ملخص
أصدرت المحكمة العليا الأميركية مدونة قواعد السلوك حددت خلالها مصدر تشريعاتها وإطار عملها، مما كان لنظيرتها الباكستانية السبق فيه قبل 10 سنوات فما الفارق بينهما؟
أصدرت المحكمة العليا الأميركية للمرة الأولى في التاريخ مدونة قواعد السلوك تشرح مصدر تشريعات المحكمة وإطار عملها وحدود انخراط قضاتها في مختلف الأنشطة الاجتماعية.
الأمر الذي يميز مدونة قواعد السلوك للمحكمة العليا الأميركية هو حماية وجودها الأخلاقي والشعور بالمسؤولية أمام الناس. تقول المحكمة العليا في مدونتها إنها شعرت بضرورة إصدار المدونة على شكل ورقي حتى لا يفهم أنها لا تخضع لضوابط أخلاقية.
في المقابل، سبقت المحكمة العليا الباكستانية مثيلتها الأميركية في إصدار لائحة الضوابط بأكثر من 10 أعوام إلا أن هناك مفارقات بين اللائحتين.
اللائحة الخاصة بالمحكمة العليا الباكستانية صدرت من قبل المجلس القضائي الأعلى لأن الدستور يقتضي ذلك ولا تتطرق اللائحة إلى شعور المحكمة بمسؤوليتها الأخلاقية ومساءلتها الشعبية مما يظهر تبايناً بين أسلوب المحكمتين، إذ اعترفت المحكمة الأميركية بأن هناك سوء فهم حيال آلية عملها دفعها إلى بيان ضوابطها الأخلاقية، بينما المحكمة الباكستانية تجنبت الخوض في تصور الناس عنها وعن آلية عملها، إلا أن اللائحتين تتفقان في أن كلتيهما مستوحاة من الأخلاق وقواعد السلوك العامة.
أسلوب اللائحة ووضوحها
مدونة قواعد السلوك الخاصة بالمحكمة العليا الأميركية أصدرها القضاة، لذا يغلب عليها طابع عقد متفق عليه، بينما اللائحة الباكستانية تم إصدارها من قبل موظف حكومي في النظام القضائي وهي أقرب من مرسوم إلى عقد يعكس إجماع القضاة.
إضافة إلى ذلك، تتميز اللائحة الأميركية بوضوح أسلوبها ولغتها القانونية، إذ توفر تفاصيل الأمور التي تتطرق إليها وتشرح جزئياتها، بينما يشوب نظيرتها الباكستانية التي اكتفت بذكر القواعد العامة المجملة كثير من الغموض ولا يمكن شرحها بسهولة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
سلوك القضاة
تتطرق اللائحتان الأميركية والباكستانية إلى سلوك القضاة أثناء عملهم وبعد تقاعدهم من الخدمة. يسمح للقضاة في الأولى وفق لائحة الأخلاقيات للمحكمة العليا بإلقاء المحاضرات في الجامعات والكتابة في الأمور القانونية، إضافة إلى سماحها بالمشاركة المشروطة في حملات جمع الأموال وحفلات تدشين الكتب الخاصة بهم أثناء فترة خدمتهم.
على عكس ذلك، فإن الأخيرة ذكرت تعليمات عامة لسلوك القضاة ولم تخض في التفاصيل عن إلقاء المحاضرات أو المشاركة في حملات التبرع أو غير ذلك، مما ترك فراغاً حول الموضوع ولم يعرف على وجه التحديد إلى الآن حدود مشاركة القضاة في الأنشطة الاجتماعية والأدبية، إضافة إلى ذلك تفتقر إلى الجانب العملي للقواعد التي تشمل عليها اللائحة وعواقب عدم الالتزام بها.
مصدر التشريع
تقول لائحة الأخلاقيات للمحكمة العليا الباكستانية إن القاضي يجب أن يكون متصفاً بخشية الله وإن الذات الإلهية بكونها صاحبة السلطة النهائية فهي أيضاً مصدر العدل، لذا يجب الأخذ باعتبار الأحكام الإلهية في القرارات القضائية.
على رغم بيان مصدر التشريع فإن قرارات المحكمة العليا عادة ما تستند إلى قرارات مثيلاتها في الولايات المتحدة وبريطانيا والدول الأخرى بدل الاستناد إلى الفقه الإسلامي، مما يعكس مفارقة كبيرة بين اللوائح المكتوبة والتطبيقات العملية لها على أرض الواقع. وتستند المحكمة العليا الأميركية في هذا الصدد إلى قانون وأعراف البلاد العامة، إذ تستوحي منه شرعيتها وتعتمد عليه في إصدار الأحكام القضائية أيضاً.
نقلاً عن "اندبندنت أوردو"