Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"بروباغندا" حرب غزة... القاتل والمقتول وحمى "المثلث المقلوب"

إعلام الصراعات والحروب لا يعني الكذب أو التضليل بالضرورة لكن غايته الدعاية بوجهة نظر وبغرض تحقيق أهداف

بين بروباغندا المفترى وبروباغندا المفترى عليه بحر هائج من المحتوى وجمهور متعطش للهوى (أ ف ب)

ملخص

رائحة الصراع في غزة أشعلت حرب الروايات، وروايات الحرب لا تخلو عادة من مكون البروباغندا

أبو عبيدة صار "إيموجي"، ودانيال هاغاري أصبح "ميم"، ومقطع "السيد" وهو يمشط لحيته حصد مشاهدات أكثر من مقطعه وهو يدق على الطاولة بإصبعه، و"ميمز" قنبلة وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو النووية على غزة فكرة متكررة في اللقاءات والحوارات والإشارات، ومثلث "المسافة صفر" على التدوينات يقف على قدم المساواة مع شعار "إسرائيل تحارب" على الشاشات.

وعلى الشاشات يجري بث "ميني" وثائقيات على مدار الساعة متخللة نشرات أخبار القصف وفقرات تحليل ما بعد الحرب، إذ كل وثائقي يحمل قدراً من البروباغندا، صغيراً أو كبيراً، مباشراً أو مموهاً، هدفه الأول والأخير هو التأثير، ورهانه أمس واليوم وغداً على عقول الشعوب وقلوبها، وربما قدر من المقامرة لعل قراراً سياسياً يتحول هنا أو إجراء أممي يتبلور هناك.

بروباغندا حرب القطاع

كل ذلك وأكثر هو ضمن "بروباغندا" حرب القطاع. هي بروباغندا شأنها شأن غيرها. هي سنة الحروب، وضرورة الأزمات، وحتمية الإعداد للانتصار، أو هكذا يأمل صناعها.

البروباغندا تُصنع، ولا توجد كمادة خام في الطبيعة. موجاتها تفنى، ولذلك تُستحدَث من عدم. جرى العرف أن ينعتها الخبراء بـ"الضارة" أو "الموجهة" أو "المستقطِبة" أو كل ما سبق، وكأنها شر مطلق، لكنها في حقيقة الأمر تهب مع هبوب كل أزمة طارئة أو نشوب خلاف عميق أو انطلاق حرب ضروس فيها قاتل ومقتول وبينهما "بروباغندا".

الحرب الضروس في غزة ليست استثناءً. ومنذ الدقائق الأولى لتداول وتناقل مقاطع الفيديو المصورة بحنكة والمصنوعة بحرفية لعملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة حماس في السابع من أكتوبر (تشرين أول) الماضي، وبروباغندا عنيفة موضوعها الحرب تحاصر سكان الأرض.

سكان الأرض وأسلافهم على مدار عقود وربما قرون يعرفون أن البروباغندا هي نشر معلومات، سواء كانت حقائق، أو أنصاف حقائق، أو إشاعات أو أكاذيب، بهدف التأثير في الرأي العام. وكانت هذه "المعلومات" يجري نقلها غالباً عبر وسائل الإعلام من صحف وإذاعات ومحطات تلفزيونية، ثم اتسعت لتشمل وربما لتبدأ من عند منصات الـ "سوشيال ميديا".

روح الروح

البروباغندا جهد منهجي منظم يبذله أحدهم بغرض التلاعب بمعتقدات آخرين، أو التأثير في مواقفهم، أو تشكيل توجهاتهم لتحقيق مصالح ما، وقد تكون هذه المصالح "وطنية". أسلحة هذه الحرب الكلمات والجمل ومقاطع الفيديو والصور الفوتوغرافية والإيماءات واللفتات واللافتات والموسيقى والملابس والشارات وتسريحات الشعر والرسوم، بما فيها رسوم الجدران (الغرافيتي).

ومنها ما يأتي عفوياً في بدايته، مثل كلمة يتفوّه بها زعيم، أو جملة ينطق بها مكلوم، أو إشارة ترد في فيديو، أو قطعة ملابس يرتديها أحدهم، أو أغنية تتردد في الخلفية، ثم يتحوّل إلى علامة من علامات الحرب أو شعاراً من شعارات من يعتبر نفسه منتصراً أو رسالة مهمتها دغدغة المشاعر وفطر القلوب.

وهل هناك ما يفطر القلوب أكثر من مقطع فيديو لأب في غزة يحمل صغيرته، التي لا يتجاوز عمرها الأربعة أعوام، وهو يودعها قبل دفنها، ويتحدث إليها تارة، ويقول تارة أخرى "هاي روح الروح"؟

يجري تداول الفيديو ملايين المرات بشتى اللغات. وهناك من الأفراد والمؤسسات من حوله إلى "ميم" أو "صورة" أو خلفية في استوديو أو "ورق حائط" على هاتف محمول. أثر الفيديو وما جرى اشتقاقه منه من مؤثرات بالغ وعميق ومؤكد.

المؤكد أيضاً أن الفيديوهات التي توثق لحظات اقتحام مقاتلي "حماس" منازل إسرائيلية واحتجاز أفراد من الأسر وقتل آخرين التي يجري تناقلها على مدار الساعة تؤدي إلى دغدغة مشاعر، وتدق على أوتار من الغضب أيضاً، لا سيما تلك المصحوبة ببكاء الأمهات، وهن يحكين عن لحظات الرعب واستجداء الأزواج والآباء للإفراج عن الزوجات والصغار.

البروباغندا والبروباغندا المضادة

إنها البروباغندا والبروباغندا المضادة في حرب القطاع، وعلى رغم أن جانباً كبيراً من كلا البروباغاندتين تحملان قدراً وافراً من المعلومات والحقائق غير المشوهة أو المفبركة، فإن تحديد القدر المعلوماتي وماهيته مسألة خلافية، فـ "معلومات" أهل غزة هي بالضرورة مبالغات وافتراءات وفبركات من وجهة النظر المعادية، و"حقائق" الإسرائيليين هي دون شك رواية المعتدي وأكاذيب المفتري.

وبين بروباغندا المفترى وبروباغندا المفترى عليه بحر هائج من المحتوى وجمهور متعطش للهوى. أما المحتوى، فهو في صورته الخام يعاني الأمرين في زمن الاستقطاب العظيم. ولم يعد يخفى على أحد أن محتوى بلا منصة ذات توجهات هو محتوى بلا طعم أو لون أو رائحة.

 

رائحة الصراع في غزة أشعلت حرب الروايات، وروايات الحرب لا تخلو عادة من مكون البروباغندا بشكل مباشر أو آخر مموه.

مديرة "مركز مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط" مهى يحيي تشير في مقالة كتبتها مجموعة من باحثي وخبراء المركز تحت عنوان "حرب غزة وبقية العالم" (نوفمبر 2023) إلى حرب الروايات التي أشعلها الصراع في غزة، وهي أدت بدورها إلى تفاقم التوترات في داخل مجتمعات عدة، لا سيما في الغرب. تقول، "أدى الصراع إلى زيادة حدة الاستقطاب في العلاقات بين بلدان الشمال والجنوب، وأوجد لنفسه مساحة في الانقسامات الداخلية. كما أثار تساؤلات حول الأعراف الدولية".

لكن ضمن ما تثيره حرب القطاع كذلك هو تساؤلات حول ماهية البروباغندا في تغطياتها وتحليلاتها، وتوسع اللجوء إليها واستخدامها من قبل كل الأطراف من دون استثناء، وذلك على العكس مما جرى عليه عرف الصراعات وعادة الحروب، حيث الأطراف غير الضالعة فعلياً على أرض المعركة تنتقد بروباغندا المتحاربين، وتأخذ موقفاً مناهضاً من بروباغندا الفريق الذي لا تدعمه. وفي حرب القطاع، الجميع ضالع في البروباغندا، وكثيرون يتأرجحون بين هذه البروباغندا تارة وتلك تارة أخرى.

عناوين لا تتوقف

"حرب البروباغندا التي تشنها حماس"، "حرب البروباغندا التي تديرها إسرائيل"، "إسرائيل تستهدف الجمهور البريطاني عبر حرب البروباغندا"، "بروباغندا باليوود (هوليود فلسطين): حسابات داعمي لإسرائيل على الإنترنت تتهم الفلسطينيين بتمثيل معاناتهم"، "البروباغندا الإسرائيلية السخيفة تنتصر على الجمهور الوحيد الذي يهم"، "هل في إمكان إسرائيل الانتصار على حرب البروباغندا التي تشنها ’حماس‘؟"، "كيف تفوز ’حماس‘ في حرب البروباغندا على إسرائيل؟"، "الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي صراع بروباغندا أيضاً".

عناوين البروباغندا المتصلة بحرب القطاع تمضي على مدار الساعة، تارة تحلل وتعلل اللجوء إلى البروباغندا في هذه الحرب الضروس، وأخرى لا تتحدث عن البروباغندا، ربما لأنها مصنفة كذلك.

للوهلة الأولى يبدو أبو عبيدة وكأنه فقط المتحدث باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس". المهمة السهلة والمباشرة لأبو عبيدة هي إلقاء البيانات وإعلان الإنجازات التي قام بها "مقاتلونا". لكن الأثر الحقيقي لأبو عبيدة، بظهوره التقليدي الملثم، ومفرداته المختارة بعناية وكأنها مرجعية المقاومين وقاموس المجاهدين، وعباراته القصيرة الحادة والتي يبدو تماماً الجهد المبذول في كتابتها لتثير الرعب والقلق في قلوب الأعداء والثقة والزهو في نفوس الأهل والأصدقاء.

وبالفعل يتداول الجميع بيانات أبو عبيدة ومعها فيديوهات "الإعلام العسكري" لـ"حماس" والمصنوعة، على حد وصف صحيفة "تلغراف" البريطانية، بـ "براعة ومهارة، وتستخدم في تحرير اللقطات تقنيات الزووم والغرافيكس والمؤثرات الصوتية والمزيد، وجميعها يعزز قيمتها من حيث الإنتاج".

ولا تنقص هذه الفيديوهات عناصر الإثارة مثل المثلث الأحمر الذي بات أيقونه من أيقونات حرب القطاع، لا سيما بعد ما باتت أذرع إسرائيل الإعلامية هي الأخرى تستخدمه في فيديوهاتها لتصبح بروباغندا المثلث الأحمر مثار شد وجذب إضافي بين الفريقين المتحاربين ومنصة للتراشق بين الجبهتين.

المثلث المقلوب

المثلث الأحمر فسّر متابعو فيديوهات الإعلام العسكري استخدامه بأنه يدل على الأهداف الإسرائيلية التي تستهدفها "حماس"، ورآه بعضهم الآخر رمزاً للعلم الفلسطيني، وفي كلتا الحالتين، تلقف الواقفون على جبهة غزة المثلث باعتباره رمزاً للمقاومة الفلسطينية ووسيلة للتنغيص على إسرائيل وجيشها.

 

لكن ما هي إلا أيام حتى فاجأت إسرائيل الجميع باستخدام المثلث نفسه في فيديوهاتها الدعائية هي الأخرى في إشارة إلى الأهداف التي سيجري ضربها من قبل الجيش الإسرائيلي.

وبينما اكتفى منتجو فيديوهات "حماس" الدعائية باستخدام المثلث الأحمر المقلوب محاطاً بصمت مثير ومن دون إعطاء تفسير تاركين العنان لخيال المتلقي، سارع الجيش الإسرائيلي إلى التصريح والتوضيح والتبيان أن "المثلث الأحمر في انتظار كل دواعش ’حماس‘ إن شاء الله"، بحسب تغريدة المتحدث أفيخاي أدرعي.

ولـ "حزب الله" نصيب

وبينما الجموع الغفيرة تتنازع أحقية وحصرية المثلث الأحمر المقلوب لمصلحة الجهة التي تدعمها، فلسطين أو إسرائيل، وذلك على أثير السوشيال ميديا، ينغمس آخرون في تحليل ومشاهدة وإعادة مشاهدة الظهور الذي يصفه بعضهم بـ"الدعائي" وبعضهم الآخر بـ"الداعم" وفريق ثالث بـ"السينمائي" للأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصرالله.

لقطات مصورة لنصرالله مأخوذة بمهنية وحرفية غايتها "بث الرعب في قلوب الأعداء"، لكن "الأعداء" والمعارضين تعاملوا معها من منطلق كونها "بروباغندا" داعمة لحركة "حماس" أو مجرد وسيلة دعائية لحفظ ماء الوجه أو ما شابه.

ساعات وصفحات جرى تخصيصها لتحليل دقة إصبع نصرالله على الطاولة ويديه الموضوعتين على بعضهما، والورقة التي يكتب عليها خطابه، ونظارته التي يمسكها بيده، وسيره أمام علم "حزب الله" ونظرته إليه، ومضيه قدماً من دون أن يتوقف، ولحيته التي يمشطها وكل تحليل يجري سرده وعرضه ونشره وإعادة نشره من قبل الملايين الواقفين على جبهتي الصراع.

تحليل المؤيدين يجزم أن كل لفتة وخطوة ونفس تعني أن النصر لفلسطين قادم لا محالة. وتحليل الفريق الآخر يؤكد أن المسألة برمتها لا تعدو كونها ضجيجاً تثيره أجهزة دعاية الحزب، وكليشيهات معتادة لا جديد فيها، وتهديدات متوقعة لا تعني إلا ضعفاً ووهناً مما يؤكد أن النصر لإسرائيل.

 

وبعيداً من تناقض ما يؤكده المتلقون الواقفون على جبهتين متضادتين، فإن المؤكد أن الجميع غارق في بروباغندا الحرب. ولا يستثنى في هذا الغرق الإطلالات المتواترة للمتحدث العسكري الإسرائيلي دانيال هاغاري الذي بات وجهاً لحرب القطاع. إطلالات مدروسة، وكلمات محسوبة، وتعبيرات وجه محبوكة، ورود حاسمة حادة لا تحوي كثيراً من المعلومات بقدر ما تحوي لهجة فوقية ونبرة عدائية تجاه أي تلويح أو شبه تلويح لعنف إسرائيلي مفرط أو قتل مدنيين متماد.

ويبدو أن هاغاري يعلم تماماً أنه يقوم بدور أكبر بكثير من متحدث عسكري. المؤكد أنه مدرك أن جزءاً كبيراً من نجاح آلة بروباغندا حرب القطاع العملاقة من الجانب الإسرائيلي يعتمد على أدائه.

وتشير وكالة الأنباء الفرنسية في تقرير لها أن هاغاري حدد لنفسه هدفاً لدى توليه منصبه في مارس (آذار) الماضي، وهو "تعزيز ثقة الجمهور في الجيش الإسرائيلي وشرعيته الدولية".

وتلفت إلى أنه حقق ذلك على ما يبدو. فبحسب دراسة أجرتها جامعة بار ايلان في تل أبيب قال نحو 74 في المئة من المشاركين إن هاغاري هو مصدر المعلومات الأكثر ثقة حول ما يجري. وقال أقل من أربعة في المئة إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مصدر لمعرفة حقيقة ما يجري.

وعلى رغم أن مراقبين إسرائيليين يرون أن هاغاري يملأ فراغاً في إسرائيل، إلا أنه يملأ فراغاً من نوع آخر على الساحة الدولية، لكنه فراغ يتعلق بروباغندا الحرب أكثر من معلومات الحرب وأخبارها.

تخطئ حيناً وتصيب أحياناً

البروباغندا تخطئ حيناً وتصيب أحياناً. وهاغاري يدق في إطلالاته على وتر المستشفيات في غزة التي يرى أو يعتقد أو يروج أو يدعي أنها تستخدم من قبل "حماس" لـ "إخفاء بنيتها التحتية الإرهابية"، وأن الضربات التي قتلت ما يقرب من 15 ألف شخص في غزة ضربات مشروعة.

وفي سياق آخر ضمن الحرب ذاتها، وجوه من دون ملامح تختفي خلف اللثام الذي يرتديه مقاتلو "حماس". هذه المرة يهدف مقطع لحظات تسليم الرهائن إلى نقل أو بث أو الترويج للجانب الإنساني لمقاتلي "حماس"، فهذا يساعد سيدة عجوز لتصل إلى السيارة، وذاك يحمل سيدة أخرى، وثالث يحتضن طفلاً من المحتجزين بحنان بالغ، وهي المشاهد التي أعادت للأذهان مشاهد "الإنسانية" ذاتها وقت إطلاق الرهينتين الإسرائيليتين في بداية حرب القطاع وإصرار إحداهما على تبادل السلام مع خاطفيها، وذلك في دلالة على الجانب "الإنساني" الذي يتصور بعضهم أنه مفتقد.

للبروباغندا مكون إنساني

المكون الإنساني في بروباغندا حرب القطاع لا يقتصر على طرف من دون آخر. فيديو آخر متداول على نطاق واسع يظهر رب أسرة إسرائيلية مختطفة، وهو يتحدث عن مشاعر الحزن والعميق والقلق الشديد على مصائرهم، مؤكداً أنه لو تصادف ووقف أمامه ابن أحد الخاطفين فإنه حتماً لن يفكر مجرد التفكير في إلحاق ضرر أو أذى به، فهو مجرد طفل كأطفاله المختطفين.

وإذا كانت الهدنة التي انتهت قد هدأت قليلاً من حدة الحرب الضروس على الأرض، فإن حرب البروباغندا لا تعرف الخفوت ولا تعترف بالهدوء إلا بعد انتهاء الحرب، انتظاراً لحرب جديدة أو تجدد الحرب القديمة مرة أخرى.

تاريخياً بروباغندا الحرب جزء لا يتجزأ من القتال، وتأثيرها في الحروب الكبيرة والصغيرة على حد سواء مؤكد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتحت عنوان "البروباغندا في كل مكان"، نشرت جامعة ستانفورد ورقة عن استخدامات البروباغندا في زمن الحروب على مدار التاريخ، فبعد إجبار الإسكندر الأكبر على التراجع في إحدى المعارك أدرك أن زعامته ومكانته لن تسمحا له بإظهار أو إشهار هذا التراجع. ولجأ إلى الدعاية الشديدة عن قوته وقوة جيوشه بغرض تخويف الأعداء، ووصل الأمر إلى درجة أنه أمر بصناعة دروع وخوذات كبيرة وتركها خلفه أثناء انسحابه، وذلك لإيهام جيش الأعداء أنه بتعقبه جيشه فإنه يتعقب عمالقة.

كما شهدت الحروب الحديثة أشكالاً مختلفة ومبتكرة من البروباغندا لترهيب الأعداء أو لبث الثقة في قلوب المواطنين، ومنها على سبيل المثال حرب فيتنام والتدخل الأميركي، و بروباغندا الحربين العالميتين الأولى والثانية، والغزو الأميركي للعراق، والغزو السوفياتي لأفغانستان، ثم الغزو الأميركي لها. ويبقى استخدام الزعيم النازي الألماني أدولف هتلر للبروباغندا هو الاستخدام الأشهر.

الأشهر لا يعني الأمثل بأي حال من الأحوال، وبروباغندا الصراعات والحروب لا تعني الكذب أو التضليل بالضرورة، لكنها تعني الدعاية بوجهة نظر وبغرض تحقيق أهداف. صحيح أن التلاعب بالمشاعر الجمعية أو توجيه الرأي العام أو صناعة صورة ذهنية تكون الغاية، لكن الغاية في زمن الحروب تظل مبررة للوسيلة لكل من الفريقين المتناحرين.

المؤكد أيضاً أن الثورة الرقمية وعصر الـ "سوشيال ميديا" نقل عصر البروباغندا الوسطي البطيء إلى عصر تناقل محتوى البروباغندا وتشاركها في ثوان معدودة لصناعة رأي عام بدقة زر، وتعديل الاتجاهات بفيديو يجوب الأثير وخلق صورة ذهنية بمحتوى مدروس ومثلث مقلوب ودقة إصبع في "سكريبت" مكتوب.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات