Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ركود لافت لبيع السيارات في تونس... ما السبب؟

يرى متخصصون أن التقييدات الإدارية وارتفاع الضرائب أبرز الأسباب ويدعون إلى تحرير القطاع وفتح باب المنافسة

ارتفعت نسبة مبيعات السيارات في تونس العام الماضي بنحو 7 في المئة مقارنة بعام 2022 (أ ف ب)

يعكس الركود في بيع السيارات في تونس إشارتين مهمتين، الأولى تظهر اهتراء القدرة الشرائية لعموم التونسيين وصعوبة اقتناء السيارات التي أضحت ضرورية بالنسبة إليهم، بينما الإشارة الثانية تتعلق بالظرف الاقتصادي الصعب الذي أثر في نسق ترويج السيارات خصوصاً بالنسبة إلى الشركات التي تراجعت مبيعاتها بنسبة أربعة في المئة.

وتبرز الأرقام الرسمية أن السوق التونسية في قطاع بيع السيارات بجميع أصنافها وأنواعها بين وكلاء معتمدين والسوق الموازية شهدت في العام الماضي بيع 72332 سيارة مقابل 70377 سيارة في العام السابق له 2022 بزيادة بنحو سبعة في المئة.

وتوزعت المبيعات بين ترويج 55813 سيارة من طرف الوكلاء المعتمدين و16519 سيارة في السوق الموازية (يتم ترويجها من طريق أشخاص لهم محال لبيع السيارات أو من طريق نظام الامتيازات الضريبية الممنوحة لفائدة المغتربين التونسيين لمناسبة عودتهم النهائية).

وتعليقاً على ذلك قال المتحدث الرسمي باسم الغرفة الوطنية لوكلاء بيع السيارات التابعة لمنظمة "الأعراف" مهدي محجوب، إلى "اندبندنت عربية"، إنه "مع نهاية العام الماضي تم ترويج 55813 سيارة، مقابل بيع 55455 سيارة في 2022، بزيادة طفيفة جداً لا تزيد على 355 سيارة فحسب"، مضيفاً "ذلك يعكس أن سوق بيع السيارات في تونس تشهد ركوداً واضحاً"، وأوضح أنه خلال ديسمبر (كانون الأول) 2023 بيعت 4852 سيارة، مقابل 5250 سيارة في الفترة نفسها من 2022.

السوق الموازية تنتعش

وأضاف المحجوب أن "مبيعات السوق الموازية ارتفعت من 14922 سيارة حتى نهاية 2022 إلى 16519 سيارة في نهاية العام الماضي بنسبة 10.7 في المئة"، موضحاً أن "انتعاش السوق الموازية مع ارتفاع حجم الطلب على السيارات مقابل تراجع حجم العرض إلى جانب التقييدات الإدارية المفروضة من خلال ضبط حصص محددة مسبقاً من وزارة التجارة، جعل عديداً من التونسيين يبحثون عن طرق أخرى لاقتناء السيارات ومنها اللجوء إلى السوق الموازية".

وأشار المحجوب إلى أن هناك زيادة في بيع السيارات الشعبية بلغت 496 سيارة في نهاية 2023 مقارنة بمبيعات 2022، إضافة إلى تراجع بيع السيارات النفعية بنسبة 4.4 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يشار إلى أن السيارات الشعبية هي سيارات كانت تباع في تونس بأثمان معقولة وفق قرار اتخذ في تسعينيات القرن الماضي لمساعدة المواطنين خصوصاً الموظفين على امتلاك سيارة، قبل أن ترتفع أسعارها مع مرور السنوات بصورة لافتة مع تراجع سعر صرف الدينار التونسي وارتفاع مدخلات الإنتاج مع تقلص عدد موردي هذا الصنف من السيارات.

ويبلغ متوسط سعر السيارة الشعبية في تونس حالياً 35 ألف دينار (11.2 ألف دولار)، وهو سعر يعتبره التونسيون مرتفعاً نسبياً.

وتابع المحجوب أن سوق بيع السيارات الشعبية في البلاد تحرك نسبياً بتسجيل زيادة 500 سيارة، إذ بيعت في نهاية العام الماضي 7442 سيارة مقابل 6946 سيارة في 2022، لافتاً إلى أن سبعة وكلاء فحسب روجوا السيارات الشعبية في العام الماضي معظمهم علامات آسيوية، إذ بيعت 1873 سيارة من نوع "سوزوكي سيلاريو" و1716 سيارة من نوع "كيا بيكانتو" و1480 سيارة من "هيونداي" و1349 سيارة من نوع "تويوتا اغايا" علاوة على بيع 503 سيارات من نوع "بيجو 208"، إضافة إلى بيع 426 سيارة "رينو كويد" وأخيراً بيع 94 سيارة شعبية من نوع "متسيبيشي اتراغ".

تأثير واضح

من جانبه، قال رئيس الغرفة النقابية الوطنية للسيارات التابعة لمنظمة "الأعراف" إبراهيم دباش، إن "أسباب ركود السيارات في تونس تعود بالأساس إلى ضعف القدرة الشرائية للتونسيين مع ارتفاع نسب الفائدة على التمويل البنكي".

وعزا تراجع البيع كذلك إلى الظروف الصعبة التي يعيشها العالم بسبب تواصل النزاع الروسي – الأوكراني، باعتبار أن مواد أولية عدة ومكونات من السيارات تستورد من البلدين، علاوة على الظروف الصحية المتواصلة في الصين بسبب فيروس كورونا مما جعل التزويد بالسيارات من السوق الصينية يتأخر بصورة لافتة.

ورجح دباش أن "أسعار بيع السيارات تطورت في السنوات الماضية بين خمسة و10 في المئة بسبب غلاء مكونات السيارات وتدهور قيمة صرف الدينار التونسي إزاء اليورو والدولار، فضلاً عن ارتفاع نسب الفائدة البنكية على القروض المخصصة لشراء السيارات"، مشيراً إلى أن أسعار السيارات في تونس تضاعفت مرتين خلال السنوات الـ10 الأخيرة بسبب انهيار الدينار التونسي أمام العملات الصعبة، إضافة إلى زيادة الضرائب على السيارات المستوردة منذ عام 2018، إذ إن السيارة (صنف 5 أحصنة) كانت توظف عليها ضرائب ما بين 30 و32 في المئة، قبل أن ترتفع إلى 45 في المئة حالياً.

العلامات الآسيوية تواصل هيمنتها

وفي تحليله لنتائج سوق بيع السيارات في تونس خلال 2023، قال محجوب إن "العلامات الآسيوية واصلت هيمنتها على السوق التونسية بصورة لافتة خلال السنوات الأخيرة".

ووفق البيانات الإحصائية فان أربع علامات آسيوية احتلت المراتب الخمسة الأولى في جدول ترتيب تسويق السيارات في تونس، إذ احتلت العلامة الكورية الجنوبية "هيونداي" المركز الأول في المبيعات ببيعها لـ6875 سيارة تليها العلامة الكورية الجنوبية أيضاً "كيا" بتسويقها لـ6346 سيارة ثم العلامة اليابانية "تويوتا" بـ4856 سيارة فالعلامة الأوروبية بيجو ببيعها لـ4696 سيارة وفي المرتبة الخامسة العلامة اليابانية سوزوكي بترويجها لـ4026 سيارة في السوق التونسية.

ويعتبر وكلاء بيع السيارات أن الانفتاح على الأسواق الآسيوية قد يوفر سيارات بأسعار أقل من السيارات الأوروبية، فضلاً عن الحد من نشاط السوق الموازية التي تستأثر بنسبة 50 في المئة من النشاط، نتيجة تأثر الأسعار بانزلاق سعر الدينار مقابل العملات الأجنبية في السنوات الأخيرة، وهو مما أدى إلى ارتفاع في أسعار السيارات.

دعوة إلى تحرير السوق

وأكد دباش أن "سوق السيارات في تونس منظم والوكالات تقدم وتعرض أكثر من 60 علامة"، معتبراً أن سوق السيارات يجب أن تكون سوقاً حرة، مستدركاً "لكن في تونس تقيدها منظومة ضريبية ونظام حصص"، مشدداً على ضرورة فتح السوق بهدف تحقيق التوازن بين العرض والطلب، فضلاً عن أهمية زيادة نسبة الواردات أو في الأقل استئناف بالعمل بالنسب السابقة".

يشار إلى أن وزارة التجارة قررت في يونيو (حزيران) 2023، خفض حجم واردات السيارات الجديدة بنسبة 20 في المئة، بهدف تقليص العدد الإجمالي للسيارات الجديدة المعروضة للبيع ضمن حزمة إجراءات اتخذت لتقليص تفاقم العجز التجاري للبلاد.

قرار يصب في صالح المواطن

قررت رئاسة الحكومة التونسية إلغاء العمل بالقرار الوزاري المؤرخ في الـ22 من يونيو 2016 والمتعلق بالترخيص لوكلاء بيع السيارات لفض الإشكالات الترتيبية المترتبة عنه.

ووصف الدباش ذلك بأنها أبرز الصعوبات التي تواجه القطاع منذ عام 2013، بعد إيقاف الحكومة إسناد التراخيص لوكلاء السيارات، نظراً إلى انتشار وكالات السيارات بصورة كبيرة بعد 2011، خصوصاً المتعلقة بالسيارات الآسيوية.

ويرى أن "المستفيد من القرار الحكومي الأخير هو المستهلك نظراً إلى المنافسة التي سيعرفها القطاع بعد إلغاء هذا القرار، وما يعنيه من تكثيف عدد علامات السيارات في السوق التي عددها حالياً 50 علامة"، داعياً في الوقت ذاته إلى ضرورة مراجعة كراسات الشروط التي تصاغ منذ التسعينيات في ظل الثورة الكبيرة التي يعرفها القطاع في العالم.

آفاق 2024

وبخصوص آفاق 2024، قال محجوب إنه "لم يحدد لقاء مع وزارة التجارة لضبط برنامج العام الحالي"، داعياً إلى تحرير القطاع، مضيفاً "هذا المطلب القديم الجديد للغرفة لتحسين حجم المنافسة من جهة والضغط على الأسعار وتحسين الخدمات من جهة أخرى".

يشار إلى أن متوسط حجم قطاع السيارات في تونس يصل إلى 3025 مليون دينار (975.8 مليون دولار).