ملخص
انتهت محادثات بين الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل وقطر بشأن هدنة في غزة من دون تحقيق انفراجة أمس الثلاثاء مع تزايد الدعوات الدولية لإسرائيل للتراجع عن هجومها المزمع على مدينة رفح المكتظة بأكثر من مليون نازح جنوب القطاع الفلسطيني.
دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس اليوم الأربعاء حركة "حماس" إلى أن تنجز "بسرعة" صفقة تبادل في قطاع غزة، لتجنب "كارثة أخرى"، بحسب ما أوردت وكالة "وفا" الفلسطينية.
وقال عباس "نطالب الحركة بسرعة إنجاز صفقة الأسرى لتجنيب شعبنا الفلسطيني ويلات وقوع كارثة أخرى لا تحمد عقباها ولا تقل خطورة عن نكبة عام 1948، ولتجنب هجوم إسرائيل على مدينة رفح، مما سيؤدي إلى وقوع آلاف الضحايا والمعاناة والتشرد لأبناء شعبنا".
وطالب عباس "الإدارة الأميركية والأشقاء العرب، بالعمل بجدية على إنجاز صفقة الأسرى بأقصى سرعة، لتجنيب أبناء الشعب الفلسطيني ويلات هذه الحرب المدمرة".
وتوجد السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية فقط، وبات واضحاً أن واشنطن ترغب في حصول إصلاح داخل السلطة الوطنية الفلسطينية التي تراجعت شعبيتها كثيراً في صفوف الفلسطينيين، لتتمكن من أن تلعب دوراً رئيساً في مستقبل قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
وسيطرت حركة "حماس" عام 2007 على قطاع غزة بعد مواجهات مع حركة "فتح" التي أخرجتها من القطاع.
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أكد الشهر الماضي، أنه بحث مع عباس في "أهمية إصلاح السلطة الفلسطينية وسياساتها وحوكمتها لكي تتمكن بفاعلية من تولي مسؤوليتها في غزة"، مجدداً تأكيد تأييد واشنطن لإقامة دولة فلسطينية.
حقوق الإنسان في غزة
وطالب رئيسا وزراء إسبانيا وإيرلندا المفوضية الأوروبية اليوم الأربعاء، بإجراء مراجعة عاجلة لمدى امتثال إسرائيل لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان في غزة.
وقالا في رسالة مشتركة نشرتها الحكومة الإسبانية، "نشعر بقلق عميق إزاء تدهور الوضع في إسرائيل وفي غزة، والعملية العسكرية الإسرائيلية الموسعة في منطقة رفح تشكل تهديداً خطراً ووشيكاً يجب على المجتمع الدولي التصدي له بشكل عاجل".
وجاء في البيان "نتذكر أيضاً ذعر السابع من أكتوبر، وندعو إلى إطلاق سراح جميع الرهائن ووقف فوري لإطلاق النار من شأنه أن يسهل وصول الإمدادات الإنسانية".
وشدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الأربعاء، في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على ضرورة "فتح ميناء أسدود وطريق بري مباشر من الأردن وكل المعابر" من أجل إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وأعرب ماكرون عن "معارضة فرنسا الصارمة لشن هجوم إسرائيلي على رفح"، لافتاً إلى "الحاجة الملحة للتوصل من دون مزيد من التأخير إلى اتفاق في شأن وقف لإطلاق النار".
وفد من "حماس" إلى القاهرة
تتواصل الأربعاء في مصر المفاوضات للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و"حماس" في قطاع غزة مع توجه وفد من الحركة إلى القاهرة، فيما لا يزال نحو مليون ونصف مليون فلسطيني يواجهون تهديد هجوم على رفح التي تشكل ملاذهم الأخير.
وعلى الصعيد الميداني، أفادت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس بأن 104 أشخاص لقوا حتفهم خلال الليل في الهجمات الإسرائيلية، معظمهم من النساء والأطفال.
ويرأس مسؤول المكتب السياسي لـ "حماس" خليل الحية وفد الحركة إلى القاهرة لإجراء لقاء محتمل الأربعاء مع رئيسي الاستخبارات المصرية والقطرية، حسبما أفاد مصدر في الحركة وكالة الصحافة الفرنسية.
ويأتي ذلك فيما يستقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الأربعاء في القاهرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في زيارة تهدف لترسيخ المصالحة بعد قطيعة استمرت أكثر من عقد. وأوضح أردوغان أن هذه الرحلة إلى مصر، وكذلك إلى الإمارات سابقاً، تنبع من اهتمام أنقرة بفعل "كل ما في وسعها لوقف إراقة الدماء" في غزة.
الإسرائيليون غادروا
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، في وقت سابق الأربعاء، بأن الوفد الإسرائيلي المكلّف التفاوض في شأن هدنة محتملة مع حركة "حماس" في غزة عاد من القاهرة إلى تل أبيب.
وانتهت محادثات بين الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل وقطر في شأن هدنة في غزة من دون تحقيق انفراجة، أمس الثلاثاء، مع تزايد الدعوات الدولية لإسرائيل للتراجع عن هجومها المزمع على مدينة رفح المكتظة بأكثر من مليون نازح جنوب القطاع الفلسطيني.
وجرت المباحثات بين مدير الـ"سي آي أي" وليام بيرنز، ورئيس الموساد ديفيد برنياع، ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، ومسؤولين مصريين.
ويتكدس كثيرون في المدينة، التي كان عدد سكانها قبل الحرب حوالى 300 ألف نسمة، في مخيمات وملاجئ موقتة بعد أن فروا إلى هناك هرباً من القصف الإسرائيلي لمناطق أخرى من غزة خلال الحرب المستعرة منذ أكثر من أربعة أشهر.
وتقول إسرائيل إنها تريد طرد مسلحي حركة "حماس" من مخابئهم في رفح وتحرير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين هناك، وتخطط لإجلاء المدنيين الفلسطينيين المحاصرين. لكن لم توضع أي خطة، وتقول وكالات الإغاثة إن النازحين ليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه في المنطقة المدمرة.
غزو رفح سيقود إلى "مذبحة"
وقال مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، إنه فيما يُحدِق الموت بالفلسطينيين في رفح، سيجعل الغزو البري الإسرائيلي الإغاثة الإنسانية هناك شبه مستحيلة.
وأضاف في بيان "العمليات العسكرية في رفح قد تؤدي إلى مذبحة في غزة. وقد تجعل أيضاً عملية إنسانية هشة بالفعل على عتبة الموت".
وقال سكان إن دبابات إسرائيلية قصفت القطاع الشرقي من رفح خلال الليل مما تسبب في حالة من الذعر.
وأضافوا أن نازحين، بالعشرات حتى الآن، بدأوا مغادرة رفح بعد القصف والغارات الجوية الإسرائيلية في الأيام القليلة الماضية.
وأكدت مصر أنها لن تسمح بنزوح جماعي للاجئين عبر حدودها مع رفح.
وقال مسؤولو الصحة في غزة، إن 133 فلسطينياً لاقوا حتفهم في الـ24 ساعة الماضية، ليصل العدد الإجمالي إلى 28473 قتيلاً و68146 جريحاً منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
وهناك اعتقاد بأن كثيرين غيرهم مدفونون تحت الأنقاض. وتنفد إمدادات الغذاء والماء وغيرها من الضروريات وتنتشر الأمراض.
وأصبحت رفح ملاذاً لنحو نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
محادثات غير حاسمة
ذكرت الهيئة المصرية العامة للاستعلامات على موقعها الإلكتروني أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أجرى محادثات في القاهرة مع مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني بهدف الاتفاق على هدنة في غزة وحماية المدنيين وتوصيل مزيد من المساعدات إلى القطاع.
وأضافت "تم تأكيد استمرار التشاور والتنسيق المكثف لتحقيق أهداف وقف إطلاق النار وحماية المدنيين وتفعيل حل الدولتين"، وهو ما يشير إلى عدم تحقيق انفراجة.
ولم يشر البيان المصري إلى إسرائيل. وقالت "رويترز" إن الوفد الإسرائيلي غادر القاهرة. ولم يرد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي حتى الآن على طلب للتعليق.
وتعهدت إسرائيل مواصلة القتال، لعدة أشهر إذا لزم الأمر، إلى أن تقضي على "حماس".
وقال مسؤول فلسطيني "الأطراف تبحث عن معادلة تكون مقبولة على (حماس) والتي تطلب بأن يكون هناك التزام من إسرائيل بإنهاء حربها وسحب قواتها من قطاع غزة حتى يكون التوقيع على اتفاق ممكناً".
وقال المسؤول إن "حماس" أبلغت المشاركين بأنها لا تثق في أن إسرائيل لن تستأنف الحرب بعد إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الذين يحتجزهم المسلحون الفلسطينيون.
واحتُجز الرهائن في الهجوم الذي شنه مسلحون من "حماس" في السابع من أكتوبر على جنوب إسرائيل. وتأمين عودتهم أولوية لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكذلك القضاء على "حماس" التي تدير غزة.
وألقى سامي أبو زهري القيادي في "حماس" بمسؤولية عدم إحراز تقدم في جهود السلام حتى الآن على عاتق إسرائيل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"غير صالح للعيش إلى حد بعيد"
وطلبت جنوب أفريقيا، أمس الثلاثاء، من محكمة العدل الدولية النظر فيما إذا كانت خطة إسرائيل لتوسيع هجومها على قطاع غزة ليشمل مدينة رفح تتطلب إقرار تدابير طارئة إضافية لحماية حقوق الفلسطينيين.
وأمرت المحكمة الشهر الماضي إسرائيل باتخاذ جميع الإجراءات التي في وسعها من أجل منع ارتكاب قواتها "إبادة جماعية" بحق الفلسطينيين في قطاع غزة في إطار قضية رفعتها جنوب أفريقيا. وتنفي إسرائيل ارتكابها جرائم "إبادة جماعية" وطلبت من المحكمة رفض القضية تماماً.
وعبرت حكومة جنوب أفريقيا عن قلقها من أن يؤدي الهجوم إلى تفاقم القتل والدمار في القطاع.
وقالت جولييت توما المتحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التابعة للأمم المتحدة، إن الوكالة لم تُبلغ بأي خطة إجلاء إسرائيلية وإنها ليست مشاركة فيها.
وأضافت "إلى أين ستجلي الناس بينما لا يوجد مكان آمن في أنحاء قطاع غزة، والشمال ممزق ومليء بذخائر لم تنفجر بعد، وغير صالح للعيش إلى حد بعيد".
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، الإثنين، إن واشنطن تعمل على التوصل إلى اتفاق للإفراج عن الرهائن لتحقيق هدوء "فوري ومستدام" في غزة لمدة ستة أسابيع على الأقل.
ونصح إسرائيل بألا تقدم على هجوم بري في رفح من دون خطة لحماية المدنيين.
وقال الجيش الإسرائيلي، إن قواته قتلت عشرات المقاتلين الفلسطينيين في اشتباكات بجنوب ووسط قطاع غزة خلال آخر 24 ساعة.
وأشار مسؤولون بقطاع الصحة في غزة إلى أن ضربة إسرائيلية على منزل في مخيم النصيرات للاجئين بوسط غزة أدت إلى مقتل 16 فلسطينياً. وقالوا إن ضربة جوية أخرى على سيارة في مدينة غزة، في وقت لاحق من الثلاثاء، أودت بحياة ستة أشخاص منهم أطفال.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان إن ثلاثة فلسطينيين قتلوا، الثلاثاء، بنيران قناصة إسرائيليين أصابوا أيضاً 10 آخرين في مجمع الناصر الطبي في خان يونس.
إلحاق الأذى بالمدنيين
قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة تراجع تقارير تفيد بأن إسرائيل ألحقت أذى بالمدنيين في حربها في غزة معتمدة في ذلك على مجموعة خطوط إرشادية تستهدف ضمان التزام الدول التي تحصل على أسلحة أميركية بالقانون الإنساني الدولي في عملياتها العسكرية.
وواجهت إدارة بايدن انتقادات لاستمرارها في توريد الأسلحة إلى إسرائيل مع تزايد الاتهامات بأن الأسلحة الأميركية الصنع تستخدم في الهجمات التي أسفرت عن مقتل أو إصابة مدنيين.
وقال ميلر في مؤتمر صحافي "نسعى لإجراء تقييم واف للتقارير عن تضرر المدنيين على أيدي المتلقين المصرح لهم بالحصول على المعدات الدفاعية المقدمة من الولايات المتحدة في أنحاء العالم".
وأضاف ميلر أن عملية جارية بموجب دليل الاستجابة لحوادث الإضرار بالمدنيين الصادر عن وزارة الخارجية لتقييم وقائع في الصراع الحالي.
وتم وضع الدليل في أغسطس (آب) من العام الماضي، أي قبل أسابيع قليلة من هجوم حركة "حماس" على جنوب إسرائيل التي تفيد إحصاءاتها بأنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 240 رهينة.
وقال مسؤولو الصحة في غزة، إن الهجوم الإسرائيلي الذي أعقب ذلك على القطاع أدى إلى مقتل أكثر من 28 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 68 ألفاً.
يبين الدليل عملية يحقق مسؤولو وزارة الخارجية من خلالها في حوادث معينة تعرض المدنيون فيها لأذى محتمل بسبب الأسلحة الأميركية.
ولم يحدد ميلر متى بدأت العملية، كما لم يذكر عدد الحوادث التي يتم النظر فيها. لكن مصدراً مطلعاً على العملية قال إن الوزارة تبحث ما لا يقل عن 50 حادثة تم الإبلاغ عنها لإلحاق الأذى بالمدنيين.
وقال ميلر "ليس المقصود من هذه العملية أن تكون آلية استجابة سريعة... بل يراد بها إجراء تقييم منهجي لوقائع إلحاق الضرر بالمدنيين وتطوير استجابات مناسبة للحد من خطر تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل ولجعل الشركاء ينفذون عمليات عسكرية، وفقاً للقانون الإنساني الدولي".
وهذه العملية منفصلة عن التقييمات التي تجريها وزارة الخارجية في بعض الأحيان لتحديد ما إذا كانت هناك فظائع، مثل الجرائم ضد الإنسانية أو حتى الإبادة الجماعية، قد ارتكبت في صراع ما.
وأصدر بايدن، الأسبوع الماضي، مذكرة جديدة للأمن القومي تلزم الدول التي تتلقى مساعدات أمنية أميركية بتقديم تأكيدات بأنها ستلتزم بالقانون الدولي، ولن تقيد وصول المساعدات خلال الصراعات.
كما تلزم المذكرة وزارتي الخارجية والدفاع بتقديم تقارير إلى الكونغرس حول ما إذا كانت الأسلحة الممولة من الولايات المتحدة قد استخدمت بطريقة لا تتفق مع القانون الدولي أو مع أفضل الممارسات الراسخة لمنع إلحاق الأذى بالمدنيين.