ملخص
يقبع الغنوشي في السجن منذ عشرة أشهر بتهم تتعلق بالتمويلات الخارجية، وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر وقضايا أخرى
فندت "حركة النهضة" التونسية الإشاعة التي راجت في تونس حول وفاة رئيسها السابق راشد الغنوشي، معتبرةً أن إشاعة الموت هي "استهداف لرئيس البرلمان الشرعي المعتقل"، فيما رأى مراقبون للشأن السياسي في البلاد أن الإشاعة لم تكن سوى محاولة لإعادة اسم الغنوشي إلى التداول، بعدما أكدت كل استطلاعات الرأي أنه من بين الشخصيات "الأقل شعبية" في تونس.
وفي بيان لها حول الموضوع، استنكرت "النهضة" ترويج مثل هذه الإشاعات وأدانت من يقف وراءها "من دون وازع أخلاقي أو ضمير رادع".
ودعت "النهضة" في البيان ذاته "إلى الترفع عن استعمال رمزية رئيس الحركة ووضعيته النضالية وظروفه الخاصة في أي رهانات سياسية بائسة تغطية على فشل سياسي أو بهدف الإلهاء عن قضايا الوطن".
بيان تكذيب
كما حذرت من أن "تكون وراء ترويج هذه الإشاعات حسابات أو سيناريوهات من نسج من لا يريد خيراً للثورة والشعب والوطن أو يتمنى حصول مكروه لرئيس الحركة". ودعت "النهضة" السلطات القائمة إلى "التعامل بجدية وعدم تجاهل هذه المرامي السيئة أو الاستهانة بها"، بحسب نص البيان.
ويشار إلى أن الغنوشي يقبع في سجن بالعاصمة التونسية منذ عشرة أشهر بتهم تتعلق بالتمويلات الخارجية، وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر وقضايا أخرى تتعلق بالأمن القومي للبلاد.
من جهته، اعتبر الباحث السياسي أيمن الزمالي أن "بث الإشاعة التي روجت لوفاة راشد الغنوشي، زعيم الحركة الإخوانية في تونس، وهو قابع في السجن، لم تكن سوى محاولة لإعادة تداول اسمه بين متابعي الشأن العام بعدما كاد التونسيون ينسونه خلال الأشهر القليلة الماضية، ولم تعد الصحافة ولا الأوساط السياسية تذكره".
ونبّه الزمالي إلى الهدف من ترويج إشاعة، موضحاً أنه "يبدو أنها استجابة شملت أوساطاً ضيقة في الساحة السياسية وبالخصوص حزبه الذي أصدر بيان تكذيب لهذه الإشاعة، واستغل الموقف للتذكير بأن الغنوشي معتقل سياسي في تونس وفي ذلك مغالطات، يقر بها النهضويون قبل غيرهم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وواصل الزمالي "لا نبالغ إذا أكدنا أن مختلف استطلاعات الرأي أكدت أن الغنوشي من الشخصيات الأقل شعبية في تونس، والأعلى نسبةً من حيث عدم الثقة فيه لدى مختلف العينات المستجوبة بمختلف مشاربها، وذلك خلال توليه قيادة حركة النهضة ومشاركته في الحكم أو تحكمه بمقاليد الأمور في البلاد، فما بالك بعد ذلك". وأضاف الزمالي "كان جمهور واسع من التونسيين طالب السلطات القضائية بفتح الملفات التي ثبت تورط الغنوشي فيها، واتهمت القضاء بعدم القدرة على تحريك قضايا الغنوشي، الرجل الذي كان يحظى بحماية سياسية وقضائية لم تحظَ بها شخصية أخرى خلال العشرية الموالية للإطاحة بالنظام المستبد للرئيس الأسبق زين العابدين بن علي".
إفشال الانتقال الديمقراطي
وتوقع الزمالي "إذا ما أنجز القضاء مهمته بخصوص قضايا التسفير إلى بؤر التوتر، وقضايا تمويل حركة النهضة، وأخرى تُعرف بـ "أنستالينقو"، القضية المتعلقة بشبكة عنكبوتية دولية تنشط في الدعاية وتوجيه الرأي العام وتبييض الأموال، فإن الغنوشي سينال حكماً بمدة سجنية طويلة نسبياً".
واستدرك قائلاً "حتى وإن خرج لسبب من الأسباب من السجن، فإن الخلاف كبير بين التيارات المكونة لحركة النهضة حول الغنوشي، الذي تتهمه أوساط اسلامية واسعة بأنه كان سبباً في إفشال الانتقال الديمقراطي الذي دخلته البلاد بعد عام 2011، وفي عودة الإسلاميين إلى مواقع الملاحقة والاتهام والنفور الشعبي الحاصل اليوم، مما يشكك بإمكانياته في إعادة ترميم حركة النهضة في اللحظة السياسية الراهنة على الأقل".
يُذكر أن راشد الغنوشي (83 سنة) وُلد في عام 1941 في منطقة الحامة التابعة لمحافظة ڨابس. عاد الغنوشي إلى تونس من منفاه في لندن بعد ثورة يناير (كانون الثاني) 2011 فحكم البلاد مع حركة النهضة التي فازت بالانتخابات حينها، إلا أن الرئيس التونسي الحالي قيس سعيد، قلب الطاولة من أجل "تصحيح المسار"، وحل البرلمان في 25 يوليو (تموز) 2021، وكان يرأسه الغنوشي آنذاك. ومنذ ذلك الحين تعالت أصوات مطالِبة بمحاسبة الغنوشي الذي كان من بين أبرز أسباب المعكرة للأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلاد بحسب مراقبين كثر.
ويُعدّ راشد الغنوشي من مؤسسي "حركة الاتجاه الإسلامي" في تونس التي غيّرت اسمها لاحقاً إلى "حركة النهضة"، وشارك في تأسيس هيئات مثل "الندوة العالمية للشباب الإسلامي" في عام 1971، و"المؤتمر القومي الإسلامي" الذي يجمع بين التيار القومي العربي والتيار الإسلامي، وهو عضو في "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، وكان من أبرز المرشحين لرئاسته بعد وفاة رئيسه السابق يوسف القرضاوي إلا أن رئيس الجمهورية قيس سعيد قضى على طموحه وطموح حركته.
وتصدر الغنوشي مع ترؤسه مجلس نواب الشعب في مايو (أيار) 2021، ترتيب مؤشر الانعدام الكلي للثقة لدى التونسيين، وفق استطلاع رأي لمؤسسة "سيغما كونساي". وعبّر 77 في المئة من التونسيين عن عدم ثقتهم المطلقة في رئيس النهضة، بحسب الاستطلاع الذي نُشرت نتائجه آنذاك.