ملخص
تراجع مبيعات التجزئة في المملكة المتحدة ينذر بركود اقتصادي في الشتاء.
في تطور غير متوقع، شهدت متاجر التجزئة في المملكة المتحدة تراجعاً في مستويات المبيعات خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك نتيجة لاستمرار أزمة تكاليف المعيشة والأحوال الجوية السيئة، مما ينذر بإمكانية حدوث ركود اقتصادي خلال فصل الشتاء.
وأعلن مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني أن مبيعات التجزئة انخفضت بنسبة 0.3 في المئة في شهر أكتوبر، لتسجل أدنى مستوى لها منذ فبراير (شباط) 2021، الفترة التي كانت فيها البلاد تخضع لقيود الإغلاق الشامل بسبب جائحة "كوفيد-19".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفقاً للتقارير، شهدت محلات البقالة انخفاضاً بنسبة 0.3 في المئة في مبيعاتها خلال الشهر، فيما شهدت المتاجر الأخرى غير المتخصصة في الأغذية انخفاضاً طفيفاً بنسبة 0.2 في المئة، مما يُعد تحسناً بسيطاً مقارنة بالشهر الذي سبقه.
وأرجع التجار سبب هذه النتائج المخيبة للآمال إلى أزمة تكاليف المعيشة، وسوء حال الطقس، وتراجع أعداد الوافدين إلى البلد.
ومما يثير الدهشة هو أن هذا الانخفاض في المبيعات جاء على عكس توقعات الخبراء الاقتصاديين، الذين كانوا يتوقعون ارتفاعاً بنسبة 0.4 في المئة، مما يشير إلى أن الاقتصاد البريطاني قد يكون متجهاً نحو فترة من التحديات والصعوبات.
وفي حديثها لصحيفة "غارديان"، أشارت الخبيرة الاقتصادية ساندرا هورسفيلد من (Investec) إلى أن البيانات الاقتصادية الأخيرة تعكس واقعاً متشائماً لفصل الخريف. وأضافت هورسفيلد أن التقرير الأخير للناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة، الذي كشف عن تباطؤ في نمو الاقتصاد، قد يُعدّل ليظهر انخفاضاً في الأداء الاقتصادي.
وتابعت قائلة: "التقديرات الأولية كانت تُظهر أن الاقتصاد نجح بصعوبة في تجنب الركود خلال الربع الثالث، ولكن في ظل هذه البيانات الجديدة، قد نشهد تغييراً في الأرقام المعلنة لاحقاً للناتج المحلي الإجمالي. وبناء عليه، نعتقد أن احتمال حدوث ركود خلال فصل الشتاء يبدو مرجحاً، بخاصة في ظل تأثير زيادة أسعار الفائدة تدريجياً على الأوضاع المالية الشخصية للأسر وقطاع الأعمال. ومع ذلك، نتوقع أيضاً أن يكون هذا الركود محدوداً، حيث من المفترض أن يسهم تراجع معدل التضخم في دعم القوة الشرائية الفعلية للمستهلكين".
وأظهرت توقعات أصدرها بنك إنجلترا، أخيراً، أن المملكة المتحدة من المتوقع أن تواجه فترة عدم نمو حتى عام 2025، وتتأرجح على شفا الوقوع في ركود اقتصادي. وكشف مكتب الإحصاءات الوطنية أن المستهلكين هذا العام يدفعون 16.9 في المئة زيادة في الأسعار للحصول على كميات أقل بنسبة 3.1 في المئة مقارنة بفبراير 2020، مما يسلط الضوء على تأثير ارتفاع تكاليف المعيشة.
وفقاً لهيذر بوفيل، نائبة مدير الاستطلاعات والمؤشرات الاقتصادية في المكتب، "شهدت مبيعات التجزئة انخفاضاً ملحوظاً في أكتوبر، وصولاً إلى أدنى مستوياتها منذ فبراير 2021، الفترة التي كانت فيها تطبق قيود الإغلاق بسبب كوفيد-19".
وأضافت: "على الرغم من الارتفاع الذي شهدته مبيعات الوقود في سبتمبر (أيلول)، فإنها شهدت انخفاضاً بسبب ارتفاع الأسعار، بينما تراجعت مبيعات الأغذية أيضاً مع توجه المستهلكين نحو السلع الأساسية."
وأشارت بوفيل إلى أن "متاجر السلع المنزلية والملابس عانت من تراجع في المبيعات نتيجة ضغوط تكاليف المعيشة وقلة عدد الزوار وسوء الأحوال الجوية، بينما حققت متاجر التجزئة الإلكترونية نمواً خلال شهر أكتوبر، وهو ما يمثل القطاع الوحيد الذي شهد ارتفاعاً في المبيعات".
وكشف استطلاع أجراه مكتب الإحصاءات الوطنية في الآونة الأخيرة عن تأثير ارتفاع تكاليف المعيشة في بريطانيا، حيث أفاد حوالى ثلثي البالغين بأنهم قللوا من إنفاقهم على السلع غير الضرورية. وأشار أليد باتشيت، رئيس قسم التجزئة والسلع الاستهلاكية في بنك لويدز، إلى أن الانخفاض المتكرر في مبيعات التجزئة يعكس استمرار تأثير الضغوط المالية على المستهلكين، على الرغم من تباطؤ وتيرة التضخم في الفترة الأخيرة.
وأضاف باتشيت: "تبقى الزيادة في تكاليف المعيشة عاملاً مؤثراً يضغط على الدخل الاختياري للمستهلكين، الأمر الذي يدفع الأسر لإعطاء الأولوية للإنفاق على السلع الأساسية، خصوصاً في ظل ارتفاع فواتير الطاقة في فصل الشتاء واستمرار مستويات التضخم المرتفعة".
وأردف: "يسعى تجار التجزئة في الفترة الراهنة إلى إيجاد التوازن المناسب في توظيف العمالة، مع الحرص على أن العروض الترويجية والتخفيضات المبكرة قد لا تحقق النتائج المرجوة بسبب الضغوط المالية التي يواجهها المستهلكون في جوانب أخرى من حياتهم".
© The Independent