ملخص
هل تنجح الحكومة اليمنية في حشد المواقف الدولية لتقليم أظافر الحوثي ؟
تواصل الحكومة اليمنية حشد المواقف الدولية في إطار استمرار التصعيد الحوثي في البحر الأحمر، مما قد ينبئ عن تطورات مقبلة ضد الجماعة المدعومة من إيران.
ويجري مسؤولون يمنيون رفيعون سلسلة زيارات شملت أوروبا وركزت في مجملها على مطلب يمني واضح ومحدد، وهو دعم القوات الحكومية لبسط يدها على السواحل الغربية المطلة على البحر الأحمر كخطوة تضمن وضع حد نهائي للعبث الحوثي في الممرات المائية.
وفي هذا السياق، يعقد عضو مجلس القيادة الرئاسي، طارق صالح سلسلة محادثات مع مسؤولين بريطانيين في لندن تقرأ في سياق اتخاذ إجراءات حكومية ضد الحوثيين، بغية انتهاج مواقف دولية مغايرة إزاء استمرار عملياتهم في الممرات المائية، وقد أكد خلالها أن "سيطرة الشرعية على الشواطئ اليمنية هو الحل الأمثل لضمان أمن البحر الأحمر".
ويفهم من الزيارة سعى "الشرعية" إلى إيجاد اصطفاف سياسي وعسكري مساند لها ضد الميليشيات التي تسيطر على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات المجاورة، ومن بينها محافظة الحديدة الإستراتيجية المطلة على البحر الأحمر.
الدعم ضد "الإرهاب"
وبحث العميد طارق الذي يقود قوات "حراس الجمهورية" المناهضة للحوثيين والتي تتخذ من السواحل الغربية مقراً لانطلاق عملياتها ضدهم، اليوم مع الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية أورسينيو فيلايسكو "أخطار العمليات الإرهابية وأحداث القرصنة ضد النقل البحري المدني العالمي".
وناقش الجانبان الأخطار المتصاعدة في البحر الأحمر جراء الهجمات المستمرة لميليشيات الحوثي على خطوط الشحن، وتأثيرها في سلامة الشحن الدولي وأسعار الحاجات الإنسانية التي تنقلها السفن عبر البحر الأحمر، ومصالح العالم والدول المشاطئة في الأمن والاستقرار.
وأوكلت الحكومة مهمة اتخاذ مواقف دولية لنجل شقيق الرئيس الأسبق، خصوصاً وأنه يقود القوة العسكرية الضاربة على السواحل الغربية التي تعد مزيجاً من قوات كانت تتبع عمه الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، والمقاومة الشعبية التي نشأت ضد الانقلاب الحوثي منذ ما بعد عام 2014، وينظر إليها قطاع واسع من اليمنيين بأنها الأقدر والأكفأ لكسر السيطرة الحوثية في هذه الجغرافيا، وقد كانت عام 2018 قاب قوسين من استعادة مدينة الحديدة إلا أن الضغوط الدولية أوقفت المعارك التي منيت فيها الميليشيات بهزائم مشهودة لدواع إنسانية، وفقاً لرواية مسؤولين حكوميين.
ووفقاً لذلك فقد حث العميد طارق "الدول الأعضاء في المنظمة الأممية على دعم الشرعية اليمنية للسيطرة على شواطئ البلاد، باعتباره الحل الأمثل لضمان أمن البحر الأحمر بما يمثله من مصلحة مشتركة لليمنيين والعالم".
وأكد عضو مجلس القيادة الذي يرافقه رئيس قوات خفر السواحل اليمنية التزام بلاده "ومجلس القيادة بمبادئ السلام والأمن العالميين، ورفض كل ما يهدد مصالح الشعوب، والتزام أمن النقل البحري ودعم سيادة الدول ضد كل الجماعات الإرهابية التي تسعى إلى فرض أجندتها بقوة السلاح ضد شعوبها أولًا، والإضرار بالإقليم والعالم بمثل هذه التصرفات".
الدور البريطاني المطلوب
ووصف السفير اليمني لدى بريطانيا ياسين سعيد نعمان هذا اللقاء الذي حضره بـ "المهم"، كونه ناقش "التطورات الجارية في البحر الأحمر وخليج عدن الناشئة عن القرصنة الحوثية المدعومة من إيران، والتي عطلت الملاحة في هذا الممر البحري المهم، وأضحت تهدد سلامة الأمن فيه وعسكرته على نحو غير مسبوق".
وكشف نعمان عبر مقالة نشرها على صفحته في موقع "فيسبوك" أن اللقاء انتهى "بالاتفاق على ترتيبات عاجلة وأخرى إستراتيجية لحماية أمن الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن".
ولتفعيلها على أرض الواقع أكد أنها "ستتابع مع الدول الأعضاء مع العمل على تنفيذها أولاً بأول"، وقال إن اللقاءات استعرضت كذلك "الدور المطلوب في الوقت الراهن من المنظمة البحرية الدولية في توفير الإمكانات اللازمة للحكومة اليمنية حتى تتمكن من القيام بمسؤوليتها الكاملة في مواجهة الأخطار التي تهدد الملاحة البحرية وسلامة الأمن البحري في هذا الممر المهم، والمتمثلة في الهجمات الحوثية - الإيرانية على السفن بصواريخ باليستية متوسطة وطويلة المدى، عدا عن المسيرات الإيرانية التي تستخدم على نحو مكثف".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جانبه قال الأمين العام للمنظمة إنهم يتواصلون مع الدول المعنية بأمن وسلامة النقل البحري كافة، ويتابعون الإفراج عن السفينة "غالاكسي" وطاقمها، وتأثيرات غرق السفينة "روبي مار" على البيئة البحرية قبالة الشواطئ اليمنية قبل خمسة أيام، مؤكداً أن "حماية الملاحة البحرية تشكل أولوية مهمة للمنظمة ولإدارته على بخاصة، بما في ذلك منع تدهور الأمن البحري في هذه المنطقة".
عملية ردع يمنية
ورأى المحلل السياسي رماح الجبري أن زيارة العميد طارق صالح إلى بريطانيا تبحث تأمين المياه الدولية في البحر الأحمر وإشراك الجانب اليمني على الأرض لتأمين الشريط الساحلي وبسط يد الشرعية على المناطق الغربية كافة، خصوصاً وأن "عمليات الردع الأمريكية البريطانية للميليشيات الحوثية حتى اليوم ليست مجدية".
وأضاف لـ "اندبندنت عربية" أن "تلك العمليات لم ولن توقف الميليشيات وعمليات استهداف الملاحة البحرية والتجارة الدولية إلا من خلال عملية ردع حقيقية يمكن أن تكون عملية عسكرية ميدانية تستكمل عملية تحرير مدينة الحديدة التي توقفت باتفاق ستوكهولم نهاية عام 2018". وأشار الجبري إلى أن زيارة عضو مجلس القيادة الرئاسي إلى بريطانيا تتزامن مع زيارة رئيس الحكومة إلى روسيا، وقبلهما زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي إلى ألمانيا للمشاركة في "مؤتمر ميونخ للأمن"، وكل هذه الزيارات تهدف إلى عملية حشد دولية لوضع آلية مجدية للتعامل مع الإرهاب الحوثي في اليمن، بما فيها عمليات القرصنة في البحر الأحمر.
لهجة أميركية جديدة
وتتزامن هذه المستجدات مع تصريحات أميركية غير مسبوقة تتحدث عن وجود "نشطاء من إيران وحزب الله اللبناني يقدمون الدعم داخل اليمن للمتمردين الحوثيين لشن هجماتهم ضد الملاحة الدولية"، وهي اللهجة التي لم تكن معتادة في السابق.
وقال المبعوث الأميركي الخاص لليمن تيم ليندر كينغ أمام لجنة فرعية في مجلس الشيوخ الأميركي إن إيران "تجهز وتسهل هجمات الحوثيين التي استدعت رداً عسكرياً من الولايات المتحدة وبريطانيا". وأضاف ليندر كينغ، "تشير تقارير عامة موثوقة إلى أن عدداً كبيراً من نشطاء حزب الله الإيرانيين واللبنانيين يدعمون هجمات الحوثيين من داخل اليمن". وتابع، "لا أستطيع أن أتخيل أن الشعب اليمني يريد هؤلاء الإيرانيين في بلاده، وهذا يجب أن يتوقف". واعتبر المبعوث الأميركي أن "مواصلة الحوثيين شن الهجمات وقولهم علناً إنهم لن يتوقفوا حتى يتوقف إطلاق النار في غزة دليل على أننا لسوء الحظ لم نصل بعد إلى النقطة التي يعتزمون فيها التراجع".
وكان البيت الأبيض اتهم في ديسمبر (كانون الأول) 2023 إيران بأنها متورطة إلى حد كبير في التخطيط للهجمات التي يقول الحوثيون إنهم يشنونها تضامناً مع الفلسطينيين في غزة.