Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لهذه الأسباب آن أوان ارتداء الكمامات مجددا

بعد الارتفاع الكبير في حالات الإنفلونزا و"كوفيد" فرضت إسبانيا ارتداء الأقنعة الوقائية مجدداً في مستشفياتها. هل يتعين علينا الآن أن نحذو حذوها، وربما اللجوء إلى إجراءات أكبر؟

حض خبراء الصحة الناس على إظهار الاحترام للأفراد الذين يختارون ارتداء الكمامات (رويترز)

ملخص

مع انتشار الأمراض التنفسية الموسمية... هل حان وقت العودة لارتداء الكمامات؟

لست أريد بكلامي هذا أن يبدو يناير (كانون الثاني) الجاري الذي يطفح تعاسة هذه المرة على نحو غير عادي، أكثر سوءاً مما هو عليه أصلاً، ولكني أجد لزاماً عليّ أن أذكركم بأن صفحة "كوفيد" لم تطوَ بعد.

أعادت وزارة الصحة الإسبانية هذا الأسبوع العمل بإجراء إلزامية ارتداء الكمامات في المستشفيات والمراكز الصحية في البلاد. لم يكن قرارها هذا نتيجة سلوك عفوي استبدادي ما، إنما بسبب حدوث طفرة في أمراض الجهاز التنفسي بجميع أنواعها في البلاد، بدءاً بالإنفلونزا (التي نعلم أنها أكثر خطورة مما يحلو لنا أن نعتقد) والفيروس المخلوي التنفسي (اختصاراً "أر أس في" RSV) ونزلات البرد والمتحورات المختلفة من كورونا. في الواقع، إنها خطوة احترازية منطقية من شأنها أن تقود على الأرجح إلى إبطاء انتشار المرض، خصوصاً بين الأشخاص الأكثر عرضة للخطر، أي من تستدعي حالاتهم عادة المكوث في المستشفيات.

لقد أثار هذا القرار، كما هو متوقع، رد فعل هستيرياً من الجماعات المعارضة لارتداء الكمامات، ولكن في الحقيقة ليس كثيراً فرض هذا الإجراء كشرط هين من شروط الحصول على الخدمة: "نتحدث عن وضع قناع عند دخولك إلى مركز صحي وخلعه عند خروجك. لا أعتقد بأن في ذلك أي مغالاة. إنه إجراء أساسي وبسيط من الدرجة الأولى"، تقول وزيرة الصحة الإسبانية مونيكا غارسيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وهي خطوة صائبة تماماً أيضاً. وبوصفها تدبيراً مفروضاً، تراها معقولة وبديهية، وحتى إن لم تتسم كمامات كثيرة بفاعلية بنسبة 100 في المئة، فقد تساعد المرء على أن يتفادى الإصابة بمضاعفات صحية خطرة، أو حتى أسوأ من ذلك.

كما الحال دائماً، فإن ارتداء الكمامات يتعلق بحماية الآخرين أكثر من حماية النفس لأنه يؤدي دوراً، إلى جانب الاحتياطات الأخرى، في عدم انتقال الفيروس إلى الآخرين، خصوصاً إذا كنت أنت نفسك مصاباً إنما لا تعاني أي أعراض (وللتذكير، فهي حالة واردة مع "كوفيد"). حتى لو كان ارتداء الأقنعة، مثلاً، يمكن أن ينقذ شخصاً واحداً من "كوفيد الطويل الأمد" في كل مستشفى سنوياً، يستحق ذلك أن يقوم الجميع بواجبهم. والإعفاءات موجودة بالنسبة إلى القلة القليلة التي لديها أسباب صحية حقيقية تمنعها من وضع الكمامات.

ربما يبدو الأمر مفاجئاً، ولكن في بلدنا هذا لا تزال هناك توجيهات من "هيئة الخدمات الصحية الوطنية"، علماً أنه لا توجد تحذيرات أشد للأسف، حتى الآن بضرورة أن يرتدي الكمامات المرضى والزوار في أقسام المرافق الطبية التي تنطوي على أخطار عالية، من قبيل وحدات الحوادث والطوارئ وأجنحة علاج العيون والأورام السرطانية وأمراض الدم.

من تجربتي الشخصية، لست متأكداً من أنه يصار إلى مراعاة هذا التوجيه كثيراً. وعملياً، لا أحد يرتدي كمامة في أي مكان آخر، سواء في ممرات المستشفيات أو المقاصف أو مناطق الانتظار، مثلاً. يبدو أننا نسينا مدى سهولة انتشار "كوفيد"، وأن الشتاء يعتبر وقت الذروة للإصابات.

أما مدارسنا، فتتسم بالتهاون والتراخي أكثر. على رغم التجربة المؤلمة التي قاسيناها بسبب الجائحة، أين هو الاستثمار في أنظمة تنقية الجو وتنظيف الهواء، وهو ابتكار من شأنه أن يحمي الملتحقين بالمدارس عندما تنشب الجائحة التالية، ذلك أنها ستحل علينا لا محال؟

وكما اكتشفنا من تجربتنا مع "كوفيد"، فإن الاكتفاء بفتح النوافذ ليس استراتيجية مستدامة في الشتاء. وفي غياب نظام التهوئة المفلترة، يبدو مستغرباً أن التوجيهات الرسمية حول إبقاء الأطفال في المنزل وعدم الذهاب إلى المدرسة ما زالت شديدة الضعف: "فئتا الأطفال والشباب الذين يبلغون من العمر 18 سنة أو أقل والذين يوصى بخضوعهم لفحص الكشف عن "كوفيد-19" من جانب اختصاصي صحي وتكون نتيجتهم موجبة، يُنصح بأن يحاولوا البقاء في المنزل وتجنب التواصل مع أشخاص آخرين طوال ثلاثة أيام. وذلك مرده إلى أن الأطفال والشباب يكونون معدين للآخرين لفترة أقل مقارنة بالبالغين.

إنه كلام صحيح، ولكن يبدو أن سهولة انتشار "كوفيد"، وكيف أن الأطفال يشكلون ناقلاً رئيساً لإصابة من يعانون ضعفاً كبيراً في أجهزة المناعة، أي الأقارب الأكبر سناً ومن يكابدون نقصاً في المناعة، ليسا محل اعتبار كبير. مرة أخرى، تبدو التوصية كما لو أنها مكتوبة للأوقات السعيدة فحسب، وليس كإجراء احترازي ضد التهديد المستمر بزيادة موجات الارتفاع في عدد الإصابات. يبدو التعاطي مع هذا الواقع كما لو أن الجائحة الأخيرة لم تحدث أبداً.

والأكثر خطورة على الإطلاق النهج المتهور الخطر في التطعيم ضد فيروس كورونا. ففي نهاية المطاف، كان هذا هو الإنجاز البريطاني العظيم في مواجهة الجائحة، وهو اختراق طبي حرر العالم وأنقذ أرواحاً لا حصر لها. ومع ذلك، لم يحصل سوى المسنين والأشخاص الأكثر ضعفاً على الجرعات التحصينية المعززة الخاصة بموسم الشتاء. وفي الحقيقة، لا تختلف الحال بالنسبة إلى الإنفلونزا. مثلاً، الأشخاص في الـ50 من العمر يعتقدون، لا ريب، بأن "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" ("أن أتش أس" NHS ) تعتبرهم فئة من السكان يمكن الاستغناء عنها والتفريط فيها.

كثيراً ما كنت أحترم الخبراء المسؤولين عن صحتنا العامة، إن لم أقل السياسيين، ولكن الأمر يستحق أن نطرح أسئلة عقلانية حول ما إذا كان صناع السياسات مجموعين قد وضعوا الأمور في نصابها الصحيح.

ويبدو أن السبب الرئيس الذي سقط من الحسابات هو التأثير الاقتصادي الذي خلفه "كوفيد الطويل الأمد" في الاقتصاد، والمستغرب جداً أنه لقي الإهمال. وفق "بنك إنجلترا" [مصرف بريطانيا المركزي]، أسهم "كوفيد الطويل الأمد" ومضاعفاته بشدة في تقليص القوة العاملة، من ثم أفضى إلى نقص في المهارات وحدوث تضخم اقتصادي في البلاد. وعلى المنوال نفسه، أدى إلى ارتفاع عدد السكان الذين يطالبون بإعانات مرضية.

ويقول ريشي سوناك إن الحال الصحية للأمة لم تصبح أكثر سوءاً فجأة، ولكن الحقيقة الواضحة أنها ساءت فعلاً، وسوف يشكل "كوفيد الطويل الأمد" عبئاً على الاقتصاد والموازنات المالية العامة على مدى أعوام غير معروفة مقبلة. ويقول "مكتب الإحصاءات الوطنية" إن نحو مليوني شخص يعانون أعراض "كوفيد" الممتدة على المستوى الوطني، أي نحو واحد من كل 30 من السكان، من بينهم 400 ألف أصيبوا بهذا المرض قبل أكثر من عامين.

التعب ما زال المشكلة الصحية الأكثر شيوعاً الناجمة عن "كوفيد الطويل الأمد"، إضافة إلى ضيق التنفس المؤلم وفقدان حاسة الشم ووجع العضلات. يجب أن تذكرنا وفاة ديريك دريبر [كان مستشاراً سياسياً وعضواً في جماعات الضغط ومتزوجاً المذيعة التلفزيونية كيت غارواي] أخيراً بالتأثير المدمر الذي يسع هذا الداء أن يخلفه. مع مرور الوقت و"تعودنا على التعايش مع كوفيد"، يحذر خبراء الأمراض المعدية من أن الإصابة المتكررة بـ"كوفيد" قد تطرح آثاراً تراكمية ودائمة. على سبيل المثال، تفاقم خطر مواجهة تجلطات أو تخثرات في الدم التي في مقدورها أن تنتقل إلى الدماغ أو الرئتين: والنتيجة كارثية.

وفي مقابل ذلك كله، فإن ارتداء قناع في المستشفى والخضوع لفحوص الكشف المنزلية عن عدوى كورونا عند ظهور الأعراض المحتملة وتلبية الدعوة إلى أخذ اللقاح مجاناً، كلها تنطوي على فائدة كبيرة بالتأكيد. "كوفيد الطويل الأمد"، أو ما هو أسوأ منه، لا يستحق فعلاً المخاطرة، سواء بالنسبة إليك أو إلى الآخرين. في المرة المقبلة، ربما لا تستعيد عافيتك.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من صحة