Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"بي بي سي" ليست منحازة ضد إسرائيل لكن لا أحد يقتنع بذلك

تعرض المدير العام لانتقادات حادة من قبل نواب محافظين بسبب رفض "الهيئة" استخدام كلمة "إرهابي" لوصف "حماس"

"انحياز بي بي سي موجود ولكن في تقاريرها عن بريطانيا والشؤون الاجتماعية" (أ ف ب)

ملخص

يقول الرئيس السابق للـ"بي بي سي"، روجر موسي، إن على القناة أن تعتمد الشفافية في مقاربتها الأحداث الدولية

نجا تيم ديفي المدير العام للـ"بي بي سي" من الاستجواب الصارم الذي أجرته معه "لجنة 1922" [لجنة تضم نواب المقاعد الخلفية لحزب "المحافظين" وتشرف على العمل البرلماني للحزب] بخصوص تغطية "الهيئة" للأحداث التي يشهدها الشرق الأوسط. إنه عمل صحيح أنهم تحدوه، وموقف صحيح أيضاً أنه دافع عن نفسه في معرض رده عليهم. وفي ما يتعلق بهذا الجانب، وهو الموضوع الأكثر أهمية، يجب أن تخضع التقارير الاخبارية للتدقيق. فإن الـ"بي بي سي"، بشكل عام، تتمتع بسجل قوي يمكنها أن تدافع عنه.

لم أخجل، من انتقاد تحيز الـ"بي بي سي" على المستوى الداخلي [سابقاً] أو الخارجي حالياً، عندما أرى أنها تفعل ذلك، وهذا التحيز لا يزال حاضراً، في بعض الأحيان في تقارير حول الشؤون الاجتماعية والبريطانية. ومع ذلك، لم ألمس على الإطلاق تحيزاً منهجياً في تغطيتها لإسرائيل وللشرق الأوسط.

إن من الصعوبة بمكان تحقيق التوازن الصحيح [في تقارير الـ"بي بي سي"]، ولا مناص من وجود عيوب تشوب نشرات يومية تبثها عبر خدمات متعددة. ومع ذلك، لم يقدم أحد أدلة مقنعة تبين أن الـ"بي بي سي" تبدي ميلاً على المدى الطويل، سواء نحو إسرائيل أو الفلسطينيين، ومن الظلم التأكيد [من قبل البعض] على أن صحافييها ينحازون إلى هذا الطرف أو ذاك بما يتعلق بتلك القضية، أو أنهم يتسامحون مع زملائهم الذين ينحازون.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إن ما عاد على "الهيئة" بكثير من الانتقادات التي تتعرض لها حالياً هو السياسة التي تتبعها لجهة استخدام كلمة "إرهابي". وقد تبلورت هذه السياسة جراء مخاوف حقيقية من أن "الإرهاب" هو مصطلح مثير للجدل، وخصوصاً في الخدمات الدولية للـ"بي بي سي"، ذلك أن "الإرهابيين" في نظر بعض أعضاء الجمهور العالمي هم أنفسهم "مقاتلون من أجل الحرية" بالنسبة إلى أعضاء آخرين.

ولكن في خضم الرعب الذي أثارته هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، ربما لم تكن الـ"بي بي سي" مرنة بما فيه الكفاية في تفسيرها للمبادئ التوجيهية، ذلك أنه إذا كان للإرهاب معنى على الإطلاق، فمن المؤكد أن ذبح الأطفال يجسد ذلك المعنى، وكان من الخطأ أن ينسب هذا العمل إلى "مسلحين". وقد اعترفت ديبورا تورنيس، وهي المديرة التنفيذية للـ"بي بي سي"، بذلك في إحدى المدونات، حيث كتبت "لقد ابتعدنا عن استعمال كلمة ’مسلحين’ كوصف افتراضي لمقاتلي حماس أو حزب الله".

وما سمعناه بدلاً من ذلك كان عبارة عن إعلانات متكررة في نصوص مقدمي البرامج بأن حكومات دول منها بريطانيا قد صنفت "حماس" منظمة إرهابية، ومن المستحيل أن نزعم أن الـ"بي بي سي" لم تكشف عن تصنيف "حماس". ومن المؤسف أنه سوف تأتي أوقات في المستقبل في المملكة المتحدة وأماكن أخرى، سيكون التصنيف الوحيد الممكن فيها لبعض الأنشطة هو أنها "إرهاب"، أي على نحو مماثل تماماً للتصنيف الذي لا تزال الـ"بي بي سي" تستعمله لتوصيف هجمات شارلي إيبدو [هجوم مسلح ومميت على مكتب المجلة الفرنسية الساخرة عام 2015] في صفحات حية تقدمها عبر شبكة الإنترنت.

وكان من الخطأ الجسيم أيضاً أن يقوم أحد مراسلي الـ"بي بي سي"، في أعقاب وقوع الخسائر الفادحة في الأرواح في مستشفى في غزة، وبالاشتراك مع بعض المؤسسات الإخبارية الأخرى، بتوجيه الجمهور إلى الاعتقاد أنه من المحتمل أن يكون ذلك ناجماً عن إصابة المستشفى بصاروخ إسرائيلي. ومن الممكن لهذا أن يؤدي إلى عواقب وخيمة عند تضخيم الأمر على وسائل التواصل الاجتماعي. ويجب أن يعلم المراسلون والمنتجون أن قول "لا نعرف" في شأن بعض الحقائق هو إجابة مشروعة. ويمكن الآن وضع الأحداث المتنازع عليها بين يدي فريق التحقق التابع للـ"بي بي سي" الذي أنشئ حديثاً لإلقاء نظرة طويلة ومتأنية على ما حصل في الحقيقة.

وهذا أمر صعب المنال في سياق دورة الأخبار المشحونة للغاية في عصرنا. إن وسائل التواصل الاجتماعي تكره الغموض وتريد نتائج فورية، تضخم بعد ذلك من خلال ردود فعل غاضبة. إنه درس يجب أن تتعلمه وسائل الإعلام مفاده: لا تتركوا الحاجة إلى النقرات وإعادة النشر [لتقاريركم عبر وسائط التواصل الاجتماعي] تملي عليكم طريقة عملكم. إذا كانت الصحافة التقليدية لا تزال تؤدي دوراً ما، فهو يتمثل في التمسك بقيمها، ولدى الـ"بي بي سي" ما يكفي من الخبرة في شأن مدى الضرر الذي يمكن أن تلحقه بسمعتها المنشورات الفورية وغير المدروسة، حتى حين يقوم بنشرها بعض موظفيها الأكثر تمرساً.

وما يتعين على الـ"بي بي سي" أن تفعله أيضاً هو التواصل بشكل أكبر مع جمهورها في شأن المعضلات التي تواجهها. فإن الجلسة التي أجراها ديفي مع "لجنة 1922" جرت خلف أبواب مغلقة، كما أن مدونة تورنيس ظهرت بعد أكثر من أسبوعين من بدء الأزمة الأخيرة. وفي هذه الأثناء، فشل عدد من برامج المساءلة التابعة للـ"بي بي سي" نفسها في تقديم شرح لكيفية تطور سياستها على لسان أحد مديري "الهيئة". لقد ترك الأمر، على نحو غير حكيم، لجون سيمبسون رئيس تحرير قسم الأخبار الدولية المخضرم لكي يوجه توبيخاً بطريقة نبيلة إلى أولئك الذين طعنوا في أي من تقارير الـ"بي بي سي" [في إطار تغطيتها لاحداث الشرق الأوسط].

ومن الألغاز التي يطرحها عمل الـ"بي بي سي" هو أن المؤسسة الممولة من قبل الجمهور، التي يروق لها أن تعلن التزامها الشفافية، تتردد في الواقع بشدة في الخروج إلى العلن لعرض قضيتها. إنها تتسامح مع غياب بعض مديريها التنفيذيين [عن الساحة]، علماً أن شركات مثل "بريتش غاز" كانت ستثير زعيقاً غاضباً على غرار ذاك الذي شهده مسلسل "دبل يو وان أي" W1A الكوميدي، لو اتبعت سياسة [مديري الـ"بي بي سي" ذاتها] لناحية رفض إجراء مقابلات. وكان زميلي السابق بات يونغ من أولئك الذين يقترحون إجراء تغيير بنيوي قد يؤدي إلى تحسين المساءلة.

إن النقطة المهمة هنا هي أن الـ"بي بي سي" يجب أن تشرح موقفها، لأن "الهيئة" تستحق الجهد الذي يبذل من أجلها. لقد أصبحت الآن موجة التضليل والمعلومات الخطأ واضحة كل الوضوح، كما أن عدد وسائل الإعلام الجديرة بثقتنا أخذ في التناقص.

وإذا فقدنا عماد الخدمة الإذاعية العامة، فإن بريطانيا والعالم سوف يصبحان أقل غنى بما لا يقاس.

وبالنسبة إلى أولئك الذين ينتقدون الـ"بي بي سي"، علينا أن نسألهم ما هو البديل الذي تقترحونه؟ أما بالنسبة إلى هؤلاء الذين يدافعون عنها مثلنا، فيحق لنا أن نطلب منها أن ترقى إلى أعلى المعايير الممكنة.

روجر موسي هو مؤلف وإعلامي ومدير كلية سيلوين، في جامعة كامبريدج. وكان سابقاً رئيساً لأخبار الـ"بي بي سي" التلفزيونية

© The Independent

المزيد من تحلیل