ملخص
أرباب العمل الإسرائيليين يشتكون من العمالة الآسيوية لضعفها وقلة جودة أدائها ويطالبون حكومتهم بالسماح بدخول الفلسطينيين إلى إسرائيل.
يتجول المزارع الإسرائيلي شاحر عمراني في حقول الحمضيات التي يملكها، يشعر بحسرة وألم وهو يشاهد معظم أشجارها من دون قطف بسبب فشل العمال الآسيويين في عملهم.
بسبب منعها أكثر من 200 عامل فلسطيني من دخول إسرائيل منذ هجوم "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، استقدمت السلطات الإسرائيلية آلاف العمال من شرق آسيا وأوروبا.
لكن هؤلاء العمال القادمين من مولدوفا وتايلندا للعمل في الحقول الزراعية سببوا خيبة أمل لمشغليهم بسبب "افتقادهم المهارة والكفاءة".
ثمن العمال المهرة
وفق عمراني، فإن مئات العمال الذين جلبوهم من سيريلانكا والهند لم يستطعوا الصمود أكثر من أسبوعين في إسرائيل قبل عودتهم لبلادهم وتركهم الحقول الزراعية، مشيراً إلى أن "ذلك جاء بعد توفير التأمين الصحي، ومكان الإقامة، وأسباب الراحة كلها".
وأوضح عمراني أن العمال من الخليل كانوا قبل أربعة أشهر يتولون جميع أعمال الزراعة في الحقول الزراعية بشكل ممتاز، قبل اعتقالهم وإعادتهم لمدينتهم"، بالتالي فإن مزرعته تعمل حالياً بنصف طاقتها بسبب منع العمال الفلسطينيين من الوصول إليها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويطالب أصحاب العمل الإسرائيليون الحكومة الإسرائيلية بالسماح للعمال الفلسطينيين بالعودة خشية انهيار الاقتصاد الإسرائيلي بخاصة في قطاعي البناء والزراعة، ومع أن أرباب العمل الإسرائيليين والمؤسسة الأمنية والعسكرية توصي بعودة العمال لإنقاذ الاقتصاد الإسرائيلي ومنع تفجر الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية، فإن حكومة بنيامين نتنياهو ترفض ذلك حتى الآن، لذلك فإن نتنياهو يعمل على اختبار نموذج تجريبي لإدخال آلاف العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل استجابة للحاجة الاقتصادية والأمنية.
وكان نحو 90 ألف فلسطيني يعملون في قطاع البناء، إضافة إلى عشرات الآلاف الآخرين يلتحقون بمجالات الزراعة والخدمات، وتشكل أجور العمال الفلسطينيين أهم مورد مالي لهم، إذ تتجاوز قيمتها 400 مليون دولار شهرياً. ومنذ عقود بدأ آلاف الفلسطينيين في الالتحاق بعملهم في إسرائيل قبل أن يرتفع عددهم في السنوات الأخيرة إلى أكثر من 200 ألف.
يعتبر المتخصص الاقتصادي وائل كريم أن العمالة الأجنبية من غير الفلسطينيين "لا يمكن أن تسد الحاجة الكمية والنوعية للسوق الإسرائيلي"، مشيراً إلى وجود فروق هائلة بين العمالة الفلسطينية والأجنبية، أبرزها أن العامل الأجنبي يحتاج إلى أكثر من 5 آلاف دولار أميركي من تأمين صحي ومسكن وأجور، وهو ثلث المبلغ المخصص للعامل الفلسطيني.
ووفق كريم فإن "تلك الكلفة تنعكس على أسعار العقارات والمنتجات الزراعية والخدمات في إسرائيل، ولا تقتصر مشكلات العمالة الأجنبية على الكلف المرتفعة، بل يضاف إليها عدم امتلاكها الخبرة اللازمة والتدريب وسبل التواصل مع مشغليهم الإسرائيليين، وهو ما يمتلكه العمال الفلسطينيون".
وقال كريم إن إسرائيل "ستضطر في النهاية إلى السماح بدخول العمال الفلسطينيين بسبب امتلاكهم الخبرة اللازمة ولغة التواصل مع مشغليهم الذين اعتادوا عليهم"، موضحاً أن إسرائيل "تدفع ثمناً اقتصادياً غالياً بسبب الحرب"، وواصفاً حكومة نتنياهو بـ"السرطان الذين ينهش كيان دولة إسرائيل".
يرى كريم أن "العمالة الفلسطينية في إسرائيل تعود بالنفع المتبادل على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على المدى القصير، لكنها تجعل من الاقتصاد الفلسطيني تابعاً لإسرائيل وتكرس هيمنتها على الفلسطينيين".
وطالب بإعادة النظر في اتفاق باريس الاقتصادي الموقع بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل عام 1995، لأنه يكرس سيطرة إسرائيل على الاقتصاد الفلسطيني.
من يسد مسدهم؟
أستاذ الاقتصاد في الجامعة العربية الأميركية نصر عبدالكريم، يرى أن استجلاب إسرائيل العمالة الأجنبية تقف وراءه "دوافع أيديولوجية صهيونية متطرفة وليست أسباب اقتصادية أو أمنية".
وأشار عبدالكريم إلى أن أرباب العمل الإسرائيلييين يدركون أن العامل الفلسطيني "منتج وماهر ولديه قدرات لا يمتلكها الآخرون، إضافة إلى معرفته اللغة العبرية وطبعية حياة الإسرائيليين وعاداتهم الدينية والاجتماعية".
وأشار إلى وجود "ارتياح اجتماعي بين العمالة الفلسطينية ومشغليهم الإسرائيليين، وإضافة إلى ذلك فإن الكلفة الاقتصادية للعمالة الفلسطينية أقل بكثير من الأجنبية"، مرجحاً عودة العمال الفلسطييين إلى أماكن عملهم في نهاية المطاف، لكن وفق ترتيبات أمنية مشددة.
ويتكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر كبيرة بسبب عدم السماح للعمال الفلسطينيين بالدخول إلى إسرائيل، إذ تصل الخسائر إلى نحو 830 مليون دولار شهرياً بحسب وزارة المالية الإسرائيلية.
وتخطط الحكومة الإسرائيلية لاستجلاب 65 ألف عامل من الهند وسريلانكا وأوزبكستان لاستئناف أعمال البناء المتوقفة بعد طرد العمال الفلسطينيين منها منذ أربعة أشهر، ويعمل حالياً نحو 20 ألف عامل أجنبي في مواقع البناء التي اضطر أكثر من نصفها إلى الإغلاق.