Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يستجيب "الناتو" لدعوات التدخل في غزة؟

مساعد الأمين العام للحلف لـ"اندبندنت عربية": يمكن لـ"الناتو" القيام بهذا الدور إذا قرر المجتمع الدولي والحلفاء

جانب من اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي ببروكسل، في 29 نوفمبر المنصرم (أ ف ب) 

ملخص

يتطلب نشر قوة دولية في غزة استصدار قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهو أمر غير مرجح نظراً إلى الخلافات بين دول حق النقض

ما زال السؤال في شأن غزة ما بعد الحرب، أو ما يوصف بـ"سيناريو اليوم الثاني"، يؤرق صناع القرار في إسرائيل والمنطقة وفي كيانات غربية عدة، إذ لا تزال سيناريوهات عدة قيد النظر والدراسة، من بينها تسليم مقاليد الأمور للسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، أو بقاء سيطرة إسرائيلية موقتة، أو تولي تحالف مؤلف من قوات عربية مسألة استعادة الأمن، وثمة سيناريو رابع لمح إليه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في تصريحات مطلع الأسبوع الجاري، يتعلق بدولة فلسطينية منزوعة السلاح مع "ضمانات بقوات، سواء من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أو قوات من الأمم المتحدة، أو قوات عربية، أو أميركية، حتى نحقق الأمن للدولتين الفلسطينية الوليدة والإسرائيلية".

تصريحات الرئيس المصري تتفق جزئياً مع سيناريو طرحه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تصريحات صحافية في وقت سابق من الشهر الجاري، يدعو فيها إلى دور لحلف شمال الأطلسي في غزة ما بعد الحرب، وهو سيناريو ينطوي على نشر قوة دولية لحفظ السلام وضمان نزع السلاح الشامل وإرساء الأمن، مع وضع قطاع غزة تحت إدارة دولية موقتة. ومع ذلك، فبالعودة للوراء قليلاً، فإن تدخل "الناتو" في الشرق الأوسط لم يلق النجاح عادة، سواء في أفغانستان أو في ليبيا، لكن ما احتمالات تدخل الحلف الذي ينصب اهتمامه حالياً على أوكرانيا، حيث بات غارقاً في البحث عن سبل لتأمين جناحه الشرقي ضد التهديد الروسي؟

التدخل محكوم برغبة الحلفاء

في تصريحات خاصة لـ"اندبندنت عربية" على هامش اجتماع وزراء خارجية "الناتو"، المنعقد في بروكسل، قال نائب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي للشؤون الخارجية والسياسات الأمنية خافيير كولومينا إنه "لم تناقش، ولم تطرح مسألة التدخل في غزة ما بعد (حماس)". ومع ذلك لم يقطع كولومينا بعدم التدخل نهائياً، بل أشار إلى أنه في نهاية المطاف، "يمكن لحلف شمال الأطلسي القيام بهذا الدور إذا قرر المجتمع الدولي وحلفاء (الناتو)، ولكن كما قلت لم يناقش بعد". وبشأن إرسال بعثة لحفظ السلام إلى غزة، قال إن "(الناتو) قام بمثل هذه الجهود في مناطق أخرى من قبل، ويمكنه القيام بها مجدداً". ومع ذلك أكد أنه "لم يتخذ قرار في شأنها (غزة)، ولم يقترح علينا حتى الآن، وهو قرار يتعين على الحلفاء اتخاذه، من بين عديد من الاعتبارات الأخرى".

عراقيل في الطريق

ويتطلب نشر قوة دولية في غزة استصدار قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بموجب الفصل السابع، وهو وفق مراقبين غربيين أمر غير مرجح إلى حد ما في المستقبل المنظور، نظراً إلى العلاقات المتوترة بين دول حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، الولايات المتحدة من ناحية، وروسيا والصين من ناحية أخرى. علاوة على ذلك، تراجعت الحماسة الدولية بشدة لبعثات حفظ السلام بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.

وتقول المتخصصة في مجال العلوم السياسية، الزميلة لدى المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، مويل أسيبورغ، إنه "حتى لو أمكن التوصل إلى اتفاق دولي، فإن إسرائيل ستظل على الأرجح مصرة على تدابيرها الأمنية الخاصة والمناطق العازلة. علاوة على ذلك، فإن الأمم المتحدة والدول المساهمة بقوات ستطالب بأن يكون نشر القوات جزءاً لا يتجزأ من عملية حل الصراع السياسي الأوسع، وعلى المدى المتوسط، يليه نقل السيطرة على غزة إلى السلطة الفلسطينية. ومن المرجح أن ترفض إسرائيل كلا الأمرين، بخاصة في ظل حكومة اليمين الديني الحالية، وستظل عملية إعادة الإعمار والانتعاش الاقتصادي صعبة في ظل هذه الظروف".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


إيران قد تغير المعادلة

خلال اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي ناقش الوزراء الوضع في الشرق الأوسط، إذ أدت الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة "حماس" إلى زيادة التهديدات لأمن أعضاء دول "الناتو". ويقول منسق برنامج الأمن الدولي لدى المعهد البولندي للشؤون الدولية، فويتسيك لورينز، إنه "على رغم أن بعض الحلفاء في (الناتو) على استعداد لتقديم المساعدة السياسية والعملية لإسرائيل، فإن الحلف كمنظمة لن يشارك في القتال ضد (حماس)، وسيقتصر دوره على التعاون الاستخباراتي والكشف عن التهديدات الإرهابية للحلفاء. ومع ذلك، يتوقع لورينز دور أكبر لـ(الناتو) في حال حدوث مزيد من التصعيد، بخاصة من جانب إيران".

وخلال المؤتمر الصحافي الذي سبق انعقاد اجتماع وزراء الخارجية، أبدى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ قلقه من الدور الإيراني. وأشار إلى "الحاجة إلى ضمان عدم توسيع الحرب في غزة"، قائلاً "بالطبع لدينا قلق في شأن تصعيد الصراع، لذا ينبغي على إيران كبح جماح وكلائها". وشدد على أن "ما رأيناه من هجمات المسيرات وهجمات أخرى استهدفت القوات الأميركية في المنطقة والسفن التجارية يمثل قلقاً بالغاً". ويؤكد أهمية أن "تمتنع إيران عن استغلال الوضع لتحويله إلى صراع إقليمي أوسع". وأضاف ستولتنبرغ أن "حلف شمال الأطلسي لم يكن له دور نشط في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، لكنه يوجد في المنطقة الأوسع من خلال مهمته في العراق لمكافحة تنظيم (داعش)، ولبناء القدرات، ومن خلال التعاون مع الشركاء، بما في ذلك الأردن ودول الخليج". ومن ثم فإن حجم استغلال إيران للصراع من شأنه أن يجر "الناتو" إلى التدخل وإن كان تحت اسم حماية حرية الملاحة، فمن بين التحديات التي يواجهها الحلف، على سبيل المثال، محاولة إيران إغلاق مضيق هرمز. وفي حالة التدخل العسكري الأميركي، سيكون هناك ضغط متزايد على الحلفاء الأوروبيين للانضمام إلى تحالف دولي يهدف إلى ضمان حرية الملاحة، وفقاً للقانون الدولي.
وخلال العام الماضي وقعت حوادث بحرية متزايدة في مياه الخليج اتهمت واشنطن وعواصم غربية طهران بالوقوف وراءها. وفي وقت سابق من العام الحالي، قامت السيناتور الديمقراطية جاكي روسن والنائبة الجمهورية كاثي ماكموريس روجرز، بدعم من زملائهما الأعضاء في تجمع "اتفاقات أبراهام" بالكونغرس الأميركي، بتقديم قانون الهندسة البحرية والاستجابة للإرهاب الدولي في الشرق الأوسط ،أو ما يعرف اختصاراً بقانون "ماريتيم" (MARITIME). وفي بند مشابه لمشروع قانون العام الماضي، يخول مشروع القانون الجديد وزارة الدفاع (البنتاغون) إنشاء قدرة متكاملة للتوعية بالمجال البحري مع شركاء القيادة المركزية الإقليميين للحراسة المشتركة لبعض الممرات المائية التجارية الأكثر ازدحاماً في العالم في شبه الجزيرة العربية وحولها.

تدخل الأعضاء وليس الحلف

ووفق المفهوم الاستراتيجي الجديد الذي أصدره الحلف العام الماضي فإن التهديد العسكري الرئيس لحلفاء "الناتو" هو روسيا والأولوية هي تعزيز قدرات الدفاع والردع. وفي الوقت ذاته يعترف الحلف بالإرهاب، باعتباره "التهديد الرئيس غير المتماثل"، وقد عمل على تطوير التعاون مع الشركاء الإقليميين - في المقام الأول الأردن والعراق وإسرائيل - لتعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط. ولأن الدول الأعضاء لديها تصورات مختلفة للتهديد، فإن الاستراتيجية التي صيغت بهذه الطريقة تهدف إلى تسهيل قدرة "الناتو" على الاستجابة للتهديدات الكبرى في وقت واحد وضمان التماسك السياسي للحلف. وعلى رغم أن إسرائيل تعد واحداً من أهم شركاء الحلف في الشرق الأوسط، فإن تنسيق المواقف بين الدول الأعضاء في شأن الحرب في غزة شكل تحدياً لـ"الناتو". ففي حين دعم غالب دول الحلف "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" خلال التصويت على مشروع قرار أممي في الـ27 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، يتعلق بالدعوة إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس"، وهو مما اعتبرته الحكومة الإسرائيلية محاولة لتقويض قدرتها على مكافحة "حماس" باعتبارها "جماعة إرهابية"، فإن عديداً من الدول الأخرى إما امتنعت عن التصويت، وإما أيدت القرار.

ويرى مراقبون أنه من غير المرجح أن تستخدم الدول الأعضاء الحلف لممارسة نفوذ سياسي على أطراف الصراع بسبب خطر التوترات السياسية داخل التحالف. ويعتقد لورينز أنه إذا شكل تحالف دولي لمحاربة "حماس"، "فمن غير المرجح أيضاً أن ينضم إليه رسمياً حلف شمال الأطلسي كمنظمة، وعلى رغم انضمام دول الحلف إلى ذلك التحالف الذي قاتل (داعش) في عام 2017، فإن معظم الحلفاء تعاملوا مع هذا التنظيم الإرهابي باعتباره تهديداً مباشراً لأمنهم، كما اعتبرت مشاركة الحلف في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أمراً ضرورياً لتعزيز التماسك السياسي لحلف شمال الأطلسي".

المزيد من تقارير