أرجأ مجلس الأمن الدولي مجدداً الأربعاء التصويت على مشروع قرار هدفه تحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزة، لتتواصل المفاوضات المعقدة حول النصّ، بينما زار رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية مصر للمرة الأولى منذ ما يزيد على شهر في تدخل شخصي نادر في الجهود الدبلوماسية الجارية لتهدئة الصراع مع إسرائيل.
وقت إضافة للدبلوماسية
وقال رئيس مجلس الأمن خوسيه خافيير دول لا غاسكا لوبيز-دومينيغيز إن "مجلس الأمن اتفق على مواصلة المفاوضات اليوم لإتاحة وقت إضافي للدبلوماسية. ستعيد الرئاسة جدولة عملية التبني إلى صباح الغد (الخميس)". وقبل أعضاء المجلس هذا التأجيل الجديد الذي جاء بناء على طلب الولايات المتحدة، بحسب مصادر دبلوماسية.
هنية في مصر
وتوجه هنية إلى مصر، وهو عادةً لا يتدخل في الجهود الدبلوماسية علناً، إلا عندما يكون من المرجح إحراز تقدم. وكانت آخر مرة سافر فيها إلى مصر في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) قبل إعلان اتفاق الهدنة الوحيد في الحرب حتى الآن والذي استمر أسبوعاً وتم خلاله إطلاق سراح 110 رهائن.
كذلل قالت حركة "الجهاد الإسلامي" إن زعيمها سيزور مصر أيضاً في الأيام المقبلة لبحث نهاية محتملة للحرب.
وقال مصدر مطلع على المفاوضات الجارية إن مبعوثين يعملون على تحديد الرهائن المحتجزين لدى حماس و"الجهاد الإسلامي" الذين يمكن تحريرهم بموجب اتفاق هدنة جديد، وكذلك السجناء الذين قد تطلق إسرائيل سراحهم في المقابل. وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته أن إسرائيل تصر على إطلاق سراح جميع النساء والرجال المسنين المتبقين بين الرهائن. وربما تتضمن قائمة السجناء الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم مدانين بجرائم خطيرة.
وفي وقت لاحق اليوم الأربعاء، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه لا يتوقع التوصل إلى اتفاق ثان لإطلاق سراح الرهائن بين إسرائيل وحماس قريباً، لكنه أضاف في تصريحات للصحافيين "نحن نمارس الضغوط".
الوضع الميداني
ميدانياً، اندلعت معارك عنيفة بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي حركة حماس في شوارع مدينة خان يونس، ثاني أكبر مدينة في غزة، اليوم الأربعاء، في الوقت الذي أرجأت فيه الأمم المتحدة تصويتاً على محاولة لتعزيز توصيل المساعدات للقطاع الفلسطيني الذي يواجه كارثة إنسانية.
فيما واصلت إسرائيل، أمس الثلاثاء، قصف غزة، قال دبلوماسيون، إن تصويتاً في مجلس الأمن الدولي على محاولة لزيادة توصيل المساعدات إلى القطاع تأجل يوماً آخر مع استمرار المحادثات، في محاولة لتجنب استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) للمرة الثالثة على إجراء بخصوص الحرب المستمرة منذ نحو شهرين بين تل أبيب وحركة "حماس".
وكان من المقرر أن يصوِّت المجلس المؤلف من 15 عضواً في بادئ الأمر على مشروع قرار صاغته الإمارات، الإثنين، لكن التصويت تأجل على نحو متكرر، إذ يقول دبلوماسيون، إن الإمارات والولايات المتحدة تواجهان صعوبة في الاتفاق على صياغة تشير إلى وقف الأعمال العدائية واقتراح بإنشاء آلية لمراقبة المساعدات تابعة للأمم المتحدة.
ورداً على سؤال عما إذا كان الدبلوماسيون يقتربون من التوصل إلى اتفاق، قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد للصحافيين، الثلاثاء، "نحاول، نحاول حقاً".
ويطالب مشروع القرار إسرائيل و"حماس" بالسماح بتوصيل المساعدات إلى جميع أنحاء قطاع غزة ويطلب من الأمم المتحدة مراقبتها.
وقال دبلوماسيون، إن الولايات المتحدة تريد تخفيف اللهجة التي "تدعو إلى الوقف العاجل للأعمال العدائية للسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومن دون عوائق، واتخاذ خطوات عاجلة نحو وقف مستدام للأعمال العدائية".
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يواجه ضغوطاً خارجية لتجنب قتل المدنيين الأبرياء، إن الحرب لن تتوقف حتى يُطلق سراح 129 رهينة ما زالوا في غزة، والقضاء على "حماس".
محادثات إيجابية
قال مصدر، إن الاجتماع بين رئيس وزراء قطر ومديري جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) في وارسو، الإثنين، لمناقشة الإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم حركة "حماس" كان إيجابياً، لكن لا توقعات بالتوصل إلى حل وشيك.
واجتمع المسؤولون في العاصمة البولندية لمناقشة اتفاق جديد محتمل لتأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين لدى "حماس" في غزة مقابل إطلاق سراح محتمل لمحتجزين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية وهدنة لأسباب إنسانية.
وقال المصدر المطلع على الجهود الدبلوماسية، إن "المحادثات كانت إيجابية واستكشف المفاوضون وناقشوا مقترحات مختلفة في محاولة لإحراز تقدم في المفاوضات، لكن ليس متوقعاً التوصل إلى اتفاق بشكل وشيك".
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان، الثلاثاء، إنه "أرسل رئيس الموساد إلى أوروبا مرتين للترويج لعملية إطلاق سراح الرهائن"، من دون تقديم تفاصيل عما جرت مناقشته. وأضاف "لن أدخر جهداً في هذا الموضوع والمطلب هو إعادة الجميع (إلى الوطن)".
ورفضت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية التعليق.
وجاءت المحادثات بين رئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، الذي يشغل أيضاً منصب وزير الخارجية، ومدير الموساد ديفيد بارنيا ومدير وكالة الاستخبارات المركزية وليام بيرنز، بعد اجتماع بين الثلاثة في أوروبا، الأسبوع الماضي.
وقالت قطر، إنها تعمل على إصلاح اتفاق هدنة لأسباب إنسانية انتهى الشهر الماضي وتضغط من أجل إنهاء شامل للحرب الدائرة منذ أكثر من شهرين.
1.9 مليون نازح
وفي القطاع الذي تخضعه إسرائيل لحصار مطبق منذ التاسع من أكتوبر نزح نحو 1.9 مليون نسمة، أي 85 في المئة من السكان، بسبب الحرب، وفق الأمم المتحدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واضطر كثير من السكان للفرار مرات عدة وأقاموا في مخيمات محرومين من الماء والغذاء والدواء والوقود.
من جهته، قال المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك "اليوم، يضطر الفلسطينيون للجوء إلى مناطق تزداد صغراً فيما تقترب العمليات العسكرية شيئاً فشيئاً" منهم.
وأضاف "إنهم محاصرون في جحيم. لم يعد هناك مكان يذهبون إليه في غزة".
وتتزايد الدعوات للتهدئة مع تواصل ارتفاع حصيلة الضحايا المدنيين.
"نهج أكثر استهدافاً"
وحضّ وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إسرائيل، الثلاثاء، على اتباع "نهج أكثر استهدافاً" في حربها ضد "حماس" والحد من الخسائر في صفوف المدنيين.
وقال موفد الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط تور وينسلاند، الثلاثاء، أمام مجلس الأمن الدولي، إن "الإجراءات المحدودة لإسرائيل، وخصوصاً السماح بإدخال مزيد من الوقود والغذاء وغاز الطهي، وفتح معبر كرم أبو سالم لدخول المساعدة الإنسانية، هي إيجابية، لكنها غير كافية إلى حد بعيد في ضوء ما هو ضروري لمواجهة الكارثة الإنسانية على الأرض".
ولعبت قطر ومصر دور الوسيط بين إسرائيل و"حماس" في اتفاق أدى إلى هدنة لمدة أسبوع في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) أطلقت خلالها "حماس" سراح أكثر من 100 امرأة وطفل وأجنبي كانت تحتجزهم مقابل إطلاق سراح 240 امرأة وفتيان فلسطينيين من غزة من السجون الإسرائيلية.
تابعوا آخر تطورات الحرب بين إسرائيل و"حماس" وقت حدوثها.