Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجوار الأفريقي وجهة جديدة لنازحي السودان

أسعار الغذاء والدواء والتعليم أبرز مصاعبهم في أوغندا وكينيا وإثيوبيا

لاجئون سودانيون فارين من الصراع عبر الحدود شمال غرب إثيوبيا   (أ ف ب)

ملخص

طول أمد الحرب في السودان اضطر النازحين إلى اللجوء للجوار الأفريقي وهذه أبرز مصاعبهم

تتواصل المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" التي طال أمدها بدخولها الشهر الـ10 من دون التوصل إلى حلول رغم الجهود المبذولة لإنهائها عبر المفاوضات الإقليمية والدولية، لا سيما أن هذه الحرب أصبحت تستهدف المواطن عقب تمدد "الدعم السريع" والسقوط المفاجئ لمدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة التي كانت تعد قلعة النزوح الأولى لآلاف النازحين من جحيم حرب الخرطوم.

 وفي وقت يخشى كثير من السودانيين بخاصة النازحون من العاصمة نقل الحرب جغرافياً داخل حدود البلاد اختار عديد منهم وجهات نزوح جديدة في الجوار الأفريقي بحثاً عن ملاذات آمنة بينها أوغندا وكينيا وإثيوبيا في ظل تشدد بعض الدول المجاورة في إجراءات الحصول على تأشيرة الدخول، حيث عاش هؤلاء النازحون أوضاعاً معيشية قاسية سواء في معسكرات الإيواء التي تفتقر إلى الخدمات الأساسية، أو خارجها بسبب المغالاة في ارتفاع كلفة الإيجارات ومتطلبات الحياة اليومية، بخاصة أن معظمهم يرافقهم أطفال وكبار سن ومرضى.

أخطار وصعوبات

إبراهيم خميس، مواطن نزح من ضاحية أمبدة بأم درمان، أوضح أنه حاول رغم اشتداد المعارك واعتداء الميليشيات المتمردة على المواطنين عدم ترك منزله، إلا أن خوفه على أفراد أسرته، بخاصة بناته القصر من التعرض للاغتصاب والعنف الجنسي أجبره على النزوح خارج حدود البلاد، إضافة حتى الانفلات الأمني وعدم وجود جهات تدافع عن حقوق الإنسان".

وأشار خميس إلى أن "سوء الأوضاع بالولايات التي انتقلوا إليها بعد اشتداد المعارك في الخرطوم والمخاوف من تمدد الحرب واتساعها جغرافياً بعد سيطرة (الدعم السريع) على ولاية الجزيرة، جعلهم يختارون النزوح إلى أوغندا، التي لم تكن الخيار الأمثل لهم نظراً إلى أن طبيعتها وتقاليدها غريبة عن المجتمعات السودانية، في وقت كنا نرغب الذهاب إلى مصر، لكن المشكلة في صعوبة الحصول على التأشيرة التي تتطلب ثلاثة أشهر إلى جانب الإقامة بمدينة بورتسودان في ولاية البحر الأحمر التي تشهد تدفقاً للنازحين الذين يقصدون السفر إلى خارج البلاد، مما يتطلب صرف أموال طائلة نسبة إلى ارتفاع إيجار الشقق والفنادق إلى أكثر من الضعف".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يوضح، "كانت الرحلة شاقة للغاية، كما أن الإقامة بأوغندا تتطلب استقراراً مادياً، لا سيما أن الإيجارات مرتفعة، إذ يصل سعر الشقة 300 دولار شهرياً، إضافة إلى زيادة رسوم المدارس التي فاقمت أوضاعنا الاقتصادية، حيث يجد أبناؤنا صعوبة في دراسة المناهج والتحدث بالإنجليزية التي تعد اللغة الأولى هناك، إلى جانب ارتفاع أسعار السلع الغذائية وكلفة العلاج في المستشفيات الخاصة، بخاصة أن والدتي ترافقني النزوح وهي تعاني السكر والضغط، حيث تستخدم عديداً من الأدوية إلى جانب المتابعة من قبل الطبيب بصورة دائمة".

ونوه خميس إلى أن أوغندا أوقفت، أخيراً، تسجيل اللاجئين بعاصمتها كمبالا، مما اضطرهم إلى الذهاب لمدينة أخرى تستغرق أكثر من ثلاث ساعات لتوفيق أوضاعهم القانونية وهي معاناة إضافية، فضلاً عن أن معظم طالبي اللجوء من فئة الموظفين الذين لم يصرفوا رواتبهم منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، كما أن معظم الأسر النازحة تعتمد في معاشها على الإعانات التي تصل إليهم من ذويهم في الخارج، وهي مهما بلغت لا تفي بمتطلبات الحياة.

ترتيب الأوضاع

مواهب أحمد مواطنة اختارت النزوح إلى إثيوبيا عبر ولاية القضارف بحكم قربها من منطقة القلابات الحدودية، هرباً من ويلات الحرب التي تصاعدت حدتها بولاية الجزيرة بعد اجتياح "الدعم السريع" لمدنها وقراها كافة.

تقول مواهب بحزن عميق، "قطعنا مسافات طويلة لكي نخرج من ولاية الجزيرة باتجاه مدينة القضارف، وطول الطريق عشنا رعباً لا يمكن وصفه بسبب القصف المدفعي المتواصل من كل الاتجاهات، كما شاهدنا الجثث والدمار الذي طال مدن وقرى الولاية التي كانت تنعم بالاستقرار والأمان لكن خلال لحظة تغير حالها لتصبح بؤرة للصراع".

وأضافت، "كنت قلقة على أطفالي الصغار لأنهم لم يتحملوا دوي الانفجارات وأصوات المدافع والرصاص، لذلك تحملت أخطار النزوح وكلفته، بخاصة أنني وصلت إلى قناعة بأن الحرب ستطال الولايات الآمنة، لا سيما أن طرفي الصراع لن يصلا إلى اتفاق ينهي هذه الحرب اللعينة".

وأشارت إلى أنه على رغم ارتفاع كلفة الحياة هنا في إثيوبيا، لكنها ستعمل على ترتيب أوضاعها وفق موازنتها المتاحة، على أمل في أن يتلاشى اليأس الذي دب في نفوس الجميع، على أمل العودة مرة أخرى للبلاد.

هجرة قسرية

في السياق، قالت عضو لجنة محامي السودان سامية عبدالرزاق إن "المواطنين السودانيين هم من يدفعون ثمن الصراع الدائر حالياً بين طرفي القتال، فكثير منهم أجبروا قسراً على الهجرة بمغادرة منازلهم تحت تهديد السلاح، فضلاً عن أن الحرب أصبحت تستهدف المواطن وحقوقه في المواطنة، وظهر ذلك خلال النزوح الكثيف داخلياً وخارجياً، إضافة إلى المخاوف من تداعيات الحرب المتمثلة في العنف الجنسي الذي تفشى بصورة مقلقة في حق النساء من دون تمييز في الأعمار، فهناك حالات اغتصاب واختطاف سجلت في دائرة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل مع وجود حالات مسكوت عنها خوفاً من القيم المجتمعية".

وأضافت عبدالرزاق، أن "لجنة المحامين ظلت تدافع عن حقوق المواطنين منذ اندلاع الحرب بالعاصمة، وتعرضت غالبية عضويتها إلى المضايقة والاعتقال من قبل جانبي النزاع، لكن على رغم ذلك تواصل جهودها في تقصي الحقائق حول ما يرتكب من انتهاكات وتجاوزات مختلفة، وتتلقى شكاوى كثير من المواطنين".

لافتة إلى المعاناة التي تواجه النازحين السودانيين وتشردهم في دول الجوار التي قصدوها بحثاً عن الأمان، حيث إن غالبيتهم فقدوا ممتلكاتهم ومدخراتهم وأصبحوا يعيشون على الكفاف في ظل تراجع المساعدات التي تقدمها المنظمات العاملة في المجالات الإنسانية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات