ملخص
تواصل القصف والاشتباكات في الخرطوم ودمار وجوع في دارفور
تواصلت الهجمات والاشتباكات المدفعية بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في العاصمة السودانية الخرطوم في مواقع عدة بولاية الخرطوم، استهدفت خلالها "الدعم السريع" بالقصف المدفعي القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم وسلاح المدرعات جنوب العاصمة، كما تبادل الجانبان القصف شمال مدينتي الخرطوم بحري وأم درمان.
قصف متبادل
وأوضحت مصادر عسكرية ميدانية أن الطيران الحربي للجيش قصف تجمعات لقوات "الدعم السريع" في مناطق الدروشاب والسامراب والحلفايا شمال مدينة بحري، واستهدف مواقع لـ "الدعم السريع" في مناطق شرق السقاي ومحيط مصفاة الجيلي، ووفق المصادر ذاتها، تمكنت مسيرات الجيش السوداني من تدمير مركبات مدفعية، كما نجحت ضربات جوية للطيران الحربي في إسكات إحدى المنصات المدفعية لقوات ا"لدعم السريع" بمزارع الحلفايا على الشريط المحاذي لنهر النيل شمال الخرطوم بحري، وقصفت قاعدة الجيش العسكرية في كرري مواقع وارتكازات لـ "الدعم السريع" شمال بحري وغرب أم درمان، وشنت الأخيرة هجمات مدفعية من مواقعها في جنوب الخرطوم باتجاه مواقع وأهداف الجيش في العاصمة، وأيضاً باتجاه محلية كرري والحتانة شمال أم درمان، وأفاد شهود بسقوط قذائف مدفعية على مناطق متفرقة من أحياء الثورات بمحلية كرري، وفي أحياء وسط أم درمان القديمة نتيجة قصف متقطع قامت به قوات "الدعم السريع".
اشتباكات
وتجددت الاشتباكات بين الطرفين في ضاحية العيلفون شرق العاصمة السودانية، حيث ما زال معسكر سلاح المهندسين في المنطقة تحت قبضة الجيش، وأكد بيان لغرفة طوارئ المنطقة أن عشرات آلاف الفارين من ديارهم بحاجة ماسة إلى العون والمساعدة.
من جانبها، بثت قوات "الدعم السريع" مقطع فيديو على حسابها الرسمي في منصة "إكس"، يتحدى فيه جنودها قوات العمل الخاص مقللين من فعالية عمليات التمشيط البرية التي تقوم بها، ومتهمين تلك القوات بتضخيم دورها عبر الوسائط الإعلامية، ونفى القائد الميداني للمجموعة ما تردد عن عمليات انسحاب كبيرة لقوات "الدعم السريع" من العاصمة الخرطوم باتجاه دارفور، مؤكداً سيطرة قواتهم على الشوارع الرئيسة على امتداد الطريق من كبري شمبات الرابط بين مدينتي أم درمان والخرطوم بحري وحتى منطقتي الباقير والعيلفون شمال وشرق الخرطوم.
"نداء الخرطوم"
ودشنت ولاية الخرطوم "نداء الخرطوم" لإعانة المحتاجين المتأثرين من الحرب بـ 10 آلاف سلة غذائية كدفعة أولى توزع على الفئات الأكثر حاجة من جملة 500 ألف أسرة بمحلية كرري التي تستضيف مئات الأسر من الأحياء الملتهبة في العاصمة، وينتظر أن تتوسع مستقبلاً لتشمل كل المحتاجين، وأكد الوالي المكلف أحمد عثمان حمزة العمل مع الأجهزة المتخصصة لمعالجة انقطاع المياه والكهرباء وتوفير الغاز وتسهيل انسياب السلع من الولايات، والتواصل مع المحليات المتأثرة بالعمليات الحربية لتقديم مساعدات لها، وأوضح أن مفوضية العون الإنساني في الولاية تتواصل مع المنظمات الوطنية على رغم احتلال "الدعم السريع" مقارها والاستيلاء على مخزوناتها من أجل إنجاح نداء الخرطوم، لأن الحاجة ماسة للدعم وتتطلب تضامناً وتحركاً واسعاً من جميع المانحين والداعمين.
دمار وجوع
ومع تفاقم الوضع الغذائي والصحي في إقليم دارفور، بحثت اللجنة العليا لإدارة الأزمة في الإقليم الموقف الإنساني والصحي بولاية جنوب دارفور على خلفية الاشتباكات والحرب الراهنة وموجة النزوح الكبيرة للمواطنين من مدينة نيالا إلى المحليات والولايات المجاورة في ولايتي شرق وشمال دارفور، واستعرضت اللجنة حجم الدمار الذي طال المرافق والمؤسسات في الإقليم، لا سيما المرافق الصحية وخروج معظم المستشفيات من الخدمة بما فيها مركز غسيل الكلى ومساعي إعادة تشغيله، وتواجه مدينة الفاشر، عاصمة الإقليم، شبح انهيار النظام الصحي بعد خروج معظم المستشفيات العاملة من الخدمة، والنقص الحاد في الأدوية ومعدات الرش والمبيدات وفي المعينات المعملية في الفحص والتشخيص. وكشفت مصادر صحية، عن تزايد مخيف في حالات الملاريا المسجلة بلغت أكثر من 99000 حالة منها 15 وفاة، فضلاً عن 142 حالة مسجلة بحمى الضنك منها حالتا وفاة.
تأخير وتفاقم
بعد تأخير لأكثر من شهر ونصف الشهر بسبب انعدام الأمن، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" تمكنه من تسهيل وصول 44 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة إلى دارفور وكردفان، وتنقل القافلة إمدادات من مفوضية شؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي و"اليونيسف"، وكشف مصدر في اللجنة العليا للطوارئ الإنسانية عن أن الوضع الأمني حال دون وصول المساعدات لولايات وسط وغرب دارفور وجنوب كردفان، ويجري البحث عن طرق بديلة لإيصال المساعدات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي شرق السودان، حذر تحالف القوى المدنية من تصاعد معدلات الإصابة بوباء الكوليرا وحميات الملاريا والضنك في ولاية القضارف مع مؤشرات لتفاقم الأوضاع في ولاية كسلا المجاورة شرق السودان، وقال صالح عمار المتحدث باسم التحالف، إن المصادر الرسمية تؤكد تسجيل 600 حالة إصابة بالكوليرا ووفاة 30 شخصاً، فيما سجلت 1900 حالة بحمى الضنك توفي منهم 22 شخصاً، بينما اعتبرت المصادر أن الأعداد الحقيقية أكبر من ذلك بكثير لعدم تسجيل معظم الحالات، وجدد التحالف مناشدته للمنظمات الدولية بالتدخل العاجل والضغط على السلطات للقيام بواجباتها في حفظ حياة المواطنين.
من ناحيته، أعلن تحالف قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي، تشكيل آلية للعون الإنساني لتسهيل عمل الدول والمنظمات بطريقة شفافة وعادلة لإيصال المساعدات الإنسانية لأكثر من 20 مليون سوداني يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي، فضلاً عن خمسة ملايين ونصف مليون نازح جراء القتال المستمر، وقال التحالف في بيان، إنه بسبب غياب سلطة الدولة والفراغ الإداري بعد اندلاع الحرب، لم تعد للمؤسسات الحالية وغيرها من المنظمات، القدرة والكفاءة بشكل فعال على تقديم المساعدات على النحو المطلوب.
نشاط سياسي
في غضون ذلك، تنشط مساعي الوساطة الأميركية - السعودية من أجل استئناف مفاوضات منبر جدة مرة أخرى بعد خمسة أشهر من التوقف، مع السعي لتوسيع وساطة المنبر، بإضافة شركاء آخرين من الاتحاد الأوروبي والأفريقي و"إيغاد" بغرض تسريع خطوات حل الأزمة السودانية.
في الأثناء، تكثف الولايات المتحدة والسعودية جهودهما لعودة طرفي القتال إلى مائدة التفاوض السياسي في منبر جدة، بهدف الوصول إلى استكمال اتفاق وقف العدائيات والدخول في الوقف الدائم لإطلاق النار تمهيداً لحوار الحل السياسي، كما تقود وفود الاتحاد الأوربي والأفريقي ومنظمة "إيغاد" تحركات ومشاورات حثيثة مع المجموعات والكتل السياسية السودانية ومنظمات مدنية وقيادات أهلية في العاصمة المصرية القاهرة، وصفت بأنها أحرزت تقدماً وخطوات متقدمة، وتزامناً مع هذه المساعي المتسارعة، تنطلق اليوم السبت، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا على مدى ثلاثة أيام، أعمال المؤتمر التحضيري للجبهة الوطنية لوقف الحرب بمشاركة ما بين 65 إلى 80 تنظيماً وكياناً سياسياً ومدنياً.
الجبهة العريضة
وأعلن فضل الله برمة ناصر رئيس حزب الأمة القومي أن اجتماعات أديس أبابا، التي ستنطلق من أجل تحقيق وحدة الأحزاب السياسية والقوى المدنية، سيكون عملها المشترك الركيزة الأساسية لإيقاف الحرب والاستقرار وعودة النازحين واللاجئين وإعادة الإعمار، وأضاف في بيان تأكيد مشاركته "سنعمل مع الجميع لبناء جبهة وطنية عريضة لإيقاف الحرب بحيث لا تستثني إلا دعاة الحرب" لافتاً إلى أن تلك الوحدة مهمة ومطلوبة لتمهيد الطريق لإحلال السلام والحفاظ عليه، وهي البداية القوية لنهاية الحرب.
في سياق متصل، أوضح مني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان حاكم إقليم دارفور أن الحراك الوطني والدولي الواسع الذي تشهده بعض العواصم الشقيقة يهدف لإيجاد مخرج لأزمة البلاد الراهنة، ودعا مناوي، على منصة "إكس"، كل القوى السياسية والمدنية الدفع برؤى واضحة تلتزم الحل الوطني الشامل تفادياً للوصول إلى مربع تصعب العودة منه.
حلول جذرية
ووصف الأكاديمي عبدالقادر بابكر مصطفى أستاذ العلوم السياسية تحركات الأطراف الدولية والإقليمية الراهنة بأنها الأكثر جدية منذ اندلاع الحرب، مشيراً إلى أنها تمضي نحو خطوتها النهائية للإعلان عن استئناف التفاوض بين الطرفين في وقت قريب، على رغم وجود جهود مضادة تسعى لإجهاض عملية الحوار وإفشال مساعيها، وأوضح مصطفى أن نشوب الحرب نقل الأزمة السودانية إلى مرحلة تتجاوز مجرد الحلول السياسية المحضة التي تقوم على التنازلات والمناورات، إلى ضرورة البحث عن حلول علمية مستدامة عبر خريطة طريق سياسية وتنموية مع تحديد الآليات وخريطة طريق واضحة المعالم.
وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن تجارب السودان في الاتفاقات والتعهدات السياسية كانت تركز على الحلول الآنية والمسكنات، من دون مخاطبة جذور القضايا، وتكتفي بتصورات النخب للحكم من دون أن تستصحب حوارات المجتمع العريض، ما أغرق البلاد في الأزمات وعدم الاستقرار السياسي وفشلت تلك النخب منذ الاستقلال في التوافق على دستور دائم يؤسس للديمقراطية والتداول السلمي في البلاد