لا دخان بلا نار"، هكذا وصف الإعلامي الكويتي محسن بو رقبة المشهد السياسي في بلاده، قائلا: الغالبية العظمى من النواب تشعر بأن هناك "قضية ما" وكأن في الجو غيم، هذا الوصف ربما يكون هو الأقرب لما يجري في الكويت، البلد الخليجي الذي يتمتع بتجربة برلمانية فريدة من حيث العمر والتاريخ.
فأجواء الحل البرلماني والدعوة إلى انتخابات مبكرة هي القاسم المشترك بين الرغبة الشعبية كما يراها بورقبة نتيجة لضعف أداء البرلمان ومحاولته لافتعال أزمة سياسية كما تراها مصادر سياسية لخلط الأوراق، وذلك على خلفية التلويح بتقديم 3 استجوابات دفعة واحدة، أبرزها ضد رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك، والذي لوح به النائب محمد مطير تحت ذريعة عدم صرف تعويضات أزمة الأمطار التي ضربت الكويت العام الماضي.
أما الاستجواب الثاني فهدد به النائب رياض العدساني وقال إنه موجه إلى وزير الداخلية الشيخ خالد الجراح، وذلك بسبب ما وصفه نتيجة مخالفات أمنية ومالية وإدارية، أما الاستجواب الثالث فهو مشروع مقدم من النائب حمدان العازمي وموجه لوزير الصحة باسل الصباح.
الإعلامي بو رقبة، يرى بأن هذه المؤشرات تنبأ بحل للبرلمان خلال الأشهر القليلة المقبلة، مشيرا إلى أن خشية بعض النواب على مقاعدهم البرلمانية ربما يدفعهم إلى السعي لتعويض ما فاتهم من أداء برلماني في فترة خلت من الاطروحات والقضايا الشعبية ، لا سيما بعد ان سئم الشعب من تصرفات وأطروحات الغالبية العظمى من النواب رغم ما أبدته الحكومة من تعاون إيجابي واضح مع هذا المجلس .
وردا على أن هذا المجلس ربما الأكثر تعاونا مع الحكومة، علق بو رقبة قائلا: هناك تعاون نعم، لكن ليس هناك إنجاز للقضايا الشعبية، "اعتقد لجوء بعض النواب لتقديم جملة من الاستجوابات دفعة واحدة، أمر يثير علامات الاستفهام والاستفزاز معا خاصة وان المجلس في إجازة برلمانية"، مؤكدا أن القفز إلى الاستجواب بهذه السرعة ينذر بحل قريب للمجلس.
ومقارنة المجلس بسابقيه، قال: "المجالس السابقة متفاوتة العطاء ولا تخلو من الإيجاب والسلب، إلا أن المجلس الحالي فيه أخطاء كبيرة جدا فخمول وركود غالبية أعضائه قد تدفع الى الهروب باتجاه الضغط نحو الحل".
وتأكيدا لما خلص إليه الإعلامي أبو رقبة أكد مراقبون أن أجواء الحل البرلماني والدعوة إلى الانتخابات مبكرة باتت تلوح بالأفق، مجددة مشهد العودة الى صناديق الاقتراع.
حرب إعلامية مبكرة
رئيس مركز اتجاهات للدراسات طلال الكشتي علق بتغريده على حسابه الشخصي في تويتر ، قائلا: "حرب إعلامية بدأت ملامحها مُبكرا استعداداً للانتخابات البرلمانية المُقبلة وادارة الصراع السياسي على الساحة الانتخابية واشعال الاتهامات حول قضايا ومواقف كثيرة".
وزاد بالقول: "سيكون هناك شعار رئيسي لهذه الحرب الإعلامية وشعارات فرعية حسب الدائرة الانتخابية".
وتعليقا على هذه التغريدة، أكد الكشتي في اتصال مع "اندبندنت عربية"، قائلا: "هناك على ما يبدو ملامح لصراع سياسي قادم استعدادا للانتخابات، فالندوات تعقد ومحاورها تتعلق بمشروعات تطرح في اجندة مجلس الامة الحالي".
وأضاف في المقابل هناك حرب إعلامية ضد عدد من النواب الحاليين ملامحها واضحة فضلا عن محاولات لحشد الشارع ضد المجلس والحكومة معا، واعتبر أن الدور المقبل لبعض النواب هو البحث عن بطولات وعن مكاسب لإرضاء الشارع.
وعلاوة على ما ذهب اليه الكشتي فان مواقع التواصل في الكويت تشهد بالفعل جدلا ودفعا اعلاميا نحو أجواء الحل، وليس غائبا عن المشهد الترويج لمرشحين او نواب حالين على حساب اخرين، فضلا عن أجواء الإشاعة التي باتت حاضرة بقوة.
من جهته يرى الباحث الدكتور ناصر المصري ان هناك احتمالين في هذه المرحلة، الأول وهو طبيعي ان يكمل المجلس دورته كاملة فالمجالس التي لا تشكل خطر على الحكومة لا تحل، لكنه استدرك قائلا: ربما يكون هناك نوع من التكتيك يلبس فيه المجلس الحالي هالة من القوة بخلاف واقعة.
وانتقد المصري التجربة الديموقراطية في بلاده مشيرا الى انها على مدى أعوام طويلة تمتد من العام 1963 حتى اليوم الا انها لم تتعلم من اخطائها.
وتساءل: هل تمثل الديموقراطية الامة في الكويت وهل هي تعكس وجهة نظر الكويتيين ؟ أجاب: انها ليست كذلك.
وبخلاف هذا الراي فان كثيرون يَرَوْن في الانتخابات الكويتية فرصة للتغيير ومواجهة الأخطاء الحالية في برلمان يلبي اغلب الطموحات يكون الرهان فيه محسوما لدى صناديق الاقتراع.