ملخص
لقطات أظهرت رجالاً وسط ملعب اليرموك في مدينة غزة شبه عراة رافعين أيديهم.
وضع لاعب منتخب فلسطين لكرة القدم محمود وادي يده على خده، وهو يشاهد مقطعاً مصوراً بثته عناصر من الجيش الإسرائيلي لملعب اليرموك وسط مدينة غزة وقد جرى تحويله إلى مركز توقيف أشبه بمعتقل.
كان وادي يشاهد الفيديو وهو في طريقه للمشاركة في بطولة كأس آسيا، لكنه صدم مما رأت عيناه، وصرخ داخل حافلة النقل بأعلى صوته "هذا حرام، ما ذنب الملاعب تتحول لمراكز اعتقال، هل ضاقت بهم الأرض ولم يجدوا أمامهم سوى الملاعب؟".
محتوى الفيديو
ما شاهده وادي، كان عبارة عن لقطات تظهر رجالاً وسط ملعب اليرموك في مدينة غزة شبه عراة ويرفعون أيديهم ويحملون بطاقات الهوية، وبينهم كبار في السن".
ولقطة أخرى لجنود يصرخون بأوامر لرجال وأطفال وكهول جالسين شبه عراة على العشب الأخضر وسط الملعب، إضافة إلى دبابة إسرائيلية توجه فوهة مدفعها نحو الفئات المذكورة، وهي تقف قرب مدرجات الجمهور.
وظهرت آلية عسكرية تسير ببطء أمام المعتقلين، وجندي يحمل مولوداً جديداً، ونساء مكبلات الأيدي ومعصوبات الأعين، يقفن على سور الملعب، وقد انتزع حجاب إحداهن. شاهد وادي دبابة تتجول في الملعب وجرافة ضخمة تجري أعمال تخريب، وجنوداً يلتقطون صورة في شباك المرمى المرفوع عليه علم إسرائيل.
نفسية سيئة
ساءت نفسية وادي وتعكر مزاجه كثيراً، ولم يعد مستعداً لأي تمرين أو لعبة، فالملعب الذي يحبه وكان يركض فيه، دمرته إسرائيل جزئياً قبل أن تحوله إلى مركز توقيف تعتقل فيه أصدقاءه وجيرانه وأبناء شعبه.
يقول وادي بغضب "لا أدري إذا كان القائمون على مقدرات اللجنة الأولمبية الدولية، واتحاد الكرة الدولي (فيفا)، سيتفاعلون مع مشاهد الجرائم المفزعة التي ارتكبها جيش إسرائيل، عندما حول ملعب اليرموك إلى ساحة اعتقال وإذلال".
يتساءل وادي "كيف لي أن أعود لممارسة كرة القدم في الملعب بعد أن شاهدت أنه تحول لمركز اعتقال، بأي نفسية سأسدد الكرة وأتمرن وأركض" ويضيف "لا بد من توثيق هذه الانتهاكات في حق المقدرات الرياضية ونقلها إلى العالم، إسرائيل تقتل الأشياء التي أحبها".
كان يضج بالحماس
يتحسر لاعب منتخب فلسطين على الملعب، ويعود بذكرياته إلى قبل الحرب. ويقول "عندما أنزل إلى ملعب اليرموك كنت أسمع صخب وهتافات نحو تسعة آلاف فرد، كانت المدرجات تتسع لهذا العدد من الجمهور، لكنها اليوم تتسع للمعتقلين فقط".
يضرب كفاً بكف ويضيف "تحول صخب الملعب إلى صراخ المعتقلين، تحولت شباك المرمى إلى مكان يعلق عليه الجنود علم بلادهم، كم من شخص تعرض للضرب والشتم على أرضية الملعب المعشب، كانت ذكريات جميلة وأصبحت وجعاً أليماً".
يعد ملعب اليرموك أقدم الملاعب في قطاع غزة، وتأسس عام 1952، وأكبرها حجماً ويتسع لنحو تسعة آلاف متفرج، وهو يتبع الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، الذي يعد عضواً في "فيفا"، أي إنه يدار من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم.
رسالة لفتح تحقيق
كما غضب وادي، غصب رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم جبريل الرجوب من فعل إسرائيل. واعتبر أن ما قام به الجيش يعد انتهاكاً ضد الرياضة الفلسطينية، ويرتقي لجريمة حرب.
يقول الرجوب "تستهدف إسرائيل المنشآت الرياضية ومقار الاتحادات والأندية بشكل ممنهج، وتخرج بصور فظيعة خلال اجتياحها قطاع غزة، لذلك وجهنا رسائل عاجلة إلى اللجنة الأولمبية الدولية وجميع الاتحادات الدولية والقارية والإقليمية لفتح تحقيق دولي عاجل في جرائم تل أبيب في حق الرياضة".
وسبق لإسرائيل أن نشرت صوراً لعدد كبير من الفلسطينيين أثناء اعتقالهم، وكانت قد جردتهم من ملابسهم وجعلتهم يسيرون إلى جهة مجهولة وهم عراة.
وأثار ذلك غضب الولايات المتحدة، التي طلبت من إسرائيل تفسيراً لذلك، وجاء تبريرها على لسان المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري الذي قال "عمدنا إلى تجريد المعتقلين من ملابسهم في شمال قطاع غزة لنتأكد من أنهم غير مفخخين، لأننا وجدناهم في مناطق نطالب بإخلائها لأنها معاقل لحماس وشهدنا فيها معارك عنيفة، ما كان ينبغي التقاط هذه الصور، ولا نشرها".
وبحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلرK فإن تل أبيب تعهدت ألا تمارس نشر الصور في المستقبل وأنهم إذا فتشوا معتقلين سيعيدون إليهم ملابسهم على الفور.
مشاركة رغم الألم
على أي حال، فإن عضو منتخب فلسطين لكرة القدم محمود وادي تجرع الألم الذي شاهده، وتحامل على نفسه وسافر للمشاركة في بطولة كأس آسيا. يقول "نتابع الأخبار قبل وبعد التدريب وفي الحافلة وفي الفندق، نحن في حالة قلق مستمر ونفكر في عائلاتنا، على نطاقي الشخصي لم أعد بكامل طاقتي لدى مشكلات جسدية ونفسية وتقنية، كثير من أقاربي سقطوا ضحايا وعدد ضخم منهم نزحوا".
بسبب الحرب توقفت التمارين الرياضية في جميع ملاعب الأراضي الفلسطينية، وعلقت المنافسات الكروية نتيجة لعدم تمكن اللاعبين من الوصول إلى الصالات المعشبة الموجود أكثرها في مدينة غزة شبه الخالية من السكان.
وعلى رغم حالة وادي هذه وانقطاعه عن التدريب tإنه أصر على المشاركة في كأس آسيا، ويعتبر أنه في هذه الخطوة رسول عن الفلسطينيين وسيحمل علم بلاده وسط الملاعب ليوضح للعالم أنه يحب السلام ويكره الحرب وأن شعبه يستحق الحرية وحياة أفضل.