ملخص
أكثر من 50 قذيقة سقطت على المنطقة التي توجد فيها الكنائس في قطاع غزة خلال 12 يوماً.
بعدما قصفت إسرائيل ساحة مستشفى الأهلي العربي الذي يقع بجانب مبنى الكنيسة المعمدانية الوحيدة في قطاع غزة، طلبت الكنائس في الأرض المقدسة من جميع المسيحيين والمسلمين ومحبي الخير الصوم والصلاة لمدة أسبوع من أجل السلام.
أشكال التضامن
لم يقتصر موقف الكنائس في غزة المتضامن مع المواطنين الأبرياء على هذا التصرف، بل أيضاً جرى تقديم القرابين من أجل أن تهدأ أصوات الانفجارات ويتوقف نزيف الدم ويعم السلام، كما أقيمت القداديس وقرعت أجراس كنيسة دير اللاتين، للتعبير عن الحزن تجاه ما يجري من أحداث مؤسفة.
والأهم من ذلك، فتحت كنيسة القديس يوسف وكنيسة الروم الأرثوذكس وكذلك كنيسة دير اللاتين أبوابها لتوفير المأوى لأكثر من 1100 من النازحين المدنيين، وجاءت هذه الخطوة بعدما طلبت إسرائيل من سكان شمال غزة ومحافظة غزة الإخلاء الفوري لمنازلهم ومراكز الإيواء، وفرضت عليهم التهجير القسري.
المأوى الرابع
وكانت الكنائس في غزة المكان الرابع الذي لجأ إليه السكان بحثاً عن الأمان، بعد مدارس الأونروا والمستشفيات ومراكز البعثات الدولية، هرباً من قصف الطائرات الإسرائيلية، لاعتقادهم بأن دور العبادة تحمي الفلسطينيين من آلة القتل.
وأصبحت أبواب الكنائس المفتوحة للنازحين ملاذاً للأمان، ووصلت عائلات المسيحيين والمسلمين الذين يفتقدون المأوى إلى دور العبادة الأرثوذكسية واللاتينية في غزة، وفيها كانوا يبحثون عن ملجأ داخل جدران الأماكن المقدسة، ولم تتحول الكنائس إلى مأوى فحسب، بل أصبحت منارة السلام.
ولجأ نحو 650 شخصاً أغلبهم من النساء والأطفال إلى كنيسة دير اللاتين التي تضم مدرسة، ونحو 450 فرداً نزحوا إلى كنيسة الروم الأرثوذكس، وقدمت لهم الكنائس المأوى والأكل والشراب، بغض النظر عن ديانتهم.
من دون أمان
يقول بطريرك القدس اللاتين الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا "جميع المسيحيين في قطاع غزة بخير، منازل البعض دمرت، لكن دون سقوط ضحايا، وهم الآن مجتمعون في دير اللاتين والمدرسة التابعة لها، على افتراض أنهم آمنون، وبطبيعة الحال فإنهم يتعرضون لضغوط كبيرة، ولديهم ما يكفي من الطعام لبعض الوقت، لكن إذا استمر الحصار فستكون هناك مشكلة، نحن نحاول مساعدتهم لكن الخطر مقبل".
وأكد بطريرك القدس بأن الكنيسة ستبقى مفتوحة أمام كل من يبحث عن مأوى، مضيفاً "نحن عائلة واحدة مسلمين ومسيحيين، ونحاول أن نساعد الناس ونوفر لهم مأوى، نبذل كل ما في وسعنا لنساعدهم، والأهم هو إعطاء المحبة لكل من يحتاجها".
وعلى رغم ذلك فإن الكنيسة ليست آمنة تماماً من القصف الإسرائيلي، إذ أكد كبير أساقفة غزة ألكسيوس أن أكثر من 50 قذيقة سقطت على المنطقة التي توجد فيها الكنائس خلال أيام القتال الممتدة لليوم الـ 12.
كنائس غزة
وفي غزة يوجد ست كنائس، ثلاث منها فعالة وتستقبل الزوار والمسيحيين التابعين لها، وهناك أكثر من 1500 مسيحي يعيشون جنباً إلى جنب مع سكان غزة، غالبيتهم يتبع للكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية والمعمدانية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن أشهر دور العبادة المسيحية في غزة كنيسة العائلة المقدسة اللاتينية أو دير اللاتين، وكنيسة القديس برفيريوس، وهي الكنيسة الأرثوذكسية التي تعد ثالث أقدم كنيسة في العالم، وتعرضت في جولات قتال سابقة إلى سقوط شظايا الصواريخ الإسرائيلية القاتلة التي تسقط على غزة.
واقع المسيحيين
وتفرض إسرائيل قيوداً مشددة على المسيحيين كما بقية الفلسطينيين، إذ ترفض السماح لهم بالسفر، كما تمنع جزءاً كبيراً منهم من الوصول إلى أماكنهم الدينية في بيت لحم والقدس لأداء طقوسهم الدينية.
ويتعرض هؤلاء المسيحيون إلى الحصار المطبق الذي فرضته إسرائيل أخيراً على القطاع، كما تتعرض بيوتهم إلى القصف والدمار في الحروب، وكذلك كنائسهم، وفي هذه الحرب الدائرة طلب منهم جيش تل أبيب إخلاء بيوتهم ودور العبادة التابعة لهم.
أوامر بالرحيل
وأكد مطران كنيسة العائلة المقدسة الأب غابرييل رومانيللي ذلك قائلاً، "لقد تلقى كل المسيحين والمقيمين في الكنائس ودار الأيتام التابعة لكنيسة دير اللاتين ومدرسة العائلة المقدسة أوامر من إسرائيل بالرحيل، وبات لزاماً عليهم أن يبحثوا عن ملجأ جديد ومأوى آمن".
ورفضت الكنائس في غزة الإذعان لأوامر الإخلاء، وأبلغت جيش إسرائيل أنها دور عبادة محمية بموجب القانون الدولي الإنساني وأنها ترفع علم البطريركية اللاتينية إلى جانب راية فلسطين، لتدلل على أنها مرافق مدنية دينية، ويجب حمايتها وتحييدها من الحرب الضروس.
فكرة الإخلاء في غزة تعني أن الجيش الإسرائيلي سيدمر المنطقة بأكملها، ولذلك فإن كنيسة دير اللاتين وهي آخر كنيسة كاثوليكية في القطاع ترى أن هذا القرار خطير، إذ في الحروب السابقة نجت من الدمار الذي حل بالمدينة المنكوبة، كما أن المسلمين والمسيحيين يعتقدون أنها أفضل ملجأ، فهي تفتح أبوابها لكل من وصل لها سالماً، وفقاً لما يوضحه الأب رومانيللي.
وأضاف الأب رومانيللي "أشعر بالصدمة والخوف، لقد طلب منا الإخلاء الفوري، يتصل الجيش الإسرائيلي بشكل شبه يومي على النازحين في الكنيسة ويطلب تارة الإخلاء ومرة أخرى يطلب عدم السماح لأحد غير المسيحيين بالدخول إلى الكنيسة".
وبحسب إيهاب عياد وهو أحد المسيحيين الذين نزحوا إلى الكنيسة فإنه أبلغ الجيش بعدم إذعانه لأوامر النزوج، وسيبقى في دار العبادة التي تحظى باحترام عالمي وحماية قانونية إلى جانب كل من وصل إلى الكنيسة من مسلمين ومسيحيين".
وإلى جانب هذه المواقف، فقد عبر الناطق باسم بطريركية الروم الأرثوذكس الأب عيسى مصلح عن رفضه لما يجري في غزة من قتل، وقال "نقف أمام جريمة نكراء بحق الأبرياء، يجب السماح بدخول الإمدادات الإنسانية إلى غزة، كما أن أوامر الرحيل للمسلمين والمسيحيين مرفوضة وتعمق الكارثة الإنسانية المهولة".