ملخص
ابتكر الباعة طرقاً ملتوية لبيع الحطب المحلي المحظور... فماذا فعلوا؟
"مكيفات للبيع" ليس مجرد إعلان تجاري منشور على وسائل التواصل الاجتماعي ويتم ترويجه عبر مناطق السعودية المختلفة، بل كرة لهب تحرق من يقترب منها، إذ غالباً ما تكون عملية تسويقية لبيع الحطب المحلي الذي تحظره الأنظمة.
الصورة التي يضعها المعلن تظهر عدداً من مكيفات الهواء تتوسطها حزمة حطب حتى يتعرف المشتري إليها ويقبل على شرائها، وليس الإعلان عن المكيفات هو فقط المتبع، بل ربما تكون سلعة أخرى الغرض منها لفت أنظار الزبائن، لا سيما في موسم الشتاء الذي يتزايد فيه الطلب المحلي على الحطب.
تشفير وبيع
وتتشابه الإعلانات في مقاصد البائع والمشتري على رغم اختلاف نوع السلعة المعروضة، أما حين يصلان إلى مرحلة الاتفاق والتسليم فإنهما يعتمدان شيفرات للتخاطب في ما بينهما حتى تتم العملية بصورة آمنة.
أحد البائعين ويدعى أبو صالح قال إنها تجارة فردية غير تابعة لمصنع، ولهذا فإن عملية البيع لا تتم وفق الوزن بالكيلوغرام كما هو متبع في المحال والمتاجر المتخصصة، مشيراً إلى اعتماد البيع بحسب الحوض (صندوق الشاحنة الصغيرة) الذي يختلف وفق نوع الحطب وكميته في الصندوق.
وأوضح أبو صالح أنه قبل أن تحظر الأنظمة بيع الحطب المحلي كان الحوض يباع بنحو 800 ريال سعودي (213 دولاراً)، مبيناً أن الأسعار تضاعفت بعد منع تداول الحطب في الأسواق.
والأنواع المحلية الممنوعة والمرغوبة في السوق غالباً هي حطب السمر والطلح، وفق البائع الذي أكد أن السوق شهدت ندرة في هذه الأنواع، مما أدى إلى ارتفاع قيمتها حتى أصبح الحوض الواحد يباع بنحو 2000 إلى 3000 ريال سعودي (500 إلى 700 دولار).
ملاحقة وحظر
وتلاحق الأنظمة السعودية باعة الحطب غير الملتزمين بالإجراءات والتشريعات القانونية والذين يقومون بالاحتطاب أو تسويق المنتجات التي يحظرها النظام البيئي ولوائحه، إذ يعتمدون على بيعها في السوق السوداء بأساليب تمويهية لتفادي العقوبات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفرضت السعودية عام 2005 أنظمة صارمة لوقف الاحتطاب ومنع بيع الحطب المحلي الذي يعد أبرزه حطب الأرطاء والسمر والقرضي، والتشجيع على استيراده من الخارج بإعفاء الموردين من الرسوم الجمركية لاستخدامه في سبيل الحد من قطع الأشجار وتدمير الغطاء النباتي.
ومع الرقابة الصارمة أصبحت السوق تعاني شح الحطب المحلي، مما جعله عملة نادرة وسط ارتفاع الطلب عليه في السوق السوداء، وعلى رغم أن السعودية توفر بدائل عدة له، إلا أن بعضهم ما زال يفضله، فابتكر التجار طرقاً تمويهية تبعدهم من المساءلات القانونية عن طريق عرض سلعة عشوائية إلى جانب الحطب المحلي كأسلوب لإبعاد الشبهات منهم.
وتشدد القوات الخاصة للأمن البيئي في السعودية على أن قطع الأشجار من أراضي الغطاء النباتي أو اقتلاعها أو نقلها أو حتى جرفها أو الاتجار بها من دون ترخيص مخالف لنظام البيئة، وتصل عقوبته إلى التغريم بنحو 20 ألف ريال لكل شجرة (نحو 5500 دولار).
حجب الإعلانات
وأكد مسؤول في المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر لـ "اندبندنت عربية" أن هناك حرصاً على تكثيف الرقابة على المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي التي يستغلها المخالفون في الترويج للمنتجات المحلية من الحطب والفحم.
ولفت مسؤول الغطاء النباتي ومكافحة التصحر إلى أن مركز العمليات يتابع المواقع الإلكترونية الشهيرة ويتواصل مع إدارة الدعم الفني لهذه المنصات في حال رصد المخالفة، ليتم مباشرة حذف هذا الإعلان وحجب المستخدم.
وأشار إلى أن المركز لا يكتفي بتدابير الحجب والردع، بل يقوم باستكمال إجراءات ضبط المخالف بالتعاون والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، ويتم تطبيق العقوبة على المخالف بموجب نظام البيئة ولوائحه التنفيذية.
وتتم استعادة الحطب والفحم المحلي من المخالفين بموجب نظام البيئة واللائحة التنفيذية للاحتطاب، بحسب مسؤول المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، مشيراً إلى أنه يخزن في المواقع المخصصة لذلك، ثم يصار إلى الاستفادة منه في المتنزهات الوطنية عبر إعادة تدويره.
يعتبر شب النار من العادات الراسخة في المجتمع السعودي وكانت تدعو له الحاجة في السابق بحكم عدم توافر بدائل الطاقة منخفضة الكلفة، أما في الوقت الراهن فأصبح وسيلة للترفيه أكثر منه ضرورة.
اعتقادات خاطئة
وبحسب تصريحات سابقة لمسؤولين في وزارة البيئة والمياة والزراعة السعودية، لا يزال كثير من المواطنين يعتقدون بأن استخدام الحطب المحلي سواء في الطبخ أو التدفئة له مزايا وخصائص لا تتوافر في أنواع أخرى من البدائل المسموحة سواء المستوردة أو مصادر أخرى منها الغاز والكهرباء.
وقـدرت إحدى الدراسات حجم التدهور السنوي للغطاء النباتي الشجري نتيجة لاحتطاب أشـجار السـمر بنحـو 3.376 هكتار (33.76 كيلومتر مربع) بين عامي 2002 و2003، ومــن المتوقع أن يصل إلى نحو 13712 هكتاراً (137.12 كيلومتر مربع) في العام الحالي 2023، كما قـدرت حطـب الغضا المعروض فـي أسواق البلاد سنوياً بنحو 4623.5 طن، وكمية حطـب الرطى فقدرت بنحو 4188.5 طن سنوياً.