Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن
0 seconds of 57 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
00:57
00:57
 

غموض يحيط بتفجير مجمع سكني يعود لأحد الضباط في السليمانية

يلف الغموض الواقعة حول كونها إجراءات قضائية بحتة وأخرى سياسية تتعلق باستراتيجية جديدة ينتهجها الحزب "الاتحاد الوطني" لتقويض "مستغلي النفوذ"

ملخص

أشعلت قضية عوزيري سجالاً محموماً في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض، في ظل تساؤلات إزاء توقيت الإجراء

في خطوة تعد سابقة، أقدمت السلطات في محافظة السليمانية بإقليم كردستان حيث معقل حزب "الاتحاد الوطني" بزعامة بافل طالباني، على هدم وتفجير مجمع سكني يعود لضابط عسكري متنفذ متورط بارتكاب اعتداءات ومخالفات، فيما يلف الغموض الدوافع بين كونها إجراءات قضائية بحتة وأخرى سياسية تتعلق باستراتيجية جديدة ينتهجها الحزب لتقويض "مستغلي النفوذ"، وأخرى تتجاوز النطاق المحلي وسط مزاعم بالتورط في التخابر الخارجي.

وأصدرت السلطات الأمنية في السليمانية الإثنين الماضي، أمراً باعتقال ضابط برتبة نقيب منتسب للقوات التابعة لحزب "الاتحاد الوطني" بزعامة بافل طالباني، ويعرف باسم "كويخا ديرين عوزيري" وينتمي إلى عشيرة العوزيري، بتهمة "أخذ الأتاوة عبر ابتزاز التجار والوقوف وراء جريمة قيام مسلحين اثنين بإطلاق الرصاص على أحد التجار وإصابته بجروح خطرة". ثم صدرت لاحقاً أوامر بهدم مجمع سكني يملكه كان يعرف باسم "قلعة عوزيري"، ويضم ديواناً لمجلس عشائري، بواسطة الآليات والديناميت، فيما ذكرت وسائل إعلام محلية أن المتهم تمكن من الفرار وغادر إلى خارج البلاد.

لا استثناءات

وعقب إجراءات الهدم اجتمع طالباني في منزل القيادي البارز كوسرت رسول علي، مع قائد ألوية في قوات 70 التابعة للحزب اللواء أيوب يوسف، الذي كان المتهم أحد منتسبيها، واجتماع ثاني جمعه بقيادات بارزة في الحزب منهم نائب رئيس الإقليم جعفر شيخ مصطفى، شدد خلاله على "أن الالتزام بالقرارات القضائية واجب على الجميع"، وشدد على "عدم استثناء أي مسؤول يستغل نفوذه لمصالح شخصية من المحاسبة القانونية"، مؤكداً أن "الاعتداء على المواطنين خط أحمر".

وعلى رغم تلقي الخطوة بعض الترحيب الشعبي، إلا أنها واجهت انتقادات من أوساط سياسية وإعلامية "لما تمثله من تجاوز السلطة السياسية على القضائية"، في حين نوه مستشار زعيم "الاتحاد" بيستون فايق، إلى أن "أمر هدم القلعة صدر عن بافل، لكن التنفيذ جاء وفق أوامر قضائية رسمية، استناداً إلى قانون منع التجاوزات على الممتلكات العامة لعام 2018، وإطلاق النار على مواطن"، موضحاً أن "الإجراء يأتي ضمن توجهات للحد من التجاوزات والاعتداء على المواطنين".

ويعد حزب طالباني شريكاً رئيساً في حكومة الإقليم التي يقودها نظيره "الديمقراطي" بزعامة مسعود بارزاني، إلا أنهما يعانيان تبعات إخفاقهما في توحيد إدارتيهما التي نشأت على وقع حرب أهلية خاضاها منتصف تسعينيات القرن الماضي جراء صراعهما على السلطة والموارد، لتقسم الإقليم على منطقتين، السليمانية والمناطق التابعة لها حيث نفوذ الاتحاديين، تقابلها سلطة الديمقراطيين في محافظتي أربيل ودهوك.

شكوك وتسريبات

وأشعلت قضية عوزيري سجالاً محموماً في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض، في ظل تساؤلات إزاء توقيت الإجراء "طالما أن تجاوزات المتنفذين كانت ظاهرة ولا تنحصر بعوزيري"، واعتبر بعضهم أنها "تعد انتقاماً عشائرياً أكثر من كونها إجراءات قانونية"، ورأى قسم أن "الإجراء يندرج ضمن مساعي بافل طالباني لترسيخ مركزية القرار على مستوى الحزب".

في حين ذهبت تسريبات إلى أبعد من ذلك بكون الإجراءات جاءت بدفع إيراني لعلاقة المتهم بأنشطة التخابر مع إسرائيل، إذ ربط الكاتب البارز ريبوار كريم ولي في مقالة الواقعة بأنها "تأتي تحت ضغط الإيرانيين الذين كانت لديهم معلومات بأن المجمع السكني أنشئ لغرض جمع معلومات استخبارية عن طهران لصالح تل أبيب"، مشيراً إلى أن "عوزيري سبق أن تحدث عبر شريط فيديو عن علاقته بنحو 110 أسر كردية من عشيرة العوزيري من سكنة إسرائيل"، ولفت إلى أن "الإيرانيين طلبوا من قادة الاتحاد تسوية المجمع بالأرض وإلا ستقوم بنسفه بواسطة الصواريخ البالستية".

"درس للمتجاوزين"

وفي معرض رده على الشكوك والتكهنات، نفى العضو البارز في "الاتحاد" غياث سورجي أن "تكون القضية سياسية أو حزبية"، وقال "لا شك أنها وقعت في نطاق نفوذ الاتحاد، لكن هدم القلعة جاء بموجب قرار قضائي بحت ومن سلطة الوحدة الإدارية المتمثلة بالمحافظ هفال أبو بكل الذي هو من حركة التغيير، وليس قراراً صدر حصراً من بافل، والتهمة واضحة هي التجاوز على أراضي الدولة والاعتداء على المواطنين، وهذا قانون يطبق على الجميع، ثم حتى وإن كان قرار بافل، فإنه محل ترحيب وإشادة ليكون درساً لكل مسؤول تسول نفسه على تجاوز القوانين والنظام".

وإزاء ما أثير من تساؤلات حول اقتصار الإجراء على عوزيري من دون اتخاذ إجراءات مماثلة ضد متنفذين آخرين، قال سورجي إن "القضية لا تنحصر بالتجاوز على أراضي الدولة، هذا التجاوز ظهر إثر شكاوى ضد المتهم لأخذه الأتاوى بأسلوب العصابات في التهديد وإطلاق نار على تاجر، وتبين أن هناك عديداً من التجار غادروا السليمانية بسبب تهديداته ومضايقاته". كما نفى مزاعم استثمار الحزب لهذا الملف لتحقيق مكاسب انتخابية قائلاً "لا أحد يعلم لحد الآن متى ستجرى الانتخابات، ثم أن الحزب في مؤتمره الخامس الذي عقد أخيراً، وجه من خلال ممثليه في الحكومة على عدم التغاضي عن أية مخالفة بحق أي شخص مهما كان منصبه، ورأينا كيف حظيت الإجراءات بترحيب شعبي واسع وسط آمال لمواصلة العمل بها في عموم الإقليم وحتى على مستوى العراق".

 

اقرأ المزيد

مزاعم افتراضية  

واعتبر سورجي المزاعم بتعرض حزبه إلى ضغط إيراني بسبب تورط المتهم بأنشطة لصالح إسرائيل، بأنها "مزاعم مبنية على افتراضات بعيدة من المنطق، لأنه إذا كان للإيرانيين معلومات بهذا الخصوص، لكان صدر أمر باعتقال المتهم قبل هربه، ثم إن المشكلة تفجرت بعد ثبوت وقوفه وراء الاعتداء بالسلاح على تاجر وما ظهر من جملة تجاوزات ارتكبها"، وختم حديثه متسائلاً "هل كانت إيران لتخجل من المطالبة بملاحقة جاسوس ما إن وجد؟".

يذكر أن ملف الاتهامات الإيرانية للأكراد في التعامل مع "الموساد الإسرائيلي" كان ينحصر في ساحة نفوذ حزب بارزاني، إذ سبق أن شن "الحرس الثوري الإيراني" ضربات بالصواريخ البالستية على أهداف لكونها "مقار تمارس فيها أنشطة استخبارية ضد المصالح الإيرانية، كان آخرها في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي عندما استهدفت منزلاً في أربيل يعود لرجل أعمال بارز أودى بحياته وطفلته مع شخصين آخرين، كما سبق وأن شن هجوماً مماثلاً في مارس (آذار) عام 2022 استهدف منزل رجل الأعمال رئيس شركة "كار" النفطية الكردية رجل الأعمال الشيخ باز البرزنجي من دون وقوع ضحايا.

إجراء لتعزيز السلطة

أما المحلل الكردي ياسين عزيز من أربيل، فرأى أن الأحداث المتعلقة بملف المتهم عوزيري "لا تخرج عن إطار الحالة المحيطة بحزب طالباني، أي هي حلقة في إطار مساعي زعيم الاتحاد نحو فرض أسلوب المركزية في القرار، وإنهاء حال تشتت النفوذ بين الأجنحة على مستوى السلطتين العسكرية والسياسية تحت قيادته والحلقة المحيطة به، تجاه أي جناح أو مجموعة تحاول الخروج عن القرارات العليا"، مستشهداً بأمثلة ووقائع حصلت في وقت سابق تم خلالها إبعاد رئيس الحزب بالشراكة لاهور شيخ جنكي، نجل عم بافل، مع قيادات أخرى، واعتبر المزاعم حول العلاقة بين المتهم وإسرائيل بأنها "غير واقعية"، قائلاً "لا أرى أية بصمات أو احتمالات منطقية في أن يعتمد أي جهاز استخباري على مثل هذه الأساليب في التعامل مع أشخاص معروفين من هذا النوع لهم ارتباط عسكري وعشائري، ربما يمكن استثماره لكن ليس بالشكل الذي تم تداوله".

وكان جناح كوسرت رسول وقف إلى جانب بافل طالباني في صراعه مع نجل عمه لاهور شيخ جنكي على زعامة الحزب، وأفضت إلى إقالة الأخير في أواسط عام 2021، وأثارت التطورات الأخيرة قلقاً من أن تؤدي إلى توتير العلاقة بين بافل ورسول.

ولم يستبعد عزيز أن تشهد السليمانية في المستقبل القريب حوادث مشابهة إذا ما حاول أي شخص أو طرف التجاوز أو القفز فوق قرارات بافل، قائلاً "أعتقد بأن بافل يرى منذ أن تولى دفة القرار، أن ظاهرة الأجنحة والأذرع التي سادت في ما سبق تسببت في إضعاف الحزب، ورأينا كيف أنه بعد تفجير المجمع السكني زار القيادي المخضرم كوسرت رسول، وذلك لأن المتهم كان محسوباً على نفوذه، وهذا يدل على أن بافل لن يتوانى عن إعادة تنفيذ هذا السيناريو ضد أية محاولة تقوض من سلطة القرار في الحزب".

المزيد من تقارير