Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كشف فضيحة فشل أجهزة الشرطة البريطانية في حماية النساء المعنفات

حصري: حزب "العمال" المعارض يتعهد باتخاذ إجراءات صارمة ضد هذه الإخفاقات، فيما يحذر ناشطون من أن حياة عدد منهن معرضة للخطر

 أكثر من مليون و700 ألف امرأة تعرّضن للعنف المنزلي في بريطانيا بين مارس 2021 ومارس 2022 (غيتي)

ملخص

حزب العمال المعارض قال بأنه "لا ينبغي لامرأة اتسمت بالشجاعة وأبلغت الشرطة عن تعرضها لحادثة مثل العنف المنزلي أو المطاردة أن تستفيق في اليوم التالي لتجد أنه ما من إجراء اتخذ في حق المتهم وأن شيئاً لم يتغير

وقعت أجهزة الشرطة في المملكة المتحدة في إخفاقات كبيرة لجهة حماية مئات آلاف من ضحايا العنف الأسري، نتيجة فشلها في إصدار أوامر تقييدية طارئة ضد معتدين مزعومين (أوامر قضائية هدفها تقديم حماية فورية للضحايا، كإلزام المعتدي بالبقاء بعيداً من الضحية، أو الامتناع عن أي شكل من أشكال الاتصال، أو إخلاء السكن المشترك)، الأمر الذي تعهد حزب "العمال" البريطاني المعارض بتصحيحه (في حال توليه السلطة).

وتبين الأرقام المثيرة للقلق حصول ما يزيد بقليل على واحد في المئة فقط، من عدد الضحايا الذين اشتكوا سوء معاملة، على "أمر بالحماية من العنف المنزلي" Domestic Violence Protection Order (DVPO)، وهو إجراء طارئ يلزم الجاني المزعوم بإخلاء المبنى والامتناع عن الاتصال بالضحية.

بعض أجهزة الشرطة قامت بإصدار 10 أوامر فقط في السنة الواحدة، بما فيها شرطة مقاطعة هيرتفوردشير شرق إنجلترا، التي ربما أدت إخفاقاتها إلى وفاة كيلي ساتون (30 سنة)، التي أقدمت على الانتحار بعد تعرضها لسلسلة من الانتهاكات وسوء المعاملة على يد شريكها.

أمام هذا الواقع، تعهدت وزيرة الداخلية في حكومة الظل "العمالية" إيفيت كوبر، بالقيام بحملة لمعالجة أوجه القصور في الشرطة، وأعلنت في مقالة لها نشرتها "اندبندنت"، خطط حزب "العمال" لفرض التغيير (في حال توليه السلطة).

وبحسب المخطط المطروح، يعتزم الحزب مطالبة عناصر الشرطة بتقييم مدى ضرورة إصدار أمر حماية (للضحية) في غضون 24 ساعة من اعتقال (المذنب)، أو وضع الشرطة تقريرها.

 

وقالت السيدة كوبر لـ"اندبندنت" إنه "لا ينبغي لامرأة - اتسمت بالشجاعة وأبلغت الشرطة عن تعرضها لحادثة مثل العنف المنزلي أو المطاردة - أن تستفيق في اليوم التالي، لتجد أنه ما من إجراء اتخذ في حق المتهم، وأن شيئاً لم يتغير".

وأضافت أن "الشرطة لديها الأدوات اللازمة لحماية ضحايا (العنف ضد النساء والفتيات) في أقرب وقت ممكن. ويجب عليها ببساطة استخدامها. وينبغي ألا نسمع مرة أخرى أنه كان بإمكان الشرطة فعل مزيد. إن الفرص الضائعة تكلف أرواحاً، وضاع كثير منها حتى الآن".

وبحسب أرقام حكومية، قدم 10,489 طلباً فقط للحصول على "أوامر بالحماية من العنف المنزلي"، في السنة المنتهية بشهر مارس (آذار) من عام 2022، وهذا رقم منخفض بشكل لافت إذا ما علمنا أن أكثر من مليون و700 ألف امرأة تعرضن للعنف المنزلي، مع إصدار أكثر من 800 ألف بلاغ للشرطة في هذا الإطار.

مؤسسة "ريفيوج" Refuge الخيرية - التي تعنى بمسألة العنف المنزلي، التي عقدت شراكة مع "اندبندنت" لرفع مستوى الوعي بمثل هذه الجرائم - نبهت إلى أن "تقاعس الشرطة عن التحرك، يعرض حياة أفراد للخطر". وفي الوقت نفسه، تساءلت شارلوت براودمان المحامية المتخصصة بقضايا العنف ضد النساء والفتيات عن "عدد الأرواح التي كان من الممكن إنقاذها لو كانت الشرطة زودت الضحايا بـ(تلك الأوامر)؟".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما نوغا أوفر من "مركز العدالة للمرأة" Centre for Women’s Justice (الذي يعنى بمساعدة ضحايا العنف الذكوري على استخدام السبل القانونية لنيل حقوقهن)، فوصفت الأرقام بأنها "مثيرة للصدمة"، وشددت على ضرورة إنشاء "نظام فعال لضمان سلامة الناجيات من هذا العنف".

وكانت الشرطة قدمت اعتذاراً عن عدم النظر في استصدار مثل هذا الأمر في قضية الشابة رنيم عودة (22 سنة)، التي قتلت على يد شريكها السابق خارج منزل والدتها في سوليهول في مقاطعة "ويست ميدلاندز" في أغسطس (آب) عام 2018.

واعترفت شرطة المقاطعة في وقت لاحق بأنه "كان يتوجب عليها بذل مزيد من الجهد لحماية رنيم"، بما في ذلك النظر في القيام بتدخلات، كاستصدار أمر الحماية من العنف المنزلي، "الذي كان من شأنه أن يجعل منزلها أكثر أماناً لها".

في غضون ذلك، توصلت هيئة محلفين إلى استنتاج مفاده بأن إخفاقات شرطة هيرتفوردشير، ربما أسهمت في وفاة كيلي ساتون (30 سنة)، التي عثر عليها فاقدة الوعي في المنزل الذي كانت تعيش فيه مع شريكها في "ويلين غاردن سيتي" في أغسطس (آب) عام 2017.

وكان أفراد من الشرطة زاروا منزلها قبل أسابيع قليلة من وفاتها، بعدما جرى تنبيههم من جيرانها، ووجدت هيئة المحلفين أنه لو أجرت الشرطة مزيد من التحقيقات أو أقدمت على اتخاذ التدابير المناسبة في حينه، لكان من الممكن منع وفاتها.

شرطة هيرتفوردشير أعلنت أنها قامت بتغيير إجراءاتها منذ ذلك الحين، ففيما كانت تقدمت بطلب الحصول على 10 أوامر حماية فقط في عام 2022، قالت لـ"اندبندنت" إنها استصدرت 109 أوامر حتى الآن هذه السنة - أي نحو 11 ضعفاً. إلا أن السيدة كوبر علقت على ذلك بالقول: "كما يتضح من رد شرطة هيرتفوردشير على أوجه القصور في قضية كيلي ساتون، فإن الصلاحيات المعطاة لها لم تستخدم بشكل كبير لمدة من الزمن".

وفقاً لخطط حزب "العمال"، ستفرض حدود زمنية صارمة جديدة مدتها 24 ساعة، يتعين خلالها على عناصر الشرطة تقييم ما إذا كان استصدار أمر حماية (للضحية) مناسباً أم لا. كما سيتوجب على الأجهزة تقديم أرقام منتظمة - وإيضاحات لأسباب الفشل في التقدم بطلب للحصول على أوامر حماية - لـ"مجلس رؤساء الشرطة الوطنية" National Police Chiefs’ Council (NPCC) ووزارة الداخلية.

وفيما أكدت الشرطة أن التصدي للعنف ضد النساء والفتيات يمثل أولوية قصوى، رأت في المقابل أن أوامر الحماية قد لا تكون مناسبة دائماً. إلا أن الدكتورة براودمان أصرت على أهمية هذه الأوامر التي يمكن أن يكون لها تأثير كبير. واعتبرت أن "الأوامر المدنية لديها القدرة على إنقاذ حياة الضحايا والأطفال"، مشيرة إلى أن "إحجام الشرطة عن الاعتراف بضرورة استصدار ’أوامر الحماية من العنف المنزلي‘، يظهر الفشل في حماية الناجين من هذا العنف".

وأضافت أنه "في غضون ساعات من الإبلاغ عن وقوع عنف أسري، يجب على الشرطة أن تنظر بجدية في استصدار الأوامر المدنية. وكلما طال الانتظار زاد الضرر الذي يمكن أن يسببه الجناة للضحايا. فكم من الأرواح كان من الممكن إنقاذها لو قامت الشرطة بتأمين ’أوامر حماية من العنف المنزلي‘ للضحايا"؟

إيلي بات رئيسة قسم السياسات والشؤون العامة في منظمة "ريفيوج" قالت: "نعلم أن الذين تعرضوا للعنف المنزلي هم أكثر عرضة للوقوع ضحية مرة أخرى، مقارنة بأية جريمة أخرى، من هنا إن عدم تمكن الشرطة من إصدار أوامر الحماية هذه على الفور - والأهم من ذلك وضعها حيز التنفيذ - يعرض حياة النساء للخطر".

وأضافت: "إن منظمة ’ريفيوج‘ تدعو الشرطة إلى القيام بدور نشط في مراقبة أوامر الحماية على نحو استباقي، والعمل على ضمان امتثال الجناة للشروط المحددة"، وأشارت إلى أنه "في الوقت الراهن، تقع على عاتق الناجيات مسؤولية الإبلاغ عن انتهاك تلك الأوامر، مما يمنح النساء قليلاً من الثقة في النظام".

ودعت أيضاً إلى تعزيز تدريب قوى الشرطة كي يكون عناصرها على دراية جيدة بالتشريعات المعمول بها لحماية الناجيات".

صوفي فرانسيس كانسفيلد، من منظمة "مساعدة النساء" Women’s Aid الخيرية البارزة في مجال مواجهة العنف المنزلي (تضم مجموعة من الجمعيات الخيرية في جميع أنحاء المملكة المتحدة)، أكدت ترحيب المنظمة بتعهد حزب "العمال" في هذا المجال، مشيرة إلى أهمية الحفاظ على سلامة الضحايا.

ورأت أنه "لجعل هذه المبادرة فعالة وإحداث تغيير حقيقي، من الضروري معالجة التحديات الراهنة المتعلقة بـ ’أوامر الحماية من العنف المنزلي‘،  بما فيها الخفض المستمر في تكاليف قضايا المساعدة القانونية وضمان تنفيذ الأوامر بشكل فعال".

وأكدت "ضرورة حصول قوى الشرطة على الموارد المناسبة والتدريب السليم، إضافة إلى الفهم الصحيح للمسألة، للتصدي بفعالية للعنف المنزلي والحفاظ على سلامة الناجيات ومحاسبة الجناة".

وقالت أليسيا بيانكو من جمعية "هيستيا" Hestia، وهي مؤسسة خيرية أخرى معنية بمواجهة العنف الأسري: "يجب أن تكون الشرطة مجهزة تجهيزاً كاملاً لاستخدام أوامر الحماية بفعالية، من أجل توفير الحماية المناسبة لضحايا العنف المنزلي والمطاردة. وهذا يتطلب العمل على نشر التثقيف وزيادة الوعي في أوساط جميع العناصر المكلفين إنفاذ القانون".

متحدث حكومي أوضح أن الحكومة البريطانية تتوخى من الشرطة أن تتعامل مع التقارير المتعلقة بالعنف المنزلي "بأقصى مقدار من الجدية، ومن دون استثناء". وقال إن "وزيرة الداخلية أعلنت في وقت سابق من هذه السنة حزمة تدابير، تذهب في إطار حماية النساء والفتيات من العنف المنزلي، إلى أبعد من أي وقت مضى".

وأضاف: "قلنا بوضوح إننا نتوقع من الشرطة أن تتعامل مع هذه التقارير بمنتهى الجدية، ومن دون استثناء. وقمنا للمرة الأولى بتصنيف العنف ضد النساء والفتيات على أنه تهديد وطني، ووضعنا معايير واضحة تتطلب من الشرطة التعامل مع هذه الجرائم بالمستوى نفسه من الأولوية، الذي توليه لتهديدات مثل الإرهاب، والجرائم الخطرة والمنظمة، والاعتداء الجنسي على الأطفال".

متحدث باسم "مجلس قادة الأجهزة الوطنية للشرطة" National Police Chiefs’ Council (NPCC) أفاد بأن "معالجة الإساءة والمطاردة والعنف ضد النساء والفتيات، مسائل تشكل أولوية قصوى بالنسبة إلى الشرطة، ونحن ملتزمون حماية الضحايا وضمان محاكمة الجناة".

وأضاف أنه "على رغم أن ’أوامر الحماية من العنف المنزلي‘ تعد وسيلة قيمة، إلا أنها تبقى ذات طبيعة مدنية لا جنائية. وفي بعض الحالات، قد لا تكون مناسبة عند النظر في خيارات أخرى، مثل متابعة قرارات العدالة الجنائية".

وفي تعليق على ما تقدم ذكر متحدث باسم شرطة هيرتفوردشير أن جهازها يتعامل مع العنف المنزلي "بجدية بالغة"، وأن نهجها استند إلى نتائج التحقيق في وفاة السيدة ساتون.

وختم بالقول إن "كل حالة تتعامل معها الوحدة يجرى تقييمها من شرطيين متخصصين، لتحديد مدى ملاءمتها لإصدار أمر منع العنف المنزلي. وأقمنا أيضاً علاقات تعاون وثيقة مع المحاكم للمساعدة في ضمان نجاح الطلبات، وقمنا بإجراء تدريبات للفرق في مختلف أقسام القوة، على طرق تنفيذ هذه الأوامر".

الخط الهاتفي الوطني للمساعدة في حالات العنف المنزلي يقدم الدعم للنساء اللاتي يمكنهن الاتصال على الرقم 0808 2000 247، أو زيارة الموقع الإلكتروني لمنظمة "ريفيوج" Refuge. ويوجد خط مخصص لتقديم المشورة للرجال من خلال الاتصال بالرقم 327 8010 0808. ويمكن للمقيمين في الولايات المتحدة الاتصال بالخط الساخن الخاص بحالات العنف المنزلي على الرقم 7233-799-800-1. كما يمكن العثور على خطوط المساعدة الدولية الأخرى عبر الموقع الإلكتروني الآتي www.befrienders.org

© The Independent

المزيد من تقارير