ملخص
توقعات بارتفاع الدين من 97 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 116 في المئة بعد 10 سنوات
ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية إلى أعلى مستوياتها منذ سنوات، مما أجبر الحكومة على دفع مزيد من الفوائد والضغط على الموازنة. ومن المتوقع أن تدفع الحكومة الأميركية فوائد إضافية بقيمة 1.1 تريليون دولار على مدى العقد المقبل، وفقاً لأحدث تقديرات مكتب الموازنة بالكونغرس.
وتسير كلفة الفائدة بخطى سريعة لتتجاوز الدفاع هذا العام باعتبارها واحدة من كبرى النفقات الحكومية في الموازنة، ومن المتوقع أن يشكل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية فقط أعباء أكبر في السنوات المقبلة.
تداعيات ارتفاع أسعار الفائدة على الموازنة
أدى وباء كورونا إلى خفض أسعار الفائدة إلى الصفر، وخلق زيادة في الاقتراض أضافت مزيداً من الديون الفيدرالية، فيما اتجهت الخزانة لإصدار السندات إلى مستوى قياسي بلغ 23 تريليون دولار العام الماضي، ثم ارتفعت كلفة دفع ذلك مع رفع بنك الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها في سنوات عدة فوق خمسة في المئة.
ومن المتوقع أن تنفق أميركا 870 مليار دولار، أو 3.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، على أقساط الفائدة هذا العام، وهذا ما يقارب ضعف المتوسط السنوي الذي بلغ 1.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي منذ عام 2000، ومن المتوقع أن تصل كلفة الفائدة إلى 3.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2034.
لا أحد يعتقد جدياً أن الولايات المتحدة ستتخلف عن سداد ديونها، في وقت تشكل سندات الخزانة أساس النظام المالي العالمي، والدولار هو عملة الاحتياط في العالم.
أين تكمن المشكلة؟
يفترض المستثمرون الآن أن الحكومة الأميركية ستواجه عجزاً أكبر بشكل دائم مما كانت عليه في الماضي، مما يفرض في النهاية ضغوطاً على الاقتصاد والأسواق المالية. وقال مدير الأبحاث في شركة "ريسيرتش أفيليتيس" والأستاذ في كلية فوكوا لإدارة الأعمال بجامعة ديوك، كامبل هارفي، لـ"وول ستريت جورنال"، "ستصبح الديون مشكلة، ولكن من الصعب للغاية أن نعرف متى على وجه التحديد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واليوم تجمع الحكومة الأميركية الأموال من طريق بيع سندات الخزانة بالمزاد العلني لمجموعة كبيرة من المستثمرين العالميين، وفي حين أنه كلما زاد العجز زاد عدد السندات التي يتعين عليها إصدارها لتمويل الإنفاق غير الممول، ويمكن للمستثمرين أن يطالبوا بعوائد أعلى لشراء طوفان من سندات الخزانة، ما من شأنه أن يضر بأسعار السندات، وفي نهاية المطاف، فإن ارتفاع كلفة الاقتراض على أشياء مثل الرهون العقارية وقروض الشركات، من شأنه أن يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد مع تراجع الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار التجاري.
مع ارتفاع كلفة الفائدة، يجب على الحكومة الأميركية إصدار مزيد من الديون لدفع حاملي السندات، وهذا بدوره يعزز الإنفاق على الفائدة بصورة أكبر ويزيد من الإصدار، ومن المتوقع أن يرتفع الدين الفيدرالي الذي يحتفظ به الجمهور من مستوى قياسي قدره 26 تريليون دولار في عام 2023 إلى 48 تريليون دولار بحلول عام 2034، وفقاً لمكتب الموازنة في الكونغرس، أي أكثر من ثمانية أضعاف المبلغ المستحق في عام 2008، وهذا من شأنه أن يرفع الدين من 97 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي اليوم إلى 116 في المئة.
وقال رئيس الاستراتيجية الكلية لأميركا الشمالية في شركة "ستيت ستريت جلوبال ماركتس"، لي فيريدج، "إذا تساوى كل شيء آخر، فإن العجز الحكومي الأكبر يعني ارتفاع أسعار الفائدة على المديين القصير والطويل، وهذا يعني خفض النمو، ومن الناحية النظرية، يعني ذلك خفض قيم الأصول أيضاً".
تعثرت الأسهم والسندات في الصيف الماضي عندما أبلغت وزارة الخزانة "وول ستريت" أنها ستصدر كمية مذهلة من السندات، لكن الأسواق انتعشت بعد أن عدلت وزارة الخزانة خطط الاقتراض لبيع مزيد من السندات القصيرة الأجل، وعدد أقل من السندات الطويلة الأجل.
شهية المستثمرين للديون
في إشارة إلى تجدد شهية المستثمرين للديون، تراوح العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات في الآونة الأخيرة حول 4.2 في المئة، بعد أن لامس لفترة وجيزة خمسة في المئة في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتراجعت المقاييس القائمة على السوق للعائد الإضافي الذي يطلبه المستثمرون للاحتفاظ بالديون الطويلة الأجل الأكثر خطورة - المعروفة باسم قسط التأمين - إلى مستوى ثابت أو حتى سلبي، بعد ارتفاعها خلال مشكلات السوق في الخريف.
وفي حين أن عبء الديون المتزايد ليس سيئاً بالضرورة، إذ يمكن أن تؤدي زيادة إصدار السندات والإنفاق المالي إلى تعزيز النمو الاقتصادي، ودعم الأصول الخطرة مثل الأسهم، لكن المحللين يناقشون متى يصبح كل الدين عائقاً، ويشك البعض في أن ذلك قد يؤدي إلى إضعاف القدرة على إنعاش الاقتصاد للخروج من الأزمة أو الركود التالي.
كثيراً ما يروج صقور السياسة للتقشف كعلاج، ولكن تخفيضات الإنفاق الحكومي يمكن أن تضر بالوظائف وتبطئ النمو، ويمكن للكونغرس أيضاً زيادة الضرائب لتعزيز الإيرادات الحكومية، إذ يعد تمديد أو انتهاء التخفيضات الضريبية لإدارة ترمب أحد الموضوعات الساخنة في الانتخابات المقبلة، ولكن هذا يثير أيضاً مخاوف في شأن الإضرار بالاقتصاد، ولا يميل أي منهما إلى أن يكون مفيداً من الناحية السياسية، وهذا هو أحد الأسباب التي تجعل المحللين لا يتوقعون أن يتغير الوضع المالي بصورة جذرية بناءً على نتائج انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) القادم.
وحتى في حالة إقرار سياسة مالية أكثر صرامة، إذا ساعدت في الدخول في حالة من الركود، فستبدأ عوامل الاستقرار التلقائي في العمل وتنخفض عائدات الضرائب، والنتيجة ستكون عجزاً أكبر.