Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استياء في الجزائر لرفض النواب الاقتطاع من رواتبهم

خصم من منحة حضور يتقاضاها البرلماني وذلك بعدد الأيام التي تغيب فيها عن أشغال اللجان الدائمة أو الجلسات العامة

الكراسي الشاغرة في البرلمان باتت تقلق الشارع أمام تمسك النواب بأجورهم (أ ف ب)

ملخص

الشارع يعتبر أن ثقة الشعب أمانة ومسؤولية رافضاً البحث عن المال أمام الاهتمام بانشغالات المواطن

أثار رفض نواب برلمان الجزائر الاقتطاع من رواتبهم، استياء الشارع الذي بات يرى أنه وحده من يدفع ثمن تدهور القدرة الشرائية، في حين كان الأولى أن يبادر ممثلوه بالتضامن إلى محاولة للشعور بالمعاناة التي تسببت فيها الارتفاعات المستمرة لأسعار مختلف المواد الاستهلاكية وغيرها، وبين ضغط البرلمان وتبريرات النواب و"غضب" المواطن تبقى دار لقمان على حالها.

انتقادات ورفض

وبعد الانتقادات التي طالتهم من طرف رئيس البرلمان إبراهيم بوغالي، رفض أعضاء لجنة الشؤون القانونية والحريات في الهيئة التشريعية، إقرار عقوبات مالية على النواب المتغيبين، وأصروا على استبدال الاقتطاعات المالية بحرمان النواب المتقاعسين من المكافآت والترقيات، وذلك لصالح زملائهم الملتزمين.

وبحسب ما دار في جلسة مناقشة النظام الداخلي للبرلمان التي عرفت "سخونة" بسبب قضية الغيابات، وفق مصادر "اندبندنت عربية"، فإن رئيس المجلس إبراهيم بوغالي، أبلغ الحضور أن الرئيس عبدالمجيد تبون مستاء جداً من ظاهرة غيابات النواب عن الجلسات العلنية.

عقوبات

واعتبر البرلماني عبدالكريم بعيل أن هذا المقترح في حال تم تمريره يعد إجحافاً في حق ممثلي الشعب، باعتبار أن هذا الأخير منتخب ومرتبط بالتزامات تفرض عليه الوجود في كثير من الأوقات خارج العاصمة، في حين يرتبط الأمر بعطلة مرضية أو عطلة أمومة بالنسبة إلى النساء، مقترحاً استبدال العقوبات المالية بمنح ومكافآت مالية وحتى سفريات للخارج، وحضور دورات تكوينية للنواب الملتزمين، تحفيزاً لهؤلاء من أجل الالتزام بحضور الجلسات الرسمية والمشاركة في الفعاليات كافة المنظمة بالغرفة السفلى للبرلمان.

في المقابل، يرى النائب كمال أفتيس، أن مقترح العقوبة منطقي، لا سيما أمام استمرار الغيابات التي جعلت البرلمان محل سخرية وانتقاد، مشيراً إلى أن الوضع أفقد المؤسسة التشريعية هيبتها بعد الثقة التي وضعها الشارع فيها، بعد الحراك الشعبي الذي أسقط النظام السابق. وقال إنه من غير المعقول ألا يحضر غالبية النواب جلسات المناقشة العلنية لمشاريع القوانين الحكومية، أو المخصصة لمساءلة أعضاء الجهاز التنفيذي عن قطاعاتهم الوزارية وارتباطها بالمواطن، مضيفاً أن البدائل التي قدمها بعض النواب تكشف عن تهرب من المسؤولية.

منع عودة ممارسات النظام السابق

وتضمن النظام الداخلي الجديد للبرلمان، بنوداً وضعها المشرع الجزائري من أجل معالجة مشكلة تغيب النواب سواء على مستوى اللجان البرلمانية أو خلال الجلسات العامة المخصصة لمناقشة القوانين، ومن بينها خصم مبلغ مالي من منحة الحضور التي يتقاضاها النائب، وذلك بعدد الأيام التي تغيب فيها عن أشغال اللجان الدائمة أو أشغال الجلسات العامة، كما نصت المادة 156 على أنه "إذا تكرر غياب النائب ثلاث مرات متتالية أخرى خلال الدورة البرلمانية نفسها من دون عذر مقبول، يحرم من الترشح لأي منصب في أجهزة المجلس وهيئاته في التجديد السنوي المقبل.

ويبدو أن الحكومة تتجه إلى مزيد من الانضباط في محاولة منها لمنع عودة ممارسات النظام السابق الذي جعل الهيئة التشريعية هيكلاً بلا روح، وأفقد ثقة الشعب في مؤسسات الدولة، إذ أكد الوزير الأول أيمن بن عبدالرحمن، خلال عرضه لبيان السياسة العامة، حرص الحكومة على تعزيز الاستجابة لآليات الرقابة البرلمانية والتقيد بأحكام الدستور والإسهام في تحسين سير هذه الآليات. وكشف السعي نحو إنشاء منصة رقمية على مستوى وزارة العلاقات مع البرلمان تربط كل القطاعات الوزارية وديوان الوزير الأول، بما يضمن العصرنة والفعالية المطلوبة في تسيير هذا الملف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ركود سياسي

إلى ذلك، يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية أحمد بركاي، أن هناك حالة من الركود السياسي مهيمنة على الساحة البرلمانية تسبب فيها التمثيل الضعيف لبعض النواب الذين ربما كان لهم طموح اعتلاء هذا المنصب فقط، مما جعل الثقة فيهم محل شك لدى الشعب. وقال إن ضعف الأداء وعدم إدراكهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم من طرف الشعب، وغيرها أسهمت في نفور النواب من البرلمان تجنباً للإحراج، مضيفاً أن البحث عن سبيل يمنع الغيابات المسيئة للهيئة التشريعية بات ضرورياً لا سيما في ظل تمادي بعض الأطراف في فرض منطقها، غير مبالية بانشغالات المواطنين الذين انتخبوه ووضعوه في هذا المنصب.

ويتابع بركاي أن "اللجوء إلى الاقتطاع من الرواتب يعتبر أحد أمثل العقوبات، إذ لا حل آخر يوقف هذه الممارسات التي تجعل الشارع يشكك في صدقية مسعى السلطة في التغيير، على اعتبار أن هذه التصرفات ترمز إلى النظام السابق"، مشيراً إلى أن "أخذ موضوع خصم الرواتب مساحة واسعة من النقاشات داخل البرلمان، وعدم الحضور من أجل مناقشة انشغالات الأمة والمواطن يكشف حقيقة مستوى النواب". وختم أنه يجب الضرب بيد من حديد من أجل إعادة الأمور إلى نصابها وإعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة، ومنع عودة ممارسات النظام السابق التي استفزت الشعب وأخرجته إلى الشارع في فبراير (شباط) 2019، في حراك شعبي أسقط كل رموز الفساد.

القطيعة مع مصطلح الامتياز

من جانبه، يقول الحقوقي عابد نعمان، إنه أمر طبيعي متابعة المواطنين لما يجري بخصوص أجور وامتيازات النواب، على اعتبار أن "الجزائر الجديدة" تضمنت في جوهرها القطيعة مع مصطلح الامتياز الذي كان هو أساس النظام السابق، مضيفاً أن وعي الجزائري لعب دوراً مهماً في تحديد الموقف من سوء استغلال هذه المصطلحات، وهذا يترجم أن المواطن أصبح لديه مناعة فكرية سياسياً واجتماعياً واقتصادياً.

ويواصل نعمان أن المواطن الجزائري في وعي تام لحماية مكتسباته الوطنية ووضع جدار واق من خطر إنشاء عصب جديد يشبه المنظومة السابقة ما قبل الحراك، مبرزاً أن اهتمام الشارع بملف أجور النواب يرجع إلى أنها مسألة تمس بالمال العام وبخطورة صناعة رجال مال جدد مستفيدين من الأصوات التي أوصلتهم للبرلمان، بحيث يعتقد المواطن أن هذا انحراف عن العهد الذي قطعه النائب أمام المواطن في حملاته الانتخابية في الدائرة التي يمثلها.

المزيد من العالم العربي