حضرت أزمة فنزويلا والصراع على السلطة بين نيكولاس مادورو وخصمه خوان غوايدو، الذي أعلن نفسه رئيساً مؤقتاً للبلاد على طاولة مجلس الأمن السبت في 26 يناير (كانون الثاني)، وتحولت الجلسة حلبة صراع أميركية روسية وكان نجماها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو وسفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبنزيا.
بومبيو يدعو للاعتراف بغوايدو والسفير الروسي يندد
وحضّ بومبيو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على الاعتراف بخوان غوايدو بصفته رئيساً مؤقتاً لفنزويلا، مندداً بروسيا والصين بسبب دعمهما لنيكولاس مادورو. وقال بومبيو أمام مجلس الأمن "حان الوقت لكي تختار كل دولة جهة ما، لا مزيد من التأخير، لا مزيد من الآلاعيب، فإما أن تقفوا مع قوى الحرية وإما أنكم متحالفون مع مادورو والفوضى التي تسبب بها". كما حضّ بومبيو كل الدول على وقف تعاملاتها المالية مع نظام مادورو.
في المقابل، اتهم سفير روسيا لدى الأمم المتحدة "الولايات المتحدة وحلفاءها بالرغبة في الإطاحة برئيس فنزويلا"، نافياً بذلك حقّ مجلس الأمن في مناقشة الوضع في هذا البلد. وفي معرض حديثه عن "الانقلاب"، قال إن الأزمة "شأن داخلي" في فنزويلا، ورداً على ذلك، شدد وزير الخارجية الأميركي على أن "نظام نيكولاس مادورو قمع شعبه" منذ سنوات، مضيفاً أن آلاف الفنزويليين يفرون، ما يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة.
ونبّه بومبيو مادورو إلى ضرورة حماية السفارة الأميركية قبل ساعات من موعد الطرد الذي حدده، وقال "اسمحوا لي أن أكون واضحاً بنسبة 100 في المئة، أتوقع أنا والرئيس دونالد ترمب أن يستمر دبلوماسيونا في تلقي الحماية التي ينص عليها اتفاق فيينا، يجب عدم اختبار عزم الولايات المتحدة على حماية شعبنا".
أربع دول أوروبية كبرى تحدّد مهلة ثمانية أيام قبل الاعتراف بغوايدو
ومع تصاعد الضغوط الدولية على نظام مادورو للموافقة على إجراء اقتراع جديد، حددت إسبانيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا لمادورو مهلة ثمانية أيام للدعوة إلى انتخابات في بلاده وإلا فإنها ستعترف بزعيم المعارضة غوايدو "رئيساً" مؤقتاً، لتنضم إلى دول أخرى منها الولايات المتحدة.
وتأتي المهلة الأوروبية بعد اعتراف الولايات المتحدة وكندا ودول بارزة في أميركا اللاتينية بغوايدو، الذي أعلن نفسه رئيساً بالوكالة.
وأعلن الاتحاد الأوروبي على لسان وزيرة خارجيته فيديريكا موغيريني أنه "سيتخذ إجراءات" إذا لم تتم الدعوة إلى انتخابات في فنزويلا "في الأيام المقبلة".
وقال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، في إعلان رسمي بثه التلفزيون، "إذا لم تتم الدعوة خلال ثمانية أيام إلى انتخابات نزيهة وحرة وشفافة في فنزويلا، فإن إسبانيا ستعترف بخوان غوايدو رئيساً".
وتبعه الرئيس ايمانويل ماكرون، الذي قال إن فرنسا "مستعدة للاعتراف بغوايدو رئيساً لفنزويلا في حال عدم الدعوة إلى إجراء انتخابات خلال ثمانية أيام".
وفي برلين، أوضحت مارتينا فيتز، المتحدثة باسم الحكومة الألمانية، في تغريدة أنه "يجب أن يمنح الشعب الفنزويلي الحق في أن يقرر بحرية وأمان مستقبله. وإذا لم تعلن انتخابات في غضون ثمانية أيام، سنكون مستعدين للاعتراف بخوان غوايدو الذي يقود مثل هذه العملية السياسية، كرئيس بالوكالة".
واختتمت بريطانيا المواقف الأوروبية بالسير على خطى باريس وبرلين ومدريد، وكتب وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت على تويتر "بعد منع مرشحي المعارضة وتزوير صناديق الاقتراع والمخالفات في عمليات الفرز في الانتخابات، أصبح من الواضح أن مادورو ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا". وأضاف "غوايدو هو الشخص المناسب للمضي بفنزويلا إلى الأمام".
وسارعت فنزويلا إلى رفض مهلة الأيام الثمانية التي حددتها الدول الأوروبية لإجراء انتخابات، تحت طائلة الاعتراف برئاسة غوايدو. وقال وزير الخارجية الفنزويلي خورخي أريازا خلال جلسة لمجلس الأمن "لا أحد يحدد لنا مهلاً ويقول لنا ما إذا كان ينبغي الدعوة إلى انتخابات أو لا. من أنتم لتوجهوا إنذاراً إلى حكومة لها سيادتها؟".
في المقابل، رحّب غوايدو بالموقف "القوي" للاتحاد الأوروبي الذي "يسير في الاتجاه الصحيح"، وقال أمام مناصريه "ردّ الاتحاد الأوروبي كان قوياً (...) وإيجابياً ومثمراً لفنزويلا، وهذا يمنح وقتاً للموظفين الحكوميين والعسكريين المترددين في اتخاذ خطوة لإنهاء عملية الاستيلاء على السلطة، ولحكومة انتقالية وانتخابات حرة هي هدف الرئاسة الموقتة". ودعا العسكريين وكبار الموظفين الحكوميين إلى الانضمام إلى معسكره مقابل منحهم العفو.
ولاحقاً، أعلن مادورو أنّ كراكاس تتفاوض مع واشنطن على تبادل مكاتب لرعاية المصالح بغية الإبقاء على الحدّ الأدنى من العلاقات بينهما، بعدما قطعت حكومته العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتّحدة، وأدلى مادورو بهذا التصريح مع قرب انتهاء مهلة الـ72 ساعة التي منحها لطاقم السفارة الأميركية في كراكاس لمغادرة البلاد.
الملحق العسكري الفنزويلي في واشنطن ينشقّ عن مادورو
وفي تطور لافت، أعلن الملحق العسكري الفنزويلي في واشنطن الكولونيل خوسيه لويس سيلفا لوكالة "أ ف ب" أنّه لم يعد يعترف بمادورو رئيساً شرعياً لفنزويلا، داعياً "أشقاءه العسكريين" لتأييد غوايدو الذي أعلن نفسه "رئيساً بالوكالة" للبلاد. وأضاف أنّ "هذا الموقف يتّفق مع دستور فنزويلا وقوانينها، وأنا دعوت أشقّائي العسكريين لتأييد غوايدو"، وأكّد الملحق العسكري أنّه "يجب أن نتحمّل المسؤولية المؤسسية وأن ندعمه لأنّ هذا هو السبيل الوحيد للخروج بالبلاد من أزمتها".