Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من يتحمل مسؤولية الشواغر في البرلمان التونسي؟

أثارت الأزمة خلافاً بين رئاسة المجلس والهيئة العليا المستقلة للانتخابات

أخلى البرلمان مسؤوليته من حال الشغور في المقاعد السبعة الخاصة بالتونسيين في الخارج (أ ف ب)

بعد نحو عام من بدء أشغاله في مارس (آذار) الماضي، بقي البرلمان التونسي المنتخب في ديسمبر (كانون الأول) 2022، منقوصاً من سبعة نواب، مما أثار خلافاً بين رئاسة المجلس والهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إذ تلقي كل جهة مسؤولية الشغور على الطرف الآخر.

وتهم هذه الأماكن الشاغرة مقاعد سبع دوائر انتخابية في الخارج، وهي فرنسا وأفريقيا وآسيا وأستراليا والدول العربية وإيطاليا وألمانيا وبقية الدول الأوروبية والأميركتين التي لم يترشح فيها أي شخص.

ويشترط القانون الانتخابي الجديد الذي وضعه رئيس الجمهورية قيس سعيد في يوليو (تموز) 2022 وأثار جدلاً واسعاً في الساحة السياسية، حصول المرشح على 400 تزكية نصفها من النساء، ويجب أن يراوح عمر 25 في المئة من كل مجموعة ما بين 25 و35 سنة، وهي عملية معقدة وصعبة في الداخل، بينما باتت شبه مستحيلة في الخارج، لذلك بقي التونسيون في الخارج من دون تمثيل برلماني.

كما ينص القانون الانتخابي على أن الأشخاص الذين يدعمون المرشح يجب أن يكونوا مسجلين في قائمة الناخبين للدائرة حيث يقيم المرشح، مما حال دون تمكن عدد من التونسيين في الخارج من الترشح للانتخابات التشريعية الماضية.

حرمان التونسيين في الخارج من إيصال مشاغلهم

يعلق الكاتب الصحافي المتخصص في الشأن السياسي محمد صالح العبيدي على هذه العقبات بقوله إن "مشاركة الجالية التونسية في الخارج في الشأن السياسي الوطني، مطلب ناضل من أجله لأعوام طويلة المقيمون في الخارج لإيصال أصواتهم والتعبير عن مشاغلهم من خلال نواب البرلمان في بلدهم الأم".

واعتبر أن "الشغور الحاصل هو خلل إجرائي شكلي، يمكن تجاوزه من خلال تنظيم انتخابات جزئية إلا أن الإشكال يبقى نفسه في ظل عدم تنقيح القانون الانتخابي، إذ سيواجه المرشحون في الخارج المشكلات ذاتها في تجميع التزكيات من أجل الترشح للانتخابات البرلمانية الجزئية".

ولفت إلى أن "البرلمان قد يستكمل دورته النيابية من دون ممثلين عن التونسيين في الخارج وهي سابقة في تاريخ البرلمان في تونس".

مسؤولية الهيئة

وأخلى البرلمان مسؤوليته من حال الشغور في المقاعد البرلمانية السبعة، وأصدر بياناً رد من خلاله على رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر.

وأوضحت رئاسة البرلمان في بيانها أن "هذا الأمر يبقى من مشمولات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لأنها لم تتوصل إلى إجراء انتخابات بالدوائر المذكورة في أي طور، قبل الإعلان النهائي عن النتائج، وقبل مباشرة المجلس لمهماته أو بعد ذلك".

وأضافت أنه "لم تتسنَّ للبرلمان مباشرة عمله بتركيبته المكتملة، نظراً إلى أن هيئة الانتخابات اتجهت إلى الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية ونشرها، من دون استكمال سبعة مقاعد راجعة إلى دوائر انتخابية بالخارج"، مؤكدة أن "الشغور في أية هيئة أو مجلس نيابي، لا يتم إلا وفقاً للضوابط الدستورية والقانونية، وأنه لا يمكن الحديث عن مقعد شاغر إلا بعد أن يتم شغله".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب القانون الانتخابي والنظام الداخلي للبرلمان، فإن حالات الشغور النهائي تكون في حالات الوفاة والعجز التام والاستقالة من عضوية المجلس وفقدان العضوية بموجب حكم قضائي بات، يقضي بالحرمان من الحقوق المدنية والسياسية، أو بموجب سحب الوكالة.

وأشارت إلى أنه "عند حدوث أي من هذه الحالات، يتعين على مكتب المجلس أن يعلم فوراً هيئة الانتخابات بحدوث الشغور، ويتم على أثرها تنظيم انتخابات تشريعية جزئية في الدائرة المعنية في أجل أقصاه ثلاثة أشهر من تاريخ معاينة الشغور".

الهيئة تنتظر مراسلة البرلمان

في المقابل، نفى المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري، وجود خلاف مع البرلمان، مؤكداً "استعداد الهيئة لسد الشغورات داخل البرلمان"، ولفت إلى "أنه تم رصد موازنة خاصة بهذه الانتخابات في موازنة 2024".

وقال المنصري في حديث إلى "اندبندنت عربية" إن "الهيئة تنتظر مراسلة من البرلمان تتضمن معاينة الشغور، لتتولى إثر ذلك مباشرة تنظيم الانتخابات الجزئية، وتستكمل المقاعد الشاغرة في مجلس نواب الشعب"، معتبراً أن "الانتخابات الجزئية تخضع للشروط نفسها الخاصة بالانتخابات العادية من حيث الروزنامة والمراحل والآجال وفق ما ينص عليه القانون الانتخابي".

وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر أكد في تصريح صحافي أن سد الشغور في مجلس نواب الشعب ومعاينة ذلك من صلاحيات البرلمان ولا يمكن للهيئة أن تتدخل فيه، قائلاً "نحن على ذمة البرلمان لإجراء الانتخابات التشريعية الجزئية في الخارج، ولم نتلق بعد طلباً رسمياً من البرلمان في هذا الشأن".

خلاف شكلي

وفي غياب محكمة دستورية لفض الخلافات في تأويل القوانين، قال أستاذ القانون المتخصص في النزاع الانتخابي العضو السابق في هيئة الانتخابات عبدالجواد الحرازي إن "الخلاف شكلي بين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والبرلمان"، مشيراً إلى أن "الهيئة على علم بأن المجلس فيه شغور، والبرلمان كان عليه أن يراسلها ويعلمها بذلك ويدعوها إلى سده"، ورجح أن "سد الشغور لم يكن أولوية بالنسبة إلى الهيئة والبرلمان باعتبار ضغط الروزنامة الانتخابية".

ويتساءل أستاذ القانون عما سيفعله البرلمان والهيئة في حال كان الشغور بعدد أكبر من النواب، مضيفاً "عندها كان سيتم تجاوز الموقف بمراسلة من البرلمان، وتنظيم انتخابات جزئية لسد ذلك الشغور".

وخلص الحرازي إلى أن "كل ما في الأمر هو نوع من التلاعب بالمفاهيم بين هيئة الانتخابات ورئاسة البرلمان، فالمجلس يعتبر تركيبته منقوصة، ولا يوجد شغور ليتم سده بحسب القانون الانتخابي، بينما ترى الهيئة أن هناك شغوراً، وتنتظر مراسلة من البرلمان لتنظم انتخابات جزئية لسدّه".

وأوضح أنه "كان على هيئة الانتخابات أن تعلن منذ البداية أن المجلس منقوص من سبعة أعضاء وتعلن أنها ستنظم مواعيد جديدة لانتخابات جزئية لسد الشغور".

الغالبية المعتمدة بـ81 عضواً

وبخصوص الغالبية المعتمدة عند التصويت على القوانين العامة أو الأساسية، قال رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة خلال جلسة عامة للبرلمان هذا الشهر، إن "عدد أعضاء البرلمان هو 161 والغالبية المطلقة المعتمدة هي 81 عضواً ومسألة الشغورات هي مسألة إجرائية خاصة بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات".

يشار إلى أن البرلمان يتكون في الأصل من 161 نائباً، بينما أدى اليمين في الـ 13 من مارس الماضي 153 نائباً من أصل 154 كانت هيئة الانتخابات أعلنت فوزهم بمقاعد في البرلمان في الدوائر الانتخابية داخل تونس، في حين لم تجرَ انتخابات نواب الشعب في سبع دوائر خارج البلاد بسبب عدم تسجيل ترشحات في الغرض. وفي يوم أداء اليمين نفسه جرى إيقاف النائب وجدي الغاوي في قاعة الجلسات العامة خلال الجلسة الافتتاحية للبرلمان بسبب قضية مرفوعة ضده.

وتقبل تونس على استحقاقات انتخابية مهمة العام الحالي، من ذلك استكمال الدور الثاني للانتخابات المحلية، تمهيداً لتركيز المجلس الوطني للجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، ثم الانتخابات الرئاسية، إذ إن ولاية الرئيس الحالي قيس سعيد تنتهي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وتعد الانتخابات المحلية آخر حلقة في مسار تركيز مؤسسات الحكم في المنظومة السياسية الجديدة التي بدأها رئيس الجمهورية قيس سعيد في الـ25 من يوليو (تموز) 2021، بدستور وبرلمان جديدين.  

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات