Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب اللاتسوية تفتح ملف التسوية

"عندما تريد السماء أن تعاقبنا فإنها تستجيب لصلواتنا"

ترى "حماس" والقوى الحليفة لها أن عملية "طوفان الأقصى" مرحلة مهمة في مسار طويل للتحرير لا التحريك (أ ب)

ملخص

"صناعة السلام أصعب من صناعة الحرب" كما قال كليمنصو

كان الرئيس التركي الراحل سليمان ديميريل يقول "إذا لم تكن تعرف كيف تصنع السلام، فلا تحارب"، لكن الصراع الدامي الدائر حالياً في فلسطين يبدو في الاتجاه المعاكس لهذه المعادلة، حرب بين طرفين رافضين للتسوية السياسية السلمية في النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي التي عنوانها "حل الدولتين"، حرب لا ينطبق عليها قول كارل فون كلاوزفيتز "الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى"، إذ هي عملياً حرب البديل من السياسة للهرب منها. إسرائيل، كدولة احتلال، تحكمها أكثر الحكومات يمينية وتطرفاً في تاريخها، ترفض أن يستعيد الشعب الفلسطيني بعض حقوقه بإقامة دولة مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها القدس الشرقية ضمن حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967، عام الهزيمة العربية الأكبر، و"حماس" كحركة مقاومة وطنية إسلامية تحكم غزة، التي انسحبت منها إسرائيل، ترفض التسوية السياسية وتريد أن يكون القطاع رأس الحربة في مقاومة لاستعادة "فلسطين التاريخية" من البحر إلى النهر كحق لشعبها الفلسطيني، فضلاً عن التصرف على أساس أن فلسطين "وقف إسلامي" لا يجوز التنازل عن أي شبر منه، وفضلاً، أيضاً، عن التمسك بالصيغة الأصلية للصراع بين حق فلسطيني وباطل إسرائيلي، ورفض الصيغة التي كرستها المفاوضات ومشاريع السلام باعتبارها تسوية بين "حقين" بقوة الأمر الواقع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غير أن الصورة التي تبدو بسيطة معقدة جداً، لا فقط لأن تحرير فلسطين اصطدم، منذ 1948، بموازين القوى المحلية والحسابات الاستراتيجية الدولية في أميركا والاتحاد السوفياتي وأوروبا، بل، أيضاً، لأن حلفاء إسرائيل اليوم، بمن فيهم روسيا وريثة السوفيات، يريدون التسوية على عكس حلفاء "حماس" الذين يرفضونها. خلال حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973، وصف خصوم الرئيس أنور السادات عملية العبور إلى سيناء بأنها "حرب تحريك لا تحرير"، واليوم ترى "حماس" والقوى الحليفة لها أن عملية "طوفان الأقصى" وما أحدثته من زلزال في إسرائيل هي مرحلة مهمة في مسار طويل للتحرير لا التحريك، ولا مجال للخطأ في قراءة الأحداث، وسط مفارقة كبيرة. حرب "التحريك" قادت إلى استعادة الأرض المحتلة كاملة في سيناء وتصحيح الاختراقات في الضفة الشرقية، ومن قبل إلى "اتفاق أوسلو"، وكادت تعيد كامل الجولان إلى سوريا. وحرب "التحرير" الحالية قادت إلى دمار هائل في غزة وقد تقود إلى إعادة احتلالها، ودخول الفصائل الحليفة لحركة "حماس" في الحرب يزيد من تعقيد الصراع، بصرف النظر عن شعار "إزالة إسرائيل" وتطورات الحرب في غزة، ذلك أن حرب "التحرير"، اليوم، مرشحة لأن تقود إلى "تحريك" عملية السلام على رغم حسابات طرفيها. فلا إسرائيل التي تنقذها أميركا وتدعمها أوروبا وتتمتع بصداقة روسيا والصين تستطيع أن تصد الضغوط الدولية والعربية عليها لدفعها إلى فتح أفق سياسي أمام الفلسطينيين بعدما تتوقف حرب غزة، ولا مصير بنيامين نتنياهو وعتاة التطرف في حكومته يبدو خارج المساءلة عن التقصير ودفع ثمن ما فعلته عملية "طوفان الأقصى" وما تفعله عملية "السيوف الحديد"، ولا السلطة الفلسطينية التي وضعتها عملية "حماس" الهائلة على الهامش بعدما دفعت حكومات نتنياهو "اتفاق أوسلو" إلى "موت سريري" ستكون الخاسر الأكبر، بل الجهة الشرعية الوحيدة التي لا طرف سواها في التفاوض والمرشحة لأن تربح التسوية، بصرف النظر عن ضخ دم جديد فيها كما في حركة "فتح". فهل نحن أمام حرب تنتهي بما لا يريده طرفاها؟

اللعبة صارت أكبر من المتحاربين، وقد ينطبق عليها قول أوسكار وايلد "عندما تريد السماء أن تعاقبنا، فإنها تستجيب لصلواتنا"، لكن "صناعة السلام أصعب من صناعة الحرب" كما قال كليمنصو (جورج كليمنصو رئيس وزراء فرنسا إبان الحرب العالمية الأولى).

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل