متعددة الأطراف مبنية على الثقة والموافقة المتبادلة ترضي الطرفين. لكن المسعى الذي بدأ كنهج قائم على المساواة للقاء أشخاص عزاب مثيرين موجودين في منطقتك يتحول في الغالب إلى طريق مليء بالمطبات يقودك إلى الوحدة المؤلمة.

بالنسبة للنساء على وجه الخصوص، تكون تطبيقات المواعدة مصحوبة بقدر كبير من الأخطار. لا أحد يدخل في علاقة، مهما كانت عابرة، معتقداً أن الشخص الذي يجذبه سيعرضه لإساءة جسدية أو جنسية في مرحلة ما كما سيتبين. لكن هذه هي النتيجة بالنسبة لنحو ثلث النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 سنة في جميع أنحاء العالم - وهذا لا يشمل الإساءة العاطفية، التي يصعب تحديد مقدارها. لا عجب إذاً أننا نريد التحقق من كل التفاصيل الصغيرة عندما نتواصل مع شخص غريب لا يتعدى وجوده كونه صورة أمامنا على الشاشة. ألن يكون من الرائع أن تحصل في وقت مبكر على تنبيه بأن الأمور هذه المرة ستسير بشكل فظيع وربما عنيف؟

لحسن الحظ، هناك حركة عالمية تهدف إلى توفير ذلك. إنها شبكة مترامية الأطراف مكونة من مجموعات على "فيسبوك" في المدن والمناطق الكبرى حول العالم تحمل اسم "هل نواعد الرجل نفسه؟" Are We Dating the Same Guy?.

ما بدأ كوسيلة للنساء العازبات في نيويورك للتحقق من أهلية الرجال الذين يعثرن عليهم للمواعدة، تحول إلى شيء ضخم ومترامي الأطراف، شبكة سرية دولية غير رسمية تسلط الضوء على حال المواعدة الغرامية في عام 2023.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما يوحي اسمها، فإن الغرض الأصلي لهذه المجموعات هو التحقق مما إذا كان الشخص الذي تشعر بحماسة تجاهه (عادة رجل متوافق الهوية الجنسية وذو ميول جنسية أحادية) مرتبطاً بالفعل بأحد ما - وهو سؤال يحق للمرأة طرحه في ضوء ما وجده باحثون في عام 2018 بأن ما بين 18 و25 في المئة من أصحاب الحسابات على تطبيق "تيندر" [من أشهر تطبيقات المواعدة] Tinder كانوا ملتزمين بالفعل بعلاقات جدية أثناء استخدامهم التطبيق. لكن مع نمو الشبكات، تغيرت استعمالاتها: لا تزال بعض النساء يلجأن إليها لمعرفة رأي المستخدمات في الرجال الذين يفكرن في مواعدتهم ("ما تقييمكن؟"، ينشرن السؤال إلى جانب لقطة شاشة لصفحة الرجل على تطبيق المواعدة)، لكن أخريات يشاركن قصصاً أكثر قتامة عن رجال التقين بهم عبر التطبيقات وينشرن تحذيراتهن.

أحد النجاحات الأخيرة، إن أمكن تسميتها هكذا: قيام امرأة بكتابة منشور نيابة عن والدتها، قلقة من أن الرجل الذي تتحدث معه كان منتحلاً (أي يستخدم صور أشخاص آخرين لإنشاء هوية مزيفة). بدأت عضوات المجموعة الأخريات في المشاركة. وقام بعضهن بإجراء بحث عكسي عن الصور لمعرفة ما إذا كانت ستظهر في محركات البحث. صادف أن بعضهن كنا برتغاليات ببساطة، الأمر الذي كان مفيداً عندما تبين أن الرجل الموجود في الصورة هو في الواقع ممثل برتغالي مشهور، ومن شبه المؤكد أنه لم يكن ليتحدث مع امرأة على تطبيق مواعدة لأنه مثلي الجنس. لو لم تفعّل المجموعة تفكيرها الجماعي، من يدري ما الضرر الذي يمكن أن تسببه هذه العلاقة المزيفة؟

تحدثتُ مع عدد من النساء اللواتي اكتشفن تعرضهن للخيانة بفضل هذه المجموعات، لكنهن لم يرغبن في ذكر أسمائهن أو الاقتباس مباشرة من حديثهن. اكتشفت إحداهن أن حبيبها كان يخرج في مواعيد غرامية منذ ثلاث سنوات عندما نشرت صورته في إحدى المجموعات؛ أخبرتني امرأة أخرى أن الرجل الذي خرجت معه مرات قليلة كان يكذب بشأن ظروفه. جرى تحذير النساء من أن الرجل الذي كن على وشك مقابلته كان متورطاً في السابق في سلوك عنيف. وقالت أخريات إنهن تعرضن للكذب من قبل رجال محددين، الذين حاوطوهن بحب جارف وأغرقوهن بوعود الإخلاص الأبدي الذي لا يفنى قبل التخلص منهن بمجرد ممارسة الجنس معهن.

تتشارك النساء تجارب العلاقات المسيئة أيضاً، والاعتداء الجنسي والتودد الجنسي غير المرغوب فيه؛ ويروين قصصاً عن المنتحلين والمحتالين ومتبعي نهج الانسحاب من العلاقة من دون سابق إنذار. تسأل النساء ما إذا كان سلوكهن مضطرباً لأن الرجل جعلهن يشعرن كما لو أنهن يتصرفن "بجنون" لمحاولتهن تخليص أنفسهن من مواقف غير مريحة.

تعتقد عالمة النفس السيبراني الدكتورة نيكولا فوكس هاملتون، التي يركز عملها على التواصل بواسطة التكنولوجيا، وبخاصة عبر المواعدة عن طريق الإنترنت، أن مجموعات "فيسبوك" هذه يمكن أن تقدم نفعاً كبيراً لأي شخص يحاول العثور على الحب في المساحات المبهمة التي أنشأتها تطبيقات المواعدة. قالت لي: "إذا كنت تستخدمين إحدى منصات الشبكات الاجتماعية، فإن كثيراً مما يحدث يكون علنياً، لذلك من السهل معرفة ما هي معايير السلوك الاجتماعي... أما في حالة المواعدة عبر الإنترنت، فإن كل ما يحدث تقريباً [بعيداً من] الملف الشخصي يكون خلف أبواب مغلقة، ولا تعرفين ما الذي يحدث، ولا تعلمين ما إذا كانت تجربتك عادية أم غريبة، أو شاذة، أو ما إذا كان الجميع يمرون بالتجربة عينها". هذه المجموعات التي تديرها متطوعات، وتفرض قواعد صارمة بشأن ما يمكن وما لا يمكن نشره، تشهد نساء يشككن في قدرتهن على الحكم وفي قراراتهن وأفعالهن – بينما تتأهب عشرات الآلاف من النساء الأخريات لإبداء آرائهن.

قد لا يكون من المفاجئ أن يعتبر كثير من الرجال وجود هذه المجموعات إشكالياً. نجح ناشطون في مجال حقوق الرجال في إغلاق عديد من المجموعات في أميركا الشمالية من خلال حملات مستهدفة وإبلاغ إدارة "فيسبوك" عنها؛ هناك أوساط إلكترونية برمتها عبر منصة "ريدت" Reddit موجودة فقط لتفكيك هذه الشبكات. شعر الرجال الذين تناولتهم المجموعات بالانتهاك. حتى لو حصلت على تقييمات إيجابية من المجموعات، فلا يمكن أن تشعر بالراحة عند معرفة أنك موضوع نقاش من قبل ما قد يصل إلى آلاف الغريبات وتعرضت لشيء من التشويه لمجرد ارتباطك بالموضوع حتى. يبدو أن بعض الرجال مقتنعون بأن النساء يستخدمن المجموعات إما لنشر الأكاذيب أو للسخرية منهم، ويبدو أن ثلة من مواقع الإنترنت قد عززت عقلية "نحن ضدهم" – حيث تحولت المواعدة الغرامية بين الجنسين إلى ساحة معركة.

هناك صعوبة خاصة في تشجيع أي من مستخدمات مجموعات "هل نواعد الرجل نفسه؟" على التحدث علانية. من أجل سلامة النساء يجري الالتزام بقاعدة أن كل ما يحدث في المجموعة يظل ضمن المجموعة. تجب الموافقة على كل منشور قبل ظهوره في الصفحة - ولا تنشر أي عناوين [سكن] أو معلومات تعريفية بخلاف الصورة والاسم الأول - ويجب التدقيق في كل شخص يتقدم للانضمام إلى المجموعة لمنع الحسابات المزيفة أو الكيانات الخبيثة من الوصول إلى المجموعة. يستهلك هذا القسط الأكبر من وقت المشرفات. أخبرتني سارة، التي تدير إحدى المجموعات الكندية، أنه في بعض الأحيان تجرى تحقيقات جدية جداً قبل قبول الطلب أو رفضه. لسبب وجيه، ستطرد أيضاً إذا شاركت لقطات الشاشة أو نقلت المعلومات إلى الرجال الذين يُكتب عنهم. تتذكر سارة مرتعشة: "لقد نشرت سيدة عن شخص ما في إحدى المجموعات، واكتشف الرجل الأمر، وتوجه إلى منزلها واقتحمه".

وتحظى قصص الرعب المشابهة بقدر كبير من الاهتمام، لكن ماذا عن تلك القصص التي تقع في مكان ما بين الانفصال بشكل ودي والهروب إلى ملجأ آمن منتصف الليل؟ تأتي قصص الناس - بما فيها تجربتي – مشبعة بالخجل من التعرض للخداع والتحايل من قبل شخص كان في أحسن الأحوال مهملاً وفي أسوئها غير مكترث لقلبك. تقول سارة: "بعض القصص سخيفة... من قبيل ’طيش صبياني‘، وهو تعبير فظيع لكنه الوحيد الذي يعبر عن الحالة. وبعضها [يرجع إلى] أشخاص فظيعين حقيقيين. وأعتقد أنه من الجيد أن نكون على دراية بشيء من هذه الفظاعة".

لكن حتى عندما تقضي سارة ما بين خمس إلى عشر ساعات أسبوعياً في المجموعات، فإنها تحرص على عدم السماح لذلك بالتأثير على قناعاتها. تقول: "أنا أذهب دائماً لملاقاة الأشخاص من دون أن تكون لدي توقعات... لكن الأمر جعلني أدرك كم المواعدة مخيبة للآمال بالنسبة لنساء كثيرات [و] أن هناك عدداً من الأشخاص السيئين أكثر مما ندرك، لأننا جميعاً نعيش في فقاعات صغيرة خاصة بنا. أنت ترين باستمرار [في المجموعة] أن هناك أشخاصاً سيئين يعاملون الآخرين بطريقة خاطئة يومياً".

أدرك سبب حذرها حيال السماح للأمر بالتأثير على حياتها العاطفية. كلما تصفحتُ المجموعة أكثر، كلما لاحظت أن رغبتي في محاولة مقابلة شخص ما تقل. لقد أسهمت تجارب هذه الغريبات في مفاقمة تجاربي الماضية وجعلتني أشعر كما لو أن مفهوم مشاركة الأجزاء الأكثر هشاشة مني مع إنسان آخر كان مفهوماً فاشلاً بكل بساطة. مشاركة المعرفة أمر مؤثر ومهم، وصحيح أن "هل نواعد الرجل نفسه؟" تكشف كثيراً من مشكلات المواعدة في عصر التكنولوجيا، لكنها لا تقدم سوى النزر اليسير من الحلول الفعلية.

ومع ذلك، فإن مراقبة حياة الآخرين بهذه الطريقة ممارسة يمكن الإدمان عليها. يتربص الأشخاص مثلي في المجموعات، نراقب ما يُناقَش من دون تقديم قصصنا الخاصة، ونقراً مئات التعليقات والنصائح من دون إضافة أي شيء. كلما دخلت إلى حسابي على "فيسبوك"، الأمر الذي أفعله مرتين في الأسبوع الآن ربما، أجد مئات المنشورات الجديدة بانتظار تصفحها، تحتوي كل منها على قصة عن شيء لم يسر كما يجب. قد تبدأ بالشعور كما لو أن المواعدة في عام 2023 أصبحت في حالة يرثى لها تماماً وأنت تقرأ القصص المؤلمة حقاً حيث تصادف نساء يتساءلن في منشوراتهن: هل هناك عيب بي؟ لماذا لا أستطيع مواعدة أحد ما؟

لكن المشكلة تتجاوز بكثير مجرد وجود هذه الشبكات غير الرسمية التي تتمتع بإدارة ذاتية. لقد أدى ظهور تطبيقات المواعدة عبر الإنترنت إلى تحويل العلاقات العاطفية إلى شيء تجاري بالنسبة لبعض الأشخاص والشركات الكبرى وإلى لعبة، حيث يقدمون قلوبنا لغرباء قد يتبين أنهم يبحثون عن شخص يمكنهم استغلاله أو الاعتماد عليه بشكل غير صحي أو يعوضهم عن شيء ناقص في حياتهم أو يكون هدفاً لعنفهم الجسدي أو العاطفي. قد تكون هذه المجموعات غير مريحة، وغالباً ما تنحدر النقاشات إلى مشاحنات واقتتال داخلي عند ظهور آراء متعارضة، لكن هذا لا ينفي ضرورة وجودها. لطالما استخدمت النساء شبكاتهن الاجتماعية كوسيلة لإرسال التحذيرات ومحاولة البقاء آمنات - بدءاً من الحكايات الشعبية، إلى القيل والقال، إلى المستندات السرية عبر غوغل التي تتناول رجالاً سيئين. يمكننا معرفة الحاجة المستمرة إلى مثل هذه المجموعات اليوم من خلال العدد الهائل من النساء فيها (بلغ عدد المشتركات في لندن وحدها 72 ألف عضوة حتى وقت كتابة هذا المقال).

لا تحل شبكة "هل نواعد الرجل نفسه؟" مشكلات المواعدة في عصر التكنولوجيا، وبالتأكيد لا تجعلني أشعر بالرضا حيال ذلك، لكن المشكلة لا تكمن في حديث النساء مع بعضهن بل في الثقافة التي تجعل التصرف بشكل سيئ أمراً سهلاً. في الوقت الحالي، أجدها حركة إيجابية تماماً، تسلحنا بالمعرفة والمشورة والتحذيرات بينما نخوض في عالم المواعدة. إنها تعني قدرتك على فتح باب قلبك بثقة لأنك تستطيع الاعتماد على ما يتجاوز إحساسك الداخلي.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات