Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الخيمة"... مطاعم وقاعات شاي صحراوية تغزو مدن الجزائر

تجار يستخدمون عناوين لمحلاتهم تشير إلى مناطق الجنوب كأنها مصدر المنتوج وآخرين يطلبون عمالاً من ذوي البشرة السمراء

عمد كثيرون إلى نصب خيام في ساحات وشرفات المطاعم وقاعات الشاي والمقاهي، كما اعتمد آخرون على الديكور الداخلي التقليدي للخيمة في تصميم محلاتهم (اندبندنت عربية)

ملخص

هل يساهم انتشار "الخيمة" في التسويق السياحي في الجزائر

لم يعد مفهوم الخيمة في الجزائر مرتبطاً بالبيئة الصحراوية، ولم يبقى وصفها يشمل تلك القطعة القماشية المزركشة المنتصبة وسط الرمال والتي يتخذها سكان الجنوب مسكناً، بل أصبحت جزءاً من ديكور مدن شمال البلاد ومختلف المناطق الداخلية، بعد تزاحم المقاهي والمطاعم العصرية في تقديم خدمات الخيمة التقليدية.

بين البطالة والحيلة وإعادة الاعتبار

وبين الهرب من جحيم البطالة وقساوة الطبيعة في جنوب الجزائر بالنسبة إلى سكان الجنوب، ولجوء سكان الشمال إلى حيلة الديكور الصحراوي لاستقطاب مزيد من الزبائن، انتشرت الخيمة بشكل لافت في شمال البلاد، وهو ما يلاحظه الزائر في مختلف أزقة وشوارع مختلف المناطق، لاسيما الساحلية، إذ عمد كثيرون إلى نصب خيام في ساحات وشرفات المطاعم وقاعات الشاي والمقاهي، كما اعتمد آخرون على الديكور الداخلي التقليدي للخيمة في تصميم محلاتهم لكن بشكل أكثر تطوراً وتجهيزاً.
وبقدر ما أعادت الفكرة الاعتبار إلى الخيمة كرمز حضاري وموروث ثقافي، فتحت مجالاً تجارياً جديداً وغيّرت نمط حياة مجتمع، وأصبحت مختلف الأطباق التقليدية مطلب الجزائريين من الجيل الحالي الذي نشأ على المأكولات السريعة التي تختلف من الـ "برغر" إلى الـ "تاكوس" مروراً بـ "سندويشات الكباب والشاورما"، كما ساهمت الفكرة في تغيير بعض يوميات الجزائري الذي على عمومه غير مفضل لشرب كأس الشاي بقدر دأبه وحبه لارتجاف فنجان قهوة.


الفكرة لأبناء الجنوب

ويقول "كريمو"، وهو صاحب خيمة بمنطقة الشراقة بالعاصمة الجزائرية، في لقاء مع "اندبندنت عربية"، إن "الفكرة هي لأبناء الجنوب الذين ضاقت بهم السبل في الحصول على فرصة عمل بالمحافظات الصحراوية حيث تقل الوظائف"، موضحاً أن "شباب الجنوب عقدوا العزم وانتقلوا إلى شمال البلاد لتقديم كؤوس الشاي وبعض المكسرات، حيث اعتمدوا في البداية على التنقل مشياً على الأقدام في شوارع المدن الكبرى وهم يحملون أباريق الشاي ومن تحتها جمرات تحافظ على سخونة هذا الشراب المطلوب بكثرة في شمال البلاد، وفي اليد الأخرى "قفة" تحوي مكسرات مملحة"، وأضاف أنه "مع انتعاش هذه التجارة سواء بسبب الذوق أو دعماً للشباب المقبل على هذه الفكرة، بدأت عملية كراء (إيجار) المحلات تتوسع ليصبح النشاط قانونياً ويخضع للسجل التجاري كباقي الأنشطة".
لكن مع مرور الوقت باتت "الخيمة" والديكور الصحراوي ضمن النشاط التجاري العام في مختلف مدن البلاد الشمالية، ويضيف "كريمو" الذي أبرز أن أصحاب المقاهي والمطاعم وقاعات الشاي اتخذوا من هذا الأسلوب طريقةً لرفع مداخيلهم بعد الإقبال الكبير الذي سجلوه من طرف الزبائن الباحثين عن تغيير الأجواء والأطباق والجلسات. وختم أن "بعض هذه الخيم أدخلت عليها تعديلات عصرية جعلت الديكور الصحراوي الداخلي هو الفارق أمام المحلات الحديثة، على اعتبار أن مختلف المحلات مساحاتها لا تستوعب إقامة خيمة، بل مجرد قطع قماش تشبه التي تُصنع منها الخيم، وأيضاً بعض أدوات التزيين التقليدية من التراث الصحراوي لمنح بعض الروح والهدوء الذي يسافر بالزبون إلى وسط رمال الصحراء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


انتشار وتهافت

ولا يكاد المتجول في شوارع وأزقة المدن أن يجد مكانا للجلوس بإحدى الخيمات المنتشرة، بسبب الازدحام اللافت من الرجال والنساء والعائلات، سواء بالنسبة للمطاعم أو المقاهي أو قاعات الشاي، لا سيما تلك التي يشرف عليها سكان الصحراء، خاصة خلال مواعيد الغذاء والعشاء وفترات الليل حيث يصبح للمجلس طعم خاص مع الدفء ورائحة الجنوب وسكون الصحراء.
وأمام تزايد الطلب على الشاي الصحراوي والإقبال على الأطباق التقليدية، في مقابل تراجع الاهتمام بالقهوة والأكلات السريعة والعصرية، لجأ العديد من أصحاب المقاهي والمطاعم بالعاصمة إلى تخصيص زاوية أو مساحة بالمحل لبيع "التاي" كما يطلق عليه سكان الجنوب الجزائري، أو تقديم أطباق ومأكولات من الزمن القديم، بديكور صحراوي يمنح المكان مزيجاً بين الحداثة والتراث، وهو ما جعل النشاط في تطور مستمر بشكل أنعش سوق العمل، حيث تغزو إعلانات البحث عن محترفين في هذا المجال صفحات الجرائد ومواقع الواصل الاجتماعي.


حيلة وحيّل

في السياق، حذر "جمال" صاحب مقهى عصرية، من مخادعة بات يلجأ إليها بعض التجار من أجل الربح السريع، وأبرز في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أنه في السابق كان المتجول بإبريق الشاي في شوارع البلاد أو صاحب الخيمة أو طباخ المأكولات التقليدية من أبناء الصحراء، لكن بعد أن انتعش هذا النشاط تسابق بعض أشباه التجار على هذا النوع من النشاط، معتمدين في ذلك على عناوين تشير إلى مناطق صحراوية كأنها مصدر المنتوج مثل "شاي تيميمون" أو "تاي تمنراست" أو "كسكس "أدرار" أو " زفيطي المسيلة" أو "شخشوخة بساكرة" وغيرها، لكن في الحقيقة لا علاقة لها بالصحراء، بل مصدرها فيديو من "تويتر" أو "تيك توك" أو وصفة من "فيسبوك". وأضاف أن "هناك من يطلب عامل أو عاملين ببشرة سوداء للإيحاء للزبائن بأنهم من أبناء الصحراء".
ويرى أستاذ علم النفس، بوجمعة وردالي، أن "ظهور هذا النوع من النشاط التجاري القادم من جنوب الجزائر، إنما يرجع إلى سبب وحيد ويتمثل في البطالة التي تسيطر على مختلف مناطق الصحراء، حيث تقل فرص العمل لاعتبارات عدة"، مضيفاً أن "المعروف لدى سكان الصحراء كرمهم و جودهم وتمسكهم بتقاليدهم، وبالتالي انتقالهم إلى الشمال من أجل إبريق شاي لا يمكن اعتباره أمراً عادياً بقدر ما هو تصرف حتمي فرضته الحاجة". وأوضح أن "انتشار هذه التجارة جاء ليؤكد رغبة المواطنين في اكتشاف تراث بلادهم وتقاليد مختلف المناطق، لكن مع مرور الوقت يجب أن يرافق هذه التجارة بعض العصرنة من أجل استمرارها".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات