Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تقترب من رفع الدعم والنقابات متخوفة

الحكومة تعتبر الملف معقداً وتتعهد بذهاب الأموال المرصودة إلى مستحقيها

رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية في الجزائر يسبب دائماً جدلاً واسعاً (أ ف ب)

ملخص

مخاوف متصاعدة لدى الجزائريين من حديث المسؤولين عن رفع الدعم بما يهدد الطبقة المتوسطة.

عاد ملف الدعم الذي تقدمه الحكومة الجزائرية لأصحاب الدخل الضعيف والطبقة الهشة ليشغل بال جميع المسؤولين والمواطنين في البلاد على حد سواء، بعد حديث وزير المالية لعزيز فايد عن رفعه، مما جعل الشارع في حيرة من أمره بخاصة في ظل تدهور القدرة الشرائية لهم، وعلى رغم تطمينات الحكومة يبقى التخوف من ضياع "حقوق" الفقراء سيد الموقف.

وترتبط مخاوف الجزائريين بحديث فايد عن أن ملف رفع الدعم موجود حالياً على طاولة الحكومة، مذكراً بأن المادة 187 من قانون المالية 2020 نصت على إعادة النظر في سياسة الدعم عبر التنقل نحو ما يعرف بالدعم الموجه.

وأضاف وزير المالية الجزائري في رده على انشغالات نواب البرلمان المتعلقة بالموضوع أن الحكومة تعمل على إعداد هذا الملف المعقد والحساس والمرتبط ارتباطاً وطيداً بـ"رقمنة القطاع"، إذ "لا يمكن أن نتقدم في هذا الاتجاه إلا إذا استكملنا عملية الرقمنة"، موضحاً أن حجم الأموال الكبير المرصود سنوياً سيذهب إلى مستحقيه مباشرة.

وينتظر تراجع معدل التضخم للعام الحالي في الجزائر إلى 7.5 في المئة، وفق الوزير فايد، وهي توقعات تأخذ في الاعتبار تركيبة سلة المستهلك المكونة من سلع وخدمات مدعمة عدة، وكذلك الآثار المرجوة من التدابير المعتمدة من طرف الحكومة، لا سيما تلك المتعلقة بزيادة قدرة عرض المواد الغذائية والمنتجات الزراعية، وضبط ودعم أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية.

مليارات للتحويلات الاجتماعية

وبلغت قيمة التحويلات الاجتماعية في قانون الموازنة الجزائرية للعام الحالي 20 مليار دولار، وهي أكبر موازنة للبلاد منذ استقلالها، وتوزعت أبرز تجليات هذا الدعم خلال السنتين الماضيتين في 357 مليار دينار جزائري (2.75 مليار دولار) للإسكان وتمثل 38 في المئة من الإعانات المباشرة، أما دعم سعر الفائدة فسجل 160 مليار دينار جزائري (1.15 مليار دولار) أي 18 في المئة من الإعانات المباشرة.

وبخصوص دعم الكهرباء والمياه والغاز الطبيعي فوصل إلى 74 مليار دينار جزائري (0.54 دولار) أي سبعة في المئة من الإعانات المباشرة، ثم السلع الغذائية بدعم يقدر بـ225 مليار دينار جزائري (1.64 مليار دولار) تمثل 24 في المئة من الإعانات المباشرة.

ثم يحل دعم التعليم عبر منح دراسية وأعمال جامعية مسجلاً 109 مليارات دينار (0.79 مليار دولار) وتمثل 13 في المئة من الإعانات المباشرة، وأخيراً الطاقة من الوقود والغاز والكهرباء، وتمثل 1300 مليار دينار جزائري (9.4 مليار دولار).

تحذيرات متواصلة

وهذه ليست المرة الأولى التي تكشف الجزائر عن نيتها رفع الدعم، إذ صادق البرلمان عام 2021 على قانون المالية لعام 2022، الذي فتح الباب أمام رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية، لكن تسببه في جدل واسع أدى إلى تجميد الخطوة.

وقال رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبدالرحمن وقتها إنه لم يكن أبداً في نية الدولة رفع الدعم للأسر محدودة الدخل، بل "نفكر في فلسفة جديدة تسمح لنا بتوجيه هذا الدعم إلى أصحابه". وأضاف أن هذا الدعم سيكون نقداً، ولن تدعم الدولة المواد ولكن مداخيل الأسر بعد تحديد المستوى الذي يجب ابتداء منه دفع هذا الدعم النقدي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إلى ذلك اعتبر النقابي مسعود بوديبة أن اللجوء إلى خيار رفع الدعم عن مواد واسعة الاستهلاك، يخدم بالدرجة الأولى الطبقة الثرية ويوسع بشكل أكبر الطبقة الفقيرة، مضيفاً "نريد الحفاظ بالدرجة الأولى على الطبقة المتوسطة، هذه الطبقة يمكن أن نقول إنها باتت ضمن الطبقة الفقيرة، وبرفع الدعم فإننا نسهم في تكريس هذه الوضعية".

ونبه إلى أن النقابات الجزائرية ضد قرار رفع الدعم وأكثر من ذلك يجب العمل على رفع الأجور بطريقة تضمن كرامة المواطن أو توفير حماية اجتماعية، مشيراً إلى أن "ترشيد الدعم صعب جداً لأن انخفاض القدرة الشرائية مس الجميع، فكيف نرشد النفقات عبر توجيه الدعم وبأية آليات؟ إذ من غير الممكن أن نجسده".

ضبط قائمة المستهدفين أولاً

في المقابل رأى أستاذ الاقتصاد علي حاجي أن رفع الدعم وفق المنظور الحالي إلى "نقدي" موجه أمر مرحب به وخطوة تعيد الحقوق لأصحابها، لكن يجب ضبط قائمة المستهدفين من فئات المجتمع ثم أن يكون المقابل المادي مقبولاً وليس شحيحاً يطعن في كرامة المواطنين.

ونبه إلى أن إلغاء الدعم لا ينبغي أن يكون في غاية حد ذاته، بل وسيلة إضافية لإصلاح الإنفاق العام، موضحاً أنه أياً كان شكل إعادة توزيع الريع، يجب على الدولة تغيير النموذج والاستعداد لإخراجه من الاقتصاد.

وحذر حاجي من أن المشكلة الأساسية التي تعترض نجاح الدعم النقدي الموجه تتمثل في عدم وجود أدوات إحصائية للتعرف على الفقراء، إذ من الممكن أن يستمر الميسورون في الاستفادة من حقوق لا يستحقونها.

ولفت إلى أنه مع بداية الألفية وارتفاع أسعار البترول اعتمدت الدولة الجزائرية خياراً اقتصادياً يعتمد على الإنفاق العمومي لتحريك عجلة التنمية، كما اعتمدت سياسات لدعم أسعار بعض المواد الاستهلاكية ومنها المحروقات، إضافة إلى خفض في نسب الضرائب وتعويضات في نسب الفوائد وتمويل مختلف البرامج السكنية، وغير ذلك من صيغ الدعم المباشر وغير المباشر، لكن في ظل الأوضاع الدولية الحالية يبدو أن الجزائر تريد ترتيب الأمور وخفض الإنفاق من دون الإضرار بالطابع الاجتماعي للدولة.