Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اكتظاظ السجون البريطانية يدفع الحكومة لإلغاء سجن آلاف المسيئين للنساء

حصري: حكومة المملكة المتحدة تخطط لمنع القضاة من إرسال مجرمين مدانين بالتحرش والمطاردة والإباحية الانتقامية إلى السجن - لكن ناشطين ينبهون إلى العواقب

متحدّث باسم وزارة العدل: "نحن مستمرّون في تعزيز الجهود من خلال منح القضاة السلطة لاحتجاز أخطر المجرمين..." (رويترز)

ملخص

حصري: حكومة المملكة المتحدة تخطط لمنع القضاة من إرسال مجرمين مدانين بالتحرش والمطاردة والإباحية الانتقامية إلى السجن - لكن ناشطين ينبهون إلى العواقب: أزمة اكتظاظ السجون البريطانية تدفع الحكومة نحو إلغاء سجن آلاف المسيئين للنساء

بات من الممكن في المملكة المتّحدة ألا يدخل آلافُ الرجال المسيئين للنساء، إلى السجون، وذلك نتيجة خططٍ حكومية تهدف إلى إلغاء فترات الأحكام القصيرة بالسَّجن، في محاولةٍ لمعالجة أزمة الاكتظاظ في السجون. ومن الممكن أن تشكّل هذه الخطوة تهديداً كبيراً لسلامة النساء".

وقد تمّ سَجن ما يقرب من 11040 رجلاً لمدة 12 شهراً أو أقلّ في العام الماضي، بسبب جرائم تحرّش ومطاردة وانتقامٍ إباحي (مشاركة لقطات حميمة للشريكة من دون موافقتها سعياً إلى الانتقام منها). ومن الممكن استبدال هذه الأحكام ببدائل مجتمعية من أجل التخفيف من اكتظاظ السجون.

وتتضمّن المقترحات الأخيرة التي قدّمها وزير العدل البريطاني أليكس تشوك، والتي أعلن عنها في وقتٍ سابق من هذا الشهر، إلغاء أحكام السجن التي تقل مدّتها عن 12 شهراً بالنسبة إلى معظم المجرمين. ويرى المنتقدون أن هذا التغيير سيكون له تأثير على الجناة الذين غالباً ما يحصلون على أحكامٍ مخفّفة، ويستهدفون النساء والفتيات، على رغم تعهّد رئيس الوزراء ريشي سوناك غير مرّة ببذل مزيدٍ من الجهد لحماية الضحايا.

وقد أعرب الكثير من السياسيّين والناشطين في هذا المجال، وحتى هيئة تراقب العنف المنزلي تابعة للحكومة، عن توجس من هذه التدابير. وأعرب كثيرون عن الخشية من أن المعتدين المنزليّين والمطاردين للنساء قد "ينفدون منها"، فيما رأى حزب "العمّال" المعارض أن الخطط "تمّ تقديمها على عجل من دون إيلاء أيّ اعتبارٍ للضحايا".

النجمة التلفزيونية جورجيا هاريسون - التي عانت من الانتقام الإباحي على يد قرينها السابق، زميلها نجم تلفزيون الواقع ستيفن بير - قالت لـ "اندبندنت" إن لديها مخاوف من الانعكاسات التي يمكن أن تترتّب عن إلغاء الأحكام قصيرة الأجل على ضحايا الجريمة. وكان قد تمّ سجن بير لمدة 21 شهراً في مارس (آذار) الماضي، بعدما نشر مقطع فيديو حميمياً لهما وهما يمارسان الجنس في حديقته في لوتون في مقاطعة إيسيكس، في أغسطس (آب) عام 2020، وذلك على حسابه على منصّة "أونلي فانز" OnlyFans (التي تتيح لمنتجي أعمال إباحية أن ينشروا موادهم على صفحاتها). 

وقالت السيّدة هاريسون التي ظهرت في برنامجي تلفزيون الواقع "ذا أونلي واي إذ إيسيكس" The Only Way Is Essex و"جزيرة الحب" Love Island، إن الكثير من هؤلاء الرجال، ولا سيما منهم المنخرطون في كراهية النساء، يشعرون بأنه لا يمكن المساس بهم، وبأن في إمكانهم الإفلات من أيّ عقاب بلا مساءلة".

وأضافت أنه "حتى لو كان بير قد نفد من الدعوى التي أقمتها ضدّه أمام المحكمة وتجنّب عقوبة السجن، فلا أعتقد حقّاً أنه سيتعلّم شيئاً واحداً من تلك المحنة بأكملها. وإذا كانت هناك من نتيجة، فأعتقد أنه سيعود بسلوكيّات أكثر إشكالية".

وتظهر أحدث أرقام وزارة العدل البريطانية لعام 2022 ما يأتي:

• الحكم على 8996 رجلاً بالسَّجن لمدّةٍ تقل عن 5 أشهر في المتوسط بتهم تحرّش بنساء

• الحكم على 1809 رجال بالسَّجن لمدة 12 شهراً في المتوسط بسبب جرائم مطاردة نساء

• الحكم على 235 رجلاً بالسَّجن لمدةٍ تزيد بقليل على 7 أشهر في المتوسّط، بتهم ارتكاب جرائم إباحية انتقامية

إضافةً إلى ذلك، ارتفع بشكلٍ كبير عدد الرجال المحكوم عليهم بتهم مطاردة النساء والجرائم الإباحية الانتقامية، من 1384 في عام 2021، إلى 2044 في العام الماضي.

إيلي بات ممثّلة الجمعية الخيرية المعنية بمواجهة العنف المنزلي "ريفيوج" Refuge، طالبت الوزير تشوك بتقديم "إرشاداتٍ واضحة" للقضاة، لضمان عدم إعفاء الجناة الذين يرتكبون العنف ضدّ النساء والفتيات، من السَّجن عندما تكون مدة عقوبتهم أقلّ من سنة.

وأصرت كذلك على أنه "لا ينبغي اعتبار هؤلاء الأفراد "مجرمين من مستوى هين"، وقد يجد العديد من مرتكبي العنف المنزلي أنفسهم بالفعل يقضون أحكاماً قصيرةً في السجن. لذا، من الضروري ضمان حماية الناجين من العنف المنزلي وضحايا العنف ضدّ النساء والفتيات، ويتعيّن على مرتكبي هذا النوع من هذه الجرائم أن يمضوا أحكامهم داخل السجن".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مفوّضة شؤون العنف المنزلي في المملكة المتّحدة نيكول جاكوبس، أشارت إلى أنه "في كثيرٍ من الأحيان، تكون الأحكام قصيرة الأمد هي الوسيلة الوحيدة لمحاسبة هؤلاء الجناة الخطرين".

وحضّت السيدة جاكوبس الحكومة على زيادة عدد عناصر الشرطة ونشر المزيد منهم في الشوارع، لضمان فعالية قوى إنفاذ القانون في مراقبة الأجهزة الإلكترونية التي يحملها المعتدون المُفرج عنهم، وضبط أيّ انتهاكاتٍ لأوامر الحماية التي تمنع الجناة من الاقتراب من منازل الضحايا.

أما شارلوت براودمان المحامية المتخصّصة في قضايا العنف ضدّ النساء والفتيات، فأكّدت خشيتها من أن تكون حياة النساء "في خطر إذا تمّ إصدار أحكامٍ قصيرة الأمد في حقّ الجناة"، محذّرةً من أن المقترحات الجديدة يمكن أن تقلّل من ردع الجناة لوقف سلوكهم المسيء.

وتساءلت: "كيف يمكن للنساء أن يشعرن بالأمان إذا كنّ قد خُضنَ تجربةً صعبة في الإبلاغ عن إساءة معاملتهن، وحتى تقديم الأدلّة، ليكتشفن في نهاية المطاف أن المعتدي عليهن قد لا يمضي أيّ وقت في السجن؟".

وأشارت إلى أنه "في ظلّ النظام الراهن، سبق أن حُكم على جناة بقضاء مدّةٍ وجيزةٍ في السجن لا تتجاوز أسابيع أو أشهر. إن هذه الأحكام الأقصر مدّةً تشير إلى عدم الفهم السائد في ما يتعلّق بالآثار المدمّرة للعنف المنزلي، وتعني ضمناً التقليل من الضرر الذي يلحق بالنساء والفتيات".

هارييت ويستريش مديرة "مركز عدالة المرأة" Centre for Women’s Justice (يساعد النساء والفتيات اللواتي يتعرّضن لعنف الذكور على استخدام السبل القانونية للدفاع عن حقوقهن)، اعتبرت أن السَّجن ليس بالحل المناسب لعددٍ من المجرمين من المستوى الأدنى الذين يمضون أحكاماً قصيرة الأجل. وأعربت عن خشيتها من أن عدداً كبيراً من المعتدين المنزليّين والمطارِدين للنساء "قد ينفدون من العقاب".

وأضافت المحامية الناشطة في هذا المجال: "بما أن الأحكام الصادرة في ما يتعلّق ببعض الرجال شديدي الخطورة لا تتوافق دائماً مع مستوى التهديد الذي يمثّلونه، فقد شهدنا عدداً كبيراً جداً من حالات القتل وغيرها من جرائم العنف الخطيرة، التي يرتكبها رجال ينتهكون شروط المراقبة الخاصة بهم". 

وبحسب الإحصاءات فإن امرأةً من كل 4 نساء، ستعاني من عنفٍ منزلي في مرحلةٍ ما من حياتها. وستُقتل ما بين امرأتين و3 نساء كلّ أسبوع على يد شركائهن الراهنين أو السابقين في إنجلترا وويلز.

وقد نبّهت جاين مونكتون سميث الخبيرة في الجريمة والمتخصّصة في جرائم القتل والعنف الأسري ومطاردة النساء، إلى أن إلغاء الأحكام الأقصر مدّةً "سيعرّض حياة النساء للخطر".

وأضافت أستاذة الحماية العامّة في "جامعة غلوسترشير" أن "المغتصبين والمعتدين المنزليّين ومطاردي النساء والأفراد المنخرطين في الإباحية الانتقامية وجرائم الجنس عبر الإنترنت الأوسع نطاقاً، هم في كثيرٍ من الأحيان أكثر المجرمين خطورةً وغالباً ما يعودون إلى الإجرام".

ولفتت إلى أن "السماح لمثل هؤلاء الأفراد المهووسين بالبقاء في المجتمع من شأنه أن يسمح لهم بالاستمرار في سلوكيّاتهم الضارّة. أعتقد أنه ينبغي استبعاد هؤلاء الجناة من هذه التدابير المقترحة".

سوكي باكر الرئيس التنفيذي لمؤسّسة "سوزي لامبلوغ تراست" Suzy Lamplugh Trust، وهي مؤسّسة خيرية بارزة في مكافحة المطاردة، أعربت عن اعتقادها "الراسخ" بأن جميع أحكام المطاردة - بغضّ النظر عن مدّتها سواء كانت أقلّ من 12 شهراً أم لا - يجب أن تكون عقوبتها السجن، وينبغي ألا تنطوي على خدمة المجتمع أو الغرامات أو تدابير بديلة أخرى. 

وأضافت أن "مطاردة النساء تمثّل جريمة شديدة الخطورة من الإرهاب النفسي الذي يتّسم بالتشبّث والهوس، ولها تأثير مدمّر على سلامة الضحايا وصحّتهم العقلية".

وحذرت السيّدة باكر التي تدير منظمتها خطّ المساعدة الوطني لمكافحة مطاردة النساء، من أن قسماً كبيراً من قضايا المطاردة تتم محاكمتها بشكلٍ غير صحيح، باعتبارها جرائم مطاردة ذات مستوى أدنى، و"كثيراً ما تفشل بالاعتراف بمدى خطورة الجريمة، الأمر الذي يمكن أن يؤدّي إلى تفاقم المشكلة ووصول بعض الحالات إلى حدّ القتل".

وأضافت: "في كثير من الحالات، تكون الأحكام أقلّ من 12 شهراً، مع احتمال بقاء معدّلات العودة إلى الجريمة في قضايا المطاردة مرتفعة للغاية".

وأعربت عن مخاوفها من أنه حتى عندما يتم إصدار أوامر الحماية، فإن الجناة ينتهكون تلك الأوامر بشكل متكرر، مع إصرار كثيرين منهم على "ملاحقة ضحاياهم شخصياً وعبر الإنترنت، ما يزيد من تعريض سلامتهم للخطر".

وعلّقت شبانة محمود وزيرة العدل في حكومة الظل "العمّالية" بالقول: "كانت إعلانات وزير الخارجية بمثابة رد فعل متسرّع على الأزمة التي أسهمت حكومته في التسبّب فيها. لقد قاموا بتقديم سياساتهم على عجل من دون إيلاء أيّ اعتبار للضحايا، على رغم الكثير من التحذيرات المسبقة بشأن أزمة القدرة الاستيعابية للسجون".

وذكر متحدّث باسم وزارة العدل أن الحكومة الراهنة "اتخذت تدابير أكثر شمولاً من أي إدارة سابقة"، لضمان سلامة النساء والفتيات. وتابع: "نحن مستمرّون في تعزيز هذه الجهود من خلال منح القضاة السلطة لاحتجاز أخطر المجرمين، بمَن فيهم الأفراد المغتصبين، خلف القضبان طوال مدة العقوبة. وفي الوقت نفسه، نقوم بحماية الضحايا وعامّة الناس من خلال مناطق الاستبعاد والأوامر التقييدية واستخدام المراقبة الإلكترونية لمرتكبي الانتهاكات المنزلية الشنيعة".

© The Independent

المزيد من متابعات