Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مات رايف وثقافة كوميديا الإنترنت المهينة والمتحيزة ضد النساء 

تغص منصتا "تيك توك" و"إنستغرام" بمقاطع "ستاند أب" لكوميديين شبان يستهدفون النساء في نكاتهم، ويتزعمهم رايف ابن الـ 28 سنة. لماذا رجعنا إلى حقبة السبعينيات؟

"ليس مات رايف الذي يبني منصته على خدمة جمهوره من الإناث ثم يفتتح عرضه الخاص على Netflix بنكتة عن العنف المنزلي"، نشر أحد المشاهدين على Twitter/X (نتفليكس)

ملخص

تغص منصتا "تيك توك" و"إنستغرام" بمقاطع "ستاند أب" لكوميديين شبان يستهدفون النساء في نكاتهم، ويتزعمهم رايف ابن الـ 28 سنة. لماذا رجعنا إلى حقبة السبعينيات؟: مات رايف وثقافة كوميديا الإنترنت المهينة والمتحيزة ضد النساء 

إذا كنتم تتصفحون المحتوى الكوميدي على "تيك توك" في الوقت الراهن، فلن نلومكم على اعتقادكم بأننا عدنا إلى فترة السبعينيات. سترون رجالاً يلقون نكاتاً حول الدورة الشهرية، وربما يستخف بعضها بأسلوب لاذع بهوايات النساء، بينما تتمحور واحدة أو اثنتان عن العنف الأسري. على كل حال، هذه ليست مقاطع "ستاند أب" كوميدي من عصر آخر، بل هي مجرد لمحة عن المحتوى الكوميدي الذي يقدمه الشبان الذكور على الإنترنت عام 2023 - حيث تعتبر السخرية من النساء وتجاهلهن والتقليل من شأنهن أمراً عادياً. وقائد هذه الموجة هو مات رايف.

الفنان الكوميدي البالغ من العمر 28 سنة من ولاية أوهايو حقق شهرته على وسائل التواصل الاجتماعي باعتباره كوميدياً مثيراً ومتسامحاً يتميز بعظام وجنتيه البارزتين. كانت نكاته التي تتم مشاركتها في الغالب على هيئة مقاطع قصيرة عبر منصتي "إنستغرام" و"تيك توك" التي تستهدف تقليدياً الجمهور النسائي، مليئة بتهكمه من جماله أو بالسخرية من القرناء العاطفيين السيئين للآخرين. لكن الآن، سيسمع الناس اسمه للمرة الأولى في سياق مختلف تماماً.

في عرضه الخاص الجديد "الانتقاء الطبيعي" Natural Selection  الذي تعرضه شبكة "نتفليكس"، يبدأ رايف وصلته بسرد تجربة الذهاب إلى مطعم في بالتيمور حيث "كانت عين المستضيفة التي تقودك إلى طاولتك محاطة بكدمة سوداء". يتابع: "كدمة سوداء تماماً. لم يكن السؤال البديهي هو ’ما الذي حدث‘؟ ما حدث كان واضحاً جداً. لكننا لم نتمكن من تجنب السؤال ’هل هذه هي واجهة المكان؟. هل هذا هو الوجه الذي تستقبلون به الناس‘؟ وراح صاحبي الذي كان برفقتي يقول ’أجل، أشعر بالأسف حيالها، يا رجل، أعتقد بأنه يجب وضعها في المطبخ أو مكان آخر حيث لا يمكن لأحد أن يرى وجهها‘. فقلت ’أوه، لكنني أعتقد بأنها لو كانت تستطيع الطبخ، لما كانت عينها متورمة‘". 

ربما ضحك الجمهور الجالس أمام رايف، لكن جمهور الإنترنت لم يضحك. علق أحد الأشخاص عبر منصة "إكس": "كانت الفتيات والأشخاص مثليو الجنس أكبر شريحة يستهدفها مات رايف، وقد استخدم عرضه الخاص على نتفليكس لإرضاء الذكورة السامة". أضاف آخر: "لا يستطيع مات رايف الذي بنى منصته الإعلامية باستهداف جمهوره الأنثوي أن يفتتح عرضه الخاص على نتفليكس بنكتة عن العنف الأسري". 

ومما زاد الطين بلة، أن رايف رد على الانتقادات بمنشور على "إنستغرام" موجه إلى أولئك "الذين شعروا بالإساءة بسبب نكتة قلتها". تضمن المنشور جملة "أنقر هنا لحل مشكلتك" مرفقة برابط إلكتروني يوجه المتابعين إلى متجر إلكتروني يبيع خوذات للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.

ربما تبدو تعليقات رايف صادمة، لكن بالنسبة إلى أي شخص يتعامل مع ركن معين من الإنترنت – الركن الداعم للمحتوى السريع والخاطف الذي يقدمه الكوميديون الذكور - فهي عادية جداً. كانت هناك لحظات أخرى من كراهية النساء في عرضه أيضاً، مثل المقطع الذي تحدث فيه عن النساء المهتمات بالقوة الروحية للبلورات الكريستالية. بدأ قائلاً: "يا رفاق، علينا أن نقف بثبات... يخرج هراء البلورات هذا عن نطاق السيطرة. سيداتي، تخلين عن هذه الحصى اللعينة، حسناً؟"

ويعرب لاحقاً عن أسفه لأن هؤلاء النساء "لن يتوقفن عن الحديث" عن بلوراتهن، قبل أن يحاول تقليد إحداهن بنبرة صوت لا يمكن وصفها إلا بأنها مرتفعة بدرجة معتلة نفسياً. عندما تأخذون في الاعتبار أن رايف الذي تشكل الإناث غالبية جمهوره، قد أخبر مجلة "فارايتي" أخيراً أن هذا العرض الخاص كان "موجهاً أكثر للرجال"، لا يسعكم إلا التساؤل عن نواياه. هل يهدف إلى الترويج لنفسه بين الرجال من خلال كراهية النساء الوقحة؟ أم من خلال إلقاء نكات تقلل من شأن النساء وتجعلهن يبدون غبيات؟ أم تحويلهن إلى أدوات جنسية مخصصة للاستهلاك الذكوري؟ لأنه، كما هي الحال الآن، هناك رجال آخرون كثر على الإنترنت يفعلون ذلك بالضبط - ويحققون ملايين المشاهدات من خلال هذا النهج.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أدخلوا عبارة "نساء الفطور المتأخر" في أداة البحث على منصة "تيك توك" وستحصلون على الفور على عدد لا يحصى من مقاطع الفيديو لرجال يقلدون مجموعات من النساء في وجبات الإفطار المتأخر المصحوبة بالشراب. يتحدثون بطبقة مرتفعة، ويشربون النبيذ الوردي، وغالباً ما يستخدمن لكنة معينة بطريقة ساخرة، فهن عادة إما من الطبقة المخملية أو من مقاطعة إسيكس. ثم يؤدون حركات مخجلة أمام الكاميرا، ويستمتعون باستهداف بعضهم بعضاً، لأن كل ما تريد النساء القيام به هو القيل والقال، والسكر، والتقاط صور شخصية مخجلة، على ما يبدو. أحياناً يعتمرون باروكات ويرقصون فوق الطاولات، وفي أحيان أخرى يغازلون النادل وتزداد حال سكرهم وهذيانهم.

لا يرقى أي من هذا بطبيعة الحال إلى مستوى السخرية من العنف الأسري. لكنه جزء من الثقافة ذاتها، أليس كذلك؟ ثقافة تقوض النساء وتقلل من قيمتهن، وتختزلهن كنماذج ساذجة يتم تداولها في الميمات، تمتلك هوايات فارغة وتعيش حياة لا معنى لها، تردد هذه الصور واحدة تلو الأخرى بصوت متذمر لا يطاق. 

نحن نراها بكثرة في أماكن أخرى أيضاً. يقدم الفنان الكوميدي البريطاني الشهير جوش بيري سلسلة ينتحل فيها بصورة منتظمة شخصيات نساء متعجرفات بدرجة تبعث على السخرية، ويرتدي باروكات مهلهلة ويدخن السجائر الإلكترونية بشراهة بينما يتحدث عن ثقافة "الاحتيال" في منطقة بريكستون. في أحد مقاطع الفيديو الأكثر مشاهدة، يظهر مقلداً امرأة تعمل في العلاقات العامة ومدمنة بشدة على الكوكايين، ويقول: "ليست لدي أدنى فكرة عما أفعله، لكنني تناولت من الكوكايين ما يكفي لجعلي أعتقد بأن أحداً لا يلاحظ ذلك". 

ينشر بيري بانتظام مقاطع فيديو تسخر من الرجال، لكن لا يبدو أنها تحمل المضمون نفسه كتلك التي يسخر فيها من النساء. تتميز شخصياته الذكورية بمزيد من التنوع: فهم مقامرون و"قادة فكر" على منصة "لينكد إن" وسائقو دراجات شغوفون في منتصف العمر. هناك تنوع أكثر في المزيج، كما أن الفكاهة أعمق. أما كل شخصياته النسائية، فهن مجرد معتوهات لا أكثر، وهذه هي النكتة.

يفعل عدد من الكوميديين الآخرين على الإنترنت الأمر عينه. في أحد المقاطع الشهيرة على "تيك توك"، نرى الكوميدي الأميركي بيل بر وهو يسخر من النساء اللاتي "يتذمرن دائماً" من حياتهن. يسأل: "ماذا حدث لك اليوم يا عزيزتي؟... ألم يقوموا بتبريد النبيذ الخاص بك؟".

ثم هناك سلسلة من المقاطع المنتشرة على نطاق واسع التي تسخر من "الفتيات المخمورات" (ملاحظة: إنها تتحدث دائماً عن "الفتيات" وليس "النساء" إطلاقاً). نحن نرى الفنان الكوميدي كريس ديليا الذي نفى مزاعم عدة بالتحرش الجنسي يتحدث بطريقة غير متماسكة أمام الجمهور ويقول: "لا شيء مهم بالنسبة إلى فتاة ثملة على الإطلاق". تمت إعادة استخدام التعليق الصوتي في المقطع منذ ذلك الحين مرات عدة من قبل فنانين كوميديين ذكور آخرين للسخرية من فكرة أن... حسناً... النساء الثملات هن... غبيات؟ على ما أظن؟".

هذه السلالة على وجه الخصوص من الكوميديين الذكور المتحيزين جنسياً حظيت بلحظة أخرى انتشرت على نطاق واسع في وقت سابق من هذا العام، عندما أدلى الموسيقار ماتي هيلي من فرقة "ذا 1975" The 1975 والفنان الكوميدي آدم فريدلاند بعدد من الملاحظات المهينة حول النساء في المدونة الصوتية التي تحمل اسم فريدلاند. في مرحلة ما أثناء البرنامج، أخبر هيلي فريدلاند أنه سوف "يمارس الجنس مع" أخت فريدلاند لأنها "مثيرة". ثم راحا يسخران في ما بعد من الطمث لدى النساء واقترحا أن القمر يتحكم في الدورة الشهرية. وقال فريدلاند: "من المضحك أن مزاج المرأة يتعكر بسبب القمر... في حين أننا نحن الرجال قد ذهبنا إلى هناك!" ضحك هيلي على التعليقات وأضاف: "اللعنة، نعم، هذا صحيح جداً!". كذلك أدليا بسلسلة من التصريحات العنصرية حول مغنية الراب آيس سبايس – لكن هيلي اعتذر منذ ذلك الحين.

عند النظر إلى مقاطع الفيديو هذه كل واحد على حدة، قد يكون بعضها مضحكاً، وأنا متأكدة أنني سأضحك على عدد قليل منها إذا سمعت النكات على الهواء مباشرة، بخاصة إذا كانت تذكرني بسلوكي الشخصي. لكن من الصعب ألا تشموا رائحة كراهية النساء المتأصلة بمجرد إلقاء نظرة على الحجم الهائل لمقاطع الفيديو هذه. لا يمكنكم أيضاً إلا أن تتساءلوا عن مدى فائدة كل هذا، لا سيما عندما تنظرون إليه ضمن السياق الأوسع للطريقة التي يتحدث بها الرجال عن النساء عبر الإنترنت – خذوا مثلاً المؤثر الرجالي آندرو تيت - وسلسلة من الكوميديين الذكور الذين ألقوا نكاتاً عن العنف الجنسي، ومن بينهم مايكل تشي ودانييل توش وجيم جيفريز.

ثم هناك راسل براند الذي من بين كثير من المواد الأخرى الكارهة للنساء، قال مازحاً على خشبة المسرح عن النساء اللاتي يمارسن الجنس الفموي معه، "أنا أحب الجنس الفموي، صحيح، إذ يشعرن بالاختناق قليلاً... عندما تسيل الدموع من أعينهن قليلاً". ومنذ ذلك الحين، وجهت إلى الفنان الكوميدي تهم متعددة تتعلق بالاعتداء الجنسي، الأمر الذي نفاه.

إذاً، في أي مكان يضع هذا رايف؟ ربما لم يلق نكاتاً عن الاغتصاب، أو جعل أعين النساء تدمع خلال ممارسة الجنس الفموي، لكن هذا لا يستثنيه من المشكلة الأكبر الموجودة. ولعل الهدف من كل هذا هو الاعتراف بكيف يمكن أن تؤدي نكتة عن "الفتيات الروحانيات" إلى نكتة أخرى عن "الفتيات الثملات"، ثم مزحة ثالثة عن أصلهن العرقي، وبعدها أجسادهن، وما إلى ذلك.

كل هذا جزء من ثقافة كراهية النساء عينها، وفي هذا الإطار نحتاج إلى التفكير ملياً في الطريقة التي يتحدث بها الكوميديون الذكور عن النساء. لأن السخرية من نوع سلوكي معين ليست ممكنة في كثير من الأحيان قبل تطبيع السخرية. حينها، وقبل أن تدركوا الأمر، تجدون أنكم صرتم جزءاً من المشكلة التي تحاولون السخرية منها.

© The Independent

المزيد من منوعات