أعلنت وكالة "ستاندرد أند بورز" خفض تصنيف مصر السيادي مع نظرة مستقبلية مستقرة تماشياً مع التوقعات، إذ خفضت الوكالة الدولية التصنيف الائتماني السيادي طويل الأجل بالعملة الأجنبية والمحلية لمصر إلى "B-" من "B"، مع نظرة مستقبلية مستقرة، وثبتت التصنيف الائتماني السيادي قصير الأجل عند مستوى "B".
وأشارت الوكالة إلى احتمال عجز السلطات المصرية على تمويل الوفاء بالديون الخارجية المرتفعة أو معالجة نقص العملة الأجنبية في البلاد، وإمكان تسريع الإصلاحات النقدية والاقتصادية الرئيسة التي من شأنها أن تسد فجوة التمويل الخارجي الكبيرة في مصر.
وألمحت إلى خفض التصنيف من جديد إذا أخفقت القاهرة في تنفيذ إصلاحات الاقتصاد الكلي المطلوبة للحد من الاختلالات الاقتصادية، وإطلاق العنان للتمويل المتعدد الأطراف والثنائي قائلة، "يمكننا رفع تصنيفاتنا إذا خفضت مصر مستويات صافي الدين الحكومي وإجمال حاجات التمويل الخارجي، بتسريع الإصلاحات التي تدعم القدرة التنافسية والنمو والنتائج المالية"، مشيرة إلى أنه "في ظل هذا السيناريو نتوقع تجديد الدعم المالي الثنائي والمتعدد الأطراف".
كيف سيتحرك سعر صرف الدولار؟
وحول سعر صرف العملة توقعت "ستاندرد أند بورز" أن يؤدي تعديل سعر الصرف إلى انخفاض قيمة الجنيه المصري إلى ما يقارب مستواه في السوق الموازية والذي يبلغ حالياً نحو 40 جنيهاً مصرياً للدولار الأميركي، مشيرة في تقرير حديث إلى تقديرات بأن يسمح البنك المركزي المصري للجنيه بأن يكون أكثر استجابة للصدمات الخارجية.
وأضافت، "نظراً إلى اعتماد الاقتصاد الكبير على الواردات والحساسية السياسية للتضخم، فمن وجهة نظرنا قد تميل السلطات إلى إعادة فرض ضوابط على العملة الأجنبية كما فعلت من قبل إذا تفاقمت تقلبات العملة".
وأشارت الوكالة إلى أنه من المرجح أن يؤدي ارتفاع التضخم إلى ارتفاع أسعار فائدة البنك المركزي المصري، مما يزيد من كلف خدمة الدين الحكومي خلال المدى القصير.
وقبل أيام كشف بنك "ستاندرد تشارترد" عن أنه لا يتوقع أي خفض في قيمة الجنيه أو تغييراً في أسعار الفائدة قبل نهاية 2023، مستبعداً مزيداً من الخفوضات في قيمته أو تغييرات في أسعار الفائدة حتى نهاية العام الحالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويواجه الجنيه المصري سلسلة من الأزمات التي بدأت منذ الربع الأول من العام الماضي وتزامنت مع خروج أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الساخنة بصورة مفاجئة.
وفي إطار مواجهة أزمة شح العملة لجأت الحكومة المصرية إلى إجراءات عدة، أبرزها اللجوء إلى صندوق النقد الدولي الذي وافق على تمويل بقيمة 3 مليارات دولار في ديسمبر (كانون الأول) 2022، لكنه لم يقم حتى الآن بإجراء المراجعات الخاصة بالتمويل حتى تتمكن مصر من صرف الشرائح المقررة.
وخلال الأيام الماضية كشفت مصادر مطلعة أن الحكومة المصرية تجري مفاوضات مع مجلس إدارة صندوق النقد الدولي في شأن زيادة قيمة القرض البالغ 3 مليارات دولار إلى أكثر من 5 مليارات دولار.
وبخلاف الاستمرار في إصدار سندات دولية والإسراع في تنفيذ برنامج الطروحات، وجه البنك المركزي المصري قبل أيام البنوك العاملة في السوق المحلية بفرض قيود على استخدام بطاقات الائتمان خلال التعاملات بالعملات الأجنبية في الداخل والخارج، وسيسمح لحاملي بطاقات الائتمان فقط بإجراء تعاملات بالعملات الأجنبية بقيمة 250 دولار شهرياً في الداخل، فيما لم يكشف البنك المركزي عن الحدود التي طالب البنوك بتطبيقها.
فجوة تمويلية ضخمة خلال 5 أعوام
ورجح بنك "غولدمان ساكس" في وقت سابق أن تواجه مصر فجوة تمويل متراكمة من النقد الأجنبي تبلغ 11 مليار دولار خلال الأعوام الخمسة المقبلة بنهاية العام المالي 2027 - 2028، بحسب تقرير حديث له.
وقال البنك الأميركي إن "متوسط متطلبات التمويل الخارجي لمصر نحو 20 مليار دولار في العام على مدى الأعوام الخمسة المقبلة، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، بينما تفيد تقديراتنا بأن متوسط تدفقات التمويل الوافدة خلال الفترة نفسها تصل إلى 18 مليار دولار في العام، مما يؤدي إلى هذه الفجوة التمويلية".
وتابع، "على رغم بعض التقدم الذي أحرزته مصر أخيراً في مبيعات الأصول، نرجح أن تستمر تدفقات رأس المال الوافدة في الانخفاض إلى ما دون توقعات خط الأساس لصندوق النقد الدولي، وأن مصر في طريقها لمواجهة نقص التمويل في غياب مزيد من التعديلات الخارجية".
كما توقع أن تصل فجوة التمويل من النقد الأجنبي لنحو 3 مليارات دولار العام الحالي، وأكثر من 9 مليارات دولار العام المقبل، مع وجود فجوة تراكمية تزيد على 11 مليار دولار على مدى الأعوام الخمسة المقبلة، وهو ما يتناقض مع توقعات صندوق النقد الدولي لفائض التمويل التراكمي بما يقارب 43 مليار دولار.
وكان صندوق النقد الدولي وافق في منتصف ديسمبر 2022 على طلب مصر بالحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار يصرف على 46 شهراً بواقع شريحتين متساويتين كل عام، بعد كل مراجعة على البرنامج للتأكد من جدية الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه، إضافة إلى شريحة أولى تم تسلمها بعد الموافقة على البرنامج.
وبعد حصول مصر على أول شريحة من القرض بقيمة 347 مليون دولار، لم يجر الصندوق المراجعة الأولى على برنامج القرض كما كان مقرراً لها في مارس (آذار) الماضي، بسبب عدم التوصل إلى توقيت محدد لتنفيذ بعض الإجراءات التي تتطلبها المراجعة.
وعلى رغم أن إجمال احتياطات العملات الأجنبية لمصر تقارب 35 مليار دولار، فإن صافي الاحتياطات الحالية يسجل نحو -15 مليار دولار، وهو ما يحد من قدرة السلطات على استيعاب فجوة التمويل بموارد العملات الأجنبية الحالية، بحسب "غولدمان ساكس".
وفي محاولة لزيادة موارد النقد الأجنبي أعلنت الحكومة المصرية بيع حصص مملوكة للدولة في بعض الشركات بنحو 1.9 مليار دولار، 1.65 مليار دولار منها بالعملة الأجنبية و250 مليون دولار بالجنيه المصري، ضمن برنامج الطروحات المستهدف تنفيذه خلال الفترة المقبلة.