ملخص
سوريون وعرب ينضمون للجيش الروسي بعد حصولهم على الجنسية الروسية
مع استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا يزداد انخراط المقاتلين الأجانب لدى الطرفين وهو ما يعرف وفق التصنيف الدولي بـ"المرتزقة". وهذه المرة كشفت وسائل إعلام روسية عن وجود عدد من الأجانب والعرب يقاتلون إلى جانب الجيش الروسي في الجبهات الأوكرانية على رغم عدم تركيزها عادة على وجود هذه الفئة من المقاتلين.
وتزامن هذا مع تداول وسائل إعلام سورية معارضة استمرار تجنيد روسيا مقاتلين سوريين إلى جانب قواتها من طريق وسطاء محليين مهمتهم تيسير انضمام هؤلاء المتعاقدين إلى الجيش الروسي مقابل امتيازات ورواتب شهرية مغرية.
وعلى رغم أن انضمام سوريين كمرتزقة للقتال إلى جانب روسيا ليس بالأمر الجديد، فإن موقع "السويداء 24" الذي ينشط فيه نشطاء محليون كشف عن وجود دفعات جديدة من تجنيد السوريين من محافظات مختلفة التي تقع تحت سيطرة النظام للقتال مع شركات أمنية روسية أخيراً.
وبحسب الموقع فإن عشرات الشبان السوريين سافروا قبل أيام عبر رحلة جوية مدنية من مطار اللاذقية إلى مطار موسكو، بعضهم من السويداء، وهؤلاء الشبان وقعوا على عقود تجنيد عسكرية مع شركة أمنية روسية جديدة لم يكشف عن اسمها، وأنهم سجلوا على تلك الرحلة عبر شخص يعرف بوصف "المستقطب" وهو الشخص الوسيط بين الروس وهؤلاء الشبان، إذ عمل سابقاً في تجنيد شباب سوريين آخرين في شركات أمنية روسية للقتال في ليبيا.
وفي تفاصيل الرحلة فإن طائرة مدنية حطت بالمجندين الجدد في مطار موسكو وفور وصولهم نقلتهم طائرة إليوشن عسكرية إلى مدينة في إقليم سيبيريا الذي يعد من أبرد المناطق بالعالم.
جمع الشباب في مبان داخل المدينة التي نقلوا لها، من دون أن يعرفوا حتى الآن، ما طبيعة المهام الموكلة لهم، فالمنطقة التي أرسلوا إليها بعيدة عن أي منطقة قتالية.
ويشترط في تجنيد الشباب السوريين أن يقدموا مجموعة من الأوراق الثبوتية تتضمن جواز سفر صالح لسنة في الأقل، وورقة غير موظف، وإذن سفر أو بيان وضع من شعبة التجنيد.
ويقول رئيس تحرير "السويداء 24" ريان معروف إن الوسيط في تجنيد هؤلاء الشبان يشترط أيضاً ألا يكون الشخص مطلوباً بأي شكل من الأشكال لسلطات النظام السوري، وكذلك يحتاج أيضاً إلى موافقة أمنية من شعبة الاستخبارات العسكرية في دمشق.
تشكيك في الرواتب
وتشكك المصادر التي كشفت عن وجود تجنيد للشبان السوريين في معرفتهم محتوى العقود الموقعة بين الطرفين لا سيما أن نص العقد مكتوب باللغة الروسية، لكن بعضهم أكد حصوله على جوازات سفر روسية منحتهم إياها سلطات الإقليم السيبيري.
ويبدو أن الحاجة وسوء الأوضاع وضعف الدخل المادي يدفع بهؤلاء الشبان إلى الولوج في العمل كمرتزقة لدى الروس، وهو ما أكده الشخص الوسيط في التجنيد "نريد أن نحسن وضعنا لا أكثر"، مشيراً إلى أن رحلات عديدة ستنطلق بمئات الشبان السوريين من محافظات مختلفة نحو الأراضي الروسية لذات الغرض.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي حديثه لـ"اندبندنت عربية" أكد معروف توثيقهم انطلاق دفعتين من المرتزقة السوريين من مطار اللاذقية إلى موسكو، خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مضيفاً أن الرحلة الواحدة منها ضمت ما بين 40 و50 شخصاً، من محافظات مختلفة يسيطر عليها النظام السوري، بما فيها السويداء، مشيراً إلى حصولهم على معلومات عن رحلة جوية ستنطلق الأسبوع المقبل.
وحول الرواتب المتوقع دفعها لهؤلاء المرتزقة، قال إن المستقطبين الذين يجرون عقود التسجيل في سوريا يتعهدون للمتطوع براتب شهري يتراوح بين 2000 و2200 دولار، ويسلم لهم بالعملة الروسية، لكن معروف شكك في المبلغ المقدم، معتقداً أن الرقم قد يكون مبالغاً فيه من المستقطبين "بهدف جذب أكبر عدد ممكن من المتطوعين وهذا حصل في ليبيا سابقاً".
التجنيد من خلال الجيش النظامي
في سياق متصل، أفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحيم، بأن القوات الروسية تستمر في عمليات تدريب مزيد من عناصر "الفرقة 25 قوات خاصة" التي يقودها العميد سهيل الحسن، ونقلهم إلى أوكرانيا للمشاركة في حربها هناك.
وأشار إلى أن القوات الروسية تشرف على عمليات تدريب المقاتلين على الإنزال المظلي ونقلهم عبر مطار "حميميم" العسكري"، للانخراط في العمليات العسكرية في أوكرانيا، وذلك بعد تجنيدهم برواتب شهرية.
ونوه بأن "الفرقة 25 قوات خاصة" انخرطت في القتال بأوكرانيا بشكل فعلي منتصف سبتمبر (أيلول) 2022، ووصل عدد القتلى من السوريين إلى تسعة جراء قتالهم إلى جانب الروس في أوكرانيا، ويبلغ عدد السوريين الذين جندتهم موسكو ضد كييف ونقلتهم إلى هناك 2000 سوري.
الجنسية الروسية حافز للقتال
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أصدر مرسوماً يسمح للأجانب الذين يقاتلون لحساب موسكو في أوكرانيا بالحصول على جنسية بلاده لأنفسهم ولأسرهم.
وجاء في المرسوم أن الأشخاص الذين وقعوا عقوداً خلال ما تسميه موسكو "عمليتها العسكرية الخاصة" في أوكرانيا، يمكنهم التقدم بطلب للحصول على جوازات سفر روسية لأنفسهم ولأزواجهم وأطفالهم ووالديهم، ويجب عليهم تقديم المستندات التي تثبت أنهم قاموا بالتسجيل في صفوف الجيش لمدة لا تقل عن عام واحد.
وتشمل قائمة الأشخاص المؤهلين الذين وقعوا عقوداً مع الجيش النظامي أو التشكيلات العسكرية الأخرى، وهو وصف يمكن أن ينطبق على مجموعات مثل مجموعة "فاغنر" الأمنية الخاصة.
ويبدو أن هذا الإجراء يهدف إلى خلق حوافز إضافية للأجانب ذوي الخبرة العسكرية لتقديم طلبات للانضمام إلى صفوف الجيش الروسي.
جريمة في المنظور الدولي
تعد الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم من أبرز الاتفاقيات والصكوك الدولية وآخرها، التي تمنع اللجوء إلى تشكيل الجنود المرتزقة واستخدامهم في الصراعات بين الدول.
واعتمدت الاتفاقية في عام 1989، ودخلت حيز النفاذ في 2011، وتعد سوريا من الدول المصادقة على هذه الاتفاقية، كما أن الاتفاقيات الدولية والإقليمية إلى جانب القانون الدولي الإنساني جرمت استخدام المرتزقة في الحروب والنزاعات، لكن يبدو أن الأطراف المنغمسة في حروبها تبحث عن النصر بأي ثمن ومن دون اكتراث لتلك الاتفاقيات والقوانين.