Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تنسيق استخباراتي مغربي - فرنسي يبدد الجفاء الدبلوماسي

باريس تستعين بالرباط في تأمين الألعاب الأولمبية الصيف المقبل

مدير الاستخبارات المغربية عبداللطيف حموشي خلال استقباله المدير العام للأمن الداخلي بفرنسا نيكولا لورنر (مواقع التواصل)

ملخص

من المرتقب أن يزور مدير الاستخبارات المغربية فرنسا في المستقبل القريب لإنجاز مزيد من التعاون

يبدو أن العلاقات المغربية - الفرنسية تسير وفق إيقاعين مختلفين، الأول سريع ومتطور يترجمه التنسيق الأمني والاستخباراتي بين الرباط وباريس، والثاني بطيء ومتردد يعكسه التوتر الدبلوماسي الذي يسود العلاقات بين البلدين الحليفين في الفترة الأخيرة.

وشهد الإيقاع الأمني والاستخباراتي بين المغرب وفرنسا تطوراً لافتاً في الأيام الماضية بزيارات عمل أجراها كبار المسؤولين الأمنيين الفرنسيين للمغرب، والتقوا نظراءهم المغاربة، من أجل مناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، وأبرزها الهجرة غير المشروعة، والتهديدات الإرهابية، والجريمة السيبرانية، علاوة على طلب تأمين الألعاب الأولمبية المقررة في باريس.

وأجرى المدير العام للأمن الداخلي بفرنسا نيكولا لورنر قبل أيام خلت محادثات في العاصمة الرباط دامت يومين مع كبار المسؤولين الأمنيين المغاربة، وعلى رأسهم المدير العام للأمن الوطني ومدير مراقبة التراب الوطني (الاستخبارات المغربية) عبداللطيف حموشي.

وناقش لورنر وحموشي تقييم التعاون الاستخباراتي والأمني بين المغرب وفرنسا، وتدارسا كذلك آليات التنسيق العملياتي في القضايا الأمنية ذات الاهتمام المشترك، واتفقا على أهمية الارتقاء بالتعاون الأمني والاستخباراتي، وتوسيع نطاق المساعدة التقنية والتعاون العملياتي بين الجانبين، بما يضمن تبادل الخبرات والتجارب، وتعزيز الأمن المشترك، ومواجهة كل التهديدات والأخطار المحدقة بالبلدين.

وأفاد بلاغ سابق لمديرية الأمن الوطني بالمغرب أن "هذا اللقاء يندرج في سياق انخراط الرباط في تعزيز علاقات التعاون الدولي، في مختلف المجالات الأمنية والاستخباراتية، باعتبارها شريكاً جدياً وموثوقاً فيه في عمليات حفظ الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي".

وقبل ذلك التقى حموشي مع فريديريك فو، المدير العام للشرطة الوطنية الفرنسية، حيث تباحثا ـ وفق المصدر ذاته ـ في شأن عدد من القضايا الأمنية، وتبادل الخبرات وآليات تنفيذ العمليات المشتركة المنجزة، بما في ذلك تأمين الألعاب الأولمبية المقررة في باريس.

ومن المرتقب أن يزور مدير الاستخبارات المغربية فرنسا في المستقبل القريب من أجل "تقوية مجالات التعاون الأمني الثنائي وتنويع مستويات وأشكال هذا التعاون بما يخدم مصالح البلدين".

إنقاذ فرنسا من "حمامات دم"

يقول المتخصص في العلاقات الدولية، أحمد نور الدين، إن التعاون الأمني بين المغرب وفرنسا قديم ومتجذر، وليس بالأمر المستجد الذي يحتاج إلى البحث عن تأويلات مرتبطة بالظرفية السياسية الحالية من أجل تفسير زيارات كبار المسؤولين الأمنيين الفرنسيين إلى الرباط.

وأردف نور الدين بأن هذا التعاون الأمني والاستخباراتي يعتبر جزءاً من الشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية والصناعية وتحويل التكنولوجيا، إضافة إلى الجوانب الإنسانية والثقافية والعسكرية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف "المغرب أصبح فاعلاً دولياً في التحالف العالمي لمحاربة الإرهاب، ويحتضن مكتب الأمم المتحدة لمحاربة الإرهاب، وهو اعتراف من المجتمع الدولي وليس مجاملة"، متابعاً بأن "المغرب كان لها دور حاسم في تفكيك عديد من الخلايا الإرهابية في مختلف القارات من سيريلانكا شرقاً، إلى الولايات المتحدة غرباً، ومن بلجيكا شمالاً إلى نيجيريا جنوباً".

وبخصوص فرنسا، يضيف نور الدين، فقد ساعدها المغرب على الوصول إلى العقل المدبر لهجمات باريس التي شهدها مسرح "باتاكلان" منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، وبفضل المساعدة التي قدمتها الاستخبارات المغربية في مناسبات عدة وعلى فترات مختلفة استطاعت فرنسا ودول أوروبية أخرى تفادي "حمامات دم"، أو الوصول إلى مرتكبيها بعد التنفيذ، وهذه المساعدة الاستخباراتية تسري على ألمانيا وبلجيكا وإسبانيا وغيرها.

وتابع "نتيجة لهذا الدعم المغربي في المجال الاستخباراتي، حصل المغرب في شخص المدير العام للأمن الوطني على عدة أوسمة ورسائل عرفان وتقدير من كل تلك الدول، ومنها توشيحه بوسام من الرئيس الفرنسي، إضافة إلى وسام جوقة الشرف".

ولفت نور الدين إلى أن "الزيارة الأخيرة للأمنيين الفرنسيين ترتبط أيضاً بتعاون أمني واستخباراتي لتأمين الألعاب الأولمبية التي ستحتضنها باريس خلال الصيف المقبل"، مبيناً أن "عملية الطعن التي تم تنفيذها قرب برج إيفيل أسهمت في تسريع خطوات التنسيق الأمني قبل الحدث الرياضي المنتظر".

أجندة أخطار

من جانبه، يرى الباحث في السياسات الأمنية إحسان الحافظي، أن "التعاون الأمني المغربي - الفرنسي تفرضه معطيات دولية وإقليمية وأجندة أخطار ضاغطة قادمة من أفريقيا الساحل نحو أوروبا، خصوصاً أن فرنسا لا تريد أن تبقى إسبانيا وحدها المخاطب الأوروبي في علاقات التنسيق الأمني مع المغرب".

وحري بالذكر أن تنسيقاً أمنياً واستخباراتياً قوياً يجمع الرباط ومدريد في الآونة الأخيرة بعد أن عادت مياه العلاقات الدبلوماسية إلى مجاريها، إذ أسفر هذا التعاون الثنائي بين البلدين قبل أيام قليلة عن تفكيك شبكة مكونة من خمسة أفراد، متورطة في التحضير لتنفيذ مخططين إرهابيين، وتمويل نشاط عناصر تنظيم "داعش".

ووفق الشرطة الإسبانية، فإن هذه الشبكة كانت تجمع الأموال المتحصلة من الجرائم المرتكبة في أوروبا لتمويل أنشطتهم الإرهابية، موضحة أن أعضاءها حاولوا أيضاً استقطاب أتباع جدد لاعتناق "الفكر المتطرف ودعمهم في حال ما أبدوا رغبتهم في تنفيذ هجمات إرهابية"، مبرزة أن "هذه العملية أظهرت أهمية التعاون الدولي لتحييد التهديد".

وبالعودة إلى العلاقات الأمنية بين المغرب وفرنسا، يورد الحافظي أنها "كانت في كثير من الأحيان تتسامى فوق الأزمات والتوترات الدبلوماسية بين البلدين، بمعنى أنه على رغم الجفاء السياسي بين الرباط وباريس في فترات كثيرة، فلم يفتر في المقابل التنسيق الأمني بين الطرفين".

واستحضر المتحدث ذاته الدور الفعال الذي لعبته الأجهزة الأمنية والاستخباراتية المغربية عندما أثارت انتباه الأجهزة الفرنسية بخصوص هجمات على كنيسة في أبريل (نيسان) عام 2021، في مرحلة كانت خلالها العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وباريس متوترة.

وكانت الاستخبارات المغربية منحت معلومات وصفت بكونها قيمة ودقيقة للاستخبارات الفرنسية الداخلية والخارجية حول مواطنة فرنسية من أصل مغربي كانت بصدد التحضير لتنفيذ عمل إرهابي وشيك يستهدف الكنيسة المذكورة، إذ كانت المشتبه فيها الرئيسة وقتها في المراحل الأخيرة لتنفيذ المشروع الإرهابي الانتحاري داخل الكنيسة، من خلال استهداف المصلين بسيف كبير للإجهاز عليهم والتمثيل بهم.

المزيد من متابعات