يبدو أن الذهب لن يفوت الفرصة للوصول إلى أعلى المستويات فيما تبقى من العام الحالي أو في العام الجديد 2024، مستغلاً تراجع منافسه الدولار الأميركي كأداة من أدوات التحوط والاستثمار إثر أنباء متفائلة من مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي).
مستوى 2076 دولاراً للأوقية
إلى ذلك اقتربت أسعار الذهب بصورة قوية من أعلى مستوياتها على الإطلاق أول من أمس الجمعة عندما وصلت قرب مستوى 2076 دولاراً للأوقية مستفيدة من ضعف الدولار الأميركي، بفعل تزايد رهانات عدم رفع الفائدة الأميركية بعد أن نجحت في إضافة أكثر من 30 دولاراً للأوقية حالياً.
وخلال جلسة تعاملات نهاية الأسبوع الجمعة الماضي ارتفعت عقود الذهب الآجلة تسليم ديسمبر (كانون الأول) الجاري بنحو 33.20 دولار أو بنسبة 1.68 في المئة لتصل إلى 2071 دولار، وارتفعت العقود الفورية بنحو 35 دولارا للأوقية أو بنسبة 1.70 في المئة ويتم تداولها حالياً قرب مستوى 2.070 دولار للأوقية.
العملة الأميركية تتضرر
ويبدو بالفعل أن تصريحات محافظ الفيدرالي الأميركي جيروم باول مساء اليوم الجمعة أضرت بالعملة الأميركية بعدما أكد أن سعر الفائدة الأميركية يسير بصورة جيدة في الوقت الحالي، وأن بنكه حقق تقدماً كبيراً في مكافحة التضخم وخفض معدلاته، مرحباً بانخفاض التضخم الذي أظهرته البيانات الأخيرة.
وعلى رغم التصريحات المتفائلة إلا أن رئيس الفيدرالي الأميركي أشار إلى أن "المركزي الأميركي" بحاجة إلى رؤية مزيد من التقدم في خفض التضخم إلى اثنين في المئة (معدل التضخم المستهدف من قبل البنك).
لكن تصريحاته عكست أيضاً الثقة المتزايدة في أن سعر الفائدة الحالي الذي يتراوح بين 5.25 و5.50 في المئة قد يكون كافياً لإتمام المهمة، فهذه المرة الأولى التي يكرر فيها كلمات مثل "التوازن" التي فسرها المحللون بأنها دليل على وصول "المركزي" لمرحلة تتوازن فيها أسعار الفائدة والتضخم مع نمو الاقتصاد.
وبلغ المقياس الرئيس للتضخم في المتوسط 2.5 في المئة على مدى الأشهر الستة المنتهية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قرب هدف بنك الاحتياط البالغ اثنين في المئة.
ويجتمع بنك الاحتياط الفيدرالي فب الـ 12 والـ 13 من ديسمبر الجاري، ومن المتوقع أن يترك سعر الفائدة من دون تغيير للاجتماع الثالث على التوالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأظهرت رهانات متداولي العقود الآجلة لأسعار الفائدة أن الفيدرالي سيترك أسعار الفائدة ثابتة خلال اجتماعات السياسة في ديسمبر الجاري ويناير (كانون الثاني) 2024المقبل، ثم البدء في خفض أسعار الفائدة في اجتماع مارس (آذار) 2024.
وعززت تصريحات رئيس "الفيدرالي" توقعات الأسواق حيال موقف البنك تجاه أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، مما عزز قوة الذهب وأضعف الطلب على الدولار.
الذهب ارتفع بنسبة 8 في المئة
في غضون ذلك توقع محللون أداء المعدن النفيس خلال الفترة المقبلة خصوصاً بعدما تداول الذهب فوق 2000 دولار للمرة الأولى منذ مايو (أيار) 2023، متجهاً إلى مواصلة الارتفاع مما يزيد احتمال وصول الذهب إلى أعلى مستوياته على الإطلاق في عام 2024 أو قبل ذلك.
وقال محللون في بنك "سوسيتيه جنرال" إن "بنك الاحتياط الفيدرالي سيبدأ دورة من خفض أسعار الفائدة خلال العام المقبل"، متوقعين خفضاً إجمالياً قدره 150 نقطة أساس في 2024.
وأشار المحللون إلى أن "هذا الوضع سيستمر في دعم سعر المعدن الأصفر نظراً إلى أن انخفاض أسعار الفائدة سيفيد الذهب باعتباره أصلاً لا يدر عائداً، إذ يدفع مزيداً من السيولة خارج السندات ونحو الأسواق الأخرى، في حين تدفع حال عدم اليقين الجيوسياسية المستثمرين إلى البحث عن الأمان في أقدم مخزن للقيمة في العالم مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
ولفتوا إلى أن "أسعار الذهب تسير في اتجاه معاكس لأسعار النفط، إذ إن أسعار المعدن الأصفر ارتفعت بنحو ثمانية في المئة منذ بدء الصراع بين إسرائيل و"حماس"، وأضافوا أن "الذهب استمر في تجاهل ارتفاع العائدات الحقيقية بعدما ظل الطلب قوياً".
وقالوا إن أحد المصادر الرئيسة للطلب على الذهب ودعم سعره كانت من قبل البنوك المركزية الجنوبية التي زادت احتياطاتها منه خلال الشهور القليلة الماضية، خصوصاً الصين، إذ كان المعدن النفيس أحد مصادر التنويع في الأصول الحقيقية.