ملخص
الحكومة المصرية كانت تتوقع إنهاء أزمة تخفيف الأحمال منتصف أكتوبر الجاري
فيما بدأت الحكومة المصرية فعلياً العودة إلى سياسة تخفيف أحمال الكهرباء وعودة فصل التيار عن جميع المناطق لعدد معين من الساعات، قال المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء المصري سامح الخشن إن تخفيف الأحمال الكهربائية إجراء موقت، وسيكون من ساعة إلى ساعتين في اليوم، وفقاً للجداول المعلنة نفسها قبل ذلك، وسيكون هناك استثناءات بسيطة في بعض المناطق بتبكير الموعد عن المواعيد السابقة.
وفيما ربطت مصادر بين العودة إلى العمل بسياسة تخفيف الأحمال، وبين التصعيد العسكري في غزة، وتأثر واردات مصر من الغاز، لكن المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري قال إن ارتفاع درجات الحرارة الأيام الماضية أحد أسباب العودة التدرجية لتخفيف الأحمال الكهربائية، وأن "درجات الحرارة مستمرة في الارتفاع ولدينا جدول يوضح فرق درجات الحرارة بين هذا العام والعام الماضي، وهذا تسبب في استخدام كميات أكبر من الغاز، من ثم أصبح هناك ضغط على الغاز الموجود". وأشار إلى أنه لا يوجد تصدير غاز في الوقت الحالي، وكل المنتج الحالي للاستخدام المحلي، لكن هناك عوامل تدخلت وضغطت على استهلاك الغاز الموجود، من ثم تم اللجوء إلى هذا الإجراء، مشيراً إلى أن الزيادة في استهلاك الكهرباء بسبب ارتفاع درجات الحرارة أخيراً جاء تزامناً مع خفض الغاز المورد إلى مصر.
وأوضح أن الزيادة في استهلاك الكهرباء من الغاز تزامنت مع خفض كميات الغاز الموردة من خارج مصر من 800 مليون قدم مكعبة غاز يومياً إلى صفر. وتابع "حرصاً على استمرار تشغيل شبكة الكهرباء بشكل آمن، تم تخفيض الأحمال لحين عودة الحرارة إلى معدلاتها الطبيعية، وبعدها ستعود الأمور كما كانت".
ارتباك الخطط المصرية لتصدير الغاز
في الوقت نفسه كانت مصادر حكومية توقعت أن توقف وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة المصرية العمل باستراتيجية تخفيف الأحمال بحلول منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، مع بدء خفض درجات الحرارة، وفي يوليو (تموز) الماضي، لجأت الحكومة المصرية إلى تطبيق انقطاعات منتظمة للتيار الكهربائي في معظم المناطق بالبلاد، بعد أن تسببت موجة الحر وتراجع إمدادات الوقود في ضغوط كبيرة على شبكة الكهرباء، واضطرت الحكومة إلى تطبيق جدول زمني لانقطاع التيار الكهربائي، بخلاف إجراءات عدة أخرى لترشيد الاستهلاك بعد موجة الحر الشديد التي تسببت في زيادة الطلب على الكهرباء.
وكانت شركة "شيفرون" قد أغلقت هذا الشهر حقل غاز تمار الإسرائيلي وسط الصراع بين إسرائيل و"حماس" وعلقت الصادرات عبر خط أنابيب غاز شرق المتوسط (إي أم جي) تحت سطح البحر الذي يمتد من عسقلان في جنوب إسرائيل إلى مصر.
وتعتمد مصر على واردات الغاز الإسرائيلي لتلبية جانب من الطلب المحلي، وكذلك لإعادة التصدير، ويتزايد الطلب على الغاز في مصر، فيما انخفض إنتاجها منه إلى أدنى مستوياته منذ ثلاث سنوات هذا العام، وتواجه نقصاً في الطاقة في فصل الصيف، إذ أدت موجات الحر إلى زيادة الطلب على التبريد.
وقبل أيام قالت وكالة "بلومبيرغ"، إن شركة "إيني" تتوقع استئناف تصدير الغاز الطبيعي المسال من مصر قريباً مع عودة الطلب المحلي إلى معدلاته الطبيعية.
وقال نائب رئيس العمليات لشؤون الموارد الطبيعية في "إيني" كريستيان سينيوريتو إن الاستهلاك المحلي يتراجع كثيراً في الوقت الحالي بفعل العوامل الموسمية الطبيعية"، مرجحاً "استئناف الصادرات بمجرد أن يصبح هذا التأثير ملحوظاً".
وانخفضت صادرات مصر من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا إلى اثنين في المئة فقط من إجمالي واردات القارة من الغاز المسال خلال العام الحالي، مقابل أربعة في المئة خلال عام 2022.
وجاء تراجع الصادرات في ضوء خفض الأسعار وارتفاع الاستهلاك المحلي خلال موسم الصيف وتراجع إنتاج الغاز الطبيعي، مما دفع الحكومة لترشيد استهلاك الغاز من خلال قطع التيار الكهربائي بشكل منتظم خلال موسم الصيف الحالي.
وتسببت الحرب الإسرائيلية على غزة في ارتباك الخطط المصرية لتصدير الغاز المسال، إذ انخفضت إمدادات الغاز الإسرائيلي لمصر بنحو 20 في المئة بعد أن أوقفت تل أبيب إنتاج حقل تمار بالبحر الأبيض المتوسط، والذي تديره شركة "شيفرون"، لكن مع زيادة إنتاج حقل ليفياثان لمحاولة تعويض النقص الناجم عن توقف صادرات حقل تمار، تركز شركة "شيفرون" حالياً على "منح الأولوية للسوق الإسرائيلية".
ضغط عنيف على شبكات توليد الكهرباء
وشهد قطاع الكهرباء في مصر أزمة عنيفة خلال موسم الصيف الحالي دفعت الحكومة للجوء إلى سياسة تخفيف الأحمال التي وصلت في بعض المناطق لأكثر من 10 ساعات متفرقة يومياً. وأرجعت الحكومة المصرية عودتها إلى سياسة تخفيف أحمال الكهرباء إلى الموجة الحارة الشديدة التي تعرضت لها البلاد، وتسببها في زيادة استهلاك الكهرباء بصورة كبيرة.
فيما تشير البيانات المتاحة إلى أن زيادة استهلاك الكهرباء في مصر تسببت في ارتفاع حجم الغاز المستهلك لتوليد الكهرباء، وتعرض الشبكات الخاصة به لضغط شديد نتج منه خفض ضغط الغاز في الشبكات الموصلة لمحطات الكهرباء.
وفي السياق تشير بيانات معهد الطاقة البريطاني إلى أن إجمالي توليد الكهرباء في مصر تراجع خلال العام الماضي إلى 200.8 تيراواط/ ساعة، مقابل 209.7 تيراواط/ ساعة في عام 2021، أي بنسبة هبوط سنوية 4.2 في المئة. وعلى رغم تراجع حصته خلال العام الماضي، لا يزال الغاز هو أكبر مصدر لتوليد الكهرباء في مصر بنسبة تجاوزت 79 في المئة، ولكنها أقل من العام السابق له والبالغة 82.9 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وانخفضت الكهرباء المولدة بالغاز الطبيعي خلال العام الماضي إلى 159.3 تيراواط/ ساعة، مقابل 174 تيراواط/ ساعة في عام 2021، بنسبة تراجع بلغت نحو 8.5 في المئة، لكن في المقابل، قفزت حصة النفط في توليد الكهرباء خلال العام الماضي، وهو ما يرجع إلى اتباع مصر خطة تستهدف ترشيد استهلاك الغاز، بهدف زيادة الكمية المصدرة منه واستبدال المازوت به في توليد التيار الكهربائي، ولكنها قررت أخيراً التوقف عن استعماله لارتفاع سعره.
استهلاك مصر من الغاز الطبيعي يتراجع
وارتفعت كمية الكهرباء المولدة بالنفط خلال العام الماضي إلى 17.6 تيراواط/ ساعة، مقابل 10.9 تيراواط/ ساعة في عام 2021، بنسبة نمو 61.2 في المئة. بينما انخفضت الكهرباء المولدة من الطاقة المائية خلال العام الماضي إلى 13.8 تيراواط/ ساعة، مقابل 14.3 تيراواط/ ساعة في عام 2021، أي بنسبة تراجع بلغت نحو 3.4 في المئة.
وتراجعت بوتيرة طفيفة الكهرباء المولدة من الطاقة المتجددة خلال العام الماضي إلى 10.2 تيراواط/ ساعة، مقابل 10.5 تيراواط/ ساعة في عام 2022، بنسبة هبوط بلغت 2.8 في المئة. وعند حساب حصة الطاقة المتجددة والمائية من إجمالي الكهرباء المولدة خلال العام الماضي، بحسب بيانات معهد الطاقة، فقد بلغت نحو 12 في المئة.
وبالنسبة إلى الغاز تمتلك مصر احتياطات من الغاز بلغت 2.2 تريليون متر مكعب خلال العام الماضي، وهو الرقم المسجل نفسه في عام 2021، بحسب التقرير السنوي لمنظمة "أوبك"، وهي تقديرات مقاربة لأرقام معهد الطاقة البريطاني عند 2.1 تريليون متر مكعب في عام 2020.
وتظهر بيانات معهد الطاقة أن إنتاج مصر من الغاز الطبيعي تراجع إلى 64.5 مليار متر مكعب خلال العام الماضي، مقابل 67.8 مليار متر مكعب في عام 2021، أي بمقدار 3.3 مليار متر مكعب على أساس سنوي.
وفي السياق نفسه تراجع استهلاك مصر من الغاز الطبيعي خلال العام الماضي إلى 60.7 مليار متر مكعب، مقابل 62.2 مليار متر مكعب في عام 2021، بنسبة تراجع سنوي 2.3 في المئة. ويعد قطاع توليد الكهرباء هو الأكثر استهلاكاً للغاز في مصر بنسبة تتجاوز 58 في المئة، وفق أحدث التقارير السنوية للشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس).