Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رئيسة وزراء الدنمارك تعتبر مواصلة الغرب دعم أوكرانيا أمرا حيويا

حصري: مته فريدريكسن تعتبر أن الهجوم الروسي كان بداية واقع جديد على العالم أن يواجهه، واقع يبرز أهمية حلف شمال الأطلسي والتعاون بين الولايات المتحدة وأوروبا

رئيسة الوزراء الدنماركية مته فريدريكسن خلال اجتماع عُقِد أخيراً حول أوكرانيا في السويد (مكتب رئيسة وزراء الدنمارك)

ملخص

تؤكد رئيسة الوزراء الدنماركية في مقابلة مع "اندبندنت" على أهمية الناتو والعلاقات الأمنية القوية بين أوروبا والولايات المتحدة وضرورة دعم أوكرانيا

تقول رئيسة الوزراء الدنماركية مته فريدريكسن: "لا أرانا نعود إلى العالم الذي عرفناه قبل انتهاء الحرب في أوكرانيا، هذا إذا عدنا. ليست المرحلة مرحلة عابرة في التاريخ؛ إنها إلى حد كبير الواقع الجديد الذي نعيشه جميعاً الآن".

نحن على متن طائرة "تشالنجر" خاصتها، عائدين إلى كوبنهاغن من قمة عُقِدت أخيراً في السويد.

كان الوضع في إسرائيل وغزة والتهديد الذي ستشكله حرب إقليمية على الأمن الأوروبي محور النقاش – لكن الغرض الأساسي من القمة كان كيفية التعامل مع هشاشة البنية التحتية الأوروبية وعدوان روسيا المستمر على جيرانها الأوروبيين.

عام 2024، ستنشر المملكة المتحدة 20 ألف جندي و25 مقاتلة وثماني سفن بحرية في المنطقة للمساعدة في تنفيذ دوريات في بحر البلطيق وبحر الشمال وحمايتهما مع العدد الذي لا يحصى هناك من خطوط أنابيب الغاز وكابلات الإنترنت والمعلومات، الهشة وغير المحمية بحكم الأمر الواقع، والتي ربما تستهدفها روسيا بالفعل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يُذكَر أن تسرباً على خط للغاز بين فنلندا وإستونيا اكتُشِف في اليوم السابق للقمة. ويتعلق سؤال رئيس بما إذا كان الضرر عرضياً أم متعمداً. وفي سبتمبر (أيلول) 2022، وقعت انفجارات في خطوط الأنابيب "نورد ستريم" بالقرب من بورنهولم في الدنمارك، في حادث آخر لا يزال قيد التحقيق. وتنفي موسكو تورطها في أي من الحادثين، لكن في سياق أحداث أخرى في الأشهر الأخيرة – مثل اضطرار الدنمارك إلى الدفع بطائرات لمواكبة طائرات روسية بالقرب من المجال الجوي الدنماركي – يتبين أن ثمة شعوراً عاماً بعدم الارتياح.

"ما زلنا لا نملك استنتاجات نهائية، لكننا نعلم أن روسيا مسؤولة عن العديد من الهجمات السيبرانية والأخبار المزيفة والحملات الدعائية"، تقول رئيسة الوزراء الدنماركية، التي أصبحت عام 2019 أصغر رؤساء الوزراء في بلادها سناً على الإطلاق. هي ستبلغ السادسة والأربعين هذا الشهر.

وتضيف فريدريكسن "كل ما كنا نعتبره أمراً مسلماً به أصبح يتعرض إلى هجوم مباشر، أو يصبح أكثر هشاشة، أو يصبح مطروحاً للمناقشة". وتشير إلى أن الجمع بين الحرب في أوروبا، والتضخم الناجم عن الحرب في أوكرانيا، وأزمة المناخ يشكل مزيجاً ساماً محتملاً.

تقول: "إنه واقع جديد، وقت تتداخل فيه العديد من الأزمات. وهذا سيؤثر في بعض المناطق في شكل أسوأ من تأثيره في غيرها، وسيولد توترات وتغييرات جيوسياسية جديدة".

ليست هذه التغييرات في أي مكان أكثر بروزاً منها في إسكندينافيا. لقد أدى غزو روسيا لأوكرانيا إلى تحول زلزالي في السياسات الأمنية. فقد تخلت السويد وفنلندا عن حيادهما القديم الذي تجاوز الحرب الباردة وتقدمتا بطلب للحصول على عضوية كاملة في حلف شمال الأطلسي. وفي الوقت نفسه، أصبحت الدنمارك واحدة من أقوى مؤيدي الدعم العسكري والإنساني لأوكرانيا في الحرب ضد روسيا.

وتوضح فريدريكسن "أنا فخورة بموقعنا في المجموعة الأمامية من أنصار أوكرانيا. من خلال مبادرتنا للتبرع بـ19 مقاتلة من طراز ’أف-16‘، نمضي قدماً، ونصبح أول دولة تحدد حجم تبرعها بالمقاتلات وتوقيته، وأنا فخورة بأننا قد نكون أكثر المعارضين نشاطاً للحرب الروسية، لكن الدعم بين السكان الدنماركيين لا يزال ثابتاً".

وتشكل الأحداث الكارثية الأخيرة في الشرق الأوسط تحدياً آخر لرئيسة الوزراء الدنماركية الشابة، التي شهدت بالفعل أكثر من نصيبها العادل. منذ توليها منصبها، تتحمل مسؤولية استجابة الدنمارك لجائحة "كوفيد-19"، والحرب في أوروبا، والآن الأحداث في إسرائيل وغزة. وعلى رغم تعرض مته فريدريكسن إلى انتقاد شديد في كثير من الأحيان في الداخل، تُعَد نجمة دولية صاعدة، وكانت الخيار الأرجح لشغل منصب الأمينة العامة المقبلة لحلف شمال الأطلسي قبل أن يتقرر بقاء ينس ستولتنبرغ في المنصب حتى نهاية عام 2024.

وتقول "لدينا الآن هذا الهجوم المروع على إسرائيل، والبؤس كله الذي يرافقه. يستطيع هذا الوضع بالطبع زعزعة استقرار المنطقة، لكنه قد يزعزع استقرار أوروبا أيضاً".

تنظر مته فريدريكسن من نافذة الطائرة، وترتشف قهوتها، وتواصل كلامها.

"كنا نعتقد بأن السياسة الأمنية مهمة لكنها كانت تقتصر على الدول أو المناطق. في هذا الواقع الجديد، هي تعبر الحدود والقارات؛ كل الأشياء مترابطة. تؤدي الحروب والأزمات إلى هجرة جماعية يمكن أن تزعزع استقرار أوروبا، وكذلك يفعل تغير المناخ". وفي حين استقبلت الدنمارك عشرات الآلاف من الأشخاص من أوكرانيا، اتخذت فريدريكسن موقفاً متشدداً في شأن الهجرة وحضت بلادها الاتحاد الأوروبي على أن يبدي صرامة أكبر في هذا الصدد.

يحمل وجه فريدريكسن تعبيراً جاداً، حتى بعد ظهيرة يوم الجمعة [أي مع اقتراب نهاية الأسبوع]. ليست معروفة بروحها المرحة، لكنها تتمتع بسمعة طيبة كمجتهدة شقت طريقها إلى المنصب الأعلى من بداية متواضعة نسبياً. كان والدها مطبعياً في مدينة ألبورغ الساحلية بشمال يوتلاند. كان نشطاً في السياسة الإقليمية ومؤيداً مدى الحياة للحزب الديمقراطي الاجتماعي، الذي كان له دور فاعل في تشكيل المجتمع الدنماركي الحديث.

انخرطت فريدريكسن الشابة، مثل والدها، في العمل السياسي للحزب وذلك في حركة الشباب الديمقراطيين الاجتماعيين وكناشطة تكافح الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وسرعان ما انطلقت حياتها المهنية، وأصبحت شخصية مؤثرة في شكل متزايد يدعمها الحزب. عرّفت نفسها على أنها سياسياً على يسار الطريق الثالث الذي نادى به توني بلير، بدعم من هيلي ثورنينغ-شميدت، التي تولت قيادة الحزب قبلها. لا تزال أفريقيا قريبة إلى قلبها. لم تنه درجة الماجستير في الدراسات الأفريقية إلا عام 2009؛ كانت برلمانية محنكة بحلول ذلك الوقت.

لا تشرب الكحول ولا ترتدي الجينز أبداً أثناء العمل. أخيراً، خاضت مواجهات مع الصحافة الدنماركية والمعلقين السياسيين الدنماركيين بسبب دفاعها القوي عن إسرائيل في أعقاب هجوم "حماس". تقول إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، لكن عليها الالتزام بالقانون الدولي. هو موقف يتماشى مع موقفي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

كانت لدى القادة الديمقراطيين الاجتماعيين الذين كانوا قدوة لها تحفظات في شأن ما اعتبروه عدواناً أميركياً غير ضروري على الساحة العالمية. أما نظرة فريدريكسن فمختلفة في شكل ملحوظ.

وتوضح "الوحدة العابرة للمحيط الأطلسي هي الأهم على الإطلاق. هي حيث يبدأ كل شيء وينتهي. من دونها، لما كانت هناك اليوم أوروبا حرة. ولهذا السبب أيضاً من الأهمية بمكان أن تفهم أوروبا أن علينا أن نقدم مزيداً من المساهمة. لكن ليس في منافسة مع حلف شمال الأطلسي".

في بداية الصيف، وافقت حكومة فريدريكسن الائتلافية على خطة دفاعية جديدة مفتوحة بقيمة 143 مليار كرونة دنماركية (21 مليار دولار) للوصول إلى مساهمة في حلف شمال الأطلسي تساوي اثنين في المئة من الناتج المحلي الإجمالي تطلبها واشنطن من شركائها الدفاعيين الأوروبيين.

وهذا موقف إزاء الأمن مختلف تماماً عن بند عدم المشاركة في الدفاع الذي تطبقه الدنمارك في الاتحاد الأوروبي منذ سنوات عدة. وأُجرِي استفتاء العام الماضي، في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا، على إلغاء البند. ووافق ثلثا المشاركين على حذف البند. وهكذا تتحول الدنمارك من الانتماء إلى حمائم السلام في أوروبا إلى الانتماء إلى صقور الأمن.

من ضمن المناقشة، أتلو أمام فريدريكسن قصيدة دنماركية شهيرة بعنوان "نوغيت أوم هيلته" "Noget om Helte" (عن الأبطال)، للشاعر ومؤلف كتب الأطفال المحبوب كثيراً، هالفدان راسموسن. في العمل، العائد إلى عام 1957، يتأمل راسموسن في هوس قادة الدول بتفجير العالم وكيف يتوق هو إلى السلام في حديقته وإلى الوئام بين الناس. تؤكد فريدريكسن أنها تعرفها جيداً، إذ أسألها عن الاختلافات بين الدنمارك الحالية وتلك التي كانت في العقود القليلة الماضية.

تقول فريدريكسن: "تسألني كيف تغيرت الدنمارك. إنه سؤال كبير، وأنت محق في أن مقاربتي للدفاع مختلفة. لن تكون هناك عودة إلى موقف عدم المشاركة في الدفاع طالما أتولى المسؤولية".

وتضيف "كان الوقت مختلفاً آنذاك. تعكس رؤية عالم أفضل التقدم المحرز خلال تلك العقود التي انتُشِل فيها عدد من الناس من براثن الفقر أكبر من أي وقت مضى. كان هناك، ولا سيما بعد سقوط جدار برلين، إيمان حقيقي بالسلام والازدهار. السؤال، عندما تُكتَب كتب التاريخ عن عصرنا، هو ما إذا كان الوقت آنذاك أم الوقت الذي نعيش فيه الآن هو الاستثناء من القاعدة. أخشى أن هذا العالم من انعدام الأمن، وفق اعتقادي، هو القاعدة".

نعود إلى الهجرة. تنتقل الدنمارك من امتلاك واحدة من أكثر سياسات اللجوء ليبرالية وترحيباً في أوروبا إلى واحدة من أكثرها تقييداً. تُعَد فكرة إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا – إحدى سياسات المحافظين في المملكة المتحدة – من بنات الأفكار الدنماركية التي ولّدها الديمقراطيون الاجتماعيون بزعامة فريدريكسن.

لكن فريدريكسن فخورة بعدد الأوكرانيين الذين استقبلتهم بلادها. "ستكون هذه هي الصور المميزة لعصرنا. بدت صور محطات السكك الحديد المكتظة في أوروبا، حيث يضع الأطفال أيديهم الصغيرة على نافذة القطار أثناء انفصال العائلات، وكأنها شيء من أربعينيات القرن العشرين".

تضيف فريدريكسن: "أعتقد بأن أوروبا تعاملت مع هذه الأزمة الاستثنائية على صعيد ملايين اللاجئين المتنقلين في شكل جيد للغاية. أرفع قبعتي تحية لبلدان مثل بولندا، التي استقبلت حوالى خمسة ملايين لاجئ. في الدنمارك، فتحنا أبوابنا أيضاً. بعض أولئك الذين جاؤوا سيعودون إلى ديارهم عندما تنتهي الحرب، لكن البعض سيبقى، وأنا على ما يرام مع ذلك".

بالعودة إلى أهمية الولايات المتحدة. ضمنت فريدريكسن، خلال فترة رئاستها للوزراء، أن تكون الدنمارك أقرب إلى واشنطن، ولا سيما في ما يتعلق بالأمن.

تقول: "إذا سألتني، لا أريد حتى فاصلاً بسماكة ورقة بيننا وبين الولايات المتحدة في ما يتعلق بالأمن. وهذه المقولة تنطبق بغض النظر عمن هو رئيس الولايات المتحدة".

حتى لو كان هذا الرئيس هو دونالد ترمب؟ يواجه الرئيس السابق عدداً من المعارك القانونية، لكنه المرشح الأوفر حظاً لنيل ترشيح الحزب الجمهوري.

تقول فريدريكسن: "هذا صحيح بغض النظر عمن هو رئيس الولايات المتحدة".

ماذا لو كان الرئيس، مثل ترمب، لا يؤمن بأهمية مؤسسات مثل حلف شمال الأطلسي، الذي تصفه فريدريكسن بأنه أهم مؤسسة تنتمي إليها الدنمارك. ألا ينشئ ذلك وضعاً غير مريح للغاية؟

تقول فريدريكسن: "لا أفكر كثيراً في الأمر. إذا حدث ذلك، سنجد طريقة لإنجاح العلاقة. سيتعين علينا أن نفعل". تتلخص دعوتها في مزيد من العمل الأوروبي في شأن أوكرانيا ووحدة الموقف مع الولايات المتحدة.

تضيف: "هناك أوقات وأحداث معينة تحدد، ليس فقط من نريد أن نكون، بل من نحن. آن الأوان لأن نواجه ويُحسَب لنا حساب. في رأيي، لا تتعلق حرب روسيا بأوكرانيا وحدها، بل أيضاً بطموحات روسيا في الهيمنة والتوسع. إذا كنتُ محقة في ذلك، فهذا يعني أن دعم أوكرانيا هو أيضاً مصلحتنا الذاتية".

© The Independent

المزيد من دوليات