ملخص
لا يتردد خصوم حركة "النهضة" في المطالبة بحلها بالنظر إلى حجم القضايا التي تلاحقها، خصوصاً في ما يتعلق بتسفير الشباب نحو مناطق القتال وقضية تلقي تمويلات أجنبية
أثار قرار محكمة تونسية بسجن زعيم حركة "النهضة" راشد الغنوشي ثلاث سنوات في قضية تلقي حزبه تمويلات أجنبية تكهنات بأن يكون ذلك تمهيداً لحل الحركة، خصوصاً أنها تواجه تهماً عدة.
واعتبر محامي الغنوشي، مختار الجماعي، أن هذا القرار قد يكون منطلقاً لدعوى جديدة من أجل حل حركة "النهضة"، أو تجميد نشاطها، وذلك في وقت تغلق فيه السلطات المقار المركزية للحزب.
ويقبع الغنوشي في السجن منذ أبريل (نيسان) الماضي بعد تحريك دعوى ضده إثر حديثه عن أن "تونس من دون إسلام سياسي أو يسار أو غيرهما من الأطياف السياسية هي مشروع حرب أهلية"، مما عدته السلطات تحريضاً على الانزلاق نحو الفوضى في البلاد.
إقصاء سياسي
وتوالت أمس الجمعة ردود الفعل من حزب النهضة تجاه قرار حبس الغنوشي لثلاث سنوات، حيث اعتبر مستشاره رياض الشعيبي هذا القرار "محاولة لإقصاء طرف سياسي والتنكيل به".
وأردف الشعيبي في تصريحات بثتها وسائل إعلام محلية أن "القرار الذي صدر في حق راشد الغنوشي ورفيق عبدالسلام هو قرار سياسي بامتياز (...) والمحاكمة كانت شكلية في ظل تسجيل خروقات إجرائية وعدم توفر ضمانات المحاكمة العادلة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والقضية التي يواجه فيها الغنوشي وصهره الموجود في الخارج حكماً بالسجن لثلاث سنوات، تمت إثارتها بصورة رئيسة في تقرير لمحكمة المحاسبات، وهي أعلى هيئة رقابية في تونس، في شأن لجوء حركة "النهضة" إلى جماعات الضغط التي تعرف بالـ"لوبيينغ" في الولايات المتحدة الأميركية للتأثير في الناخبين في استحقاقات 2019 النيابية والرئاسية.
وفي القضية ذاتها أصدرت محكمة تونسية مساء الجمعة حكماً بسجن زعيم حزب "قلب تونس" وقطب الإعلام نبيل القروي بالسجن لثلاث سنوات مع النفاذ العاجل، مما يعني أن هذه القضية بدأت تأخذ طابعاً جدياً وفقاً لمراقبين.
الحل غير مستبعد
والتساؤلات التي تخامر جل المتابعين للأزمة السياسية في تونس تتمحور حول ما إذا كانت الخطوة التالية هي حل حركة "النهضة"، خصوصاً في ظل التقدم بالتحقيقات في شأن ملف تسفير الشباب إلى مناطق القتال في فترة حكمها (2011 – 2013) وقضية الـ"لوبيينغ"، وغيرهما.
وقال المحامي التونسي، عماد بن حليمة إن "حل حركة "النهضة" غير مستبعد الآن لأن تونس تدار الآن بلا عقل سياسي على اعتبار أن هذه الخطوة إذا تمت فإنها ستصب في صالح الحركة، وليس العكس".
وتابع بن حليمة في حديث خاص مع "اندبندنت عربية" أن "من الخطأ السياسي حل حزب حركة (النهضة) لأسباب عدة، أبرزها أن قراراً كهذا سيدفع الحركة إلى العمل السري، فضلاً عن توفير الأسباب الكافية والذرائع التي تستخدمها الحركة وجماعات الإسلام السياسي لنشر ثقافة المظلومية".
ولفت المتحدث إلى أنه "حتى قيادات الحركة التي كانت غاضبة على السياسات الحالية وابتعدت عنها، سيعودون إليها لأن حلها سيعيد حالة من التعبئة والالتفاف حولها، من ثم أعتقد أن قرار الحل أصبح غير مستبعد، وقد يكون الخطوة التالية، لكنه قرار إذا تم سيصب في صالح (النهضة)، وليس العكس".
ودخلت حركة "النهضة" منذ سنوات في أتون أزمة حادة بعد أن غادر ما لا يقل عن 115 قيادياً من بينهم وزراء ونواب برلمانيون سابقون بسبب محاولات الغنوشي التمديد في قيادته للحركة، فيما تم سجن عديد من قياداتها منذ أشهر في إطار التحقيق معهم بقضايا عدة، وتم غلق مقارهم الرئيسة.
مطالبات بالحل
في المقابل، لا يتردد خصوم حركة "النهضة" في المطالبة بحلها بالنظر إلى حجم القضايا التي تلاحقها، خصوصاً في ما يتعلق بتسفير الشباب نحو مناطق القتال وقضية تلقي تمويلات أجنبية.
وعلى رغم تلك المطالبات فإن القانون الانتخابي في تونس لا ينص على حل الأحزاب التي يثبت تلقيها تمويلات أجنبية، حيث ينص فقط على غرامة مالية وحرمان من يثبت تلقيه تلك التمويلات من قيادات من الترشح للانتخابات لمدة خمس سنوات منذ صدور الحكم.
ومع ذلك، دعا رئيس حزب "التحالف من أجل تونس" سرحان الناصري، وهو من الموالين للسلطة في البلاد إلى حل حركة (النهضة). وقال في تصريح خاص إن "حركة (النهضة) ثبت تورطها في تلقي تمويلات مخالفة بذلك كل القوانين في تونس، لذلك ننتظر قراراً بحلها ومواصلة ملاحقة كل من يثبت تورطه في تسفير شباب تونس نحو بؤر التوتر وملف الاغتيالات السياسية".
وأشار إلى أن "هذه خطوة مهمة جداً في انتظار قرار الحل النهائي لها، وبذلك نطوي نهائياً صفحة الحركة سياسياً بعد أن انتهت مجتمعياً ولفظها الشعب التونسي".
وفي ظل غياب فصول قانونية ومخاوف من أن تستثمر حركة "النهضة" أي قرار مثل الحل لصالحها فإنه من غير الواضح ما إذا كانت السلطات القضائية ستصدر حكماً قضائياً بحلها.
وقال الناصري إن "تونس جاهزة لحل حركة (النهضة) باعتبار أنها متورطة في قضايا عدة ومخالفات قانونية"، منوهاً بأن "القضاء التونسي تعافى وقادر على إصدار قرار كهذا دون أي خشية من أي ردود فعل، أو غير ذلك".