Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تعيد تايلاند النظر في قانون حيازة السلاح مع تكرار حوادث إطلاق النار؟

تصاريح تخدم مدى الحياة عكس بعض البلدان التي تفرض تواريخ انتهاء صلاحية

وصلت أعداد الوفيات من الأسلحة النارية في تايلاند عام 2019 إلى نحو 1300 حالة (أ ف ب)

ملخص

تمتلك تايلاند واحداً من أعلى معدلات الحيازة الخاصة للأسلحة النارية على الصعيدين الآسيوي والعالمي، إذ يقدر عدد الأسلحة بحوالى 10.3 مليون، بمعدل 15.1 لكل 100 شخص وهي الأعلى في "آسيان" والثانية في آسيا بعد باكستان

شهدت تايلاند خلال الفترة الأخيرة حالاً من الجدل الحكومي والشعبي في شأن قانون حيازة الأفراد للأسلحة النارية، بالتزامن مع حادثة إطلاق نار في مجمع تجاري رئيس بالعاصمة بانكوك، تسببت في مقتل سيدتين وإصابة خمسة أشخاص على يد مراهق.

وتعد تايلاند من أعلى الدول التي سجلت وفيات ناتجة من استخدام الأسلحة النارية في دول جنوب شرقي آسيا، وتمتلك كذلك نسبة أعلى في حيازة الأسلحة تصل إلى 15.1 لكل 100 فرد.

ويرجع السبب الرئيس في انتشار الأسلحة النارية إلى التجارة غير القانونية لهذه الأسلحة، وفيما يقترح خبراء على الحكومة أن تولي اهتماماً أكبر بهذه القضية، أكد وزير الداخلية التايلاندي أنوتين تشارنفيراكول الذي تسلم منصبه حديثاً أن الحكومة ستعمل على فرض قيود أكثر صرامة للحد من انتشار حيازة الأسلحة وتكرار جرائم إطلاق النار في مدن البلاد وشوارعها.

تأثير في السياحة

وتعرضت تايلاند خلال الفترة الأخيرة لعدد من الحوادث المتكررة لإطلاق النار العشوائي الكثيف، ففي أغسطس (آب) من العام الماضي تبادلت عصابات مراهقة متنافسة إطلاق النار لما يصل إلى 40 دقيقة في إحدى المقاطعات، مما أسفر عن مقتل شخصين، وفي سبتمبر (أيلول) الماضي أطلق ضابط عسكري النيران في الكلية الحربية العسكرية، مما تسبب في مقتل شخصين وإصابة آخر، وكانت حادثة أكتوبر (تشرين الأول) الماضي الأشد قسوة حين هاجم مسلح تبين أنه شرطي سابق مركزاً للرعاية، مستخدماً سلاحاً أبيض وبندقية آلية، ليقتل 34 شخصاً من بينهم 23 طفلاً، قبل أن يُردي زوجته وطفله وينتحر.

الواقعة الماضية أدت إلى إحداث صدمة في الرأي العام التايلاندي، بخاصة أن غالبية الضحايا من الأطفال، وفتحت باب الجدل حول قانون حيازة الأسلحة وضرورة النظر مجدداً في القوانين التي تنظم تملك الأسلحة في البلاد، ومع تزامن الانتخابات منتصف العام الحالي والاضطراب السياسي الذي عاشته تايلاند قبل تسمية رئيس الوزراء سريتا تافيسين، خفتت قصص وحوادث إطلاق النار.

لكن المعضلة عادت للواجهة الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي وحديث الناس مجدداً بعد حادثة إطلاق نار قبل أيام على يد مراهق في أحد المجمعات الشهيرة بالعاصمة بانكوك داخل إحدى المناطق التي يتوافد إليها سكان المدينة والسياح، ومن الممكن أن تسبب تلك الحوادث المتواترة أزمة اقتصادية، خصوصاً في ما يتعلق بالسياحة في البلاد التي تعد أهم مصادر الدخل لها، فيما تعهد وزير الداخلية بوضع قيود أكثر صرامة على تراخيص الأسلحة النارية.

وتمتلك تايلاند واحداً من أعلى معدلات الحيازة الخاصة للأسلحة النارية على الصعيدين الآسيوي والعالمي، إذ يقدر عدد الأسلحة بحوالى 10.3 مليون بمعدل 15.1 لكل 100 شخص مدني وهي الأعلى في "آسيان" والثانية في آسيا بعد باكستان، ووصلت أعداد الوفيات من الأسلحة النارية عام 2019 إلى نحو 1300 حالة وفاة مقارنة بـ130 في الجارة فيتنام على رغم التباين في عدد السكان، إذ تزيد نسبة سكان فيتنام على جارتها تايلاند بحوالى 40 في المئة، وتحتل تايلاند المرتبة الثانية بعد الفيليبين بين دول رابطة "آسيان" في تسجيل الوفيات الناجمة عن الأسلحة النارية.

أسواق افتراضية سوداء

يتحايل بعضهم على القانون التايلاندي لحيازة الأسلحة، إذ يحصلون على الأسلحة النارية بطرق تتعارض مع القانون أو غير مذكورة في القانون التايلاندي القائم الآن، وترتبط الحوادث الأخيرة لإطلاق النار في البلاد بالسوق السوداء الرقمية للأسلحة، إذ أشار مسؤول كبير في الشرطة المحلية إلى أن "الحادثة الأخيرة للطالب المراهق في المجمع الشهير بالعاصمة بانكوك لها علاقة بشراء الأسلحة من السوق السوداء على الإنترنت"، وكذلك تشير تقارير متخصصة إلى أن منصات التواصل الاجتماعي الشهيرة في تايلاند مثل "لاين" و"إكس" و"فيسبوك" يمكنها أن تكون وسيطاً افتراضياً بين المستخدمين للدخول إلى الأسواق غير القانونية للأسلحة النارية والمكونات المحظورة فيما يتم الدفع رقمياً وعلى نحو مجهول.

ويلفت أحد الباحثين إلى أن برنامج رعاية الأسلحة التايلاندي من البرامج التي تسهم في تدفق آلاف الأسلحة النارية إلى البلاد، بخاصة من الولايات المتحدة الأميركية، وبموجب هذا البرنامج يحصل الموظفون الحكوميون على خفوضات على الأسلحة الشخصية ويشترونها مباشرة من خلال وكالاتهم، وليس من خلال عملية الترخيص المدنية، مما يؤدي إلى وضع راهن خطر إذ يبيع بعض رجال الشرطة أسلحتهم بأسعار منخفضة في السوق السوداء لتحقيق الربح.

ويقول متخصصون في الشأن العسكري إن "الحكومة التايلاندية لم تقم خلال الأعوام الماضية بإجراءات كافية لتشديد الرقابة على بيع الأسلحة وحيازتها، بل على العكس أصدرت في 2010 لائحة وزارية تستبعد عدداً من الوكالات الحكومية ومؤسسات تنفيذ القانون من مراقبة الأسلحة، إضافة إلى أن تصاريح الأسلحة تمتد صلاحيتها مدى الحياة، عكس بعض البلدان الأخرى التي تفرض تواريخ انتهاء لهذه التصاريح".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الضرر الرقمي

ويقترح خبراء في الأرخبيل تطوير قوانين الأسلحة في تايلاند مع تعزيز شراكات جديدة وإنفاذ القانون المرن في مراقبة الأماكن غير المشبوهة التي تبيع هذه الأسلحة، ويؤيد أصحاب هذا الرأي عودة قانون الأسلحة الرئيس في تايلاند المعتمد عام 1947.

ومع التطور التكنولوجي والتغير الزمني، أضحى ذلك القانون غير متوافق مع الظروف الحالية بما فيها تقنيات متقدمة وأسواق موازية ليست مثل الأسواق التقليدية في أربعينيات القرن الماضي. إلى جانب ذلك، يرى رجال قانون أن تعمل الحكومة على التأكد من عدم استخدام المنصات الاجتماعية كوسيلة للمستخدمين للدخول إلى الأسواق السوداء، ويمكن أن تضغط الحكومة على مثل هذه المنصات إنفاذاً لمبدأ "الضرر الرقمي" الذي من شأنه أن يُحمل منصات التواصل الاجتماعي المسؤولية عن أي أنشطة غير قانونية في العالم الافتراضي.

المراهقون و"التقليد الأعمى"

ويؤكد مراقبون تايلانديون أن انتشار حوادث إطلاق النار في تايلاند خلال الفترة الأخيرة يعود لأسباب عدة، منها التقليد والتنافس بين المراهقين والتحريض بين المجموعات الفرعية، ويطالب بعضهم السلطات بإصلاح اللوائح المتعلقة بالأسلحة النارية أو تنظيم مشروع خاص لشراء الأسلحة من المواطنين، أو وضع برامج على غرار دول أخرى لسحب الأسلحة من المواطنين مثل برنامج الحكومة الأسترالية لإعادة شراء الأسلحة الذي اشترت من خلاله 650 ألف قطعة سلاح في عام واحد.

وفي أعقاب الحادثة الأخيرة، ذكر وزير الداخلية التايلاندي أن حكومته ستعمل على منع المدنيين من حمل الأسلحة في الأماكن العامة، وتعديل قانون الأسلحة لفرض مراقبة وقيود أكثر صرامة على امتلاكها، وأشارت صحيفة "بانكوك بوست" إلى أن تصاريح استيراد الأسلحة والإتجار الحقيقية والمقلدة توقفت عقب حادثة المراهق في أكتوبر الماضي.

"آسيان" وحيازة الأسلحة

وتتفاوت قوانين حيازة وتملك الأسلحة في "آسيان"، فلدى بعض الدول قوانين صارمة تمنع تملك الأسلحة وانتشارها بين المدنيين، بينما البعض الآخر لديه قوانين أكثر تساهلاً إلى حد ما.

ففي الفيليبين ومنذ عام 2000، سمح الرئيس الفيليبيني الأسبق جوزيف إسترادا في القانون لمواطنيه بحيازة الأسلحة بمختلف أنواعها وأشكالها، ويحدد شروط تملك الأسلحة وحملها في الأماكن العامة بأن يكون عمر مالك السلاح المرخص لا يقل عن 21 سنة وإصدار الترخيص لمدة 10 أعوام.

أما في إندونيسيا، لا يضمن القانون حق الملكية الخاصة للأسلحة، ولا يحق إلا للمسؤولين رفيعي المستوى أو الجيش أو الشرطة شراء الأسلحة وحيازتها بصورة قانونية، ويجب على الإندونيسيين التقدم بطلب للحصول على ترخيص للأسلحة النارية، والذي يتضمن فحص الخلفية مثل الجرائم الجنائية وسجلات الصحة البدنية والعقلية، ويجب عليهم أيضاً تقديم مراجع شخصية لجهة خارجية واجتياز التدريب على سلامة الأسلحة النارية وإعادة التقديم وإعادة التأهيل للحصول على تراخيصهم كل عامين.

وبالنسبة إلى ماليزيا، فإن حيازة الأسلحة النارية عملية مقيدة للغاية، وهناك قانونان يتحكمان في حيازة الأسلحة، قانون الأسلحة (1960) وقانون الأسلحة النارية (زيادة العقوبات) (1971)، وينص قانون الأسلحة على الحاجة إلى ترخيص من التصنيع والاستيراد والتصدير والإصلاح إلى امتلاكها، ولا يمكن منح رخصة السلاح إلا من قبل كبير ضباط الشرطة في الولاية، وتشمل الاعتبارات في منح الترخيص وجود سبب وجيه لامتلاك السلاح الناري والسلامة العامة والمصلحة العامة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير