Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

3 نساء من غزة يروين الواقع المر

نور عملت 38 يوماً متواصلا في مستشفى الشفاء وسندس تبحث عن مأوى ولين لا تأكل حتى لا تستخدم الحمام

سيدة فلسطينية تنظر بحسرة إلى أنقاض مبنى طاله القصف الإسرائيلي في خان يونس (أ ف ب)

ملخص

رفضت لين الأكل والشرب في البداية حتى لا تضطر للذهاب إلى الحمام وسندس لا تجد مأوى لكون زوجها صحافياً ونور اشتاقت للراحة.

حولت الحرب الدائرة في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس حياة سكانه إلى صراع دائم للبحث عن أبسط مقومات الحياة من طعام ومياه وحتى الحمام.

اندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي نتيجة هجوم غير مسبوق نفذته الحركة الفلسطينية على إسرائيل من قطاع غزة وأسفر عن مقتل 1140 شخصاً، معظمهم من المدنيين قضى غالبيتهم في اليوم الأول، بحسب السلطات الإسرائيلية.

وردت إسرائيل على الهجوم الأسوأ في تاريخها بعملية جوية وبرية على غزة، وتعهدت القضاء على حركة حماس.

قتل في الرد الإسرائيلي ما لا يقل عن 20057 شخصاً بحسب حكومة حماس.

ونزح نحو 1.9 مليون شخص في قطاع غزة منذ بدء الحرب أي 85 في المئة من السكان.

واقع جديد

في ما يأتي تروي ثلاث نساء في قطاع غزة لوكالة الصحافة الفرنسية كيف فرضت الحرب عليهن واقعاً جديداً.

مكثت الطبيبة نور 38 يوماً في مستشفى الشفاء بمدينة غزة بعد بداية الحرب، لتضطر للنزوح بعدها إلى رفح في جنوب القطاع. وتعمل حالياً في قسم الاستقبال والطوارئ في المستشفى الكويتي في مدينة رفح.

تروي نور كيف عملت لمدة 38 يوماً متواصلا، وتقول لوكالة الصحافة الفرنسية "لم أذهب إلى البيت إطلاقا، تمت محاصرة المستشفى فنزحت في اليوم الـ38 (..) منذ أكثر من شهر".

تؤكد نور وجود "اختلاف شاسع بين حياتي السابقة في بيتي حيث جميع مقومات الحياة متوافرة، وبين وجودي في مكان غريب من دون مواد غذائية أو مياه، الوضع كارثي، إنسانياً واقتصادياً ومعيشياً وصحياً".

وتقول إنها تقيم في رفح الآن مع "أكثر من 20 شخصاً في شقة صغيرة جداً، المكان لا يتسع للجميع. بقيت عائلتي من جهة والدتي في مدرسة تابعة للأونروا، أما باقي عائلتي، جدتي وعمي وعمتي فما زالوا في غزة للأسف والاتصال بهم منقطع، مستودعينهم الله".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتضيف "كل يوم، أشاهد قصص معاناة لم أكن يوماً أتخيل مشاهدتها. وسائل الراحة ليست متوافرة، لا يمكنني أن أرتاح وأنام بعد الدوام، عدد الموجودين في البيت كبير".

لكنها توضح "نحن أفضل من غيرنا" مشيرة إلى أنها بعد تركها العمل "أعود إلى البيت (..) أطبخ معهم على النار، وأقوم بالغسيل على يدي حين تتوافر المياه".

وتلاحظ "أصبحنا نفكر في إمدادات الطعام والشراب والمياه وشحن الهواتف النقالة وغيرها. أشياء لم نفكر بها يوماً. نفكر كيف نحيا". وتشير نور إلى أنها "عملت خلال العامين الماضيين أثناء تصعيدات عسكرية لكن هذه الحرب مختلفة في كل شيء" موضحة "المدة طويلة وعدد الشهداء ونوع الإصابات لم يمر من قبل بسبب شدتها والنزوح".

وعن رحلة نزوحها تقول، "كنت أسير في الشوارع وأنا في حالة صدمة. لم أتخيل حجم هذه الحرب" مشيرة إلى أن الحرب "خلقت من كل شخص فينا شخصاً مختلفاً تماماً. لا نستحق هذه الحياة، لا أحد يجب أن يعيش هذه الحياة".

وبعد الحرب، تؤكد نور أن "الجميع يفكر بالسفر لأن البلد لم يتبق فيها شيء. لا بشر ولا حجر ولا شجر". وكانت نور تفكر قبل الحرب بالسفر لإكمال دراستها وتؤكد الآن "الحرب شجعتني على ذلك إذا نجوت (...) لكن في النهاية هذه بلدي وسأعود إليها".

معاناة زوجة صحافي

تؤكد سندس البايض وهي الأم لثلاثة أطفال أن حياتها "انقلبت 180 درجة" منذ بدء الحرب.

وتعيش سندس الآن في خيمة صغيرة أمام المستشفى الكويتي في مدينة رفح، تتذكر حياتها السابقة قائلة "حياتنا قبل الحرب كانت مستقرة وسعيدة. كان يوجد كل شيء في منزلي. كنت أقيم في شقة بمبنى يعود لعائلة زوجي. وأطفالي يذهبون إلى المدارس" موضحة أنها تشتاق لروتينها اليومي.

وتتابع "روتين حياتي اليومي إيقاظ أطفالي صباحاً للمدرسة وتجهيزهم وتحضير الطعام قبل النوم مرة أخرى ثم شرب القهوة مع زوجي (...) حياة بسيطة ومستقرة ليتها تعود".

أما اليوم فتشير السيدة المتزوجة من صحافي إلى أن نزوحها مع أطفالها تم على مراحل، بينما بقي زوجها بغزة في البداية. وتوضح أنها مكثت في دير البلح لأكثر من أسبوعين لكن "أصحاب المنزل خافوا من وجودي لأن زوجي صحافي وهم يعتقدون أن الصحافيين مستهدفون، بكيت بشدة لم أعرف ماذا سأفعل" وطلبوا منها المغادرة.

وبعدها توجهت إلى خان يونس ثم فرت مرة أخرى إلى رفح.

وتوضح "الاستحمام صعب جداً وبماء بارد. أغسل في وعاء بلاستيكي" مشيرة إلى أنه "لا يوجد خبز. ونحضر وجبات غذائية لكن الأطفال يرفضون أكلها. الأكل سيئ جداً وملوث. ونعتمد على الخضراوات وبعض المعلبات" ما تسبب لهم بأعراض معوية حادة.

وتضيف "هذه الحرب أرهقتنا نفسياً بشدة. أطفالي سلوكهم تغير وأصبحنا جميعاً بمزاج حاد. جميعنا بحاجة لعلاج نفسي بعد الحرب".

وتؤكد سندس أنها اتفقت مع زوجها على البقاء "نحن متعلقون بعائلاتنا. الغربة صعبة وفراق الأهل والذكريات صعب".

تحلم سندس بالعودة إلى منزلها مؤكدة "اتمنى أن نعود لمنزلنا وألا نضطر للجوء خارج غزة إن شاء الله. حال عدنا إلى بيوتنا سنسافر مع أطفالنا للنقاهة والترفيه لشهر أو عدة أشهر لترميم نفسيتنا".

لين تحلم بالعودة

تعيش لين حالياً في خيمة مع والديها وشقيقها وأربع شقيقات وابنة أحداهن. ولين طالبة في السنة الأخيرة من المدرسة كانت تحلم بدراسة الصحافة. وتوضح "حياتي كانت روتينية لدرجة أنني كنت أتذمر منها. الحرب غيرت كل شيء. أصبحت أتمنى العودة لحياتي التي لم تكن تعجبني".

فرت عائلة لين من بيتها في خان يونس في اليوم الثاني لاندلاع الحرب "صورنا البيت ونحن نبكي، غادرنا لمنزل أختي لكنه لم يكن آمنا أيضاً فنزحنا لمستشفى ناصر" في خان يونس.

وتروي "كنت أعتقد أننا سنعود إلى المنزل بعد أسبوع كحد أقصى. مر أكثر من سبعين يوماً ولم نعد بعد".

رفضت لين الأكل والشرب في البداية "حتى لا أضطر للذهاب إلى الحمام. الحمامات قذرة وعليها طوابير طويلة" ومرضت مرات عدة. فقدت لين الوعي في أحد المرات مشيرة إلى أنه تم نقلها إلى قسم الطوارئ.

وتتابع "لم أتوقع أن أعيش هذه الحياة. في منزلنا أربعة حمامات" مؤكدة أنها فقدت 7 كيلو غرامات من وزنها في هذه الحرب. وتوضح لين أن العائلة تعيش على "أكل الزعتر والمعلبات. من الصعب توفير الخبز". الاستحمام والذهاب إلى الحمام أصبحا "معاناة. دخول الحمام كأنه سفر لأن المسافة بعيدة".

وتضيف "كنت أستحم يومياً قبل الحرب. والآن إذا حالفني الحظ استحم مرة واحدة في المسجد وبمياه باردة. أغسل شعري في المغاسل المخصصة للوضوء ثم أغسل جسمي في الحمام". وتشير الفتاة وهي تبكي "أشعر بالحسرة لأنني سأفقد وكل الطلاب، هذا العام من حياتنا. لا أعتقد أننا سنعود إلى المدارس".

وتضيف "كنت متحمسة لإنهاء المدرسة بتفوق حتى أسافر وأكمل حلمي" متابعة "كل ما أتمناه الآن أن يعود الجميع إلى منازلهم وأن أعود لمنزلي ويكون ما زال موجوداً".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات