ملخص
يبدأ المرشحون للانتخابات المحلية في تونس حملاتهم الانتخابية لانتخاب أعضاء المجالس المحلية والجهوية
يتطلع رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى تتويج مشروعه السياسي في تونس بإرساء المؤسسات الجديدة التي نص عليها دستور 2022، ومن بينها المجلس الوطني للجهات والأقاليم، وهو الغرفة التشريعية الثانية.
الانتخابات المحلية
وتنطلق، اليوم السبت الثاني من ديسمبر (كانون الأول) 2023، الحملة الانتخابية للمرشحين لهذه الانتخابات الأولى من نوعها في تاريخ تونس السياسي، والبالغ عددهم 7205 مترشحين في 2153 دائرة انتخابية، ويبلغ العدد الإجمالي للناخبين المعنيين بهذه الانتخابات تسعة ملايين ناخب، بينهم 51 في المئة إناثاً و49 في المئة ذكوراً.
وأكد فاروق بوعسكر رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، في ندوة صحافية، أن "الترشحات لهذه الانتخابات شملت مختلف الدوائر الانتخابية، وأن كل المجالس المحلية والجهوية ثم الوطنية لن تشهد أي شغور".
واستعداداً ليوم الاقتراع في الـ24 من ديسمبر 2023، خصصت الهيئة 4685 مركز اقتراع و8190 مكتب اقتراع وتكوين قرابة 34500 عون.
وستتوج هذه الانتخابات المسار السياسي الذي بدأه الرئيس التونسي، في الـ25 من يوليو (تموز) 2021، وأعلن فيه عن مختلف محطاته بحل البرلمان وإصدار قانون انتخابي جديد على الأفراد بدل القائمات ووضع دستور جديد بديل لدستور 2014 وانتخاب برلمان جديد.
فما ملامح الجمهورية الجديدة في تونس؟ وهل يكتب لهذا المسار السياسي الجديد الديمومة في ظل سياق اقتصادي واجتماعي متدهور؟
من ملامح المرحلة الراهنة في تونس تهميش حضور الأحزاب في المشهد السياسي، وانحسار دور المنظمات والنقابات، بينما ظهرت نخبة سياسية جديدة تحمل مشروعاً سياسياً مختلفاً في إطار المشروع الإصلاحي الذي وعد به رئيس الجمهورية التونسيين في مختلف تدخلاته والقائم على إرجاع ما تم نهبه من الشعب التونسي من قبل طبقة سياسية حكمت تونس طوال فترة ما بعد 2011.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وإذ رحب معظم التونسيين بالإجراءات الاستثنائية التي اتخذها رئيس الجمهورية، في يوليو 2021، وتعزز رصيد الثقة والدعم للرئيس سعيد، إلا أن تداعيات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية ألقت بظلالها على هذا المسار بعد أكثر من سنتين من انطلاقه، وتجلى ذلك من خلال ضعف إقبال التونسيين على المشاركة السياسية في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي لم تتجاوز فيها نسبة المشاركة الـ11 في المئة، على رغم أن الرهان كان انتخاب برلمان جديد يمثل التونسيين ويهتم بمشاغلهم، فإن البرلمان المنتخب حديثاً لم ينجح في سن التشريعات الضرورية للمرحلة السياسية الجديدة، وواجه صعوبات عدة، وشهد انقسامات ظهرت بخاصة عند مناقشة مشروع القانون المتعلق بتجريم التطبيع.
استكمال المؤسسات بوضع محكمة دستورية
وأعرب سرحان الناصري رئيس حزب "التحالف من أجل تونس" عن أمله أن ينجح مسار الـ25 من يوليو 2021 في "التأسيس للجمهورية الجديدة التي يحلم بها كل تونسي وتونسية"، مضيفاً أن "تونس انطلقت منذ فترة في وضع المؤسسات الجديدة، من خلال دستور وبرلمان جديدين، وستشهد قريباً تنظيم الانتخابات المحلية، لوضع المجلس الوطني للجهات والأقاليم"، داعياً إلى استكمال بناء المؤسسات بوضع المحكمة الدستورية حتى تستكمل الجمهورية الجديدة مؤسساتها كافة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأمل الناصري أيضاً في أن "تعكس الجمهورية الجديدة تطلعات التونسيين في الرفاه وفي الشغل والكرامة والنقل والصحة"، مضيفاً أن "تونس قادرة على رسم ملامح مرحلة جديدة، إذا ما توفرت الإرادة، وتحقق الانسجام بين مختلف مؤسسات الدولة". ورأى أن "البرلمان الجديد الذي علق عليه التونسيون آمالاً عريضة لم يكن في مستوى تطلعات التونسيين بعد سنة من تشكيله"، داعياً إلى "القطع مع الممارسات الحزبية القديمة التي طغت على المشهد السياسي في تونس، والالتصاق أكثر بالقضايا الوطنية التي تهم التونسيين، على غرار الجوانب الاقتصادية والاجتماعية التي يجب أن ترافق بناء المؤسسات". ولفت رئيس حزب "التحالف من أجل تونس" إلى أن "الحكومة الحالية فشلت في تحقيق أي منجز اقتصادي أو اجتماعي"، داعياً إلى "إجراء تغيير حكومي ناجع من خلال حكومة كفاءات وطنية ذات خبرة وقادرة على دفع عجلة التنمية".
مرحلة محدودة ولن تعمر
ويستكمل هذا المشروع محطاته بإجراء الانتخابات المحلية التي ستشمل دوائر ضيقة وستجسد فكرة القرب والحكم المحلي، وسيمثل هذا الاستحقاق الانتخابي المحلي تحدياً كبيراً، لا سيما من حيث الإقبال على صناديق الاقتراع، بعد تسجيل نسب مشاركة ضعيفة في الانتخابات التشريعية السابقة.
ويتوقع معارضو مسار رئيس الجمهورية أن تكون نسبة المشاركة ضعيفة، ولا تختلف عن سابقاتها بسبب الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي، وعدم قدرة منظومة الحكم الجديدة على دفع عجلة التنمية.
ورأى الأكاديمي والناشط السياسي الأمين البوعزيزي أن "مرحلة قيس سعيد لن تعمر طويلاً، لأن ما وضعه من مؤسسات تبدو هشة وبلا سند، فالبرلمان بلا لون سياسي، والانتخابات المحلية من دون سياسيين متمرسين وقادرين على تجسيد رؤية مجتمعية متكاملة في التنمية"، وقدر البوعزيزي أن "مشروع سعيد فشل في الاختبار الشعبي من خلال الاستشارة الوطنية التي أقبل عليها 500 ألف تونسي فقط، والانتخابات التشريعية الأخيرة التي شارك فيها 11 في المئة فقط من الجسم الانتخابي"، متوقعاً أن تشهد الانتخابات المحلية عزوفاً لافتاً من التونسيين. وخلص الناشط السياسي إلى أن "سعيد لم يكن وفياً لوعوده الاقتصادية والاجتماعية، ولم تنجح حكومته والمؤسسات التي وضعها في تغيير واقع التونسيين إلى الأفضل".