ملخص
غالانت: لن يكون هناك أي تهديد عسكري لإسرائيل من غزة
وسط هتافات واحتجاج عائلات الأسرى لدى "حماس" أمام مبنى وزارة الدفاع الإسرائيلية، لعدم التوصل إلى صفقة تضمن عودة جميع الرهائن أحياء، بحث وزير الدفاع يوآف غلانت مع نظيره الأميركي لويد أوستن ملفي غزة ولبنان، إضافة إلى ملف الحوثيين الذي هيمن على محادثات أوستن في لقائه مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
وأوضح أوستن أن الولايات المتحدة ستواجه ملف الحوثيين لوحدها ولا ترغب أن يكون لإسرائيل أي دور فيه، وذلك بعد وقوع هجومين أمس الإثنين في البحر الأحمر على سفنتين نرويجية وأخرى إسرائيلية تابعة لشركة "عوفر" التي تعرضت لصاروخ باليستي.
واعتبر نتنياهو الهجمات التي يشنها الحوثيون في البحر الأحمر تهديداً لحرية الملاحة في العالم كله، ووصفها بـ"المعركة ضد المحور الإرهابي الإيراني الذي يهدد بإغلاق المعبر البحري في مضيق باب المندب، وهذا يشكل تهديداً لحرية الملاحة في العالم أجمع".
وفيما أثنى نتنياهو على ما تقوم به واشنطن من إجراءات لفتح المضيق، أعلن أوستن أن واشنطن تقود قوة دولية متعددة الجنسيات لضمان الأمن هناك وحرية الملاحة إلى جانب حماية المنطقة، وحاول طمأنة إسرائيل مؤكداً أن بلاده تعمل لضمان وقف دعم إيران لهجمات الحوثيين على السفن التجارية.
وكرر أوستن استمرار دعم إسرائيل وتزويدها بكل ما تحتاج إليه من معدات قتالية لضمان دفاعها عن أمنها بينها الذخيرة والمركبات التكتيكية وأنظمة الدفاع الجوي.
مكان الأسرى
الاحتجاجات التي تنفذها عائلات الأسرى الذين يسقطون عن طريق الخطأ برصاص الجيش الإسرائيلي، وارتفاع عددهم إلى 23، أخذت حيزاً كبيراً في محادثات أوستن الذي أكد دعم إسرائيل في هذا الملف، وأن واشنطن تواصل جهودها لتحديد مكان جميع الأسرى الإسرائيليين وإطلاق سراحهم، وأضاف "أنا هنا أيضاً حتى نتمكن من مناقشة السبل التي يمكن من خلالها دعم إسرائيل على أفضل وجه في طريقها إلى الأمن الدائم".
في غضون ذلك يبحث رئيس "الموساد" ديفيد برنياع مع الوسطاء إمكان بلورة صفقة قريبة، في حين تصر "حماس" على بلورة صفقة فقط بعد وقف إطلاق النار، وإسرائيل تجدد رفضها أي وقف للنار من دون تنفيذ صفقة تشمل بقية النساء والمسنين والمرضى كمرحلة أولى.
إنهاء المرحلة الحالية
تأتي زيارة أوستن التي يشارك فيها رئيس هيئة الأركان المشتركة تشارلز براون، في ظل خلافات مع تل أبيب حول الفترة الزمنية لإنهاء الحرب، تفاقمت بعد تصريحات نتنياهو وعضو الكابينت بيني غانتس، حول استمرار الحرب لأشهر طويلة إلى جانب ضمان السيطرة الأمنية الإسرائيلية في غزة والحفظ على منطقة عازلة، وكل هذا يتناقض ومطالب أميركا في ما يتعلق بحرب غزة.
ودعا أوستن متخذي القرار إلى إنهاء قتال المرحلة الحالية نهاية الشهر الجاري، على أن تبدأ مرحلة ثانية تكون فيها حدة القتال أخف والعمل وفق خطة قتالية مختلفة، ذلك مطلع الشهر المقبل.
أوستن الذي أكد في كل لقاء على التزام واشنطن باستمرار الدعم لإسرائيل، قال صراحة إن زيارته لإسرائيل لم تأت من أجل وضع جدول زمني لمتخذي قرار الحرب في غزة، إنما لبحث طبيعة القتال والمراحل القتالية وصولاً إلى اليوم الذي يلي الحرب. وفي الوقت نفسه طالب بضمان أمن الفلسطينيين المدنيين في غزة وتوسيع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الجبهة اللبنانية
التصعيد الذي شهدته المنطقة الشمالية تجاه لبنان خلال الأسبوع الأخير، استدعى زيارة القيادات الإسرائيلية من سياسية وعسكرية إلى المنطقة الشمالية، ومن هناك أطلقوا تحذيرات للبنان، على رغم الجهود الدبلوماسية المبذولة للتوصل إلى اتفاق سلمي يضمن مطلب إسرائيل في تنفيذ القرار 1701 وإبعاد "حزب الله" إلى ما بعد الليطاني.
غير أن الوزير يوآف غالانت، الذي أبقى وتيرة تهديداته مرتفعة طوال فترة حرب غزة، استبق زيارة أوستن وتفقد الأحد الحدود الشمالية، إذ التقى وحدات عسكرية وقيادة الشمال، وقال في كلمته أمام الجنود "مهمتكم اليوم هي مهمة دفاعية من أجل ضمان أمن الحدود والسكان، وهي مهمة غير سهلة وأنتم تدفعون ثمناً طوال الوقت، لكن لا يمكن تحمل استمرار هذا الوضع، لا يمكن تحمل حرب استنزاف من ’حزب الله‘، وهي حرب تبقي المنطقة في حال توتر والشمال خال من سكانه".
وأضاف "مهمتكم الصعبة هي التي ستجلب في نهاية الأمر الهدوء والأمن وتعيد السكان لبيوتهم، وسيكون هذا إما عبر اتفاق دبلوماسي أو عملية قتالية مع كل تداعياتها". وتابع "نحن لا نريد حرباً لكننا لن نقبل الوضع الحالي لفترة طويلة، وإذا أراد ’حزب الله‘ رفع حدة القتال درجة واحدة فنحن سنرفعها خمس درجات، وهذه مهمة ملقاة عليكم".
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع أوستن، كرر غلانت أمام نظيره الأميركي "لن نتردد في الهجوم إذا لم يتوصل إلى حل دبلوماسي مقبول بالنسبة إلينا للحدود الشمالية".
وضع مختلف
عند إعلان زيارة أوستن الأسبوع الماضي، ذكر أن الملف المركزي في أبحاثه سيكون حول "اليوم التالي"، وطالبت واشنطن من إسرائيل بلورة ما تريده في اليوم التالي للحرب، بما يضمن وجود السلطة الفلسطينية.
وفي ما تحدث أكثر من مسؤول عن إمكان إقامة سلطة مدنية في غزة، أشار غلانت أمام ضيفه الأميركي إلى ضرورة إنشاء وضع مختلف في غزة، وقال "هذا الجانب كان الدافع الأساسي لهذه الاجتماعات التي نجريها مع الأميركيين، نعلم أن ’حماس‘ لن تسيطر على غزة. ونعلم أنه ستكون لدينا الحرية في تحييد أي تهديد مستقبلي، وأنه لن يكون هناك أي تهديد عسكري لإسرائيل من غزة".
واستبعد غلانت أي اقتراح لسيطرة مدنية في غزة قائلاً "لن نغادر غزة قبل أن نبني بنى تحتية تمهيداً للسيطرة عليها في ما بعد من قوات دولية أو هيئة دولية".
من جهته اعتبر الباحث في المعهد للسياسات والاستراتيجية في جامعة رايخمان ميخائيل ميلشتاين، سياسة تعامل إسرائيل مع كل ما يتعلق بـ"اليوم الذي يلي حرب غزة"، "يمس كثيراً بقدرتها على تحقيق الأهداف الاستراتيجية التي تقررت للحرب"، وقال "غياب خطاب معمق وغياب خطوات عملية كلها تقلل من القدرة على خلق واقع جديد وأفضل في غزة حين يستكمل الجهد العسكري، ويخلق رواسب وعدم ثقة بالعلاقة بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية والجمهور الإسرائيلي - والأخيرين يطالبان بوضوح استراتيجي حول المستقبل بعيد المدى في غزة".
وبرأيه "تقف أمام إسرائيل بضعة بدائل استراتيجية، كلها سيئة، وأن عليها أن تختار الأقل سوءاً. ما طرح حول دحر الفلسطينيين إلى سيناء بواسطة ’الترحيل الطوعي‘ أو السيطرة المباشرة من دون قيد زمني على غزة، يجب رفضها كون الثمن السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي والدولي سيكون ثقيلاً. كما يفترض تجنب القضاء على حكم ’حماس‘ وانسحابها السريع، مما سيبقي في غزة فراغاً وفوضى ستملأه جملة من المنظمات المتطرفة التي ستشكل تهديدات أمنية متواصلة".
واقترح ميلشتاين على متخذي القرار في إسرائيل إجراء بحث معمق في اقتراح حكم مدني فلسطيني بدلاً من حكم "حماس"، يقوم على أساس قوى محلية لا تتماثل مع المنظمة كرؤساء بلديات وعشائر واتحادات مهنية وجامعات ورجال أعمال وكبار مسؤولين من ’فتح‘، هؤلاء سيوفرون الخدمات المدنية في غزة ويفرضون نظاماً عاماً، بينما تكون إسرائيل مسؤولة عن المجال الأمني، بما في ذلك القضاء على التهديدات".
ويقول ميلشتاين "يدور الحديث عن كيان يقيم صلة وثيقة بالحكم في رام الله، ويوصف كجزء منها بعد أن تجتاز هذه تغييراً عميقاً، وفي صلبه تطهير من الفساد والتحريض. من الحيوي أن تحرص إسرائيل على شرطين: منح موطئ قدم فقط للهيئات التي تعتبر إيجابية وصادقة، وصد تلك التي أثبتت أنها تلحق الضرر في غزة".
وبرأيه فإن "إقامة الكيان الغزي سيتطلب تدخلاً إسرائيلياً عميقاً وستتحفظ محافل محلية على الانخراط في جسم يكون مسؤولاً عن مهمة ثقيلة الوزن تتعلق بإعادة بناء المنطقة، ومن الممكن أن تواجه تلك الإدارة المدنية رفضاً شعبياً واستفزازاً من جانب ’حماس‘ – التي ستعمل كمعارضة أو حتى كتنظيم سري"، ويؤكد أنه "إذا ما رسخ هذا البديل حينها ممكن التفكير بانسحاب تدريجي من الأماكن التي يثبت فيها الحكم الفلسطيني نجاعته".