ملخص
تشهد المدن الإيرانية المختلفة بين فترة وأخرى مضايقات من عناصر "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" بذرائع مختلفة إذ يتمتع هؤلاء بصلاحيات كبيرة ويمارسون العنف ضد المواطنين ويصورون من يعتبرونهم ينتهكون قانون الحجاب
تشهد المدن الإيرانية المختلفة بين فترة وأخرى مضايقات من عناصر "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" بذرائع مختلفة، إذ يتمتع هؤلاء بصلاحيات كبيرة ويمارسون العنف ضد المواطنين ويصورون من يعتبرونهم ينتهكون قانون الحجاب، ويقدمون على إغلاق المحال التجارية ويواجهون الطلبة وأساتذة الجامعات باستمرار.
وفي تطور جديد وضع هؤلاء العناصر كاميرات محمولة أمام محطات قطار الأنفاق لبث الرعب والهلع بين المواطنين. وتؤدي هذه الإجراءات إلى اشتباكات بين المواطنين الغاضبين وعناصر النظام بين الفينة والأخرى.
وأعلن رئيس شرطة قطار الأنفاق في طهران، عباس كرمي راد، عن اعتقال ثلاث نساء باتهام الاعتداء على أحد "الآمرين بالمعروف" في إحدى محطات قطار الأنفاق. ووصف "الضحية" بأنها "امرأة مسافرة" لكن لم يتطرق إلى طبيعة تصرفها ولم يكشف إذا ما كانت تحمل ترخيصاً قضائياً يسمح لها بمواجهة المواطنين.
وأشارت صحيفة "شرق" الإيرانية إلى تصوير المواطنين بواسطة عناصر "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وقال المحامي عثمان مزين إن بعض المواطنات يحرمن من تلقي خدمات مدنية من الأجهزة الحكومية، مؤكداً أنه "لا يحق للبلدية حرمان المواطنين من الخدمات المدنية بسبب لباسهم".
وانتقد سلوك مسؤولي المحاكم وقاعات المؤتمرات ومحطات المترو والأماكن الأخرى من خلال التدخل في طريقة لباس الناس، موضحاً أن "هذه الإجراءات ليس لها أي تبرير قانوني، والقانون لا يشترط ارتداء لباس بعينه للاستفادة من هذه الإمكانات. وحرمان المواطنين من الخدمات المدنية يتطلب التزام نظام متبع من خلال إصدار أحكام من المحاكم وليس بهذا الأسلوب".
وأشار إلى ظاهرة إطلاق دوريات المراقبين على الحجاب وترعاه بلدية طهران، وذكر أن هذا المشروع لا يستند إلى أي مصدر قانوني ولا تنطبق عليه المادة 638 من قانون العقوبات الإسلامية التي تقول "يجب معاقبة من يتظاهر بفعل الحرام في الأماكن العامة"، وقد ورد في شرح المادة أن "القضاء يصدر حكماً بالحبس من 10 أيام إلى شهرين بحق النساء اللواتي لم يلتزمن الحجاب في الأماكن العامة، عدا عن عقوبة مادية مرتبطة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار عضو مركز المحامين الإيرانيين، علي مجتهد زاده، إلى قيام عناصر مراقبة الحجاب بتصوير المواطنين وأكد أنه "لا يحق لهم تصوير الناس، وإذا رفعت دعوى قضائية ضد أحد لا يمكن الاستناد إلى اللقطات التي يصورها هؤلاء في الأماكن العامة".
وقال المحامي أبو ذر نصر الله إن "الأفراد لهم الحق في منع التصوير واتخاذ القرار في ما يتعلق باللقطات التي تصوره، وبإمكانهم منعها وتحديد طريقة نشرها. وإذا ما تم تصوير أي أحد خلافاً لرغبته فهذا يتناقض مع القانون ويمثل تعدياً على الكيان الخاص للأفراد. لا يمكن تصوير الآخرين لمثل هذه الأغراض إلا بحكم من المحكمة. كثير من القضاة يعتقدون أنه إذا تم التصوير بشكل غير شرعي لا يمكنهم الحكم بإثبات الجريمة وملاحقة المتهمين".
من جانب آخر ترد تقارير كثيرة أن عناصر مراقبة الحجاب يرسلون تقارير مفبركة ضد المواطنين إلى المراجع القضائية. وكانت الصحافية عسل داداشلو قد نشرت رسالة تلقتها على هاتفها بذريعة عدم التزامها الحجاب، وأكدت أنها لم تكن موجودة في المكان الذي حددته الرسالة واتهمت بموجبها بعدم التزام الحجاب.
وكتبت الصحافية على شبكة "إكس" قائلة إنه "لاحقني عنصر أمن بدراجة نارية بعد ست ساعات من تلقي الرسالة وأوقفني في الشارع في حين كنت مرتدية الحجاب وطلب إبراز وثائقي الثبوتية وحجز سيارتي. وقد وجهت شكوى ضده هاتفياً ولما رأى إصراري في الوقوف بوجهه قال لي إن مركبتك تحجز لـ21 يوماً... قلت له: لكنني أرتدي الحجاب فرد: كلام رجل الأمن يمثل القانون ولا أكترث بما تقولين. لقد خلقتم أجواء قذرة تترصدون الناس في الشوارع ومن خلال الكذب وتدعون تنفيذ القانون. تعملون لتشكيل مصدر دخل لكم لكن تفوح منه رائحة الدم والقذارة".
وأورد آخرون تجارب مشابهة وقد أكدوا أن الرسائل التي تلقوها ليس لها أساس من الصحة وأنه لم يوجد أي من عناصر الأمن في الأماكن التي يدعي الأمن فيها عدم التزام الحجاب.
وتستمر مواجهة النساء بذريعة الحجاب في الجامعات أيضاً. وقد ذكرت قناة "الطلبة التقدميين" على "تيليغرام" في تقرير لها نقلاً عن شهود عيان أن رئيسة كلية العلوم الحيوانية في جامعة أزاد بطهران هاجمت إحدى الطالبات ووجهت إليها إساءات لفظية بسبب حجابها.
وذكرت القناة أن المواجهات التي يتلقاها الطلبة بسبب التدخين والحجاب يرافقها إساءات لفظية في الجامعات. وذكر تقرير أن رئيسة كلية العلوم الحيوانية فاطمة إشراقي استدعت أحد عناصر أمن الجامعة ورافقته لمواجهة طالبة في الكلية الفنية ووجهت إليها إساءات لفظية. وذكر شهود عيان أن الطالبة كانت ترتدي الحجاب لكن الإساءات التي تلقتها كانت بسبب ظهور جزء من شعرها من وراء الحجاب.
وقد أحالت المسؤولة في الجامعة الحرة هذه الطالبة إلى "لجنة الأخلاق" وهددتها باستمرار مواجهتها. وقد نشرت قناة "الطلبة التقدميين" أجزاء من المكالمة التي دارت بينهما أثناء استدعاء الطالبة.
وقد انضم رجل الأمن إلى المشادة الكلامية بينهما وانهال مع رئيسة الكلية على الطالبة بالإساءات، وفي النهاية حجزوا بطاقتها الجامعية وأحالوها إلى التحقيق في "لجنة الأخلاق" العائدة إلى الجامعة.
نقلاً عن "اندبندنت فارسية"