Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تسليح المدنيين يضع السودان على مشارف حرب أهلية

احتدام المعارك في أم درمان وظهور "حميدتي" ينهي جدل اختفائه ولقاء "الجنرالين" مؤجل إلى يناير المقبل بسبب تباينات

دقلو لدى لقائه موسيفيني في أوغندا، في 27 ديسمبر الجاري (حساب حميدتي على منصة إكس)

ملخص

"إن حماسة السودانيين منذ أيام للقاء البرهان وحميدتي توضح مدى رغبتهم في تقصير أمد الحرب وآمالهم المتعلقة بهذا اللقاء"

حسم ظهور قائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أمس الأربعاء خلال لقائه الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني في العاصمة كمبالا بعد اختفائه قرابة خمسة أشهر الجدل الواسع حول وفاته في الحرب المندلعة بين الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع" منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي، في وقت يضع السودانيين آمالهم في وقف هذه الحرب على اللقاء المزمع انعقاده بين قائد الجيش عبدالفتاح البرهان و"حميدتي" الذي تم تأجيله من اليوم الخميس إلى يناير (كانون الثاني) 2024 لعدم تمكن الأخير من الوصول إلى جيبوتي لأسباب فنية، فضلاً عن اشتراطه مشاركة كل رؤساء منظمة "إيغاد" في هذا اللقاء.
وناقش "حميدتي" مع موسيفيني تطورات الأوضاع في السودان وما ترتب على ذلك من معاناة للشعب السوداني، إذ قدم بحسب تغريدة له على حسابه في منصة "إكس" شرحاً مفصلاً للرئيس الأوغندي حول "أسباب نشوب الحرب التي أشعلها أنصار النظام السابق بمعاونة قياداتهم في القوات المسلحة والجهات التي تعرقل الحل وتدعم استمرار الحرب"، فضلاً عن طرح رؤيته للتفاوض ووقف الحرب وبناء الدولة السودانية على أسس جديدة عادلة. ونوه قائد "الدعم السريع" بأن موسيفيني أكد دعمه الكامل للشعب السوداني، مشدداً على العمل على دفع جهود تحقيق السلام والاستقرار في السودان، وتسخير كل إمكاناته وعلاقاته لمساعدة السودانيين على تجاوز هذه المرحلة الصعبة.
وأكد "حميدتي" التزامه نتائج الاجتماع الاستثنائي لرؤساء دول وحكومات مجموعة "إيغاد" الذي عقد بجيبوتي في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، مشدداً على مضيه في تنفيذ ما تعهد به من أجل إنهاء الحرب وتخفيف معاناة السودانيين وإعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد. فيما أشارت وزارة الخارجية السودانية إلى أنها تلقت مذكرة من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بجمهورية جيبوتي، رئيسة دورة "إيغاد" الحالية، تفيد بتأجيل لقاء "حميدتي" والبرهان الذي كان مقرراً أمس بجيبوتي.
ونوهت الخارجية السودانية في بيان إلى أن نظيرتها الجيبوتية أبلغتها بأن "حميدتي" لن يتمكن من الحضور إلى جيبوتي لأسباب فنية خاصة به، وأنها ستحاول التنسيق مجدداً لعقد اللقاء خلال يناير المقبل، مؤكدة أن البرهان أعلن رسمياً موافقته على عقد اللقاء، "على أمل إنهاء معاناة السودانيين التي خلفها تمرد قوات الدعم السريع على القوات المسلحة".

ولفت البيان إلى أن "البرهان كان مستعداً للمغادرة إلى جيبوتي حرصاً منه للوصول إلى سلام غير أن الاجتماع تأجل"، متهماً "قيادة الدعم السريع بالمماطلة وعدم تحكيم صوت العقل، أو عدم الرغبة في وقف تدمير السودان وشعبه".

.

حرب شاملة

 

في الأثناء، قال القيادي في "قوى الحرية والتغيير" (المجلس المركزي) شهاب إبراهيم الطيب في حديث لـ"اندبندنت عربية"، إن "حماسة السودانيين منذ أيام للقاء البرهان وحميدتي توضح مدى رغبتهم في تقصير أمد الحرب وآمالهم المتعلقة بهذا اللقاء". وتابع الطيب "نحن بدورنا كقوى سياسية شجعنا على انعقاد هذا اللقاء ونحث الطرفين على تحمل المسؤولية من أجل إنهاء معاناة الشعب السوداني المغلوب على أمره، الذي يتابع ترتيبات هذا الاجتماع ويعقد عليه آماله في الاستقرار والعودة إلى منازله بعد أن ألقت به الحرب في دوامة النزوح والمعاناة، في المقابل نجد أنصار النظام السابق يرددون الإشاعات حول هذا اللقاء ويحاولون بكل السبل منعه وإفشاله".
وواصل "حتى الآن إن إمكانية انعقاد اللقاء بين قائدي الجيش والدعم السريع واردة في أقرب وقت، لكن في حال فشل لقائهما فهذا يعني دخول السودان في حرب شاملة في ظل حالة التعبئة العامة والحشد للحرب التي يقودها عناصر النظام البائد"، مبيناً أن "إيغاد تواصل مشاوراتها مع طرفي النزاع لإقناعهما بمشاركة ممثل عن المدنيين في لقائهما المقبل، بخاصة أن قوى الحرية والتغيير لعبت دوراً مهماً في إقناع الطرفين للموافقة على عقد هذا اللقاء".

وبين القيادي في "قوى الحرية والتغيير" أن "المهم الآن ليس ظهور حميدتي بقدر التزامه مخرجات قمة (إيغاد) الأخيرة والمضي في استكمال التفاوض من أجل وقف الحرب، وهو ما يتطلب منه أيضاً تحمل مسؤولية حماية المدنيين في مناطق سيطرة قواته، والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوداني الذي شردته هذه الحرب".

 
الوضع بالخرطوم والجزيرة

أما في الخرطوم، فشنت مسيرات الجيش السوداني غارات جوية على تمركزات قوات "الدعم السريع" بمناطق شرق العاصمة، وسمع شهود دوي انفجارات وإطلاق رصاص بصورة متقطعة في تلك المناطق، فيما احتدمت المعارك بين الجيش و"الدعم السريع" في مناطق عدة في أم درمان، حيث قصفت مدفعية الأخيرة محيط سلاح المهندسين الذي بات أكثر المناطق التي شهدت وقوع معارك بين الطرفين، بجانب مناطق أم درمان القديمة.

وبحسب الشهود، فإن الجيش استهدف تمركزات "الدعم السريع" في مناطق الصالحة والفتيحاب الواقعة جنوب أم درمان، بينما شهدت مناطق الثورات بمحلية كرري (شمال المدينة) رحلات نزوح متواصلة شمالاً تفادياً وتجنباً للقصف المدفعي الثقيل الذي ظلت تستهدف به قوات "الدعم السريع" مناطق تمركزات الحيش في تلك المناطق. وفي سنار التي تقع على بعد 50 كيلومتراً جنوب ود مدني، قُتل مواطن وجُرح ثمانية آخرون جراء اشتباكات وقعت بين مواطنين وقوة من "الدعم السريع" بإحدى قرى وحدة سكر سنار، حيث هاجمت الأخيرة قرية جبل موية بولاية سنار من أجل نهب ممتلكات سكانها، لكن المواطنين تصدوا لها.

في المقابل، ساد هدوء حذر مدينة ود مدني التي سيطرت عليها "قوات الدعم السريع" أخيراً، حيث خفضت أصوات الرصاص في أنحاء المدينة التي نزح معظم سكانها إلى ولايات سنار والقضارف وكسلا خوفاً من الانتهاكات التي تمارسها تلك القوات في حق المدنيين.

وتوصلت لجنة من أبناء المدينة إلى تفاهمات مع "الدعم السريع" تتضمن فتح المستشفيات في أقرب وقت ممكن من أجل تقديم خدماتها للمرضى، فضلاً عن فتح الأسواق وتشغيل المخابز لتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين وعودة الحياة تدريجاً.
وتسبب القصف المدفعي للجيش و"الدعم السريع" في مقتل أكثر من 116 من المدنيين خلال شهر ديسمبر في مدن العاصمة الثلاث الخرطوم وبحري وأم درمان.

وبحسب المركز الحقوقي الموحد، فإن أربعة مدنيين لقوا مصرعهم في الشهر نفسه بمنطقة الدبيبات بجنوب كردفان، إضافة إلى جرحى من النساء والأطفال، بجانب مقتل 40 مدنياً وجرح 14 آخرين نتيجة القصف الجوي على قرى حمرة الشيخ وأبو زعيمة والكوكيتي بشمال كردفان. كما امتد القصف الجوي ليشمل مدينة نيالا في أحياء الجمهورية والمطار مخلفاً 10 قتلى و25 جريحاً بين المدنيين خلال ديسمبر.

وحمل المركز الحقوقي طرفي الصراع كل الانتهاكات التي تقع في مناطق الاشتباكات، وطالبهما بالسماح بإيصال المساعدات الإنسانية والأدوية وصيانة الخدمات وشبكات الاتصالات. وحض "قوات الدعم السريع" على إنهاء حالات السرقات والنهب وضبط كل المنفلتين في ولاية الجزيرة وتقديمهم للمحاكمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

تسليح المدنيين

إلى ذلك، تتصاعد الدعوات الى تسليح المدنيين في السودان مع تقدم قوات الدعم السريع في اتجاه الجنوب ويلوح شبح الحرب الأهلية في البلاد بعد ثمانية أشهر من النزاع الدامي على السلطة بين تلك القوات وبين الجيش.
فبعد أن استولت قوات الدعم السريع على أجزاء كبيرة من ولاية الجزيرة وسيطرت على العاصمة ود مدني، واصلت تقدمها في اتجاه الجنوب وسيطرت على عدة مناطق في ولاية سنار المجاورة.
ويشكو مواطنون سودانيون من "انتهاكات" ارتكبتها قوات الدعم في مناطق الجزيرة و يخشون تكرارها.
وأطلقت مجموعات تسمي نفسها "المقاومة الشعبية المسلحة" دعوات لتسليح المدنيين في ولايات النيل الأبيض ونهر النيل والقضارف الشمالية وكسلا والبحر الاحمر وهي كلها مناطق خاضعة لسيطرة الجيش.
أما قوات الدعم السريع فتدعو من يشاء من سكان المناطق التي يسيطر عليها الى التطوع لديها لتسلحيهم مؤكدا أن الهدف من ذلك هو أن يحمي هؤلاء مناطقهم.

وفيما تؤكد مجموعة الأبحاث "سمول ارمز سرفاي" أن 6،6% من السودانيين يملكون سلاحا ناريا، قال محمد الأمين زعيم قائل البجا أمام حشد من ابناء قبيلته الاثنين في مدينة سواكن بولاية البحر الاحمر (شرق) "نحن جاهزون لحمل السلاح لدحر" قوات الدعم السريع.

وتثير هذه الدعوات والتحركات مخاوف من توسع دائرة الصراع ومن أن يتحول الى حرب أهلية.
وقال مسؤول أمني طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول الحديث إلى الاعلام "هذه خطوات كارثية في بلد أصلا يعاني من انتشار السلاح فكانما تزيد النار حطبا".
وأكد أن "المجموعات التي تحصل على السلاح لا أحد يضمن كيف ستستخدمه ولأي أغراض ".

وتفيد إحصائية رسمية صدرت في 2018، بأن هناك خمسة مليون قطعة سلاح في حوزة المدنيين بمختلف مناطق البلاد.
لكن المسؤول الأمني قال إن هذا الرقم أقل بكثير من الواقع "ولم يتضمن ما بيد المليشيات المتمردة التي تقاتل الحكومة في دارفور أو جنوب كردفان والنيل الأزرق".

اعتقال ناشطين

إلى ذلك، تنشط هذه الأيام حملات أمنية وعسكرية مكثفة ضد الناشطين والفاعلين في المجتمع تقودها الأجهزة العسكرية للجيش و"قوات الدعم السريع". ووفق لجنة المعلمين السودانيين، فإن "استخبارات الجيش واستخبارات الدعم السريع اعتقلت سبعة معلمين في حملة مسعورة تستهدف المعلمين بولايات عدة". وحملت اللجنة الطرفين مسؤولية سلامة المعتقلين من المعلمين. داعية كل المنظمات الحقوقية إلى التصدي لتلك الانتهاكات التي يمارسها طرفا الصراع في السودان، تجاه المعلمين.

كما اتهمت شبكة نساء القرن الأفريقي (صيحة) الاستخبارات العسكرية السودانية باعتقال اثنين من فريق الشبكة بولاية سنار وسط البلاد.
ونددت المديرة الإقليمية للشبكة، هالة الكارب، بتوقيف عضوتي الشبكة آلاء محمد عبدالله وهيام عبده على يد الاستخبارات أثناء نشاطهما في مساعدة النساء والفتيات النازحات منذ بداية الحرب، مؤكدة أن "استهداف النساء وترويعهن هو ديدن أطراف الحرب القبيحة لأن كليهما إرث نظام البشير والمؤتمر الوطني الكاره للنساء".
كذلك دانت "لجان المقاومة" اعتقال السلطات الأمنية أحد أعضاء "تنسيقية لجان مقاومة محلية مروي" ويدعى الأمير محمد أحمد (الكنتي) واقتادته إلى جهة غير معلومة. وحملت اللجان في منشور على صفحتها في "فيسبوك" السلطات مسؤولية أمن المعتقل وسلامته.

إجلاء مصريين

في المقابل، دعت وزارة الخارجية المصرية جميع رعاياها في السودان بكل الولايات، بما في ذلك التي لم تطلها الاشتباكات المسلحة، إلى مغادرة السودان بسرعة، وعدم سفر أي من المواطنين المصريين إلى الخرطوم في المرحلة الحالية تحت أي ظرف، حفاظاً على سلامتهم.

وأجلت القاهرة عدداً من الطلاب المصريين العالقين في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة السودانية، وذلك حفاظاً على أمنهم وسلامتهم بخاصة في المناطق التي تشهد اشتباكات عسكرية.
اقرأ المزيد

المزيد من متابعات