صفقات استحواذ ضخمة تعكس حجم الاقتصاد السعودي الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، بعد أن قادت صفقة الاستحواذ على "سابك" نمو قيمة عمليات الاندماج والاستحواذ في السعودية إلى 72.6 مليار دولار أميركي عبر 14 صفقة خلال النصف الأول من 2019.
وحسب تقرير لشركة ميرجر ماركت، المتخصصة في مجال توفير بيانات ومعلومات صفقات الاندماج والاستحواذ، شهدت السعودية قفزة ملحوظة في حجم وقيمة عمليات الاندماج، ويعود ذلك بشكل رئيس إلى صفقة سابك التي بلغت قيمتها 70 مليار دولار أميركي، والتي تم الإعلان عنها في الربع الأول من العام، وهي أعلى صفقة قيمة في المنطقة وثاني أكبر صفقة للصناعات الكيماوية على مستوى العالم.
ووقعت شركة أرامكو السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم، اتفاقية شراء أسهم للاستحواذ على حصة أغلبية 70% في الشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك" من صندوق الاستثمارات العامة، أكبر صندوق ثروة سيادي في السعودية في مارس (آذار) 2019.
ووفقاً لبيانات ميرجر ماركت، شهدت سوق الاكتتاب في السعودية نشاطاً محدوداً في السنوات القليلة الماضية، إلا أن النصف الأول من العام 2019 شهد اكتتابات بقيمة 752 مليون دولار أميركي، موزعة على ثلاثة عروض، وهي أعلى قيمة لها منذ العام 2015.
وشملت هذه الاكتتابات اكتتاب شركة المراكز العربية بقيمة 659 مليون دولار أميركي، وشركة مهارة للموارد البشرية بقيمة 207 ملايين دولار أميركي، وشركة عطاء التعليمية، بقيمة 93 مليون دولار أميركي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
السعودية تقود عمليات الاستحواذ بالمنطقة
وفي هذا الصدد، قال باتريك هاريس، رئيس الطاقة والموارد الطبيعية في شركتي ميرجر ماركت وديلر يبورتر، "لا تزال السعودية السوق الرئيسة التي تقود عمليات الاندماج والاستحواذ في المنطقة. كما أن استحواذ أرامكو على الغالبية العظمى من سابك يعد خطوةً نحو الابتعاد عن تنقيب وإنتاج النفط والغاز، ويدل على أن الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في السعودية تغلغلت في إبرام الصفقات والمشهد الاستثماري".
وذكر هاريس أنه "مع العدد الكبير من عمليات الخصخصة المحددة أو الجزئية قيد المراجعة، فمن الممكن أن يتم طرح عدد من الأهداف الاستثمارية المحتملة، سواء من خلال بيع الأسهم أو الاكتتابات العامة، تماماً مثل الخطط التي وضعتها شركة أرامكو".
نشاط ملحوظ بمشروعات البنية التحتية
وأورد التقرير أن قطاع تمويل المشروعات في البلاد شهد نشاطاً ملحوظاً هو الآخر خلال الأشهر الـ 18 الماضية، والتي تركز على البنية التحتية، ومن المقرر أن تصل المشروعات الكبرى إلى الإغلاق المالي قريبا، بما في ذلك مشروعان مستقلان للمياه ومشروع للطاقة الشمسية الكهروضوئية ومزرعة رياح.
وتابع التقرير، "شملت المشروعات مشروع "الشقيق 3" بقيمة 646 مليون دولار أميركي الممنوح لشركة آكيونا ومروبيني في تحالف مع المطورين المحليين، الذي تم إغلاقه في شهر مايو (أيار) الماضي. كما تم إغلاق مشروع "رابغ 3" بتكلفة 715 مليون دولار أميركي، الذي تم منحه إلى لأكوا باور وإخوان السعودية في شهر مارس (آذار)، بالإضافة إلى محطة دومة الجندل للرياح البالغة طاقتها 400 ميجاوات، التي تم منحها لتحالف (ي دي اف – مصدر)، التي تم إغلاقها في شهر يونيو (حزيران).
وتبدو الخطط المستقبلية لمشروعات البنية التحتية في السعودية قوية، حيث تخطط الحكومة لاستخدام شراكة القطاعين العام والخاص والخصخصة لتحقيق رؤية 2030. ولدى المركز الوطني للتخصيص مجموعة كبيرة من المشروعات في قطاعات الطاقة والمياه والرعاية الصحية والطرق والسكك الحديدية.
وتتضمن المعاملات المباشرة التي يقوم بها المركز حالياً عدد من شراكات القطاعين العام والخاص، لبناء 60 مدرسة ومركزا طبا إشعاعيا وسكن موظفين وخدمات إدارة معدات لمستشفى الملك فيصل التخصصي. كما أن هنالك ثمانية مشروعات للطاقة الشمسية الكهروضوئية في مرحلة المؤيدين المؤهلين مسبقاً.
السعودية تمول برامج طموحة للبنية التحتية والخصخصة
وعلى ذات الصعيد، قال كريس هافيندين، مدير مشروع في قسم تمويل المشروعات في أكوريس، "نمت الفائدة الأجنبية في المشروعات السعودية بشكل ملحوظ، حيث تسعى إلى تمويل برامج طموحة للبنية التحتية والخصخصة. وكان هناك أكثر من 100 كيان مؤهل مسبقاً للجولة الثانية في مجال الطاقة المتجددة. وهناك أكثر من 100 مبادرة عبر 12 قطاعاً تم التخطيط لها في إطار برنامج رؤية 2030. كما تم إغلاق ست صفقات مقابل 3.5 مليار دولار، بما فيها عدد من مشروعات المياه والنفايات وتحلية المياه، مع وجود أخرى تجريبية في مجالات الرعاية الصحية والتعليم".
ويعمل صندوق الاستثمارات العامة في السعودية على تطوير مشروع بقيمة 500 مليار دولار أميركي، المعروف باسم "نيوم" وهو عبارة عن مدينة ذكية مستقبلية على ساحل البحر الأحمر بحجم ولاية ماساتشوستس. وقد أظهر مستشارو هذا المشروع حماستهم للتفويضات المحتملة.
صفقات الاستحواذ تعكس ثقة المستثمرين باقتصاد السعودية
ومن جهته، قال كامبل ستيدمان، الشريك الإداري لمنطقة الشرق الأوسط في شركة وينستون آند سترون المحدودة، "شهدنا هذا العام عدداً كبيراً من صفقات الاندماج والاستحواذ في السعودية، ولا يعكس هذا النشاط تحسن آفاق النمو الاقتصادي فيها والمنطقة ككل فحسب، بل هو دليلٌ على ارتفاع ثقة المستثمرين أيضاً".
ومع اقتراب طرح الاكتتاب العام الأولي لشركة أرامكو وعدد من عمليات الاندماج والاستحوذ المهمة الأخرى عبر مجموعة من القطاعات الرئيسية، يتوقع ستيدمان أن يسهم ذلك في تشجيع زيادة نشاط الاكتتاب العام والاستثمارات الجديدة والسيولة في جميع أنحاء المنطقة، نظراً لأن الشركات تسعى لتقديم قيمة إضافية من خلال الاندماج".
وتنوي الحكومة السعودية طرح 5% من أكبر شركة نفط في العالم "أرامكو"، على أن تُطرح في البورصة المحلية، أو أكثر عالميّة، يتوقع أن تكون أكبر عملية طرح للأسهم في العالم بقيمة تصل لنحو 100 مليار دولار.