ارتفعت أسعار النفط، مواصلة مكاسبها لثاني جلسة مع سعي أميركا إلى إنعاش احتياطاتها الاستراتيجية، مما وفر بعض الدعم، على رغم استمرار مخاوف من تخمة المعروض من الخام وضعف نمو الطلب على الوقود.
وارتفعت العقود الآجلة لخام "برنت" إلى 76.14 دولار للبرميل، وزادت العقود الآجلة لخام "غرب تكساس الوسيط" إلى 71.47 دولار للبرميل
تخفيضات الإنتاج
وانخفض النفط بنحو الخمس منذ أواخر سبتمبر (أيلول)، على رغم تخفيضات الإنتاج الإضافية من "أوبك+" ومن المتوقع أن يتباطأ نمو الطلب الصيني في العام المقبل، وهناك فرصة لحدوث ركود في الولايات المتحدة.
وذكرت "بلومبيرغ الشرق" بأن محللي "أر بي سي كابيتال ماركيتس أل أل سي" (RBC Capital Markets LLC)، بما في ذلك مايكل تران، في تقرير "ستظل الأسعار متقلبة وبلا اتجاه حتى ترى السوق بيانات واضحة تتعلق بتخفيضات الإنتاج الطوعية... سيكون الأمر متقلباً خلال شهرين قبل وضوح البيانات القابلة للقياس في شأن الامتثال".
أسواق النفط
في ظل ذلك قد توفر التقارير الشهرية المقرر صدورها هذا الأسبوع عن وكالة الطاقة الدولية، ومنظمة "أوبك" الوضوح في شأن أساسات العرض والطلب، كما سيركز المستثمرون أعينهم أيضاً على آخر قرار في مسار سعر الفائدة الأميركية لهذا العام.
استفاد المستهلكون - بما فيهم شركات الطيران والمرافق العامة - من تراجع أسعار النفط الأخير لشراء البراميل بسعر أرخص. إذ مرت الأسواق بموجة من فروق أسعار الشراء في تداولات خام "برنت"، مما يحد من تأثير أي ارتفاع مقبل في أسعار النفط الخام على المشترين.
كميات التعاقد
إلى ذلك ذكرت مصادر مطلعة نقلاً عن وكالات اليوم الإثنين أن شركة النفط السعودية العملاقة "أرامكو" أبلغت ثلاثة مشترين في الأقل في شمال آسيا أنها ستمدهم بكامل الكميات المتعاقد عليها من النفط الخام في يناير (كانون الثاني) 2024.
وأعلنت السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، في مطلع ديسمبر (كانون الأول) أنها ستمدد تخفيضات الإنتاج الطوعية بمقدار مليون برميل يومياً في الربع الأول من 2024، في إطار جهود مجموعة "أوبك+" لدعم أسعار النفط.
وذكرت المصادر، التي طلبت عدم ذكر هوياتها لأنها غير مخولة بالحديث علناً، أنه نظراً إلى أن أسعار البيع الرسمية للنفط السعودي إلى آسيا كانت تفوق بكثير توقعات السوق، فإن بعض المصافي في الصين أكبر مشتر للخام السعودي طلبت إمدادات أقل.
وقالت مصادر تجارية إنه تم تخصيص نحو 40 مليون برميل لمصاف صينية تحميل يناير خفضاً من 46 مليون برميل في ديسمبر.
ويجري تقييم أسعار درجات خام أخرى بنفس جودة درجات الخام السعودية بأسعار أقل بكثير.
لكن المصادر قالت إنه على رغم ارتفاع أسعار الخام السعودية فإن مصافي في بلدان أخرى في شمال آسيا لم تطلب كميات أقل.
وقال أحد المتعاملين مع مصفاة يابانية "أعتقد أن كثراً فكروا في خفض أحجام الإمداد، لكن هذا ليس من السهل علينا فعله. نحن في حاجة إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع السعودية بسبب مخاوف مرتبطة بأمن الطاقة".
من جهة أخرى قالت مصادر مطلعة اليوم الإثنين إن طلب شركات التكرير الصينية على خام "أرامكو" السعودية لشهر يناير بلغ أدنى مستوياته في خمسة أشهر، إذ دفعت الأسعار الأعلى من المتوقع المشترين إلى البحث عن إمدادات أرخص من النفط الخام في يناير 2024 على رغم التزام السعودية الخفض الطوعي لإنتاج الخام.
وبلغ متوسط العلاوات الفورية لخام "عمان متوسط الكبريت" وخام "مربان الخفيف عالي الكبريت" نحو 0.50 دولار إلى 0.60 دولار للبرميل فوق أسعار دبي حتى الآن هذا الشهر، وهو أدنى مستوياتها في نحو ثلاث سنوات.
النفط الروسي والإيراني
على صعيد منفصل، ذكرت "بلومبيرغ" عن مصادر تجارية أن بائعي النفط الخاضع للعقوبات من روسيا وإيران يرفعون أسعار العرض للصين بعد ارتفاع الخام الفنزويلي عقب تعليق العقوبات الأميركية على الدولة المنتجة الواقعة في أميركا الجنوبية.
وأدى إعفاء واشنطن فنزويلا من العقوبات لمدة ستة أشهر إلى تكثيف المنافسة على النفط الثقيل من الدولة العضو في "أوبك"، مما أسهم في رفع الأسعار وخفض الإمدادات إلى الصين، أكبر مشتر.
وقد أجبر ذلك بعض مصافي التكرير الصينية المستقلة على البحث عن ثاني أرخص نفط الذي يأتي من روسيا وإيران، مع توقع انتعاش الطلب في أوائل عام 2024 عندما تصدر بكين حصص استيراد سنوية جديدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقد يساعد ذلك في تعزيز إيرادات النفط لموسكو وطهران وتقليل تأثير العقوبات التي فرضتها الدول الغربية للحد من تمويل البرنامج النووي الإيراني والحرب الأوكرانية.
وقال متعامل مقيم في الصين "لقد اغتنمت إيران وروسيا التوقيت المناسب لرفع الأسعار، مما سيساعدهما بلا شك على زيادة إيراداتهما". في غضون ذلك تستمر فوارق الأسعار المرتبطة بآجال النفط في إظهار علامات الضعف. وحتى الآن تشهد فوارق أسعار العقود المستقبلية لأجل ثلاثة أشهر لكل من خامي "برنت" و"غرب تكساس الوسيط" حالة "كونتانغو". بلغ الفارق في سعر عقود خام "برنت" المستقبلية لأجل ثلاثة أشهر 17 سنتاً في حالة "كونتانغو"، مقارنة بـ86 سنتاً في حالة "باكورديشن" قبل شهر.
"أوبك" في قمة المناخ
على صعيد متصل عقدت منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" فعالية على هامش محادثات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) في دبي بهدف إقناع الشباب بدعم الوقود الأحفوري، الذي تسبب مصير استخدامه في انقسامات عميقة بين المندوبين المشاركين في القمة.
وتضمنت الفعالية التي أطلق عليها اسم "يوم خاص - أوبك والشباب" عرضاً تقديمياً في الجناح المخصص لها في المؤتمر.
وحضر هذه الفعالية 10 شباب تقريباً، بعضهم من الناشطين المناهضين للوقود الأحفوري.
وأراد مسؤولو "أوبك" الذين شاركوا في الفعالية نقل رسالة بسيطة مفادها أن النمو السكاني السريع يعني استمرار نمو الطلب على النفط وأن الطاقة المتجددة باهظة الثمن ومحدودة.
وطلب الأمين العام لمنظمة "أوبك" هيثم الغيص من الحضور تصور طفرة سكانية بحجم "50 مدينة مثل لندن" بحلول عام 2030. ويبلغ عدد سكان لندن تسعة ملايين نسمة تقريباً.
وقال "هذا لتوضيح مقدار الطاقة الإضافية التي نتحدث عنها".
وأشار أحد ممثلي "أوبك" إلى أهمية الوقود الأحفوري في القطاع الطبي، وسأل المجموعة عما إذا كان المريض الذي يحتاج إلى نقله على وجه السرعة في سيارة إسعاف سيهتم إذا كان الوقود المستخدم في السيارة مستداماً أم لا.
وظهرت رسالة على شاشة خلفه كتب فيها "تدرك أوبك الدور الحاسم للشباب في تشكيل صناعة الطاقة وتشكيل مستقبل الطاقة للجميع".
وتحدث ممثل آخر لـ"أوبك" مع بعض الناشطين الشبان خارج الجناح وتناقش معهم حول مستقبل النفط.
وعرض في الجناح أيضاً أدوات نستخدمها في حياتنا اليومية مصنوعة من المنتجات النفطية أو تعمل بها، مثل كرة قدم وحافلة مدرسية صغيرة.
وقال مايكل ماتشيل، الذي حضر الفعالية نيابة عن مجموعة تدعى "شباب إنجيليون من أجل العمل المناخي"، لوكالة "رويترز" إن "أوبك" كان لديها فرصة للاستماع إلى مخاوفهم في شأن تغير المناخ، لكنها ساقت حججها مجدداً بدلاً من ذلك.
وأضاف "أعتقد أنهم أضاعوا فرصة مهمة للتواصل مع الشباب"...