Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما دلالات توجه "النهضة" التونسية إلى تغيير اسمها في ذروة أزمتها؟

يرى مراقبون أن هذا التطور يعكس مناورة من الحركة بهدف استعادة مكانتها في المشهد السياسي

لم تخفِ قيادات من "النهضة" عزمها على دخول الانتخابات الرئاسية من دون الإعلان عن المرشح الذي ستدعمه (رويترز)

ملخص

كانت "النهضة" قد تأسست تحت اسم حركة "الاتجاه الإسلامي" في ثمانينيات القرن الماضي

تدرس حركة "النهضة"، الذراع السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين" في تونس، تغيير اسمها في ذروة أزمة تشهدها، منذ فترة، في ظل انقسامات داخلية حادة وتوقيفات طاولت أبرز رموزها على غرار رئيسها راشد الغنوشي ونائبه علي العريض، وآخرين.

قال الأمين العام للحركة العجمي الوريمي إنه "تم طرح تغيير اسم (النهضة) داخل لجنة الإعداد المضموني للمؤتمر، وأيضاً تغيير اسم مجلس الشورى إلى المجلس الوطني". وأثار هذا الإعلان، الذي بدا مفاجئاً، تكهنات حول دلالاته، خصوصاً قبيل المؤتمر الـ11 للحزب.

 

بالتوازي، لم تخفِ قيادات من "النهضة" عزمها دخول الانتخابات الرئاسية من دون الإعلان عن المرشح الذي ستدعمه الحركة في الاستحقاق الذي سيكون حاسماً، بصورة كبيرة، للأزمة السياسية التي تعرفها البلاد منذ ثلاث سنوات.

مناورة سياسية

وقال الوريمي إن "التغييرات التي تم طرحها للنقاش تستهدف مواءمة الحركة لتوجهاتها الجديدة كحزب يبحث عن مشتركات مع القوى الديمقراطية والمدنية".

وكانت "النهضة" قد تأسست تحت اسم حركة "الاتجاه الإسلامي" في ثمانينيات القرن الماضي عندما كانت تنشط سراً قبل أن يكشف نظام الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة هذا النشاط ليتم حظر اجتماعاتها والزج بمعظم قياداتها في السجن.

ومن غير الواضح التسمية التي تخطط قيادات حركة "النهضة" لإطلاقها عليها، لكن الوريمي اعتبر أن "تغيير الاسم لا يحتاج إلى استفتاء داخلي، إلا في صورة وجود أكثر من اسم بديل عن اسم الحزب الحالي، آنذاك يمكن القيام بسبر آراء لمعرفة أي من الأسماء يحظى بأكثر قبول وتأييد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورأى مراقبون في تونس أن هذا التطور يعكس مناورة من الحركة بهدف استعادة مكانتها المفقودة في المشهد السياسي، إذ كانت قد حكمت البلاد منذ 2011.

وقال المحلل السياسي بوبكر الصغير أن هناك "مناورة سياسية ورغبة في العودة للمشهد السياسي بأي ثوب كان، حتى لو كان ذلك على حساب الداخل (النهضاوي) والانقلاب على المأسسة الأولى للحركة كحزب عقائدي، وكذلك المبادئ والقيم التي دأبت عليها طوال ستة عقود ماضية". وتابع الصغير أن "ما يحصل داخل (النهضة) نابع من طبيعة شخصية العجمي الوريمي، وهو أستاذ فلسفة، ومن خارج جناح الصقور داخل الحركة، والأكثر مسالمة بين قياداتها، يريد أن يدفع بالحركة إلى دور سياسي متقدم في البلاد"، وشدد على أن "الحركة تواجه عزلة كبيرة، وهي تتفاقم، وتخسر خزانها الانتخابي، لذلك هي تحاول بث روح جديدة، ولو بمبادرة تقتضي بتغيير اسمها واسم مجلس الشورى، وحتى الثوابت التي قامت عليها، لكن لا أعتقد أن بإمكان الوريمي أن يذهب بعيداً بهذا الطرح، باعتبار أن الحركة تبقى دائماً وفية لقيادتها التاريخية، وكذلك لرئيسها الأول، ناهيك بصعوبة عقد مؤتمرها".

خطوة متوقعة

وواجهت حركة "النهضة" انتكاسات متتالية منذ إطاحة الرئيس قيس سعيد البرلمان الذي كانت تهيمن عليه في الـ25 من يوليو (تموز) 2021، حيث أقدم منذ ذلك الحين العشرات من قيادات بارزة في صلبها على الاستقالة.

ولم تنتهِ متاعب الحركة عند هذا الحد، إذ حبست السلطات عديداً من قياداتها بسبب قضايا عدة يواجهونها على غرار رئيسها راشد الغنوشي ونائبه علي العريض وعبدالفتاح التاغورتي.

 

وقال أستاذ التاريخ بـ"الجامعة التونسية" والباحث السياسي محمد ذويب إن "هذه الخطوة متوقعة لأن معظم قياداتها في السجن، وقواعدها بدأت تبعد عنها، لكن لا تزال لديها مؤسسات وزخم شعبي تحاول استعادته ولن تتخلى بسهولة عن الحكم". ولفت ذويب إلى أن "اللافت أن حركة (النهضة) لم تدخل في صدام مع السلطة مثلما حصل في عهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في أواخر الثمانينيات، واختارت الحراك في الشارع، وعندما شعرت بأن موازين القوى مختلة تراجعت".

أضاف الباحث السياسي، "الآن، ومع تراجع شعبية الرئيس قيس سعيد، ترى حركة (النهضة) أن عليها تغيير تكتيكها السياسي للعودة للشارع، لكن تغيير الاسم فقط لا يكفي، فإذا أرادت (النهضة) العودة للمشهد بقوة فإن عليها تغيير قياداتها وخطابها وطرقها الاتصالية". وقال ذويب إن "حركة (النهضة) لم يبقَ أمامها كثير من الخيارات سوى تغيير اسمها وقواعدها تحت اسم آخر، لأن الإسلاميين يمثلون جزءاً مهماً من الشعب التونسي، وليس من السهل أن يتخلوا عن السلطة، ويرون أن تغيير الاسم والهياكل قد يفضي بالفعل إلى عودتهم للسلطة".

رسالة للسلطة أم للقواعد؟

والسؤال الذي يطرح نفسه بشدة الآن هو: هل تغيير الاسم رسالة من "النهضة" إلى السلطة التي تفرض إجراءات مشددة على الحركة من خلال غلق مقارها وإيقاف معظم رموزها أم لجمهورها؟

ورأى بوبكر الصغير أن "المناورة هي بالأساس موجهة إلى جمهورها أكثر منها إلى السلطة، ذلك أن الأمور حسمت والسلطة بقيادة سعيد دشنت مساراً سياسياً يؤسس لمؤسسات ووجوه جديدة وغير ذلك".

أما ذويب فاعتبر أن "الإسلاميين يرون أنه ما زال بإمكانهم استقطاب التونسيين، لذلك هي مناورة بكل تأكيد موجهة إلى جمهورهم أكثر منها إلى السلطة، لكن يجب عليها أن تجري تغييرات معمقة تشمل هيكلتها وخطابها وليس فقط الاقتصار على التسمية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير