ملخص
قفزت الشحنات الصينية إلى روسيا بنسبة 46.9 في المئة على أساس سنوي إلى 111 مليار دولار في عام 2023
تستكشف الصين وروسيا مجالات جديدة للتعاون، بما في ذلك السيارات والمنتجات الزراعية في عام 2024، بعد أن وصلت التجارة الثنائية إلى مستوى قياسي مرتفع العام الماضي، على رغم أن المحللين حذروا من الشكوك الناجمة عن العقوبات الغربية. وتجاوزت روسيا أستراليا وألمانيا لتصبح سادس أكبر شريك تجاري للصين من حيث الدول والمناطق الفردية -بعد الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وهونغ كونغ وتايوان- في عام 2023، أي أعلى بأربعة مراكز عما كانت عليه قبل عامين.
وتحدت العلاقة التجارية القوية بين الصين وروسيا العقوبات الغربية الشاملة التي فرضت على الأخيرة بعد هجومها على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، مما أدى إلى ترسيخ الشراكة "بلا حدود" بين بكين وموسكو.
لكن لا تزال هناك تساؤلات حول مدى الارتفاع الذي يمكن أن تصل إليه التجارة الثنائية بين البلدين هذا العام، وما إذا كان من الممكن استهداف الصين من قبل الدول الغربية لأنها توفر لروسيا شريان الحياة.
ارتقاع التجارة الصينية - الروسية
وارتفعت التجارة بين الصين وروسيا بنسبة 26.3 في المئة عن العام السابق لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 240 مليار دولار في العام الماضي، وفقاً للإدارة العامة للجمارك، متجاوزة بشكل مريح الهدف الأصلي البالغ 200 مليار دولار، وكان ذلك يمثل نحو 36 في المئة من قيمة التجارة بين الصين والولايات المتحدة خلال الفترة نفسها، على رغم أن بكين تمتلك فائضاً تجارياً ضخماً عبر المحيط الهادئ، إذ تصدر أكثر بكثير مما تستورد.
وقفزت الشحنات الصينية إلى روسيا بنسبة 46.9 في المئة على أساس سنوي، إلى 111 مليار دولار في عام 2023، وبينما نمت الواردات بنسبة 12.7 في المئة إلى 129.1 مليار دولار، صعدت صادرات الصين من السيارات إلى روسيا بمقدار خمسة أضعاف إلى نحو 800 ألف وحدة العام الماضي، وهو ما يمثل نحو خُمس إجمالي صادراتها من السيارات.
وقال المحاضر الزائر السابق في دراسات المناطق المقارنة في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو أليكسي تشيغاداييف "إن الحرب والعقوبات الغربية أمور أدت إلى تسريع التجارة". وتحتاج روسيا إلى مساعدة الصين لاستبدال العلامات التجارية التي انسحبت، في حين أن صادراتها وأضاف أن الصين ستنمو أيضاً.
وأظهرت معلومات من الشركة المالية الإسبانية "بي بي في أي" أن الصين ستواصل تصدير السيارات ومعدات الآلات إلى روسيا، وستحصل على السلع والموارد الطبيعية في المقابل. وقال كبير الاقتصاديين في شركة "بي بي في أي للأبحاث" دونغ جينيو "أعتقد أن ازدهار العلاقات التجارية بين الصين وروسيا سيستمر في عام 2024". ويقدر جينيو زيادة بنسبة 25 في المئة في حجم التجارة الثنائية هذا العام.
ويتعين على روسيا أن تنقل معظم الطلب على الواردات وإمدادات التصدير من أوروبا والولايات المتحدة ودول أخرى، التي كانت حليفة، إلى الصين. وأضاف "الصين تدعم روسيا نوعاً ما في مجالات التجارة الثنائية والقطاع المالي، مثل توفير السيولة باليوان لروسيا للتحايل على طردها من النظام المالي الدولي".
الصين وخطر فرض عقوبات ثانوية
وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مزيداً من العقوبات على روسيا مع دخول الحرب في أوكرانيا عامها الثالث. وفرضت العقوبات الأخيرة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من جانب زعماء مجموعة السبع الذين فرضوا حظراً مباشراً على الماس الروسي اعتباراً من بداية يناير (كانون الثاني) الحالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتواجه بكين أيضاً خطر فرض عقوبات ثانوية، إذ أدرج بعض المصنعين الصينيين على القائمة السوداء لتورطهم. وفي حديثه في مؤتمره الصحافي السنوي في ديسمبر الماضي، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا والصين تحققان تقدماً مطرداً في العلاقات الاقتصادية "في جميع المجالات"، بخاصة في بناء البنية التحتية وصناعات التكنولوجيا الفائقة.
وزار رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين، القادة الصينيين في بكين في نهاية ديسمبر الماضي، على رغم عدم نشر أهداف تجارية محددة لعام 2024 بين الجانبين حتى الآن. وقال تشيغاداييف "تشكل الموارد المعدنية، بما في ذلك النفط والغاز والأخشاب، جزءاً كبيراً من صادرات روسيا". واستوردت الصين 79.8 مليون طن من النفط الخام من روسيا في الأشهر الـ11 الأولى من العام الماضي، بارتفاع نسبته 22.2 في المئة عن العام السابق. وتعمل موسكو على بناء خط أنابيب "قوة سيبيريا 2" لتوصيل مزيد من الغاز إلى الصين.
أضاف تشيغاداييف "من الواضح أن تسميات السلع الأساسية يمكن توسيعها بالمنتجات الزراعية، مثل الأسمدة". وذكرت وكالة الأنباء الروسية "تاس" أن "أورالتشيم غروب الروسية"، "وقعت، الخميس الماضي، مذكرة تفاهم لتوريد 600 ألف طن من الأسمدة لشركة شينجيانغ الذهبية للاستيراد والتصدير الزراعي في شينجيانغ على مدى ثلاث سنوات". وأكد تشيغاداييف أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد يبدآن مفاوضات مع الصين لتكثيف الضغط الاقتصادي على روسيا. ومع ذلك، أشار إلى أنه يتعين على الجانبين "تقديم شيء في المقابل" خلال هذه المفاوضات. وأضاف "على سبيل المثال، تخفيف العقوبات ضد الشركات الصينية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. لكن في الوقت الحالي، فإن احتمال هذا الخيار عند الحد الأدنى".